قدّمتها «لابا» على خشبة مسرح «اليرموك الثقافي»

«حكايتنا مع الطليان»... عندما تتغلّب القيم على المال!

تصغير
تكبير
اختيار الفنان عبدالناصر الزاير ليكون شخصية المسرح العالمي للعام 2016
ما أجمل أن يكون للمسرح هدف ومعنى وفكرة نستشفها من خلال صورة بصرية درامية مدروسة باتقان!

هذا ما توافر للعرض المسرحي «حكايتنا مع الطليان»، الذي قدّمته أكاديمية «لوياك» للفنون الأدائية «لابا» على خشبة مسرح «اليرموك الثقافي» بحضور نخبة من متذوقي الفن المسرحي، وهو عرض مسرحي كوميدي وثائقي من تأليف وإخراج فارعة السقاف، وبطولة نادية أحمد وسارة رشاد.

وتدور أحداث العرض الذي ارتكن في طرحه إلى وقائع تاريخية حقيقية شهدتها مصر بين عامي 1929 و1970، حول أختين تنتميان إلى أسرة مرفّهة كانتا تعيشان حياة البذخ، وفي لحظة دار عليهما الزمن فجردتا من كل الجاه الذي كان لديهما وأصبحتا بحاجة إلى بعض المال.

الأخت الكبرى أبكار السقاف مفكرة وعالمة ومؤلفة شهيرة وأستاذة فلسفة في جامعة القاهرة ربطتها صداقة قوية بالشاعر الكبير عباس محمود العقاد الذي كان معلّمها أيضاً، كما تمّت خطبتها في عمر السادسة عشرة من ملك ليبيا السابق محمد إدريس السنوسي حينما كان منفياً في مصر - جسدت دورها نادية أحمد-، أما الصغرى ضياء السقاف فهي فنانة تشكيلية وأستاذة منتدبة في كلية الفنون بجامعة الاسكندرية، ولها تمثال صنعته لعباس محمود العقاد قدّمته له هدية - جسدت دورها سارة رشاد-، تعيشان في منزل بسيط يفتقد إلى الكثير من أمور الرفاهية التي كانتا معتادتين عليها، ومع توالي الأحداث يتضح لنا أن ضياء تصنع التماثيل وتهديها إلى الأصدقاء أو تحتفظ بها دون بيعها، أما أبكار فتكتب وتؤلف الكتب حتى وصل عددها إلى عشرة مؤلفات طبعت منها واحداً فقط وبقيت الأخرى فوق المكتب البسيط الذي تجلس عليه. وخلال الأحداث تتلقى الأختان عرضاً مالياً مغرياً من إحدى الجهات الإيطالية التي تسعى إلى شراء مجموعة من الرسائل التي كان قد أرسلها ملك ليبيا (المملكة الليبية المتحدة) السابق محمد إدريس السنوسي إلى خطيبته السابقة أبكار، وهنا تقعان تحت وطأة الإغراء المادي في وقت كانتا تعانيان فيه من أزمة مالية، فنشهد صراعاً صريحاً ممزوجاً بروح الكوميديا ما بين الموافقة أو الرفض، فتارة توافقان بشرط أن ترفعا سعر الشراء على الجهة الايطالية، لكن وعندما تختلي أبكار مع نفسها تتراجع بسرعة عن قرارها ببيع الرسائل بحجّة أنها لا تخصّها وحدها وأنه ليس من حقّها بيع ما لا تملكه، ما يجعل أختها ضياء تحزن لوضعهما وتضغط عليها في سبيل بيع الرسائل التي لا فائدة منها - من وجهة نظرها-،ما يضعهما كلتيهما في خانة التمسك بالقيم التي نشأتا عليها ومن جهة أخرى في خانة الحاجة للمال من أجل تغيير المنزل الذي بات ضيقاً، وأيضاً السيارة التي باتت قديمة، وافتتاح بوتيك خاص للأخت الصغرى وتحقيق أحلام أخرى عديدة لهما، وفي النهاية ترفض أبكار وضياء بيع الرسائل، وتحرصان على التمسك بالقيم التي تربيتا عليها، وعلى إثر ذلك تقوم أبكار بتمزيق الرسائل لقطع الطريق على أي فكرة لبيعها من العودة مجدداً.

العمل تمّ تقديمه برؤية اخراجية بسيطة نجحت خلالها فارعة السقاف في إيصال فكرتها التي كتبتها على الورق، فهي لم تحتاج إلى التكلّف في الأزياء أو الديكور الضخم اللذين صممتهما أيضاً بنفسها، بل استعانت فقط ببعض من قطع الديكور البسيطة التي عبّرت عن المكان -صالة منزل-، إلى جانب إضاءة بسيطة غير متكلّفة ومتلوّنة صممها رسول الصغير، ومن جهة أخرى نرى أنها دعّمت قواها الاخراجية في أداء الممثلتين اللتين استطاعتا تقمص شخصيتيهما بصورة عفوية سلسة، فكانتا كأنهما فعلاً في منزلهما تتكلمان وتتصرفان بحركة مسرحية مدروسة، وهي نقطة إيجابية تحسب لهما ولمخرجة العمل.

وكانت رئيس مجلس إدارة «لوياك» فارعة السقاف استبقت العرض بكلمة بمناسبة «يوم المسرح العالمي» معلنة عن اختيار الفنان عبدالناصر الزاير شخصية المسرح للعام 2016، قائلة: «أشكر كل الحضور على التواجد معنا في هذا اليوم الذي هو يوم خاص جداً لجميع العاملين بالمسرح، لذلك أتمنى أن آخذ من وقتكم دقائق معدودة قبل بداية العرض لنعطي هذا اليوم حقّه من التكريم. تعوّدنا في يوم المسرح العالمي أن نكرّم المسرح وأهل المسرح وأن نقدّم لكم عملاً مسرحيّاً تستمتعون به، وأن نختار أيضاً شخصية تستحق التكريم، لذلك اخترنا الفنان عبدالناصر الزاير ليكون شخصية المسرح العالمي للعام 2016، وسبب اختيارنا له كونه فنانا يعمل في المسرح منذ عقود عدة، قدّم الكثير من أجل المسرح بل وأفنى شبابه من أجله. فهو شخصية دخلت كل بيت أيضاً وأصبح قريباً جدّاً من أطفال الوطن العربي، ونحن في أكاديمية (لوياك) للفنون الأدائية (لابا) نقدّر هذه الشخصية جدّاً التي تحتل مكانةً كبيرةً في قلوبنا لأنها كانت ساعداً آخر من السواعد التي بَنَت في الأكاديمية».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي