هناك من البشر ممن لا يكتفي بما لدينا من اختلافات في الرأي، بل هو يسعى إلى استيراد الاختلافات من الخارج، فما تكاد تحدث حادثة في دول الجوار إلا وننقسم إلى قسمين، قسم مع هذا الطرف، وآخر مع الطرف الثاني.
المملكة العربية السعودية الشقيقة طبّقت أحكاماً مستحقة على 47 من الخارجين على النظام، سنةً وشيعة، مواطنين ومقيمين، عرباً وغير عرب، وهو أمر أغاظ بعض الإيرانيين المتعصبين مذهبياً، فبادروا بالاعتداء على السفارة السعودية في طهران، وقنصليتها في مشهد، أمر استنكره الرئيس الإيراني حسن روحاني، وقدم اعتذاراً للأمم المتحدة عن هذا الفعل.
ولكن هناك عندنا من يأبى إلا أن يتكسب سياسياً من أي فعل. وأطلقت تصريحات سياسية شابتها الطائفية البغيضة، لذا كانت دعوة المهندس مرزوق الغانم رئيس مجلس الأمة لعقد جلسة سرية لمناقشة هذا الأمر مستحقة، وفي الوقت المناسب، خصوصاً بعد أن أيّد الغانم بيان الحكومة الكويتية ووزارة الخارجية من تصريحات بدعم المملكة العربية السعودية من إجراءات قامت بها، واستنكاره للاعتداء الذي حدث على سفارتها وقنصليتها بإيران. فَتَحْتَ قبة البرلمان من أراد من النواب أن «يفش خلقه» ويقول ما يشاء، شريطة عدم الإساءة لأي طرف من الأطراف، أو إصدار الاتهامات ضد زملائه النواب بالعمالة والطائفية وغيرها من مفردات بغيضة، وانعكاس ذلك على بقية المواطنين، فنحن «أهل قريّة وكل يعرف خيّه»، نعرف من يتمسك بالوحدة الوطنية، ومن يتظاهر بها زوراً.
السعودية دولة شقيقة، درع لنا عند الحاجة، وامتداد ولا غنى لنا عنها، وقواتنا البرية والجوية الآن في سمائها وعلى أرضها تذود عن حدودها دون منةٍ أو تباهٍ، ولسنا بحاجة إلى مزايدة، وإيران جارة مؤثرة ولها نفوذ كبير، وليس من مصلحتنا أو قدرتنا اكتساب عداوتها، فقد ذقنا في الثمانينيات من القرن الماضي ما كفانا، وما قامت به دولة الكويت من استنكار وشجب للتصرف الإيراني واستدعاء سفيرنا لديها، وتقديم رسالة احتجاج للسفير الإيراني في الكويت عن هذا العمل، أظنها كافية في الوقت الحالي، فالوضع في المنطقة خطير، والسعي لعقد مؤتمرات سلام ومصالحة، وليس من مصلحة أحد إشعال فتن وأزمات، كما حصل في العراق من اعتداء على رجال الدين، وإحراق للمساجد كردة فعل على هذا الحدث. وأن تكون الكويت طرفاً في المصالحة والتهدئة لا جزءاً من المشكلة والقضية أفضل لنا كثيراً.