تركي العازمي / رمضان كريم يا سادة!

تصغير
تكبير
بعيداً عن أسئلة النواب الصعبة والسجال الدائر، وبعيداً عن أخبار تبدأ بـ «صرح مصدر مسؤول رفيع» والتعليقات الأخرى، نستقبل شهر رمضان الفضيل وتجنح الأوضاع إلى حيز التهدئة بعدما تهدأ الأنفس نوعاً ما بحكم من خالق الكون المولى عز وجل.
وفي شهر رمضان يحاول المسلم قدر المستطاع التحكم بأعصابه، وعادة ما يعود البعض هدانا وهداهم الله إلى الطريقة المتبعة نفسها وتزداد على أثرها الإفرازات السلبية، وهنا نود عرض موقف حصل أمام الفضيل بن عياض، لعلنا نجد منه استفادة تخفف من وطء بعض «العنتريات» التي يمارسها البعض على الساحة، والتي قد تسببت في إيقاع الأذى على من تتوجه له السهام المصوبة من أصحاب الحناجر التي ترغب في تأزيم المواقف ورفع حدة الاحتقان بين السلطتين.
فقد قال رجل عند الفضيل بن عياض: «إنا لله وإنا إليه راجعون»، فقال الفضيل : أتعرف معناها؟ من علم أنه لله عبد وأنه إليه راجع فليعلم أنه موقوف، والموقوف مسؤول، فليعد للسؤال جواباً.
قال الرجل: فما الحيلة؟ قال: يسيرة، تحسن في ما بقى (أي من عمرك) يغفر لك ما مضى، وإن أسأت في ما بقي أخذت بما مضى وما بقى.
هذا الموقف نحتاجه جميعاً، ففيه دلالة كاملة على وجوب مراجعة المواقف وما يبدر من من قول وعمل في كل موقف مررنا به، لعلنا حسب ما جاء من رد الفضيل بن عياض نحاول أن نحسن في ما بقي من عمرنا ليغفر الله لنا ما مضى.
إن الاعتراف بالخطأ والرجوع عنه فضيلة قمة في الشجاعة الأدبية، وقليل من إخواننا الذين يدركون حقيقة الآثار المترتبة على قولهم وفعلهم ويحكمون على الأمور من زاويتهم الضيقة، ونادراً ما نجد من يعتذر عن خطأ قد بدر منه... وإن الله يحب الخطائين التوابين. ولم يترك لنا القرآن الكريم ولا السنة النبوية أي جانب من جوانب الحياة إلا وتطرق إليها، ولكن نحن من جهل وابتعد عن أخلاق المسلم الحقيقي.
نسوق هذا الموقف بقصد النصيحة و«الدين النصيحة» مع حلول شهر رمضان المبارك، ونتمنى على الجميع التمعن في أحداث الحياة التي طوت فيها المقابر صفحات رجال كانت مليئة بالأحداث، وأصبحوا الآن تحت التراب وكل نفس محاسبة بما اقترفت في الحياة الدنيوية الزائلة... وإننا والله العظيم لضعفاء: فهل ندرك هذه الحقيقة؟
نعم... إننا بشر تحركنا مجريات الحياة ونتأثر وقد نميل مع العاطفة وهوى النفس الأمارة بالسوء، ولذلك ندعو المولى عز وجل أن يهدينا إلى ما فيه الخير لأنفسنا وأهلينا ومجتمعنا وبلدنا. فاللهم أعنا جميعاً على أنفسنا وهب ولاة الأمر البطانة الصالحة التي تعينهم على تحمل المسؤوليات الجسام لما فيه مصلحة البلد والعباد... أمين. والله المستعان.
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي