«الراي» استطلعت قراءات الهندي والزغبي وبقرادوني ومالك حول مشهد «معراب» الذي جمع الخصميْن المسيحييْن
مصالحة عون وجعجع... صحوة مسيحية أم مصيدة سياسية؟
عون وجعجع يتوسطان النائب إبرهيم كنعان وملحم رياشي
فرنجية... من رئيس مع وقف التنفيذ إلى مرشح حتى إشعار آخر
نصرالله... مع عون المرشح وفرنجية الحليف
الحريري... كسر المأزق والتحالفات
توفيق الهندي:
- ترشيح جعجع لعون تعبير عن خيار سياسي ورد فعل على ترشيح الحريري لفرنجية
- الخطر على لبنان أكثر منه على الطائف ولذا أنا مع التسوية الممكنة
الياس الزغبي:
- أحد دوافع مصالحة «معراب» الخضة الكبيرة في المنطقة والتخوّف على وضع الأقليات ومنهم المسيحيون
- لا يمكن بناء دولة على خصومات عميقة بين الأحزاب والطوائف والمصالحة من هذه الناحية جيدة ومطلوبة
كريم بقرادوني:
- مصالحة «القوات» و«التيار» ليست عودة إلى مربع الطائفية بل إلى استكمال «الطائف»
- المصالحة تشكل ضمانة للمسيحيين كي يبقوا جزءاً أو شريكاً في حكم لبنان
عادل مالك:
- تلاقي «التيار» و«القوات» أمر جيد... والسؤال كيف البناء على هذا الارتباط الجديد من أجل مصلحة لبنانية بعيدة المدى؟
- ترشيح جعجع لعون يمكن أن يكون جسر عبور من مرحلة إلى أخرى أكثر ثباتاً فيما يتعلق بالتركيبة اللبنانية
- ترشيح جعجع لعون تعبير عن خيار سياسي ورد فعل على ترشيح الحريري لفرنجية
- الخطر على لبنان أكثر منه على الطائف ولذا أنا مع التسوية الممكنة
الياس الزغبي:
- أحد دوافع مصالحة «معراب» الخضة الكبيرة في المنطقة والتخوّف على وضع الأقليات ومنهم المسيحيون
- لا يمكن بناء دولة على خصومات عميقة بين الأحزاب والطوائف والمصالحة من هذه الناحية جيدة ومطلوبة
كريم بقرادوني:
- مصالحة «القوات» و«التيار» ليست عودة إلى مربع الطائفية بل إلى استكمال «الطائف»
- المصالحة تشكل ضمانة للمسيحيين كي يبقوا جزءاً أو شريكاً في حكم لبنان
عادل مالك:
- تلاقي «التيار» و«القوات» أمر جيد... والسؤال كيف البناء على هذا الارتباط الجديد من أجل مصلحة لبنانية بعيدة المدى؟
- ترشيح جعجع لعون يمكن أن يكون جسر عبور من مرحلة إلى أخرى أكثر ثباتاً فيما يتعلق بالتركيبة اللبنانية
طوت المصالحة المسيحية التي كرّسها مشهد «معراب»، الذي جمع الخصميْن المسيحييْن الأبرز زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع أكثر من ربع قرن من الاقتتال والتنافر بين الزعيمين.
وجاءت خطوة جعجع، القطب المسيحي في قوى 14 مارس، بإعلانه ترشيح عون وهو القطب المسيحي في قوى 8 مارس ومرشّح «حزب الله» الرسمي لرئاسة الجمهورية، لتقلب المعادلات الداخلية، ولا سيما أنها تمت في أعقاب مبادرة زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري «الجدية ولكن غير الرسمية» بترشيح (صديق الرئيس السوري بشار الأسد) النائب سليمان فرنجية للرئاسة.
«الراي» سألت في هذا الإطار عدداً من الشخصيات المسيحية عن مقاربتها لأبعاد هذه المصالحة مسيحياً وسياسياً وإنسانياً، متوقفة عند قراءتهم لخطوة جعجع ترشيح عون كمعطى جديد، وعما إذا كان المشهد في معراب (حيث مقرّ جعجع) يرتبط فقط بالملف الرئاسي أم أنه عودة إلى مربع طائفي ربطاً بالتحولات في المنطقة وشعور المسيحيين بالحاجة إلى الإمساك بزمام الأمور، وهل طرْح المسيحيين مسألة الشراكة في الوقت الذي يخوض «حزب الله» معركة لتعديل قواعد الحكم يعني أن نظام «الطائف» يلفظ أنفاسه.
الوزير السابق كريم بقرادوني اعتبر أن هذه المصالحة في أبعادها المسيحية «تشكل ضمانة للمسيحيين كي يبقوا جزءاً أو شريكاً في حكم لبنان»، لافتاً إلى أن «توحد التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية يعطي للمسيحيين بعداً لبنانياً أولاً؛ لأن المسيحي القوي قادر على جعل لبنان قوياً، أما المسيحي الضعيف والغارق في صراع داخل بيته فلا يستطيع أن ينفع لبنان لا بل يضره حيث يتحوّل الخلاف المسيحي إلى خلاف على الوطن وفي لبنان، بالتالي أعتقد أن هذا التكتل أعاد دور المسيحيين وفق الطائف إلى لبنان، وجعل من مسيحيي لبنان عامل توحّد وليس عامل انقسام».
أضاف: «أما على المستوى الوطني، فهناك مبدأ في لبنان يقول: كلّما حدث خلاف داخل طائفة يتحوّل إلى خلاف داخل الوطن وكلما حدث اتفاق داخل طائفة يتحول إلى توافق داخل الوطن»، مشيراً إلى أن «هذا الثنائي المسيحي الذي وُلد حالياً يساعد جداً على الوفاق الوطني والحوار مع الآخر، أي الشريك اللبناني».
وأضاف: «كما توجد ثنائية شيعية متمثلة بـ(حزب الله)و(حركة أمل)، وباتت رقماً صعباً في المعادلة ولا يمكن تجاهلها، أعتقد اليوم أن هذا الثنائي المسيحي صار رقماً صعباً لا يمكن تجاهله، وبالتالي بدل أن يكون المسيحيون سبباً لنزاعات داخل لبنان، سيكونون سبباً لتوافقات أو تفاهمات داخل لبنان، لأن قوّتهم تجعلهم يواجهون التطرف التكفيري الذي يجتاح المنطقة ويقفون في وجهه، ويجعلهم من جهة أخرى قادرين على التفاهم مع الشريك الداخلي. فإذا ظل المسيحيون مختلفين في ما بينهم وظل الشيعة موحّدين في ما بينهم ولكل من الدروز والسنّة زعامة واحدة، سيظل المسيحيون في قلق وسيكونون رفضيين بدَل أن يكونوا إيجابيين. أما وأنهم باتوا الآن في الوزن نفسه لكل من الشيعة والدروز والسنّة، فأعتقد أن مجال التعايش اللبناني الذي يُعتبر التوازن أساسه سيقوى، في حين انه في غياب هذا التوازن بين الطوائف تندلع الحروب، معتبراً أن «ما حدث هو مشروع استقرار في لبنان، ومشروع للحفاظ على دور المسيحيين وتحويله من عنصر نزاعات في لبنان إلى عامل تفاهمات».
وأعرب عن اعتقاده بأنه «يمكن للمسيحي اليوم أن يلعب دوراً إيجابياً إزاء الخلاف السني ـ الشيعي من خلال تقريب السنّة والشيعة، وبدَل أن يكون المسيحيون منقسمين وفريق منهم مع السنّة والآخر مع الشيعة، فإن توحّدهم سيساعد السنّة والشيعة».
وعن ترشيح الدكتور جعجع للعماد عون، قال: «لا شك في أن دعم الدكتور جعجع للعماد عون في رئاسة الجمهورية قدّم دفعاً جديداً لـ(الجنرال) في مشروع الرئاسة، ولا شك أيضاً في أنه قوّى سمير جعجع عند القاعدة المسيحية»، معتبراً أن جعجع قبل اتفاق معراب «كان أقلّ شعبية مما هو الآن عند المسيحيين، وبالتالي ليس عون مَن ربح فقط من خلال هذا الترشيح خطوة إلى الأمام باتجاه الرئاسة، فسمير جعجع ربح خطوة إلى الأمام باتجاه الشعبية المسيحية».
ولفت إلى أن «خطوة جعجع جاءت على مستوى المحتوى في إطار إعلان النيات، الذي تم العام الماضي بين (القوات اللبنانية) و(التيار الوطني الحر)، موضحاً أن «في إعلان النيات فقرة متعلقة برئاسة الجمهورية، وبالتالي يأتي هذا الترشيح من خلال مسار طويل واستراتيجي أكثر من كونه ردة فعل»، ومعتبراً أن «هذا الترشيح هو فعل اتفاق القوتين، أما التوقيت فجاء في هذه اللحظة بالذات نتيجة لترشيح الرئيس الحريري لفرنجية».
وعمّا إذا كانت في هذه الخطوة عودة إلى المربع الطائفي ربطاً بالتحولات في المنطقة وشعور المسيحيين بالحاجة إلى الإمساك بزمام الأمور، أجاب: «لا أقول عودة إلى مربّع طائفي، بل عودة إلى الطائف، فهذا الأخير لم تكتمل فصوله»، مشيراً إلى أن «مسألة إلغاء الطائفية السياسية تدريجاً موجودة في الطائف، وموضوع اللامركزية أيضاً موجود في الطائف ووضع قانون انتخاب نيابي جديد يؤمّن أفضل تمثيل للأطراف موجود في الطائف». تابع: «ليس في الأمر عودة إلى مربع الطائفية، بل عودة إلى استكمال الطائف»، سائلاً: «لماذا عندما يجتمع الشيعة في ما بينهم لا تكون مسألةً طائفية، وإذا اجتمع المسيحيون تكون مسألة طائفية؟ لم أفهم إلى الآن هذا المنطق».
وأكد أن «الكل طائفيون، فهذا هو نظامنا»، مضيفاً: «إما أن يكون الأمر في الحالتين عودة إلى مربع الطائفية أو ذهاباً باتجاه الوطنية. لا يمكن اعتبار المسيحيين باتفاقهم طائفيين، وأن اتفاق الشيعة مثلاً يعني أنهم وطنيون».
وختم بقرادوني:«هذا النظام كلما أراد أن ينتخب رئيس جمهورية يدخل في أزمة كبيرة. فبعد انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل تطلبت عودة النظام (ليقف على رجليه) عقد اتفاق الطائف، وعند انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود عُقد اتفاق الدوحة ليظلّ النظام واقفاً على رجليه، والآن بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان (ما عم نعرف نعمل لا دوحة ولا طائف)، فمشاكل المنطقة أقوى من رئاسة جمهورية لبنان، ما يعني دخولنا في أزمة»، مؤكداً أن ما تَقدّم يدلّ على أن «هذا النظام (مثلما هو) انتهى ويلفظ أنفاسه الأخيرة ولم يعد متلائماً مع كل المتغيرات الجارية، ولكن لم يولد بعد النظام البديل، ولذا لا بد من إعادة النظر به بالكامل».
توفيق الهندي
المحلل السياسي الدكتور توفيق الهندي اعتبر أن هذه المصالحة «مسيحياً هي عبارة عن لقاء جاء بعد نفور سياسي وتاريخي كبير لمدة نحو 30 عاماً»، معتبراً أن «هذا الأمر بهذا المعنى إيجابي».
وقال: «لا أعلم إذا كانت هذه المصالحة وحتى هذا الاتفاق بعناوين واسعة على المستوى المسيحي، ستؤسس لطروحات استراتيجية على مستوى أبعد، وهل أن هذه المصالحة ستوصل إلى استعادة الشراكة في الدولة بين المسلمين والمسيحيين وكافة الأطراف بعد تنفيذٍ مشوَّه لاتفاق الطائف خلال مرحلة الوصاية السورية؟ وأعتقد أن هذه المصالحة إذا توصلت إلى ذلك سيكون هذا الأمر من إيجابياتها».
وأضاف: «أما على المستوى السياسي، فالمعيار الرئيسي لنجاح هذه الخطوة أو عدمها يكون بأمر أساسي: هل نحن نخرج من حالة اللادولة التي يعيشها لبنان، في ظل كل المخاطر الداخلية والخارجية، وصولاً إلى إعادة وجود دولة الحد الأدنى؟، أي هل ستساهم هذه المصالحة بالوصول إلى هذا الأمر أم لا؟ هذا هو في رأيي المعيار الرئيسي».
وتابع: «تعيد هذه المصالحة على المستوى الإنساني نوعاً من العلاقات الطبيعية في الوسط المسيحي التي لطالما كانت متوترة من خلال هذا الصراع التاريخي الذي دام لمدة 30 عاماً ولم يسمح بالتئام الجروح، وبالتالي على المستوى الإنساني سيعود الأخوة إلى التلاقي مع بعضهم البعض»، مذكّراً بأن «الانشقاق السياسي كان دخل إلى العائلات».
ولفت إلى أن ترشيح جعجع لعون «تم برؤيةٍ من ضمنها استعادة بعض حقوق المسيحيين، كما جاء في جانب آخر كنوعٍ من ردة فعل على ترشيح الرئيس الحريري للنائب فرنجية»، معرباً عن اعتقاده أن ترشيح عون «لن ينجح، حيث يتبيّن وجود رفض لوصوله من كل من السنّة والدروز والشيعة بقيادة حزب الله».
ورأى في خطوة جعجع «تعبيراً عن خيار سياسي، وردّ فعل على ترشيح الرئيس الحريري لفرنجية»، موضحاً أن «الخيار السياسي لا يعني التمرْكز أي أنه سيصبح مع إيران، فجعجع سيظلّ في موقعه. لكن بغض النظر عن أي خطاب سياسي، ففي التموْضع السياسي هو حليف المرشح الرسمي وغير الفعلي لحزب الله».
أضاف: «أظن إلى الآن أن الدكتور جعجع يعمل داخل إطار التركيبة اللبنانية، لكن بعض المحيطين بالجنرال عون يذهبون أبعد من ذلك، ويرون في ذلك تحضيراً ربما لما يظنون أنه يُركَّب للمنطقة كنوع من الذهاب إلى فيديرالية وتقسيم وفتفتة الوضع في الإقليم».
ورداً على سؤال عمّا إذا كان طرْح المسيحيين لمسألة الشراكة في الوقت الذي يخوض (حزب الله) معركة لتعديل قواعد الحكم يعني أن نظام الطائف يلفظ أنفاسه، أجاب: «أتمنى ألا يكون كذلك. أعتقد أن الوضع الحالي الحقيقي ليس مرتبطاً بالصراع بين السعودية وإيران. أظن أن هناك مصلحة وتقاطع مصالح بين الحريري والسعودية من جهة وإيران وحزب الله من جهة أخرى حول وجوب تنظيم نوع من هدنة في لبنان عبر وجود دولة الحد الأدنى التي تهتمّ بالإدارة والاقتصاد والاجتماع والبيئة والأمن، على أن تكمل كل من 8 مارس و14 مارس في نهجيْهما إزاء الصراعات الكبيرة التي لها علاقة بالمنطقة أكان سلاح «حزب الله» أو حربه داخل سورية أو المواقف من الصراع العربي ـ الإيراني وتَمدُّد إيران، ولكن لا 14 ولا 8 مارس يحمّلان موقفهما للدولة اللبنانية».
وأكد الهندي أن «هناك خطراً على لبنان أكثر مما هناك خطر على الطائف»، معتبراً أن«لبنان في خطر كبير، على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والأمني»، ولافتاً إلى أن «ليس هناك رئيساً للجمهورية، والبرلمان عاجز عن الحركة، والحكومة مشلولة»، ومشدداً على أن «هذا الوضع خطير جداً، وتضاف إليه الحرب المديدة في الإقليم، ومن هنا فإن لبنان بخطر لذا أنا مع التسوية الممكنة».
إلياس الزغبي
المحلل السياسي إلياس الزغبي ووفق قراءته للمصالحة المسيحية التي عكسها لقاء معراب، رأى أن هذه المصالحة «في الجانب المسيحي أمر لا بأس به ضمن إطار المصالحات العامة التي يجب أن تُجرى في لبنان، لأنه لا يمكن بناء دولة على خلافات وخصومات عميقة بين الأحزاب والطوائف، ولذا فإن المصالحة من هذه الناحية جيدة ومطلوبة».
وأضاف: «أما من الناحية السياسية والوطنية فإن ما جرى لا يؤدي إلى أي فتح للأفق أو إلى أي حل منتظر لأن التحديات والانقسامات واضحة ليس فقط على الساحة اللبنانية بين طرفيْن معروفيْن، وإنما في المنطقة بكاملها وعلى المستوى الدولي. ولذلك لا يمكن الفصل بين الاتجاه الداخلي إلى حسْم المواقف والاتجاه الخارجي إلى تعقيدها، فالمشهد الخارجي يعيش تحت وطأة مرور العلاقة العربية الإيرانية في أسوأ مراحلها ولا يمكن توقع تلاقٍ قريب أو مصالحة إقليمية عربية ـ إيرانية ودولية قريبة كي نتوقع انتخاباً قريباً لرئيس الجمهورية في لبنان». وتابع: «إذاً على المستوى السياسي العام لإنتاج رئيس للجمهورية، فإن ما جرى لا يقدّم ولا يؤخّر في الموضوع».
وعن ترشيح الدكتور جعجع للعماد عون، اعتبر «أن ما جرى لا يمكن تجاوزه من ناحية الثقل المسيحي الذي يمثله الطرفان، أي (القوات اللبنانية) و(التيار الوطني الحر)، لكن هذا لا يعني أنهما يختزلان الحالة المسيحية أو الوجدان المسيحي، فهناك قوى سياسية وشعبية واجتماعية وازنة خارج هذا الاصطفاف الثنائي، ولذلك لا يمكن أن نكون شديدي الفرح والترحيب بهذا اللقاء لأنه لم يؤدِ حتى الآن إلى مصالحة فعلية بين كل المكوّنات المسيحية، بل زاد من جهة أخرى عمق التفسخات أو الانشقاقات على المستوى الوطني، والدليل هو الارتباك الحاصل لدى (حزب الله) وداخل صفوف 8 مارس، وأيضاً داخل صفوف 14 مارس»، واضاف: «إذاً المسألة بحاجة إلى بُعد آخر وإلى معالجة أخرى لإنتاج رئيس جمهورية يكون محايداً نسبياً على صعيد الاصطفاف السياسي العام، وهذا ما يسمونه الرئيس التوافقي أو الرئيس الذي يؤدي إلى إرضاء جميع الحالات السياسية ويشكل حلاً وسطاً بين كل الطروحات السياسية المتباعدة».
وتابع: «بالطبع لم تكن خطوة الدكتور جعجع بترشيح عون مجرد رد فعل فقط، وإقدام الرئيس سعد الحريري على ترشيح الوزير سليمان فرنجية هو سبب من الأسباب التي دفعت رئيس (القوات) إلى ترشيح عون وليس كل الأسباب». وأوضح أن «الأسباب الأخرى والتي أُعلنت تمثّلت في الورقة التي تم على أساسها ترشيح العماد عون من معراب، وهي ورقة قريبة جداً، لا بل مطابقة تماماً لخطاب 14 مارس السياسي والوطني. وهي ورقة مهمة جداً على هذا الصعيد السياسي والوطني»، متداركاً: «لكن المشكلة تكمن في أن العماد عون كان سبق ووقّع قبل عشرة أعوام ورقة مع (حزب الله) تتناقض كلياً مع ورقة معراب. لذا فإن المسألة هنا في جوهرها».
وسأل: «هل يستطيع العماد عون أن يلعب الورقتين؟»، وقال: «هذا في تقديري غير ممكن، وعليه أن يحسم وضعه فإما أن يلتزم بورقة معراب بمفاهيمها السيادية والتزامها اتفاق الطائف والقرارات الدولية وضبط الحدود بالاتجاهين والسياسة الخارجية المستقلة وما إلى ذلك، وإما أن يبقى ملتزماً بورقة التفاهم مع (حزب الله) التي تصنّف سلاح الحزب بأنه مقدّس وبأنه يجب أن يبقى إلى الأبد تقريباً ما دامت الظروف الموضوعية للتخلي عنه غير متوافرة. على العماد عون أن يحسم أمره، ولذلك نلاحظ مثلاً أن الناطقين باسم العماد عون وحتى هو شخصياً يحاول الابتعاد عن مقاربة هذا التناقض بين ما وقّع عليه في معراب وما وقّع عليه في مار مخايل في السادس من فبراير 2006، لأن الورقتين متناقضتان تماماً، لا بل متصادمتان. فكيف يمكن له أن يحالف (حزب الله) على أسس ومفاهيم غير وطنية وغير لبنانية ثم يوقّع على ورقة في معراب تناقض ما وقّع عليه في مار مخايل؟ هنا يكمن التحدي وهنا سر المأزق والأزمة بين هاتين الورقتين».
وأكد رداً على سؤال أن «أحد الدوافع للقاء معراب هو الخضة الكبيرة في المنطقة والتخوف على وضع الأقليات ومنهم المسيحيون»، مشيراً إلى أن «هذه النظرة بيولوجية، أي نظرة وجودية مبدئية يشعر بها كل فريق أو فئة تحسّ بالخطر أو بأنها مستهدَفة، لكن نحن في لبنان كنا بحاجة إلى العكس تماماً. فمنذ عشر سنوات على الأقلّ دخلنا في حالة من التعقيد الوطني والسياسي بسببٍ واضح هو تعليب حزب سياسي واحد لطائفة بكاملها هو حزب الله»، لافتاً إلى أن «المسيحيين ظلوا خارج هذا التصنيف، أي ظلوا يخافون على تعدديتهم وهي تعددية خلّاقة. فكي نتبع الحالة الديموقراطية لا بد أن تكون هناك تعددية بين الأحزاب والطوائف وداخل الأحزاب والطوائف».
وأضاف: «الآن يتّجه المسيحيون إلى ما يشبه (حزب الله) أو ما يشبه الحالة السنية أو الحالة الدرزية أي الاصطفاف وراء حزب أو اثنين يختزلان كل أطياف الطائفة، وهذا أمر خطير وغير صحي. أنا المسيحي كنت أفضّل ألا نلعب ورقة سوانا وألا نقع في الخطأ الذي وقع فيه (حزب الله) تحديداً قبلنا بأعوام عديدة. ونحن كأننا نملك عقدة هذا الحزب الذي يختزل الطائفة الشيعية أو يكاد، ونحاول تقليده. وهكذا هي المسألة، ولكن بنسبة أقلّ طبعاً، عند السنّة والدروز إذ هناك بعض التنوع لديهم. أما عند المسيحيين فكان التنوع أوسع وكان مصدر غنى. أما أن نعلّب طائفة بحزب أو اثنين وبزعيم واحد أو زعيمين، فإننا نكون نتجه إلى ضرب الديموقراطية بمفهمومها الصحيح لأن الأمر يتحول إلى صراع سياسي داخل الطوائف وبين الطوائف أي نضع طائفة في وجه طائفة ونجعل الطوائف في المواقع المتصادمة والمتنابذة، ويزول مبدأ التنوع السياسي الذي هو سرّ وجود لبنان».
وشدّد على أنه «لا يمكن القول إن الطائف يلفظ أنفاسه»، موضحاً: «لا شك أن (حزب الله) بأدائه ومشروعه الذي هو مشروع إيراني واضح، لا يرتاح كثيراً لصيغة الطائف والتوازنات التي أرساها هذا الاتفاق، لأن الحزب يستشعر بفائض من القوة بحكم سلاحه والأموال المتدفقة عليه والحروب التي يشنّها داخل لبنان وخارجه، ولذلك فإن (حزب الله) يشكل عقبة أساسية لأنه يطمح إلى ما هو أبعد من الطائف. ولكن هذا لا يعني أن الطائف أصبح في حكم الساقط، لأنه إذا عدنا إلى عمق الطائف نرى فيه حقيقة الحل في لبنان كدولة ووطن متنوع متعدد وهناك توازنات بين مكوناته السياسية والطائفية»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن كسْر هذه المكوّنات بهذه السهولة، ولذلك فإن اتفاق الطائف سيبقى حياً لكنه طبعاً بحاجة إلى تنفيذ صحيح وسليم، وإلى تشذيب أو إصلاح بعض الخلل أو الثُغر البسيطة أي بلورة توضيحات في بعض البنود كي يستقيم الحكم في لبنان ويسير بشكل طبيعي ومن دون مشاكل، وأنا لا أتحدّث هنا عن تعديل جذري فيه، بل مقاربة إشكاليات برزت في الممارسة كمسألة انتخاب رئيس للجمهورية إذ إننا منذ سنتين بلا رئيس، وكان على اتفاق الطائف أن يحسب حساباً لهذا الأمر كي لا نقع في الشغور الذي وقعنا فيه، فيجد حلاً لمسألة أكثرية الثلثين أو يضع نصاً يجبر فيه النواب على حضور الجلسات كما في سائر دول العالم».
عادل مالك
الكاتب والمحلل السياسي عادل مالك اكد أنه «لا يمكن طبعاً التقليل من أهمية اللقاء الذي جرى بين رجليْن بارزيْن على الصعيد المسيحي، حيث تجاوزا كل الخلافات المتراكمة وأعدّا صيغة تعاون وليس تحالفا في هذه المرحلة بالذات»، لافتاً إلى أن «مجرد تلاقي (التيار الوطني الحر) من جهة و(القوات اللبنانية) من جهة ثانية على الصعيد المسيحي فهذا أمر جيد، من حيث الترابط بين كافة الفصائل المسيحية على الأرض اللبنانية»، مضيفاً: «إنما يمكن لهذا التحالف أو الارتباط الجديد أن يُبنى عليه للمستقبل في سبيل بناء موقف وطني شامل لا يقتصر فقط على توحيد الموقف المسيحي. وهنا لا نتحدث في معرض تقليل أهمية التحالف المسيحي إنما كيف يمكن البناء على هذا الارتباط الجديد من أجل مصلحة لبنانية بعيدة المدى».
وعن ترشيح الدكتور جعجع للعماد عون، أجاب: «يجب أن نذكّر أنفسنا بأن القرار الذي أعلن عنه الدكتور جعجع ليس وليد الساعة بل نتاج مداولات لفترة ليست قصيرة»، مشيراً إلى أنه «إذا عُدنا إلى إعلان النيات المشتركة بين (التيار) و(القوات)، فهذا يعني أن التحول الجديد في مواقف (التيار الوطني الحر) و(القوات اللبنانية) دُرس ملياً قبل الكشف عنه، لكن ربما التوقيت الذي أعلن فيه عن هذا التوجه الجديد ارتبط مباشرة بانتخابات رئاسة الجمهورية». ورأى أن «بإمكان الطرفين الأساسيين أن يجعلا من ارتباط مسيحي محدود موقفاً لبنانياً وطنياً شاملاً».
وعما إذا كان هذا الترشيح رد فعل على ترشيح الرئيس الحريري للنائب فرنجية، أجاب: «تم نفي هذا الاعتبار، وربما ربط البعض التوقيت بترشيح الرئيس الحريري للنائب فرنجية، لكن في تقديري المتواضع ربما يكون للموضوع علاقة معينة، لكن الأهمّ في الموضوع هو ما الذي سيبلغه هذا التعاون الجديد بين (التيار) و(القوات) على صعيد ليس فقط رئاسة الجمهورية بل الاستمرار في عقد اللقاءات بين الطرفين وتحويل هذا اللقاء من إطار طائفي مذهبي معيّن إلى حقل وطني لبناني بعيد المدى».
وشدد على أن «السؤال الكبير في ما بعد هو كيف يمكن استثمار هذا التعاون الجديد بين تياريْن رئيسييْن داخل الإطار المسيحي وتحويل هذا التعاون إلى موقف لبناني جامع لا يفرّق بين اللبنانيين على مختلف اتجاهاتهم السياسية، بل يجعل من هذا التعاون لبنة لاستعادة المبادرة لدى الصف المسيحي كي يتدارك بعض التقصيرات أو الأخطاء التي وقعت خلال الأعوام الماضية في ظل التنافر الذي كان قائماً بين التيارين»، مؤكداً أن «ما أعلنه الدكتور جعجع من ترشيح العماد عون يمكن أن يكون جسر عبور من مرحلة إلى مرحلة أخرى أكثر ثباتاً في ما يتعلق بالتركيبة اللبنانية».
وأشار إلى أن «الرأي المعلن بالنسبة للدكتور جعجع والعماد عون هو التمسك باتفاق الطائف»، موضحاً أن الطائف «لا يزال هو الوحيد الذي يحكم العلاقات بين اللبنانيين؛ وهو ليس بالإطار المثالي، إنما التطبيق الاستنسابي الذي حدَث خلال الربع قرن الماضي هو الذي أدى إلى غالبية الثغر التي يجري الحديث عنها»، معتبراً أن «الحل يكون بالاقتناع أن الطائف هو الحلّ المتاح في الوقت الحاضر لأنه ليست هناك من بدائل دستورية في الوقت الراهن يمكن الركون إليها لسدّ ثغر من هنا وهناك، ولأن أي طرح يتناول تعديل اتفاق الطائف يجب أن يحصل بوسائل توحّد اللبنانيين أكثر مما تباعد بينهم».
وجاءت خطوة جعجع، القطب المسيحي في قوى 14 مارس، بإعلانه ترشيح عون وهو القطب المسيحي في قوى 8 مارس ومرشّح «حزب الله» الرسمي لرئاسة الجمهورية، لتقلب المعادلات الداخلية، ولا سيما أنها تمت في أعقاب مبادرة زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري «الجدية ولكن غير الرسمية» بترشيح (صديق الرئيس السوري بشار الأسد) النائب سليمان فرنجية للرئاسة.
«الراي» سألت في هذا الإطار عدداً من الشخصيات المسيحية عن مقاربتها لأبعاد هذه المصالحة مسيحياً وسياسياً وإنسانياً، متوقفة عند قراءتهم لخطوة جعجع ترشيح عون كمعطى جديد، وعما إذا كان المشهد في معراب (حيث مقرّ جعجع) يرتبط فقط بالملف الرئاسي أم أنه عودة إلى مربع طائفي ربطاً بالتحولات في المنطقة وشعور المسيحيين بالحاجة إلى الإمساك بزمام الأمور، وهل طرْح المسيحيين مسألة الشراكة في الوقت الذي يخوض «حزب الله» معركة لتعديل قواعد الحكم يعني أن نظام «الطائف» يلفظ أنفاسه.
الوزير السابق كريم بقرادوني اعتبر أن هذه المصالحة في أبعادها المسيحية «تشكل ضمانة للمسيحيين كي يبقوا جزءاً أو شريكاً في حكم لبنان»، لافتاً إلى أن «توحد التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية يعطي للمسيحيين بعداً لبنانياً أولاً؛ لأن المسيحي القوي قادر على جعل لبنان قوياً، أما المسيحي الضعيف والغارق في صراع داخل بيته فلا يستطيع أن ينفع لبنان لا بل يضره حيث يتحوّل الخلاف المسيحي إلى خلاف على الوطن وفي لبنان، بالتالي أعتقد أن هذا التكتل أعاد دور المسيحيين وفق الطائف إلى لبنان، وجعل من مسيحيي لبنان عامل توحّد وليس عامل انقسام».
أضاف: «أما على المستوى الوطني، فهناك مبدأ في لبنان يقول: كلّما حدث خلاف داخل طائفة يتحوّل إلى خلاف داخل الوطن وكلما حدث اتفاق داخل طائفة يتحول إلى توافق داخل الوطن»، مشيراً إلى أن «هذا الثنائي المسيحي الذي وُلد حالياً يساعد جداً على الوفاق الوطني والحوار مع الآخر، أي الشريك اللبناني».
وأضاف: «كما توجد ثنائية شيعية متمثلة بـ(حزب الله)و(حركة أمل)، وباتت رقماً صعباً في المعادلة ولا يمكن تجاهلها، أعتقد اليوم أن هذا الثنائي المسيحي صار رقماً صعباً لا يمكن تجاهله، وبالتالي بدل أن يكون المسيحيون سبباً لنزاعات داخل لبنان، سيكونون سبباً لتوافقات أو تفاهمات داخل لبنان، لأن قوّتهم تجعلهم يواجهون التطرف التكفيري الذي يجتاح المنطقة ويقفون في وجهه، ويجعلهم من جهة أخرى قادرين على التفاهم مع الشريك الداخلي. فإذا ظل المسيحيون مختلفين في ما بينهم وظل الشيعة موحّدين في ما بينهم ولكل من الدروز والسنّة زعامة واحدة، سيظل المسيحيون في قلق وسيكونون رفضيين بدَل أن يكونوا إيجابيين. أما وأنهم باتوا الآن في الوزن نفسه لكل من الشيعة والدروز والسنّة، فأعتقد أن مجال التعايش اللبناني الذي يُعتبر التوازن أساسه سيقوى، في حين انه في غياب هذا التوازن بين الطوائف تندلع الحروب، معتبراً أن «ما حدث هو مشروع استقرار في لبنان، ومشروع للحفاظ على دور المسيحيين وتحويله من عنصر نزاعات في لبنان إلى عامل تفاهمات».
وأعرب عن اعتقاده بأنه «يمكن للمسيحي اليوم أن يلعب دوراً إيجابياً إزاء الخلاف السني ـ الشيعي من خلال تقريب السنّة والشيعة، وبدَل أن يكون المسيحيون منقسمين وفريق منهم مع السنّة والآخر مع الشيعة، فإن توحّدهم سيساعد السنّة والشيعة».
وعن ترشيح الدكتور جعجع للعماد عون، قال: «لا شك في أن دعم الدكتور جعجع للعماد عون في رئاسة الجمهورية قدّم دفعاً جديداً لـ(الجنرال) في مشروع الرئاسة، ولا شك أيضاً في أنه قوّى سمير جعجع عند القاعدة المسيحية»، معتبراً أن جعجع قبل اتفاق معراب «كان أقلّ شعبية مما هو الآن عند المسيحيين، وبالتالي ليس عون مَن ربح فقط من خلال هذا الترشيح خطوة إلى الأمام باتجاه الرئاسة، فسمير جعجع ربح خطوة إلى الأمام باتجاه الشعبية المسيحية».
ولفت إلى أن «خطوة جعجع جاءت على مستوى المحتوى في إطار إعلان النيات، الذي تم العام الماضي بين (القوات اللبنانية) و(التيار الوطني الحر)، موضحاً أن «في إعلان النيات فقرة متعلقة برئاسة الجمهورية، وبالتالي يأتي هذا الترشيح من خلال مسار طويل واستراتيجي أكثر من كونه ردة فعل»، ومعتبراً أن «هذا الترشيح هو فعل اتفاق القوتين، أما التوقيت فجاء في هذه اللحظة بالذات نتيجة لترشيح الرئيس الحريري لفرنجية».
وعمّا إذا كانت في هذه الخطوة عودة إلى المربع الطائفي ربطاً بالتحولات في المنطقة وشعور المسيحيين بالحاجة إلى الإمساك بزمام الأمور، أجاب: «لا أقول عودة إلى مربّع طائفي، بل عودة إلى الطائف، فهذا الأخير لم تكتمل فصوله»، مشيراً إلى أن «مسألة إلغاء الطائفية السياسية تدريجاً موجودة في الطائف، وموضوع اللامركزية أيضاً موجود في الطائف ووضع قانون انتخاب نيابي جديد يؤمّن أفضل تمثيل للأطراف موجود في الطائف». تابع: «ليس في الأمر عودة إلى مربع الطائفية، بل عودة إلى استكمال الطائف»، سائلاً: «لماذا عندما يجتمع الشيعة في ما بينهم لا تكون مسألةً طائفية، وإذا اجتمع المسيحيون تكون مسألة طائفية؟ لم أفهم إلى الآن هذا المنطق».
وأكد أن «الكل طائفيون، فهذا هو نظامنا»، مضيفاً: «إما أن يكون الأمر في الحالتين عودة إلى مربع الطائفية أو ذهاباً باتجاه الوطنية. لا يمكن اعتبار المسيحيين باتفاقهم طائفيين، وأن اتفاق الشيعة مثلاً يعني أنهم وطنيون».
وختم بقرادوني:«هذا النظام كلما أراد أن ينتخب رئيس جمهورية يدخل في أزمة كبيرة. فبعد انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل تطلبت عودة النظام (ليقف على رجليه) عقد اتفاق الطائف، وعند انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود عُقد اتفاق الدوحة ليظلّ النظام واقفاً على رجليه، والآن بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان (ما عم نعرف نعمل لا دوحة ولا طائف)، فمشاكل المنطقة أقوى من رئاسة جمهورية لبنان، ما يعني دخولنا في أزمة»، مؤكداً أن ما تَقدّم يدلّ على أن «هذا النظام (مثلما هو) انتهى ويلفظ أنفاسه الأخيرة ولم يعد متلائماً مع كل المتغيرات الجارية، ولكن لم يولد بعد النظام البديل، ولذا لا بد من إعادة النظر به بالكامل».
توفيق الهندي
المحلل السياسي الدكتور توفيق الهندي اعتبر أن هذه المصالحة «مسيحياً هي عبارة عن لقاء جاء بعد نفور سياسي وتاريخي كبير لمدة نحو 30 عاماً»، معتبراً أن «هذا الأمر بهذا المعنى إيجابي».
وقال: «لا أعلم إذا كانت هذه المصالحة وحتى هذا الاتفاق بعناوين واسعة على المستوى المسيحي، ستؤسس لطروحات استراتيجية على مستوى أبعد، وهل أن هذه المصالحة ستوصل إلى استعادة الشراكة في الدولة بين المسلمين والمسيحيين وكافة الأطراف بعد تنفيذٍ مشوَّه لاتفاق الطائف خلال مرحلة الوصاية السورية؟ وأعتقد أن هذه المصالحة إذا توصلت إلى ذلك سيكون هذا الأمر من إيجابياتها».
وأضاف: «أما على المستوى السياسي، فالمعيار الرئيسي لنجاح هذه الخطوة أو عدمها يكون بأمر أساسي: هل نحن نخرج من حالة اللادولة التي يعيشها لبنان، في ظل كل المخاطر الداخلية والخارجية، وصولاً إلى إعادة وجود دولة الحد الأدنى؟، أي هل ستساهم هذه المصالحة بالوصول إلى هذا الأمر أم لا؟ هذا هو في رأيي المعيار الرئيسي».
وتابع: «تعيد هذه المصالحة على المستوى الإنساني نوعاً من العلاقات الطبيعية في الوسط المسيحي التي لطالما كانت متوترة من خلال هذا الصراع التاريخي الذي دام لمدة 30 عاماً ولم يسمح بالتئام الجروح، وبالتالي على المستوى الإنساني سيعود الأخوة إلى التلاقي مع بعضهم البعض»، مذكّراً بأن «الانشقاق السياسي كان دخل إلى العائلات».
ولفت إلى أن ترشيح جعجع لعون «تم برؤيةٍ من ضمنها استعادة بعض حقوق المسيحيين، كما جاء في جانب آخر كنوعٍ من ردة فعل على ترشيح الرئيس الحريري للنائب فرنجية»، معرباً عن اعتقاده أن ترشيح عون «لن ينجح، حيث يتبيّن وجود رفض لوصوله من كل من السنّة والدروز والشيعة بقيادة حزب الله».
ورأى في خطوة جعجع «تعبيراً عن خيار سياسي، وردّ فعل على ترشيح الرئيس الحريري لفرنجية»، موضحاً أن «الخيار السياسي لا يعني التمرْكز أي أنه سيصبح مع إيران، فجعجع سيظلّ في موقعه. لكن بغض النظر عن أي خطاب سياسي، ففي التموْضع السياسي هو حليف المرشح الرسمي وغير الفعلي لحزب الله».
أضاف: «أظن إلى الآن أن الدكتور جعجع يعمل داخل إطار التركيبة اللبنانية، لكن بعض المحيطين بالجنرال عون يذهبون أبعد من ذلك، ويرون في ذلك تحضيراً ربما لما يظنون أنه يُركَّب للمنطقة كنوع من الذهاب إلى فيديرالية وتقسيم وفتفتة الوضع في الإقليم».
ورداً على سؤال عمّا إذا كان طرْح المسيحيين لمسألة الشراكة في الوقت الذي يخوض (حزب الله) معركة لتعديل قواعد الحكم يعني أن نظام الطائف يلفظ أنفاسه، أجاب: «أتمنى ألا يكون كذلك. أعتقد أن الوضع الحالي الحقيقي ليس مرتبطاً بالصراع بين السعودية وإيران. أظن أن هناك مصلحة وتقاطع مصالح بين الحريري والسعودية من جهة وإيران وحزب الله من جهة أخرى حول وجوب تنظيم نوع من هدنة في لبنان عبر وجود دولة الحد الأدنى التي تهتمّ بالإدارة والاقتصاد والاجتماع والبيئة والأمن، على أن تكمل كل من 8 مارس و14 مارس في نهجيْهما إزاء الصراعات الكبيرة التي لها علاقة بالمنطقة أكان سلاح «حزب الله» أو حربه داخل سورية أو المواقف من الصراع العربي ـ الإيراني وتَمدُّد إيران، ولكن لا 14 ولا 8 مارس يحمّلان موقفهما للدولة اللبنانية».
وأكد الهندي أن «هناك خطراً على لبنان أكثر مما هناك خطر على الطائف»، معتبراً أن«لبنان في خطر كبير، على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والأمني»، ولافتاً إلى أن «ليس هناك رئيساً للجمهورية، والبرلمان عاجز عن الحركة، والحكومة مشلولة»، ومشدداً على أن «هذا الوضع خطير جداً، وتضاف إليه الحرب المديدة في الإقليم، ومن هنا فإن لبنان بخطر لذا أنا مع التسوية الممكنة».
إلياس الزغبي
المحلل السياسي إلياس الزغبي ووفق قراءته للمصالحة المسيحية التي عكسها لقاء معراب، رأى أن هذه المصالحة «في الجانب المسيحي أمر لا بأس به ضمن إطار المصالحات العامة التي يجب أن تُجرى في لبنان، لأنه لا يمكن بناء دولة على خلافات وخصومات عميقة بين الأحزاب والطوائف، ولذا فإن المصالحة من هذه الناحية جيدة ومطلوبة».
وأضاف: «أما من الناحية السياسية والوطنية فإن ما جرى لا يؤدي إلى أي فتح للأفق أو إلى أي حل منتظر لأن التحديات والانقسامات واضحة ليس فقط على الساحة اللبنانية بين طرفيْن معروفيْن، وإنما في المنطقة بكاملها وعلى المستوى الدولي. ولذلك لا يمكن الفصل بين الاتجاه الداخلي إلى حسْم المواقف والاتجاه الخارجي إلى تعقيدها، فالمشهد الخارجي يعيش تحت وطأة مرور العلاقة العربية الإيرانية في أسوأ مراحلها ولا يمكن توقع تلاقٍ قريب أو مصالحة إقليمية عربية ـ إيرانية ودولية قريبة كي نتوقع انتخاباً قريباً لرئيس الجمهورية في لبنان». وتابع: «إذاً على المستوى السياسي العام لإنتاج رئيس للجمهورية، فإن ما جرى لا يقدّم ولا يؤخّر في الموضوع».
وعن ترشيح الدكتور جعجع للعماد عون، اعتبر «أن ما جرى لا يمكن تجاوزه من ناحية الثقل المسيحي الذي يمثله الطرفان، أي (القوات اللبنانية) و(التيار الوطني الحر)، لكن هذا لا يعني أنهما يختزلان الحالة المسيحية أو الوجدان المسيحي، فهناك قوى سياسية وشعبية واجتماعية وازنة خارج هذا الاصطفاف الثنائي، ولذلك لا يمكن أن نكون شديدي الفرح والترحيب بهذا اللقاء لأنه لم يؤدِ حتى الآن إلى مصالحة فعلية بين كل المكوّنات المسيحية، بل زاد من جهة أخرى عمق التفسخات أو الانشقاقات على المستوى الوطني، والدليل هو الارتباك الحاصل لدى (حزب الله) وداخل صفوف 8 مارس، وأيضاً داخل صفوف 14 مارس»، واضاف: «إذاً المسألة بحاجة إلى بُعد آخر وإلى معالجة أخرى لإنتاج رئيس جمهورية يكون محايداً نسبياً على صعيد الاصطفاف السياسي العام، وهذا ما يسمونه الرئيس التوافقي أو الرئيس الذي يؤدي إلى إرضاء جميع الحالات السياسية ويشكل حلاً وسطاً بين كل الطروحات السياسية المتباعدة».
وتابع: «بالطبع لم تكن خطوة الدكتور جعجع بترشيح عون مجرد رد فعل فقط، وإقدام الرئيس سعد الحريري على ترشيح الوزير سليمان فرنجية هو سبب من الأسباب التي دفعت رئيس (القوات) إلى ترشيح عون وليس كل الأسباب». وأوضح أن «الأسباب الأخرى والتي أُعلنت تمثّلت في الورقة التي تم على أساسها ترشيح العماد عون من معراب، وهي ورقة قريبة جداً، لا بل مطابقة تماماً لخطاب 14 مارس السياسي والوطني. وهي ورقة مهمة جداً على هذا الصعيد السياسي والوطني»، متداركاً: «لكن المشكلة تكمن في أن العماد عون كان سبق ووقّع قبل عشرة أعوام ورقة مع (حزب الله) تتناقض كلياً مع ورقة معراب. لذا فإن المسألة هنا في جوهرها».
وسأل: «هل يستطيع العماد عون أن يلعب الورقتين؟»، وقال: «هذا في تقديري غير ممكن، وعليه أن يحسم وضعه فإما أن يلتزم بورقة معراب بمفاهيمها السيادية والتزامها اتفاق الطائف والقرارات الدولية وضبط الحدود بالاتجاهين والسياسة الخارجية المستقلة وما إلى ذلك، وإما أن يبقى ملتزماً بورقة التفاهم مع (حزب الله) التي تصنّف سلاح الحزب بأنه مقدّس وبأنه يجب أن يبقى إلى الأبد تقريباً ما دامت الظروف الموضوعية للتخلي عنه غير متوافرة. على العماد عون أن يحسم أمره، ولذلك نلاحظ مثلاً أن الناطقين باسم العماد عون وحتى هو شخصياً يحاول الابتعاد عن مقاربة هذا التناقض بين ما وقّع عليه في معراب وما وقّع عليه في مار مخايل في السادس من فبراير 2006، لأن الورقتين متناقضتان تماماً، لا بل متصادمتان. فكيف يمكن له أن يحالف (حزب الله) على أسس ومفاهيم غير وطنية وغير لبنانية ثم يوقّع على ورقة في معراب تناقض ما وقّع عليه في مار مخايل؟ هنا يكمن التحدي وهنا سر المأزق والأزمة بين هاتين الورقتين».
وأكد رداً على سؤال أن «أحد الدوافع للقاء معراب هو الخضة الكبيرة في المنطقة والتخوف على وضع الأقليات ومنهم المسيحيون»، مشيراً إلى أن «هذه النظرة بيولوجية، أي نظرة وجودية مبدئية يشعر بها كل فريق أو فئة تحسّ بالخطر أو بأنها مستهدَفة، لكن نحن في لبنان كنا بحاجة إلى العكس تماماً. فمنذ عشر سنوات على الأقلّ دخلنا في حالة من التعقيد الوطني والسياسي بسببٍ واضح هو تعليب حزب سياسي واحد لطائفة بكاملها هو حزب الله»، لافتاً إلى أن «المسيحيين ظلوا خارج هذا التصنيف، أي ظلوا يخافون على تعدديتهم وهي تعددية خلّاقة. فكي نتبع الحالة الديموقراطية لا بد أن تكون هناك تعددية بين الأحزاب والطوائف وداخل الأحزاب والطوائف».
وأضاف: «الآن يتّجه المسيحيون إلى ما يشبه (حزب الله) أو ما يشبه الحالة السنية أو الحالة الدرزية أي الاصطفاف وراء حزب أو اثنين يختزلان كل أطياف الطائفة، وهذا أمر خطير وغير صحي. أنا المسيحي كنت أفضّل ألا نلعب ورقة سوانا وألا نقع في الخطأ الذي وقع فيه (حزب الله) تحديداً قبلنا بأعوام عديدة. ونحن كأننا نملك عقدة هذا الحزب الذي يختزل الطائفة الشيعية أو يكاد، ونحاول تقليده. وهكذا هي المسألة، ولكن بنسبة أقلّ طبعاً، عند السنّة والدروز إذ هناك بعض التنوع لديهم. أما عند المسيحيين فكان التنوع أوسع وكان مصدر غنى. أما أن نعلّب طائفة بحزب أو اثنين وبزعيم واحد أو زعيمين، فإننا نكون نتجه إلى ضرب الديموقراطية بمفهمومها الصحيح لأن الأمر يتحول إلى صراع سياسي داخل الطوائف وبين الطوائف أي نضع طائفة في وجه طائفة ونجعل الطوائف في المواقع المتصادمة والمتنابذة، ويزول مبدأ التنوع السياسي الذي هو سرّ وجود لبنان».
وشدّد على أنه «لا يمكن القول إن الطائف يلفظ أنفاسه»، موضحاً: «لا شك أن (حزب الله) بأدائه ومشروعه الذي هو مشروع إيراني واضح، لا يرتاح كثيراً لصيغة الطائف والتوازنات التي أرساها هذا الاتفاق، لأن الحزب يستشعر بفائض من القوة بحكم سلاحه والأموال المتدفقة عليه والحروب التي يشنّها داخل لبنان وخارجه، ولذلك فإن (حزب الله) يشكل عقبة أساسية لأنه يطمح إلى ما هو أبعد من الطائف. ولكن هذا لا يعني أن الطائف أصبح في حكم الساقط، لأنه إذا عدنا إلى عمق الطائف نرى فيه حقيقة الحل في لبنان كدولة ووطن متنوع متعدد وهناك توازنات بين مكوناته السياسية والطائفية»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن كسْر هذه المكوّنات بهذه السهولة، ولذلك فإن اتفاق الطائف سيبقى حياً لكنه طبعاً بحاجة إلى تنفيذ صحيح وسليم، وإلى تشذيب أو إصلاح بعض الخلل أو الثُغر البسيطة أي بلورة توضيحات في بعض البنود كي يستقيم الحكم في لبنان ويسير بشكل طبيعي ومن دون مشاكل، وأنا لا أتحدّث هنا عن تعديل جذري فيه، بل مقاربة إشكاليات برزت في الممارسة كمسألة انتخاب رئيس للجمهورية إذ إننا منذ سنتين بلا رئيس، وكان على اتفاق الطائف أن يحسب حساباً لهذا الأمر كي لا نقع في الشغور الذي وقعنا فيه، فيجد حلاً لمسألة أكثرية الثلثين أو يضع نصاً يجبر فيه النواب على حضور الجلسات كما في سائر دول العالم».
عادل مالك
الكاتب والمحلل السياسي عادل مالك اكد أنه «لا يمكن طبعاً التقليل من أهمية اللقاء الذي جرى بين رجليْن بارزيْن على الصعيد المسيحي، حيث تجاوزا كل الخلافات المتراكمة وأعدّا صيغة تعاون وليس تحالفا في هذه المرحلة بالذات»، لافتاً إلى أن «مجرد تلاقي (التيار الوطني الحر) من جهة و(القوات اللبنانية) من جهة ثانية على الصعيد المسيحي فهذا أمر جيد، من حيث الترابط بين كافة الفصائل المسيحية على الأرض اللبنانية»، مضيفاً: «إنما يمكن لهذا التحالف أو الارتباط الجديد أن يُبنى عليه للمستقبل في سبيل بناء موقف وطني شامل لا يقتصر فقط على توحيد الموقف المسيحي. وهنا لا نتحدث في معرض تقليل أهمية التحالف المسيحي إنما كيف يمكن البناء على هذا الارتباط الجديد من أجل مصلحة لبنانية بعيدة المدى».
وعن ترشيح الدكتور جعجع للعماد عون، أجاب: «يجب أن نذكّر أنفسنا بأن القرار الذي أعلن عنه الدكتور جعجع ليس وليد الساعة بل نتاج مداولات لفترة ليست قصيرة»، مشيراً إلى أنه «إذا عُدنا إلى إعلان النيات المشتركة بين (التيار) و(القوات)، فهذا يعني أن التحول الجديد في مواقف (التيار الوطني الحر) و(القوات اللبنانية) دُرس ملياً قبل الكشف عنه، لكن ربما التوقيت الذي أعلن فيه عن هذا التوجه الجديد ارتبط مباشرة بانتخابات رئاسة الجمهورية». ورأى أن «بإمكان الطرفين الأساسيين أن يجعلا من ارتباط مسيحي محدود موقفاً لبنانياً وطنياً شاملاً».
وعما إذا كان هذا الترشيح رد فعل على ترشيح الرئيس الحريري للنائب فرنجية، أجاب: «تم نفي هذا الاعتبار، وربما ربط البعض التوقيت بترشيح الرئيس الحريري للنائب فرنجية، لكن في تقديري المتواضع ربما يكون للموضوع علاقة معينة، لكن الأهمّ في الموضوع هو ما الذي سيبلغه هذا التعاون الجديد بين (التيار) و(القوات) على صعيد ليس فقط رئاسة الجمهورية بل الاستمرار في عقد اللقاءات بين الطرفين وتحويل هذا اللقاء من إطار طائفي مذهبي معيّن إلى حقل وطني لبناني بعيد المدى».
وشدد على أن «السؤال الكبير في ما بعد هو كيف يمكن استثمار هذا التعاون الجديد بين تياريْن رئيسييْن داخل الإطار المسيحي وتحويل هذا التعاون إلى موقف لبناني جامع لا يفرّق بين اللبنانيين على مختلف اتجاهاتهم السياسية، بل يجعل من هذا التعاون لبنة لاستعادة المبادرة لدى الصف المسيحي كي يتدارك بعض التقصيرات أو الأخطاء التي وقعت خلال الأعوام الماضية في ظل التنافر الذي كان قائماً بين التيارين»، مؤكداً أن «ما أعلنه الدكتور جعجع من ترشيح العماد عون يمكن أن يكون جسر عبور من مرحلة إلى مرحلة أخرى أكثر ثباتاً في ما يتعلق بالتركيبة اللبنانية».
وأشار إلى أن «الرأي المعلن بالنسبة للدكتور جعجع والعماد عون هو التمسك باتفاق الطائف»، موضحاً أن الطائف «لا يزال هو الوحيد الذي يحكم العلاقات بين اللبنانيين؛ وهو ليس بالإطار المثالي، إنما التطبيق الاستنسابي الذي حدَث خلال الربع قرن الماضي هو الذي أدى إلى غالبية الثغر التي يجري الحديث عنها»، معتبراً أن «الحل يكون بالاقتناع أن الطائف هو الحلّ المتاح في الوقت الحاضر لأنه ليست هناك من بدائل دستورية في الوقت الراهن يمكن الركون إليها لسدّ ثغر من هنا وهناك، ولأن أي طرح يتناول تعديل اتفاق الطائف يجب أن يحصل بوسائل توحّد اللبنانيين أكثر مما تباعد بينهم».