يدعم عون ولن يضغط على فرنجية ويقرّ بـ «خصوصية» بري

«حزب الله» الممْسك بخيوط اللعبة السياسية يضْبط ساعة انتخاب الرئيس على التوقيت السوري

تصغير
تكبير
لم تحجب العاصفة المناخية الباردة التي تدهم لبنان حماوة العاصفة السياسية التي هبّت عليه قبل نحو اسبوع مع تبنّي رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع المرشح العلني لـ «حزب الله» للرئاسة زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، في تطوّرٍ دراماتيكي بدا ان القصد منه قطع الطريق على وصول رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية الى الرئاسة بدعمٍ من حليف جعجع، زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري، الذي كان انفرد بالتفاهم مع فرنجية، اللصيق بـ «حزب الله» وصديق الرئيس السوري بشار الأسد.

ورغم مرور نحو اسبوع على «الخلْطة العجائبية» للتموْضعات السياسية وفوْضويّتها التي بدت خارج أيّ «قواعد لعبة»، لم يطرأ أيّ تطور من النوع الذي يبدد سوء الانقشاع الكثيف الذي يحوط لوحة التحالفات المتحركة ومصير الاستحقاق الرئاسي المعلّق فوق «فوهة» الفراغ منذ 20 شهراً. فالجميع ينتظر ما سيقوله «حزب الله»، الناظم السياسي - الأمني لـ «الحال اللبنانية»، الذي يريد اصطياد عصفوريْن بحجر واحد: موقعه داخل النظام وموقع لبنان الاقليمي في إطار مشروعه الاستراتيجي.


وفي انتظار كلمة «حزب الله»، الممسك بـ «الماريونيت (لعبة الخيطان) السياسية» وحركة اللاعبين الذين اختار غالبيتهم الرقص على حافة الهاوية في مشهدٍ طغى عليه فائض من السوريالية، تَرسّخ الانطباع العام بأن المستعجلين لانتخاب رئيس جديد للجمهورية عليهم الانتظار طويلاً لما بعد الجلسة المقررة في 8 الشهر المقبل ولما بعد بعدها، لأن الوقائع الحالية، المحلية والاقليمية، لا تصنع رئيساً، خصوصاً ان مَن بيده الحل والربط يضبط توقيته على حسابات لا مكان فيها لجوائز ترضية.

والأكثر إثارة في اختلاط «الحابل بالنابل» في المشهد اللبناني الحالي هو المنازلة بين قطبيْ «14 آذار»، الحريري وجعجع، في ملعب «حزب الله» وكأنهما احتكما اليه لترجيح كفة أحدهما على الآخر عبر دعم فرنجية لمصلحة الحريري او عون لمصلحة جعجع، في الوقت الذي بدا ان الحزب غير منزعج من «التنوّع» في معسكره، فهو يدعم عون ولن يضغط على فرنجية ويقرّ لشريكه رئيس البرلمان نبيه بري بـ «خصوصيته»، وهو الامر الذي يعني ان اللعبة متروكة الى أجّل غير مسمى.

وتحدّثت أوساط سياسية على بيّنة من موقف «حزب الله» عن ان جعجع يبالغ في الكلام عن قدرة «حزب الله» على إخضاع الآخرين لمصلحة تأييد عون. وقالت لـ «الراي» ان «حزب الله» لا يعطي الأوامر لبري، وفرنجية مصرّ على النزول الى البرلمان حتى لو طلب منه الحزب العزوف، وتالياً لا يمكن تحميل الحزب وزر مواقف الآخرين او الإيحاء بانه يملك قدرةً مطلقة لحملهم الى بيت الطاعة.

وكشفت أوساط واسعة الاطلاع لـ «الراي» عن ان «حزب الله» أبلغ الى عون الاستمرار في دعم ترشيحه مهما كلف الأمر، لكنه غير مستعدّ لفرض رأيه على فرنجية لإدراكه المسبق ان زعيم «المردة» لن يتراجع ويصرّ على إكمال الطريق، مشيرة الى ان هذه الخلاصة تعني ان لا انتخابات رئاسية في جلسة 8 الشهر المقبل، ولا انتخابات في المدى المنظور، أقلّه لان الوقائع الحالية غير مرشحة لأي تغيير من شأنه تعديل التوازنات القائمة.

وفي تقدير هذه الأوساط انه رغم ان «حزب الله» يعتبر وصول العماد عون الى الرئاسة هزيمة للسعودية، فهو غير مستعجل لإنجاز الاستحقاق الرئاسي ما دامت انتصاراته تتوالى في سورية، وتالياً فإن وهج المتغيرات التي تصبّ بمصلحته في سورية سيمكّنه من إحداث تعديلات يريدها في نمط الحكم وتوازناته في لبنان.

ورأت الأوساط عيْنها ان «حزب الله» كسب إمكان وصول العماد عون، الذي في حال قررت السعودية دعمه الآن، لن يمس اتفاق الطائف لكنه سيقيّد عمل اي رئيس حكومة، مشيرة الى انه اذا مشت الرياض لتقليل خسائرها في لبنان، فالأمر لا يعني عودة الحريري الممنوعة بالنسبة الى «حزب الله» الذي يشكل رأس حربة في مواجهة النفوذ السعودي على امتداد المنطقة.

ولفتت تلك الأوساط الى ان الدعم السعودي الافتراضي لعون قد يقطع الطريق على إمكان توظيف «حزب الله» لانتصاراته في سورية والتي يريد من خلالها فرض تعديلات يطمح الى إحداثها في تركيبة الحكم الحالية التي أدّت الى تمرْكز القرار في الموقع السنّي، اي بيد رئيس الحكومة.

وبهذا المعنى أصبحت مفهومة الأسباب التي دفعت «حزب الله» الى المسارعة الى إسقاط خيار فرنجية الرئاسي. فبالاضافة الى «النقزة» من الكيمياء المستجدّة بين فرنجية والحريري وتفاهمهما حيال «كل شاردة وواردة»، فان الحزب لا يريد اولاً رئيساً تكون الرياض شريكة في مجيئه، ولا يريد ثانياً اي رئيس خارج تسوية لتقاسُم السلطة في مجلس الوزراء.

وثمة مَن يعتقد انه رغم اطمئنان «حزب الله» الى التموْضع الاقليمي للعماد عون وقدرته على إحداث تغييرات في نمط الحكم بـ «عضلاته»، فإن الاولوية بالنسبة الى الحزب هي انتظار المتغيرات في سورية ظناً منه انه سيصبح أكثر قدرة على فرْض إرادته في لبنان، وتالياً فإنه مرتاح لتموْضعات القوى السياسية التي تصبّ في إطالة أمد المراوحة الى ان تحين ساعة التغيير.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي