التكنولوجيا... وهجرة الكتاب
سهيلة غلوم حسين
الكتاب كالبحر يغوص القارئ فيه الى الأعماق بحثاً عن الكنوز الثقافية ليخرج مثقلاً بفوائد الفكر الراقي الذي يسمو بصاحبه، ولا ريب أن القراءة من أجمل الهوايات التي تثري صاحبها بالإيجابيات العلمية التي تكتسب وفق مدى الاهتمام بها.
كما أن المطالعة حياة متكاملة تؤثّر في كافة جوانب التوعية، وغذاء النفوس وطب العقول وواسطة نقل المعارف والثقافات بين مختلف شعوب الأرض وإحدى أهم وسائل التقدم الحضاري، ولها أثر عظيم فى بناء وتنمية شخصية الفرد وهذا دور لا يستهان به في دعم وتحسين وتطوير المجتمعات في الدول برمتها.
وقراءة المزيد من الكتب تعمل على زيادة المحصلة اللفظية وتحسين مهارات التحدث، مما تمنح القارئ القدرة على التعبير بأساليب أكثر وعياً وثقافة، وتنمي قدرات التحدث والنقاش باستفاضة ما تجذب المتلقي للاستماع والإذعان، كما تشكل سلوكيات عالية الجودة لدى من يتمتع بهذه الثقافة لأنها ترفعه فوق الاهتمامات اليومية وتخلق منه شخصاً أكثر عطاء وإيجابية عن غيره ممن لايقرؤون.
وللقراءة أثر واضح على التخلص من الإجهاد والتوتر والأرق باعتبار المدمن على المطالعة يعي أهميتها في تنشيط الدماغ والذاكرة وتساعد على تحسين نوعية الحياة ولذلك ثبت أن من يقرأ أكثر يتقدم ويرتقي أكثر من الذين لا يولون هذه الناحية اهتماماً، ولعل من هنا جاءت تسمية المجتمعات بالمتقدمة والأقل تقدماً.
بدأ في الآونة الأخيرة الحديث عن احتمالية اختفاء الكتب الورقية لتحل مكانها التقنيات الإلكترونية، ورغم أن التكنولوجيا غيرت الكثير، وبدأت شيئًا فشيئاً تسيطر على جميع جوانب الحياة إذ أن كل يوم يتغير نمط من أنماط الحياة، والكتاب أحد المتأثرين بهذه التكنولوجيا، وبالرغم من أن أجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية الذكية وفرّت إمكانية الحصول على الكتب وقراءتها بالمجان بالطرق الإلكترونية، مما لم يجعل الحصول على الكتب أمراً صعباً وفرصة جيدة لهواة القراءة، إلا أن الكتاب الورقي من الأمور البدائية التي لا يمكن محوها فكل كتاب له جمهوره.
ثمة منافسة شرسة وصراع حقيقي بين الكتاب الإلكتروني والكتاب الورقي تلك المعركة التي يشعر معها الناشرون بالخطر الشديد على مستقبل الكتاب الورقي، حيث يخافون أن يفقد الكتاب الورقي المطبوع عرشه الذي تربع عليه لعقود طويلة نظراً لقدرة الكتاب الإلكتروني على عبور الحدود واختراق الحواجز، وربما التحدث بعدة لغات في وقت واحد.
إن الكتب والوسائل الإلكترونية الحديثة تستطيع أن تنفي أو تحجم دور الكتاب الورقي ولا يمكن لها أن تنافسه في نشر الثقافة العامة وغزارة المعلومات وكذلك لا يستطيع المفكرون والمثقفون الاستغناء عن الكتاب الورقي مهما تطوّرت وسائل المعلومات الحديثة الأخرى.
وبالرغم من أن عادة القراءة غاية في الأهمية في مختلف المراحل العمرية، إلا أن الاهتمام بها يكاد يكون معدوماً مما يشكل ظاهرة سلبية توثر في فاعلية التعليم وفي صقل القدرات والاستمرار في التعليم لما بعد التخرج، الأمر الذي ينبغي ضرورة إيجاد تعاون وثيق بين المدرسة كمؤسسة تعليمية والمكتبة كمؤسسة تثقيفية كمطلب أولي، من أجل تنمية القراءة كنشاط فكري متطور ومطوّر.
لا شك أن للعزوف عن القراءة النافعة عدة أسباب منها إدارية كعدم تنظيم الوقت، ومعرفة الأولويات وعدم اعتياد شغل وقت الفراغ بالقراءة، ومنها أسباب اقتصادية كارتفاع أسعار بعض الكتب أو الفقر أو قصور دخل القارئ، وبالتالي هناك أسباب تربوية حيث تغيب ثقافة الكتاب عن بعض البيوت والمحاضن التربوية، وإهمال الأسرة لغرس بذور المطالعة في نفوس أبنائها، وإخفاق المناهج الدراسية في تشجيع النشء على القراءة والاطلاع.
كما أن هناك أسباباً شخصية كالجهل والغرور وقصر النظر للنفس وضعف المستوى التعليمي، وأسباب ترفيهية فالبعض أن رفاهيته هي الأصل، وأسباب منفعية حيث يتصور لدى هذه الفئة أن لا فائدة من القراءة في ظل التقدم العلمي، عدا عن ظهور الوسائل الإعلامية الحديثة من تلفاز وفضائيات التي استهلكت حيزاً كبيراً من وقت الناس وأسهمت بشكل كبير في إقصاء الكتاب.
بمعرفة أسباب الظاهرة يسهل علاجها مع تكاتف وتضافر الجميع من معنيين وكل شخص للتشجيع على القراءة والتعود عليها والعمل على نشرها بين جميع فئات المجتمع.
ويكفي القراءة شرفاً والكتب مكانة أنها وراء كل مدير ورئيس في مكتبه، حتى لو لم يكن قارئاً فيها، ترى خلفه دواليب الكتب والمجلدات مرصوصة مصفوفة، ويكفيها أن يحرص الكثيرون من الأغنياء على عمل حجرة ودواليب مملوءة بالكتب كمظهر للرقي والحضارة والتباهي وهل بعد ذلك من شرف للكتاب والقراءة.
* كاتبة كويتية
[email protected]
انستغرام suhaila.g.h
تويتر suhailagh1
كما أن المطالعة حياة متكاملة تؤثّر في كافة جوانب التوعية، وغذاء النفوس وطب العقول وواسطة نقل المعارف والثقافات بين مختلف شعوب الأرض وإحدى أهم وسائل التقدم الحضاري، ولها أثر عظيم فى بناء وتنمية شخصية الفرد وهذا دور لا يستهان به في دعم وتحسين وتطوير المجتمعات في الدول برمتها.
وقراءة المزيد من الكتب تعمل على زيادة المحصلة اللفظية وتحسين مهارات التحدث، مما تمنح القارئ القدرة على التعبير بأساليب أكثر وعياً وثقافة، وتنمي قدرات التحدث والنقاش باستفاضة ما تجذب المتلقي للاستماع والإذعان، كما تشكل سلوكيات عالية الجودة لدى من يتمتع بهذه الثقافة لأنها ترفعه فوق الاهتمامات اليومية وتخلق منه شخصاً أكثر عطاء وإيجابية عن غيره ممن لايقرؤون.
وللقراءة أثر واضح على التخلص من الإجهاد والتوتر والأرق باعتبار المدمن على المطالعة يعي أهميتها في تنشيط الدماغ والذاكرة وتساعد على تحسين نوعية الحياة ولذلك ثبت أن من يقرأ أكثر يتقدم ويرتقي أكثر من الذين لا يولون هذه الناحية اهتماماً، ولعل من هنا جاءت تسمية المجتمعات بالمتقدمة والأقل تقدماً.
بدأ في الآونة الأخيرة الحديث عن احتمالية اختفاء الكتب الورقية لتحل مكانها التقنيات الإلكترونية، ورغم أن التكنولوجيا غيرت الكثير، وبدأت شيئًا فشيئاً تسيطر على جميع جوانب الحياة إذ أن كل يوم يتغير نمط من أنماط الحياة، والكتاب أحد المتأثرين بهذه التكنولوجيا، وبالرغم من أن أجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية الذكية وفرّت إمكانية الحصول على الكتب وقراءتها بالمجان بالطرق الإلكترونية، مما لم يجعل الحصول على الكتب أمراً صعباً وفرصة جيدة لهواة القراءة، إلا أن الكتاب الورقي من الأمور البدائية التي لا يمكن محوها فكل كتاب له جمهوره.
ثمة منافسة شرسة وصراع حقيقي بين الكتاب الإلكتروني والكتاب الورقي تلك المعركة التي يشعر معها الناشرون بالخطر الشديد على مستقبل الكتاب الورقي، حيث يخافون أن يفقد الكتاب الورقي المطبوع عرشه الذي تربع عليه لعقود طويلة نظراً لقدرة الكتاب الإلكتروني على عبور الحدود واختراق الحواجز، وربما التحدث بعدة لغات في وقت واحد.
إن الكتب والوسائل الإلكترونية الحديثة تستطيع أن تنفي أو تحجم دور الكتاب الورقي ولا يمكن لها أن تنافسه في نشر الثقافة العامة وغزارة المعلومات وكذلك لا يستطيع المفكرون والمثقفون الاستغناء عن الكتاب الورقي مهما تطوّرت وسائل المعلومات الحديثة الأخرى.
وبالرغم من أن عادة القراءة غاية في الأهمية في مختلف المراحل العمرية، إلا أن الاهتمام بها يكاد يكون معدوماً مما يشكل ظاهرة سلبية توثر في فاعلية التعليم وفي صقل القدرات والاستمرار في التعليم لما بعد التخرج، الأمر الذي ينبغي ضرورة إيجاد تعاون وثيق بين المدرسة كمؤسسة تعليمية والمكتبة كمؤسسة تثقيفية كمطلب أولي، من أجل تنمية القراءة كنشاط فكري متطور ومطوّر.
لا شك أن للعزوف عن القراءة النافعة عدة أسباب منها إدارية كعدم تنظيم الوقت، ومعرفة الأولويات وعدم اعتياد شغل وقت الفراغ بالقراءة، ومنها أسباب اقتصادية كارتفاع أسعار بعض الكتب أو الفقر أو قصور دخل القارئ، وبالتالي هناك أسباب تربوية حيث تغيب ثقافة الكتاب عن بعض البيوت والمحاضن التربوية، وإهمال الأسرة لغرس بذور المطالعة في نفوس أبنائها، وإخفاق المناهج الدراسية في تشجيع النشء على القراءة والاطلاع.
كما أن هناك أسباباً شخصية كالجهل والغرور وقصر النظر للنفس وضعف المستوى التعليمي، وأسباب ترفيهية فالبعض أن رفاهيته هي الأصل، وأسباب منفعية حيث يتصور لدى هذه الفئة أن لا فائدة من القراءة في ظل التقدم العلمي، عدا عن ظهور الوسائل الإعلامية الحديثة من تلفاز وفضائيات التي استهلكت حيزاً كبيراً من وقت الناس وأسهمت بشكل كبير في إقصاء الكتاب.
بمعرفة أسباب الظاهرة يسهل علاجها مع تكاتف وتضافر الجميع من معنيين وكل شخص للتشجيع على القراءة والتعود عليها والعمل على نشرها بين جميع فئات المجتمع.
ويكفي القراءة شرفاً والكتب مكانة أنها وراء كل مدير ورئيس في مكتبه، حتى لو لم يكن قارئاً فيها، ترى خلفه دواليب الكتب والمجلدات مرصوصة مصفوفة، ويكفيها أن يحرص الكثيرون من الأغنياء على عمل حجرة ودواليب مملوءة بالكتب كمظهر للرقي والحضارة والتباهي وهل بعد ذلك من شرف للكتاب والقراءة.
* كاتبة كويتية
[email protected]
انستغرام suhaila.g.h
تويتر suhailagh1