الحصاد المر

قنبلة الضحك ماري منيب... فجرها المرض / 9

تصغير
تكبير
| القاهرة - من نهى الملواني |
قبل عقود قليلة، كان الفن بحرا بلا شطآن، أو سفينة بلا ربان... وكان فطاحل النجوم، الذين ملأوا الدنيا فنا وإبداعا، يموتون، كما خرجوا إلى الحياة... أول مرة... فكم كان مأسويا ومفجعا ومؤلما... المشهد الأخير في حياة عدد محدد من الفنانين المصريين والعرب، الذين أثروا الوجدان العربي، وأبدعوا على خشبة المسرح، وتألقوا في السينما المصرية... حيث فارقوا معدمين فقراء، لا يملك ذووهم تكاليف تشييع جثامينهم إلى المثوى الأخير.
فمن يصدق أن كوميديانا مبدع... مثل نجيب الريحاني أو إسماعيل ياسين أو عبدالسلام النابلسي أو حسن فايق أو زينات صدقي... يفارق، وقد أدارت الدنيا ظهرها لهم تماما، وخاصمتهم، وأعلنت عليهم الحرب، وشحذ الفقر والمرض أسلحته، للقضاء على البقية الباقية منهم؟
تلك هي الحقيقة المرة... التي سنقرأها في سطور تلك الحلقات، التي تعرض جوانب غير معروفة في حياة 16 فنانا ومبدعا، عاشوا للفن ومن أجل الفن، وأخلصوا له، ولكنهم لم يحصدوا في نهاية المطاف سوى... الحصاد المر.
ربما يتحملون بعضا من المسؤولية فيما آلت إليه مصائرهم، فتوهموا أن الدنيا عندما تقبل... لا تدبر، وعندما تضحك لا تبكي، أخطأوا لأنهم لم يأمنوا غدر الأيام... وربما هذا ما دفع الأجيال اللاحقة لهم من الفنانين إلى أن يعيدوا حساباتهم، فيبالغون في أجورهم، ويتعاملون مع الفن بمنطق تجاري بحت، وليس كما كان يتعامل معه إسماعيل ياسين وعلي الكسار والنابلسي وغيرهم، وهو ما دفعهم أيضا «الأجيال الجديدة» إلى تأمين أنفسهم بمشروعات تجارية، منفصلة عن الفن... ذلك الغدّار غير مأمون الجانب.
أوراق مجهولة وأسرار ننشرها لأول مرة... نعرضها حصريا على صفحات «الراي» في تلك الحلقات... التي تبدو أحداثها ميلودرامية سوداء، ولكنها من طرف خفي... تبرز لنا جوانب مضيئة في حياة أبطالها... الذين قضوا حياتهم من أجل إمتاع الناس، وإحساسهم بالبهجة والسعادة، جيلا بعد جيل.
إنها الحياة... لا تترك للإنسان مفرا، ومن صعود إلى صعود... حتى يصل إلى النقطة التي بدأ منها، فتسلبه الدنيا بلا قسوة أو رحمة كل شيء... فما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع.
وفي النهاية... لا نجد إلا أن نستنزل من الله الرحمة على هؤلاء الفنانين الحقيقيين المبدعين... الذين أناروا سماء الفن العربي، بمواهبهم الفذة والمتوهجة... رحم الله الريحاني وإسماعيل ياسين وجورج أبيض وعلي الكسار... وغيرهم... بقدر ما أمتعونا... ولايزالون... وبقدر ما عانوا وقاسوا وتألموا في أيامهم الأخيرة.
شخصية فريدة ومتميزة... انفردت بتجسيد أدوار الحماة العنيفة التي تكيد المؤامرات، وتفسد الزيجات، ولكنها كانت في الواقع إنسانة ذات قلب نقي طيب لا يعرف سوى الحب والصدق.
إنها ماري منيب أطيب أم في الواقع... وأكثر الحموات قسوة على الشاشة... استطاعت أن تنتزع الضحك من القلوب... وترسم خطوط السعادة على الوجوه على مدى نصف قرن... ولاتزال أعمالها وكلماتها تسكن وجدان الجمهور.
أخلصت لفنها ووهبت حياتها للتمثيل ولم تهمل يوما في رعاية ولديها بعد أن تزوجت وأصبحت أمّاً وأشهرت إسلامها.
بالتنقيب في حياة ماري منيب... عثرنا على أوراق مجهولة من حياة أشهر حماة في السينما والمسرح... ومن بينها قصة حبها وزواجها، وأسرار تألقها في الكوميديا، وعن مأساة وفاتها ومرضها الذي كان سببا في ضياع كل ما جمعته طيلة سنوات عملها السينمائي.
ذاعت شهرتها بوصفها حماة... تتفنن في «العكننة» على زوج ابنتها، لكنها كانت أطيب أم في الواقع... أم لولدين من زوجها الأول هما «فؤاد وبديع»، وولدين تركتهما شقيقتها الراحلة التي توفيت شابة هما «ظافر وكوثر»، وإضافة لذلك فإنها كانت أُمّاً لجميع العاملين في فرقة الريحاني رغم أن بعضهم كان يقاربها في العمر.
البداية
اسمها الحقيقي «ماري سليم حبيب نصرالله فرج»، وبعد زواجها من الممثل فوزي منيب أصبح اسمها ماري منيب، ولدت في لبنان 11 فبراير العام 1905، ورحلت عن دينانا في 20 يناير العام 1969، وحضرت إلى القاهرة مع والدتها العام 1907 وكان والدها موظفا في أحد البنوك بلبنان.
كانت تجارة الأب المضارب في البورصة تقتضي منه التردد على مدينة الإسكندرية... حيث البورصة الوحيدة في الشرق الأوسط وقتها، وفي هذه البورصة تعرض سليم وغيره من التجار للعديد من الأزمات، وتحول من رجل غني مضارب في البورصة إلى مفلس، لأن أعمال البورصة تشبه كثيرا لعبة القمار، فباع الرجل كل ما يملك ليضارب على أمل أن يعوض ما خسره من قبل، ولكن البورصة ابتلعت كل ما كان معه من أموال، وانقطعت أخبار سليم رب الأسرة، ففكرت الأم في السفر إلى الإسكندرية للبحث عن الزوج الغائب، فاستقلت السفينة وعلى سطحها كأرخص مكان، ومن الإسكندرية إلى القاهرة في قطار الدرجة الثالثة ثم إلى الفندق الذي اعتاد أن ينزل فيه الأب... المفاجأة أن الرجل ظل مريضا لفترة ولما اشتد عليه المرض سافر قبل وصول زوجته بيوم واحد عائدا إلى دمشق، غيرت الأم رأيها وفكرت في العودة، وقبل رحيلها... وصلتها برقية تعلن وفاة زوجها.
القرار الصعب
وكان القرار الصعب هو الاستقرار في قلب القاهرة والبحث عن وسيلة توفر سبل الحياة للبنتين الصغيرتين، وفي كنيسة بطريرك الكاثوليك، علمت الزوجة أن سليم زوجها أودع بعض المال لدى المسؤولين في الكنيسة وأوصى بأن تحصل أسرته على 6 جنيهات كل شهر في حالة رحيله عن الدنيا، واستأجرت الأم شقة صغيرة بالفجالة بالقاهرة نظير «70» قرشا شهريا ودبرت أمور حياتها ببقية المبلغ.
فاشلة دراسيا
دخلت «أليس» و«ماري» مدرسة «الديلفراند» القريبة جدا من محل إقامة الأسرة... كانت المدرسة تحت إشراف طهارة الراهبات وكن خبيرات في العربية وأصولها وطرقها، وكانت لهن وسائلهن ليحب الصغار المدرسة، وتلعب الشيكولاتة والحلوى دورا مهما مع التلاميذ المتميزين، فكانوا يرتدون قناعا على هيئة وجه خروف، ويجلسون على الأرض لفترة طويلة، وكانت ماري من الكسولات، وقد أعلنت بأنها لم تكن تحب التعليم واشتهرت في المدرسة بقناع الخروف.
استدعت الراهبات الأم وأطلعتها على الموقف ونصحتها بتوفير ما تدفعه من مصروفات، وأن تبقى ماري في البيت أو تتعلم حرفة تفيدها، وقد ساءت الأحوال المادية للأسرة فقد نفد الرصيد الذي تركه الأب لدى الكنيسة وكان لابد من حل تمثل في شراء الأم ماكينة خياطة بالتقسيط وتعلن عن عملها كخياطة لسيدات الحيّ وتساعدها «أليس وماري».
انتعشت أحوال الأسرة نسبيا ودرّ العمل الجديد عليهن بعض نفقات المعيشة، كما سمح للبنتين بالذهاب أسبوعيا إلى السينما.
المشهد الأول
وهناك شاهدت ماري منيب الممثلين... وتعرفت على فن التمثيل وفي حارتهم تلقت أول درس في فن التمثيل... حيث كانت هناك سيدة يونانية تتحدث اللغة العربية ودخلت هذه السيدة في هوشة مع فتاة مصرية وتناثرت عبارات الشتائم بين الطرفين.
وعت ماري الدرس بل حفظت العبارات عن ظهر قلب، واتخذت من مشهد الهوشة لعبة و«تسلية» بين بنات الحارة، ويزداد التقليد يوما بعد يوم إلى أن أصبح تسلية أهل الحارة يلتفون حول البنات وهن يؤدين هذا المشهد التمثيلي.
