سيف الهاجري / الحرية أو الطوفان

تصغير
تكبير
«الحرية أو الطوفان» دراسة رائعة ونادرة حول الخطاب السياسي الشرعي ومراحله التاريخية للدكتور حاكم المطيري، صدرت الطبعة الثانية منها هذه الأيام, عايشت أحداثها منذ كانت فكرة حتى خرجت للأوساط العلمية والسياسية فرأيت ما أحدثت فيه من زلزال هائل ستستمر توابعه حتى تستقر هذه الأوساط على أرض غير الأرض التي اعتادتها.
نفض د. حاكم المطيري في هذه الدراسة الغبار والشوائب التي علقت بالأصول التي يقوم عليها نظام الحكم في الإسلام، والذي درست معالمه على مر القرون وأصبح ما يخالف هذه الأصول قواعد وأحكام شرعية يستدل بها على شرعية الوضع السياسي القائم.
لقد أجاد المؤلف في طرح هذه الأصول بعبارة سلسة ومحكمة وفقاً لأصول وقواعد البحث الشرعية والتاريخية، وقسم الدراسة إلي مراحل ثلاث بحسب المراحل التاريخية التي مرت على الخطاب السياسي الشرعي، وهي مرحلة الخطاب المنزل من العام الأول للهجرة حتى عام 73 للهجرة، ومرحلة الخطاب المؤول من عام 73 للهجرة حتى سقوط الخلافة العثمانية، ومرحلة الخطاب المبدل من عام 1350 للهجرة وما زالت, وتعتبر مرحلة الخطاب المنزل هي الأساس العظيم الذي قامت عليه الدراسة وعلى ضوئها يمكن فهم وإدراك مدى الانحراف الذي حصل في المراحل اللاحقة فما هي معالم هذه المرحلة، مرحلة الخطاب السياسي المنزل أو مبادؤها كما سماها المؤلف؟
جاء في الدراسة عشرة مبادئ، الأول: ضرورة الدولة للدين وأنه لا دين بلا دولة. الثاني: ضرورة إقامة السلطة وأنه لا دولة بلا إمام. الثالث: ضرورة عقد البيعة فلا إمامة بلا عقد. الرابع: أنه لا عقد بيعة إلا برضا الأمة واختيارها. الخامس: لا رضا بلا شورى بين المسلمين في أمر الإمامة. السادس: أنه لا شورى بلا حرية.
هذه المبادئ الستة هي الآلية الشرعية لقيام الدولة واختيار السلطة في الخطاب السياسي الشرعي المنزل، ثم تأتي المبادئ الأخرى لتحدد قواعد الدولة في هذا الخطاب ومرجعيتها الشرعية وهي... السابع: أن الحاكمية والطاعة المطلقة لله ورسوله. الثامن: تحقيق مبدأي العدل والمساواة. التاسع: حماية الحقوق والحريات الإنسانية الفردية والجماعية وصيانتها. العاشر: وجوب الجهاد في سبيل الله.
ولاشك في أهمية الرجوع إلي الدراسة لمعرفة ما ساقه المؤلف من أدلة شرعية وتاريخية على ما وصل إليه من نتائج مهمة سيكون لها أثرها البالغ على مستقبل الواقع السياسي للأمة الإسلامية، خصوصا عالمنا العربي الذي خيم عليه الجهل والتخلف والاستبداد باسم الإسلام والإسلام منه براء، وكما قال المؤلف في خاتمة الدراسة: «ليس أمامها للخروج من هذا التيه سوى الثورة أو الطوفان».
سيف الهاجري
كاتب وناشط سياسي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي