تحت شعار «السياسة مصالح لا صداقات»

نصائح مؤثرة لعون بالانفتاح على الحريري و«حزب الله» لا يمانع عودته رئيساً للحكومة

تصغير
تكبير
خصوم الحريري يؤكدون أنه لن يعود إلى السلطة إلا إذا قبل بعون رئيساً
رغم الإعتقاد السائد في بيروت ان جلسة البرلمان الـ 35، المقررة لإنتخاب رئيس للجمهورية الإثنين المقبل، لن تؤدي الى الإفراج عن الرئيس العتيد، «المخطوف» منذ نحو 20 شهراً، فإن الحراك السياسي استمر على أشده في ضوء التطورات المفاجئة التي شهدها الملف الرئاسي على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، وأدت الى خلط أوراق على نحو عاصف، تصدعت معها التحالفات التي قسمت البلاد الى معسكري «8 و14 آذار» على مدى عقد من الزمن.

وتمثلت الوقائع المفاجئة التي حرّكت المياه الرئاسية الراكدة بالمبادرة غير الرسمية لزعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري بترشيح النائب من «8 آذار» اللصيق بـ «حزب الله» والنظام السوري، سليمان فرنجية، ورد حليف الحريري رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع بتبني مرشح «حزب الله» والمحسوب على المحور السوري - الإيراني، العماد ميشال عون، ومن ثم إعلان الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله تمسكه بعون كمرشح وحيد وبفرنجية كحليف، يحرص على عدم التفريط به.


ورغم الإنطباع بأن موقف نصرالله شكل إشارة الى رغبة «حزب الله» بتمديد الفراغ الرئاسي، خصوصاً عندما رد على محاولات «حشره» بالقول أنه لا يملك، لا الرغبة ولا القدرة، على حمل حلفائه للتصويت عنوة للعماد عون، فإن المحركات السياسية لم تطفأ مع إستمرار المساعي الـ «ما فوق» عادية لجس نبض أطراف الداخل، كما الخارج، حيال الحصان الرئاسي الذي لم يعد في الإمكان إعادته الى الحظيرة.

أوساط واسعة الإطلاع في بيروت كشفت لـ «الراي» عن أن نصائح مؤثرة أسديت لزعيم «التيار الوطني الحر» العماد عون بضرورة الإنفتاح على «تيار المستقبل» والحريري لأن من شأن كسب تأييده تأمين النصاب السياسي والدستوري لانتخاب عون الذي يحظى بدعم «حزب الله» و«القوات اللبنانية» وأطراف أخرى، مشيرة الى ان نجاح عون في التفاهم مع الحريري يفتح أمامه أبواب قصر بعبدا (الرئاسي).

ولم تستبعد هذه الأوساط أن يكون «حزب الله» طلب من عون إعادة الحرارة الى قنوات الإتصال مع الحريري، خصوصاً بعدما أسقط نصرالله اقتراحه بالحاجة المسبقة لاتفاق على سلة متكاملة من ضمنها الرئاسة، وذلك إنطلاقاً من ان الرئيس صار حتماً من «8 آذار».

وأعربت أوساط سياسية، على صلة بالحراك الرئاسي، عن أعتقادها بأن تطوراً على جانب من الأهمية طرأ أخيراً من شأنه تعزيز حظوظ عون. وقالت هذه الأوساط لـ «الراي» ان «حزب الله»، كما العماد عون، لن يمانعا بأن يكون الحريري رئيساً للحكومة إذا انتخب عون رئيساً للجمهورية، بل أنهما سيلبيان رغبة زعيم «المستقبل» بالعودة على رأس الحكومة.

وأعربت الأوساط عينها عن اعتقادها بان خصوم الحريري يعتبرون ان ما من خيار امام تحقيق رغبته بالعودة الى السلطة الا قبوله بعون رئيساً، لأن السياسة لا ترتبط بالعلاقة الشخصية او الصداقات بل بالمصالح، وتالياً فإن تغليب المصلحة المشتركة بين عون والحريري من شأنه جعل الصورة التذكارية على أدراج قصر بعبدا في موعد لم يعد بعيداً.

واستناداً الى هذه المعطيات الجديدة، فإن الأنظار تتجه الى ما سيكون عليه موقف الحريري، الذي لم تصدر عن فريقه أي إشارة توحي بتراجعه عن ترشيح فرنجية، وسط ترقب ما سيقوله زعيم «المستقبل» في الحفل الذي يقام في 14 فبراير الجاري، في الذكرى الـ 11 لإغتيال والده رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري.

وكان الحريري، الذي تلقى إتصالاً من عون، بعيد ترشيح الأخير من رئيس حزب «القوات اللبنانية»، أوفد مدير مكتبه نادر الحريري للقاء صهر عون الوزير جبران باسيل، وهو اللقاء الذي كسر الصمت بين الطرفين من دون ان يبدل من الوقائع السياسية على ضفاف الاستحقاق الرئاسي، خصوصاً بعدما أصبحت طريق عون الى القصر الرئاسي تمر حكماً عبر الحريري.

ولفتت في السياق عينه حركة عون في اتجاه السعودية، التي قيل الكثير عن أنها لطالما وضعت «فيتو» أمام تسهيل وصوله الى الرئاسة كونه «مرشح إيران». وعبّرت هذه الحركة عن نفسها بإيفاد عون الوزير الياس بو صعب الى سفارة المملكة في بيروت وبالجهد الذي بذله باسيل لإعادة تصويب الموقف الملتبس من الإعتداء على السفارة السعودية في إيران.

ورغم ايحاءات في بيروت عن ان «حزب الله» أعطى «إشارة خضراء» للعماد عون للتفاهم مع الحريري ورفع الفيتو عن عودته الى رئاسة الحكومة، فإن أوساطاً بارزة في «المستقبل» كانت أبلغت الى «الراي» قبل أيام قليلة ان الموقف حاسم من رفض وصول عون الى الرئاسة، وان خياراتهم ستكون مفتوحة في هذا الِشأن، في إشارة تضمر حد بلوغ مقاطعة أي جلسة يمكن ان تأتي بعون رئيساً.

وبعدما عددت هذه الأوساط «الأسباب الموجبة» لرفض «المستقبل» السير بزعيم «التيار الوطني الحر»، ذكرت بأنه يوم فاوض الحريري عون تجنباً لسقوط البلاد في الشغور الرئاسي قبل انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان، قوبل الأمر باعتراضات واسعة وحازمة داخل «المستقبل» وفي كتلته البرلمانية، وتالياً فإنه «غير وارد تغيير موقفنا».

وبعدما أشيع عن مقاربة جديدة لـ «حزب الله» حيال الملف الرئاسي والموقف من الحريري، بعدما كان الحزب متهماً بوضع الرئاسة في الثلاجة الى أجل غير مسمى ولأهداف داخلية وإقليمية، طرحت اسئلة عن مواقف اللاعبين الإقليميين والدوليين من الاستحقاق الذي غالباً ما قيل أنه يُصنع في الخارج.

وثمة من يعتقد في بيروت ان شيئاً ما لم يتغير في المنازلة السعودية - الإيرانية الدائرة في عموم المنطقة، لكن ما تغير هو الموقف الدولي، وخصوصاً الأميركي الذي يزداد إنفتاحاً على إيران، وتالياً فمن غير المستبعد ان يصيب وهج هذا الإنفتاح ملفات المنطقة ومن بينها لبنان.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي