التوازن السلبي يهدّد بإطاحة جلسة التشريع

لبنان تحت تأثير «بالون اختبار» لكسْر المأزق الدستوري - السياسي

تصغير
تكبير
ما من شيءٍ في لبنان يوحي بإمكان وقْف الانزلاقات نحو حافة «الدولة الفاشلة»... فرغم مظاهر حيويات ما زالت تطبع القطاع الخاص والمجتمع المدني، والقدرة «اليتيمة» على استمرار الدولة في الوفاء بالتزاماتها تجاه المؤسسات الدولية، فان الواقع السوداوي يزحف من كل اتجاهٍ مع التسليم المريب بالعجز عن انتخاب رئيسٍ جديد للبلاد والتهميش المتمادي لمؤسستيْ الحكومة والبرلمان، وتَدَحْرج كرة الملفات الفضائحية على نحوٍ غير مسبوق، وانكشاف الواقع السياسي على تموْضعات ذات طبيعة طائفية، وسط فوضى عارمة في التحالفات، اضافة الى تدهور اقتصادي - معيشي زادت من وطأته الأزمة المفتوحة مع دول الخليج بسبب الأدوار الأمنية والعسكرية لـ «حزب الله» في المنطقة ودولها، والمخاوف من ان تفضي العقوبات الاميركية على الحزب الى تداعيات على القطاع المصرفي اللبناني.

ويتجه هذا المأزق المأسوي نحو فصل جديد أكثر إثارة مع المساعي المحفوفة بالفشل التي بدأها رئيس البرلمان نبيه بري لضمان حصول نصاب سياسي - طائفي يتيح عقد جلسة تشريعية للبرلمان لاقرار مشاريع بالغة الحيوية، وسط «فيتو» من الاحزاب المسيحية الوازنة التي تشترط للعبور الى تشريع ما هو ضروري (لغياب رئيس الجمهورية) مناقشة قانون الانتخاب وإقراره، وهو الأمر الذي يسود الانطباع بأنه غير متاح بسبب عدم التوافق بين القوى السياسية على صيغة القانون، والميل المكتوم لدى أوساط عديدة الى ترْك هذا الملف الى ما بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية.


ويفترض ان يتضح بحلول مطلع الاسبوع الخيط الابيض من الخيط الأسود في مصير جلسة تشريع الضرورة، في ظلّ استمرار «جس نبض» الكتل المسيحية حيال مبادرة بري القائمة على المزاوجة بين قانون الانتخاب وتشريع الضرورة، على قاعدة ان يتم التراجع عن توصيةٍ كان البرلمان توصّل اليها، وتقضي بعدم بتّ قانون الانتخاب قبل إجراء الاستحقاق الرئاسي، والموافقة على إنجاز البنود الملحة في التشريع بحال لم يتم التوافق على اي من الصيغ المطروحة لهذا القانون.

وثمة مَن يعتقد ان التوازن السلبي بين إصرار الأحزاب المسيحية على العبور الى التشريع من بوابة إقرار قانون الانتخاب، وبين صعوبة تصوُّر ان يعقد رئيس البرلمان جلسة تشريعية تفتقد الى الميثاقية، سيطيح تالياً بإمكان انعقاد الجلسة العامة، بما ينذر بمزيد من التدهور لا سيما ان في أواخر مايو ينتهي العقد العادي للبرلمان، الأمر الذي يستحيل بعده بتّ اي من التشريعات الضرورية (لا سيما خطط ممولة دولياً لموضوع النازحين) خارج دورة استثنائية تحتاج حكماً الى توقيع رئيس الجمهورية غير الموجود والذي ينوب عنه توقيع 24 وزيراً.

وفي غمرة هذا المسار القاتم للأزمة السياسية، استوقف دوائر مراقبة في بيروت ما يشبه «بالونات الاختبار» التي تُطلق في ما خص خريطة طريق لكسْر المأزق الدستوري - السياسي في لبنان، وكان آخرها ما أشيع عن ان سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن والمنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، وضعوا سيناريو يُعمل على تبنيه من وزراء خارجية هذه الدول والأمم المتحدة، بالتنسيق مع الرياض وطهران، ويتضمن سلة للتسوية اللبنانية، البارز فيها استعادة بعض ما نص عليه اتفاق الطائف من بنود إصلاحية، وأبرزها إنشاء مجلس للشيوخ يصار إلى انتخابه وفق «القانون الأرثوذكسي»، ويكون ممثلا للعائلات الروحية، ورئيسه أرثوذكسي، على أن يؤول أحد منصبي نائب رئيس المجلس النيابي ونائب رئيس مجلس الوزراء الى الطائفة الدرزية.

وبحسب صحيفة «السفير» فان هذه السلّة التي يتحدث عنها هؤلاء السفراء تتضمن انتخاب رئيس جمهورية توافقي، حكومة وحدة وطنية، قانون انتخاب جديد، سلة إصلاحية شاملة تتضمن: نظاماً داخلياً لمجلس الوزراء بقانون يصدر عن مجلس النواب، المداورة في الفئة الأولى، إقرار اللامركزية الإدارية الموسعة، إعادة النظر ببعض صلاحيات رئاسة الجمهورية وفق التصور الذي وضعه الرئيس السابق للجمهورية في نهاية عهده، وأخيرا تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية وفق خطة زمنية متدرجة.

ووفق السيناريو نفسه، فان هذا المسار يترافق مع محاولات لإقناع العماد ميشال عون بأن يتم انتخابه رئيساً لمرحلة انتقالية من سنة أو سنتين.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي