مع بداية تطبيق قانون تقنية المعلومات نكون قد أزحنا حالة «التيه العنكبوتية» نسبة للشبكة العنكبوتية التي بلغ أثرها حدا كبيرا...حتى الأطفال يتصفحون المواقع الإلكترونية من سناب شات ومواقع أخرى.
لو راجعنا النسيج الاجتماعي فإننا سنجد أن الفضاء التقني كان مفتوحاً للنفس البشرية وللثقافات ما صلح منها وما فسد وبالتالي فإن تطبيق القانون قد قنّنها وإن كنت أرى انها مقنّنة لو التزمنا بالحالة المعنوية السليمة.
تقول علوم المعرفة إن تركيبة الإنسان الثقافية تنعكس كالمرآة لتظهر طبيعة سلوك الفرد على حقيقته إما أخلاقياً أو غير أخلاقي.
الفرد? أي فرد? لديه قيم ومعتقدات تشكل ثقافته، وعندما يقدم على اتخاذ القرار بالموافقة أو الرفض لأي أمر ما، سواء على النحو اللفظي ( كتابة أو صوتاً ) فإنه ذاتياً يمرّ بحالة تعرف بالتسببية المعنوية «القياس المعنوي للأمور»( Moral Reasoning ) والتي حسب قيمه ومعتقداته التي اكتسبها يحدد الطريق أو القرار الذي يريد اتخاذه، فإن كان متطابقاً مع المعتقدات السائدة والمقبولة فإنه يعتبر شخصاً ذا أخلاقيات أي أنه «صحّ» وإن كان مختلفاً فإنه سلوكه يعتبر غير أخلاقي أي أنه «مخالف» للأعراف المعمول بها.
والآن.. إننا أمام قانون تقنية المعلومات ومواده واضحة تعتبر هنا بمثابة المعتقدات السائدة والمقبولة والتي لا يخالف عليها القانون بمعنى انها أخلاقية وأي انحراف في السلوك الذي أشرنا إليه فإنه سيواجه العقوبة المنصوص عليها.
مسألة تطبيق القانون على الجميع أمر مهم يطالب به كل عاقل والتأويل أو التبرير غير مستساغ على الإطلاق فكل فرد ممن أسرف في التجاوز وإيقاع الضرر إما معنوياً أو مادياً فعليه من الآن أن يعود للاتزان كي لا يقع بالمحظور.
منذ سنوات ونحن نتابع الأخطاء بعضها كسر السرية والخصوصية التي كفلها الدستور وجاء القانون ليحميها وبعضها فيه من الضرب من تحت الحزام تعرض له النسيج الاجتماعي وبعض الرموز المشار إليه هنا بالسائد المتعارف عليه !
وصلنا إلى حد فرغت جوانبه من أدنى القيم الأخلاقية وأعتقد أن القانون وإن جاء متأخرا فإنه توجهه مستحق فنحن أحوج إلى خروجه إلى حيّز التطبيق بعد أن ضاقت كلّ السبل في كبح جماح النفس البشرية فاسدة الهوى.
كنّا ومازلنا نطالب بحوكمة أخلاقية على المستوى المؤسسي لحماية الاقتصاد والنظام العام وحقوق الأفراد ومكتسباتهم ومنها جزئياً حوكمة تقنية المعلومات التي تم تطبيقها عبر قانون تقنية المعلومات.
لم أقرأ عن القانون بشكل أوسع? لكن المنشور عنه يفي بالغرض المطلوب كي «تركد» بعض المجاميع «الطائشة» التي لم تجد من يردعها حيث لا أخلاق ولا قيم لديهم? وإن كانت هناك ثغرات في القانون فأهل الخبرة من الاستشاريين القانونيين هم من يفيدوننا بذلك وبالتالي نستطيع إجراء أي تعديل عليه وفق القنوات الدستورية...المهم أن يوجد قانون ينظم طريقة تعاملنا تقنياً كي لا يقع الضرر على المؤسسات والأفراد من قبل البعض.
مما تقدم? نطالب الحكومة والمجلس والمختصين في إصدار قانون حوكمة خاص بالأعمال التجارية/المؤسساتية لضمان عدم الاحتكار لأي نشاط ويحمي المستهلك من قرارات متصلة بالسلع الرئيسية التي تعتمد عليها الأسرة إضافة إلى تقنين طريقة اتخاذ القرار من قبل المعنيين بإدارة شؤون مؤسساتنا العام منها والخاص كي لا يقع الضرر على العامل والمؤسسة على حد سواء... فالتنظيم مطلوب على مستوى أوسع وغير مقتصر على تقنية المعلومات إن كنا نريد أن ننعم بالاستقرار اقتصادياً واجتماعياً وعندئذ نستطيع أن نبلغ الحلم الكبير في تحويل الكويت إلى مركز مالي مع انه حلم صعب المراد. والله المستعان.
[email protected]