وفي أحد الأيام مرضت الأم فكان على «أليس وماري»... القيام بالأعباء كلها ولكن لعبت الصدفة دورها... وكانت «ماري» وقتها بلغت الثالثة عشرة من عمرها، و«أليس» في الخامسة عشرة، حيث كان من بين الزبائن أسرة الممثل «جبران نعوم» الذي يعمل أيضا كمدير لفرقة الريحاني وعندما شعر نعوم أن أحوال الأسرة سيئة اقترح على الأم أن يلحق الابنتين بالعمل في مسرحيات الفرقة.
رفضت الأم بشدة، وظل نعوم يلح حتى وافقت الأم تحت ضغط الحاجة ومطالب الأسرة، ولكن اشترطت معاينة نوع العمل على الطبيعة.
وذهبت بالفعل إلى المسرح مع ابنتيها وشاهدت مسرحية «ياسمينة» التي تلعب بطولتها بديعة مصابني وفي المسرح نسيت الأم كل ما قالته من قبل، بل نسيت همومها وضحكت وتحمست وصفقت للممثلين.
الريحاني أحرجها
ولم يتأخر «نعوم» لحظة، بل بادر باصطحاب البنتين لعرضهما على الريحاني ورفض الريحاني بحجة أنهما «نسانيس» صغيرة فأصيب نعوم بالإحباط.
كما وقع الرفض كالصاعقة على الأسرة ولكن نعوم طيب خاطرهما واقترح عليهما الانضمام لفرقة علي الكسار وبالفعل قابلوا الكسار في مسرح «الماجستيك» وكان يقع مكان «سينما ليدو» حاليا بشارع عماد الدين وألحق الكسار الفتاتين ككومبارس ضمن مجاميع مسرحية «القضية نمرة 14».
وفي ليلة عملهما الأولى... كان المفروض أن تمثلا أنهما نائمتان ونامت ماري بالفعل، ولما جاءت لحظة خروج المجاميع... خرج الجميع ماعدا ماري التي ظلت نائمة... فأشار مدير المسرح لبعض المجاميع بحملها والخروج بها ما أضحك الجمهور.
وظن الكسار أن ماري كانت تمثل النوم... فطلب منها أن تفعل ما فعلت في كل ليلة وكانت هذه الفرصة بداية لإسناد بعض الأدوار الصغيرة جدا لماري.
وعملت الفتاتان في فرقة الكسار 6 أشهر وفي أثناء هذه الفترة تعرفت ماري على الفنانة دولت أبيض... وتصادقتا، وكانتا تجلسان معا على مقهى الفن... ويومها اقترحت على دولت العمل مع فرقة «أمين عطا الله» نظير أجر «10» جنيهات لكل من ماري وأليس، وقبلت الفتاتان والأم العرض... وسافرتا مع الفرقة إلى الإسكندرية حيث ستعرض الفرقة أعمالها في شهر رمضان وكان الدور دور «خادمة» فاستدعت ماري مشهد الهوشة التي رأتها في حارتها بين المرأة اليونانية والفتاة المصرية ونجحت في أداء الدور ببراعة.
زواجها وإسلامها
سافرت الفرقة إلى الشام وكانت ماري قد بلغت السادسة عشرة من عمرها وفي هذه الفرقة التقت بشاب أسمر خفيف الظل قالت عنه إنه «حليوة ومسمسم» وكانت وظيفته هي إلقاء المنولوجات الفكاهية، تلاقت العيون وارتبطت القلوب واعترف كل منهما بحبه للآخر، وهكذا أشهرت ماري منيب إسلامها لتتزوج من تحب «الفتى فوزي منيب» وغيرت اسمها من ماري سليم حبيب إلى أمينة عبدالسلام الشهيرة بماري منيب.
استقال فوزي منيب من فرقة «أمين عطا الله» وصحبته زوجته ماري منيب وشكلا فرقة باسم «الزوج» واستأجرا مسرح «كونكورديان» وحققا نجاحا ملحوظا، وهكذا أصبحت ماري هي بطلة الفرقة تمثل وترقص وتغني وكان الغناء وقتها جزءا لا يتجزأ من العروض المسرحية.
وفكر زوجها فوزي في الاستعانة بمطربة محترفة تستكمل بصوتها نجاح الفرقة وتشاور الزوجان، وتعاقدا مع المطربة «نرجس شوقي» ولاحظت ماري اهتمام زوجها بالمطربة الجديدة وانطلقت الشائعات تفسر هذا الاهتمام، ولم يكن الدخان المنطلق بلا نار وتأكدت الزوجة أن زوجها قد خفق قلبه بحب المطربة الجديدة، بل هجر البيت وهو أب لطفلين «فؤاد وبديع».
إصلاح ذات البين
اعتاد يوسف عز الدين عندما يعمل في الإسكندرية أن يستأجر شادرا من المينا الشرقية به لكن فتوة من فتوات الإسكندرية شهرته «أبو خطوة»، كان صديقا لفوزي منيب، وقد فرضت عليه هذه الصداقة التدخل بين ماري وفوزي لإعادة حياتهما الزوجية إلى سابق عهدها، وفي أحد الأيام دعاها الفتوة لزيارة عائلية لتتعرف على زوجاته الأربع، وذهبت ماري وأمها وأولادها، وكان الرجل يدبر أمرا وفاتحها في مسألة الصلح، ولكن ماري طلبت إرجاء الأمر حتى يعود فوزي منيب من رحلته في الشام، ولكن الفتوة كشف المفاجأة وطلب من فوزي أن يظهر في الحال، والتقيا من جديد، وغفرت الزوجة المحبة مرة أخرى لزوجها وتصالحا لكن بشرط أن يطلق ضرتها، ولكن فوزي امتنع عن تنفيذ هذا الشرط.
فرقة رمسيس
في فرقة يوسف عز الدين حققت ماري منيب شهرة واسعة، وفي هذه الفرقة شاهدها بعض ممثلي فرقة رمسيس ليوسف وهبي، وكانت الخطوة التالية هي انضمامها إلى فرقة رمسيس بـ 15 جنيها في الشهر، وبعد ذلك انضمت إلى فرقة عزيز عيد وفاطمة رشدي عندما شكلاها.
الريحاني يرد إليها اعتبارها
وفي العام 1933 عاد الريحاني من رحلة إلى الشام وبعدها بدأ في تكوين فرقة جديدة يعمل بها في الموسم الصيفي لذلك العام، وكانت هناك خلافات قد وقعت بين «حسين إبراهيم» وبين الريحاني فترك حسين الفرقة، وكان من الضروري البحث عن بديل واقترح بديع خيري أن يكون البديل سيدة ذات مواصفات خاصة، ووقع الاختيار على ماري منيب، وطلب الريحاني مقابلتها وفرحت ماري باستدعاء الريحاني لها لأن في ذلك رد اعتبار لها من المقابلة الأولى التي رفض فيها الريحاني أن تعمل هي وشقيقتها بفرقته وقابلته وأسند إليها دور سيدة مشاغبة في مسرحية «الدنيا على كف عفريت».
وبروح التحدي لإثبات الذات... أدت ماري دورها بطريقة جعلت الريحاني وبديع خيري يكتبان أدوار الحماة خصيصا لها فكانت محطتها الثانية «الشايب لما يدّلع» بعدها أصبحت ماري الضلع الثالث لفرقة الريحاني طوال حياتها حتى رحل الريحاني عن الدنيا العام 1960.
وبعد فترة من الحزن والحداد... كان من الضروري أن تستكمل الفرقة مسيرتها، وكان الحل في يد الشاب عادل بديع خيري وحدثت في هذه الفترة مجموعة من المشاكل دفعت ماري للانسحاب والاعتذار عن عدم مواصلة عملها في هذه الفرقة، وكانت من بين الأسباب أن ماري لم تتحمل أن يوجهها شاب صغير قليل الخبرة كبديل عن الريحاني... خاصة أن الأفكار الجديدة والطموحات كانت لإثبات ذات الشاب وفرضه بطلا للفرقة، وقد دعم هذه المحاولات المؤلف وهو الأب، بالإضافة إلى عدم رضاء ماري منيب عن مساحات الأدوار التي كتبت لها... كما أن الفرقة رفضت إعادة التراث القديم الذي كانت ماري بطلته تقريبا، وكان ذلك لدعم طموحات الشاب عادل خيري.
وفي يوم... قررت الفرقة إعادة بعض المسرحيات القديمة واستبدلت ماري منيب بجمالات زايد، ثم حاولوا شغل المكان بسامية رشدي، وبعد ذلك فتحية علي وشتان بين الأصل وجميع البدلاء، ولكنه عناد الشباب الذي دفع المسؤولين عن الفرقة إلى تحويل بعض الشخصيات التي لعبتها ماري منيب إلى شخصيات رجالية لعبها محمد شوقي.
النهاية
طوت ماري منيب آخر صفحة من صفحات الغدر وأغلقت كتاب حياتها لتلقى ربها يوم الاثنين 20 يناير من العام 1969 بعد مشوار معاناة مع المرض، والذي كان يتركز داخل الكبد، والذي كان سببا لتفقد من خلاله كل ما حصلت من مدخرات وأموال لتصرف منها على مرضها.
وهكذا طويت أجمل صفحة ضاحكة غسلت قلوب الملايين سواء في المسرح أو السينما وأشاعت البسمة بين كل من شاهدها على الشاشة.
رحم الله الطفلة البريئة والنجمة الكبيرة ذات القلب الأبيض... التي أحبها كل من عرفها أو اقترب من أعمالها الخالدة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي