لغة الأشياء

قطورة والمياه المهدورة

تصغير
تكبير
|باسمة العنزي|
جاء اليوم وذهب الأمس
بعد الليل الصبح بدا
على ورقة تباع الشمس
نامت قطورة الندى
بهذه الكلمات البسيطة الرائعة الموغلة في البراءة تبدأ أغنية (قطورة)، التي رددها وما زال الكثير من أطفال العالم العربي لهذا العام، الشيء الذي لا يعرفه الكثيرون أن كاتبة كلمات الأغنية هي المبدعة الكويتية هبة مشاري حمادة، أغنيتها المفاجأة حملت الكثير من أسباب النجاح، وتجاوزت ما كان متوقعا لها من انتشار جماهيري بين أوساط الكبار والصغار على حد سواء.
قطورة التي نزلت من غيمتها وسقطت على رأس الشجرة، لم تكن مجرد أغنية عادية كعشرات الأغاني التي تحاصرنا طوال اليوم وتتبخر كلماتها بعد سماعها بدقائق، قطورة هبة دخلت من دون استئذان قلوب الأطفال الذين وجدوا أخيرا- أغنية لطيفة وخفيفة تحمل رسالة عميقة تتغلغل الى أسماعهم، وتستهويهم مختصرة الكثير من الجهد والوقت لشرح قضية المحافظة على المياه الحيوية بطريقة شديدة الجاذبية، ومتجاوزة حدودها المحلية للانطلاق في الفضاء الواسع.
هبة الأم الواعية، التي ألفت الأغنية لصغارها أثناء فترة بداية حملات ترشيد المياه، وما صاحبها من زخم إعلامي لم يدر بخلدها يوما أن قطورة الماء البريئة الشفافة ستلف العالم العربي، باحثة عن هدفها الأجمل وهو ايصال الفكرة العظيمة بطريقة لطيفة تعزز من القيم المجتمعية، التي نسي الغالبية أنها تبدأ في مرحلة الطفولة. تلك الطفولة التي عانت كثيرا من تجاهلها محليا، على المستوي الفني و الأدبي و التربوي.
وانتصفت شمس النهار
صار الجو جد حار
سخن القطر على الأزهار
الماء تحول لبخار
نادى بخار الماء هيا... هيا قطورة
طيري للسماء للغيمة معنا مسرورة
قطورة... هبة الرقيقة لم تكن لتحقق هذا الانتشار السريع، لو لم يدعمها ويشجعها رجل ذو رؤية كالدكتور سعد البراك، الذي حول بعصاه السحرية كلمات أغنية الشابة الكويتية الواعدة لنجاح واقعي له، ما يسنده من عناصر الانتشار.
الكلمات لحنها هاني سيلين وأخرجها سمير عبد المسيح، وأداء عشرات الأطفال على خشبة المسرح في لبنان وبإنتاج ضخم، تم بث الأغنية يوميا وفي ساعات الذروة للوصول بالرسالة القصيرة العاجلة الى أكبر قاعدة جماهيرية.
ودعت الغيمة القطرات
ألقاكم مرة أخرى
عودوا في دورة الحياة
وانزلن قطرة... قطرة
قطورة الجميلة في دورتها الحياتية ورحلتها، المليئة بالمفاجآت أينما كان المكان الذي ستحط رحالها فيه، في نهاية المطاف سواء في حوض المغسلة أو على زجاج سيارة أو في صحراء شاسعة، تشح مواردها المائية بشكل مخيف، لا أظنها ستفقد قلقها الأبدي علي مستقبل العالم، ومنسوب المياه يتناقص فيه، لكني واثقة أنها مسرورة للغاية بأصدقائها الجدد، الذين فهموا معاناتها وتعاطفوا معها ورددوا نشيدها الجديد، ونصيحتها الثمينة ترافقهم (المياه مهدورة... فأحفظ قطورة).
لنحفظ قطورة اليوم... كي لا يظمأ أطفال الغد.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي