بلسم روح الحياة / فن اتخاذ القرار

u062au0647u0627u0646u064a u0627u0644u0645u0637u064au0631u064a
تهاني المطيري
تصغير
تكبير
عندما كنا صغاراً كانت حياتنا بسيطة ومتطلباتنا متواضعة، ورغم ذلك لم يكن بوسعنا أن نحصل عليها بسهولة ويسر رغم بساطتها، أما عن خياراتنا في الحصول على تلك المتطلبات فكانت محدودة أو تكاد أن تكون وحيدة. كبرنا وتطورت مجتمعاتنا وما كان بالأمس القريب شيء من الرفاهية أصبح اليوم ضرورياً وأساسيا في حياتنا وأصبح لدينا خيارات كثيرة ومفتوحة بدل الخيار الواحد لحاجاتنا ومتطلباتنا، وهنا وبكل بساطة أصبحنا بحاجة إلى الدقة والتركيز في تلك الخيارات واتخاذ قرارات ذات معنى وفائدة وأكثر جدوى في حياتنا، وأصبح كيفية اتخاذ القرار أحد استراتيجيات التفكير لضمان الوصول إلى أهدافنا بأقل جهد وتكلفة، ولتجنب الوقوع في خسارات كبيرة. وأصبح أسوأ القرارات هو في عدم اتخاذ القرار.

فما الذي نعنيه باتخاذ القرار؟ القرار هو عملية تفكير مركبة الهدف منها انتقاء الخيارات والبدائل المثلى حسب مقتضيات الموقف والظروف المحيطة ضمن الزمن المتاح، لنضمن منه الأثر النافع والمفيد على المدى القريب والبعيد، على أن لا يفوتنا الوقت المناسب لاتخاذ هذا القرار فيصبح غير ذي جدوى.

وقد تم تقسيم القرارات إلى عدة أنواع منها القرارات الفردية، كاختيار جامعة للدراسة مثلاً. أو قرارات دورية، كأن يختار الطالب مثلاً كيفية الدراسة عند كل امتحان أو قرارات مصيرية كالتفكير بالهجرة والعمل وتحديد نوع الدراسة والزواج... الخ.

ونستطيع أن نلخص مراحل اتخاذ القرار إلى خمس مراحل تبدأ:

أولاً: تحديد الهدف بوضوح.

ثانياً: وضع أكبر عدد من الخيارات.

ثالثاً: جمع المعلومات وفهم الحقائق بشكل جيد.

رابعاً: التفكير في الإيجابيات والسلبيات لكل خيار.

خامساً: عمل مراجعة مستمرة للتأكد ولمعرفة ما إذا كان القرار مناسباً، والانتباه للمعطيات الجديدة، واتخاذ ما يلزم للتعامل مع هذه المعطيات.

وهنا أيضاً لابد من التنبه إلى بعض المحاذير عند اتخاذ القرار ومنها:

1 - لا للمجاملات. 2- لا للعواطف. 3- لا للتردد والتراجع. 4- لا للعجلة. 5- لا للإذاعة والنشر.

ورغم ذلك تلعب بعض المؤثرات مثل القيم والتقاليد والمعتقدات، وكذلك شخصية الأفراد وطموحاتهم والعوامل النفسية كالتوتر والاضطراب والحيرة دوراً في اتخاذ القرار.

إن اتخاذ القرارات الصائبة وتجنب الوقوع في الخيارات التي يمكن أن نندم عليها لاحقاً يتطلب منا الحرص واتباع بعض القواعد ومنها:

1 - لا تتخذ قرارات مصيرية وأنت في حالة من التوتر والقلق، وعندما تصبح صافي الذهن وغير مشوش استمع للإحساس القادم من داخلك فغالباً ما يكون صحيحا.

2 - اجمع كافة المعلومات التي تحتاجها وليكن قرارك مبنيا على المنطق والعاطفة معاً، لأنك سوف تستقبل لاحقاً نتائج قراراتك بعقلك وعاطفتك، ولا تهمل تجربتك الإنسانية ومبادئك عند اتخاذ القرار.

3 - قلب الأمور على أكثر من وجه لتراها بشكل أوضح، وقيمها على نفس المعايير والمقاييس والاعتبارات لتعرف أيها الأفضل، وخذ بعين الاعتبار الوقت فالذي يصلح اليوم قد لا يصلح غدا.

4 - خذ وقتك عند اتخاذ القرار واستغله في مزيد من البحث، ولا تؤجل الأمر للحظات الأخيرة.

5 - ناقش ما توصلت إليه مع أحد المقربين الذين تثق بهم ومع اللذين سيشاركونك به، وبذلك تضمن حسن التطبيق وسينبهونك إلى أشياء قد غفلت عنها.

6 - ابحث عن القرار المناسب وليس المثالي فلا يوجد شيء مثالي في حياتنا بل توجد أشياء أكثر مناسبة من غيرها، وليكن قرارك مرناً وقابلاً للتأقلم.

7 - كن جاهزاً من الناحية النفسية لأن تكون مخطئاً ولاتندم على اتخاذ قرار طالما راجعته جيداً، وليكن لديك خيارٌ بديلٌ لما قد يطرأ من مستجدات لم تكن تتوقعها.

8 - قدم قرارك بشكل حاسم ولا تبرر للآخرين سبب اتخاذك القرار، فطرح المبررات يفتح باب النقد والطعن، أما الحسم فيجعل الآخرين يحترمون قرارك.

إن القدرة على اتخاذ القرار أصبحت حاجة ملحة، وهذا لا يتم عن طريق التعلم فقط، بل يحتاج أيضاً إلى الخبرة والتقدير السليم الذي ينبثق عن معلومات موثقة وأكيدة. بالإضافة إلى أنه عملية متحركة تحتاج إلى مراقبة ومتابعة لتعديلها عند الحاجة وبالكيفية المطلوبة. وهنا نؤكد على بعض حيثيات اتخاذ القرار، فهو لا يتم بالتعلم فقط وإنما بالممارسة والتجربة، وأن اتخاذ القرار حتى وإن كان فيه بعض الأخطاء أفضل من عدم اتخاذ القرار لأن في عدم اتخاذ القرار عجز وشلل عن حل مشكلاتنا بالإضافة إلى أن اتخاذ القرار يحتاج إلى عقلية متفتحة ومرنة ولا يُبنى على علم واحد فقط كالعلوم الشرعية مثلاً، بل على تراكم خبرات علوم مختلفة. وأخيراً وليس آخراً فاتخاذ القرار ليس النهاية بل هو بداية تحتاج إلى تنفيذ ومتابعة وتقييم وتقويم مستمرين.

وتذكروا أن من لا يملك قراره لا يملك نفسه.

* مدرب الحياة والتفكير الإيجابي

t_almutairi

Instagram: t_almutairii

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي