تجاوزت في 2015 «الأكشن» والخيال العلمي

السينما العالمية... غابت التُحف الفنيّة وأفلام القضايا

تصغير
تكبير
كلما ساد الاعتقاد أن الفن السابع يتراجع أمام هجمة الفضائيات، عاودت الأفلام فرض حضورها وقوتها وفعاليتها في حياة الناس على نحو كاسح، وإذا بالمهرجانات السينمائية تتضاعف وتشهد حشداً فنياً إعلامياً وجماهيرياً، بينما النجوم يصير لهم وزن ولمعان كلما تألقوا في الأفلام على تنوعها.

الأفلام الأجنبية لها دائماً طعم خاص أولاً وأخيراً لجودة صورتها ونظافتها والقدرة الغريبة على الإقناع أياً كان الموضوع، وتحديداً الجرأة حين يتعلق الأمر بالسير الذاتية لكبار من العالم، كما الحال مع ستيف جوبس الذي قدّمه فيلم سينمائي أباً سيئاً ولا إنسانية إطلاقاً عنده تجاه ابنته الوحيدة، بينما عندنا أزيل ذكر المطربة أسمهان من حلقات «أم كلثوم» بناء على إلحاح الورثة.

والذي لاحظناه من رصد أفلام العام المنصرم، أنها زادت من نسبة الأفلام الاجتماعية بشكل لافت، مع جرعات عاطفية من الأشرطة التي تحكي عن علاقات طويلة الأمد بين الجنسين، توحي بأن هناك رغبة عند جهات الإنتاج للإيحاء بأن هناك فسحة كافية للحب الحقيقي بدلاً من الأجواء السلبية التي تتناقلها الوكالات والحكايات عن حالات طلاق عالية، وعن تحول جنسي عند طرفي الحياة.

مع مراجعة أبرز ما عرفه العام الماضي، توقفنا عند 12 فيلماً اعتبرناها الأفضل من دون أن يعني ذلك تقديرنا للباقي على أنه سيّئ، بل اعتمدنا على مبدأ ما يبقى في الذهن بعد انقضاء عام ومجيء آخر.

معظم المواقع الإلكترونية المعنية بالسينما اختارت فيلم «Room» في المرتبة الأولى لما يتضمنه من شحن عاطفي صادق بين ممثلين رائعين، الطفل جايكوب ترامبلي في دور جاك ابن الخمس سنوات، وأمه الشابة بريت لارسون (26 عاماً)، يديرهما المخرج الإيرلندي (مواليد دبلن) ليني أبراهامسون (48 عاماً) على مدى ساعتين رائعتين من الأداء الرفيع لجايكوب. من يتابعه يتصور أنه أمام رجل خمسيني وليس طفلاً في الخامسة من عمره فقط. خاطف يحتجزهما في منزل اصطناعي مؤلف من غرفة واحدة، ويؤمن احتياجاتهما الرئيسية يومياً من دون معرفة هدفه النهائي.

تعدّ الأم ابنها لتمثيل دور المريض عسى يرق قلب الخاطف فيحمله إلى أقرب مستشفى لكي يهرب ويبلغ الشرطة عن حاله، لم تنجح الخطة، ولم يكن منها سوى تقديمه جثة لكي يرميها، فتلفه في حصيرة وتوجيهه كيف عليه القفز من صندوق الشاحنة الصغيرة للخاطف عند أول إشارة طريق حمراء. ينفذ جاك التعليمات وينجح في الاستغاثة والفوز بمنقذ اتصل بالبوليس، فوصلت على الفور دورية دلّ أفرادها على مكان احتجاز والدته، فيحررونها، وتنقل مع جاك إلى مستشفى، ثم ينتقلان بناء على رغبة الأم إلى منزل ذويها حيث يتأقلم جاك، لكن أمه تنتابها نوبات عصبية وتحاول الانتحار.

فيلم (ذيب) أول عمل روائي طويل للمخرج الأردني المولود في لندن العام 1981. ناجي أبو نوار الفيلم حاز تقديراً من مهرجان البندقية، ثم تنقل بين المهرجانات حاصداً تقديرات بالجملة. الفيلم يرصد حياة ذيب (ياسر عيد) الفتى الذي عاش العام 1916 في صحراء الأردن إبان توزع المنطقة بين العثمانيين والإنكليز. شقيقه حسين (حسين سلامة) درّبه على إطلاق النار ومواجهة المصاعب.

وعندما يتعقّب حسين أحد أقاربه الذي خرج برفقة جندي إنكليزي (جاك فوس) بحثاً عن مكان طلبه الأخير، يفاجئهم مسلحون يقتلون الجميع إلا ذيب الذي يعرف كيف يحمي نفسه، برفقة جريح من المسلحين ويشهدان معاً مرور أول قطار في المنطقة. إشارة إلى أن الفيلم بات مع 8 أخرى في انتظار مسابقة الأوسكار على أفضل فيلم ناطق بغير الإنكليزية.

وعرض فيلم «WHIPLASH» في فبراير الماضي بعدما نال بطله جوناثان كيمبل سيمونس عن دور فليتشر أوسكار أفضل ممثل، في دور يستحيل أن يمر من دون علامة عميقة في الذاكرة... إنه المايسترو السادي الذي دأب في التركيز على موهبة العازف الموهوب آندرو (مايلز تيلر)، الذي تحمّل مزاجية وعصبية وجنون فلاتشر. هذه السادية كانت سبب الخلاف مع آندرو الذي ظل متماسكاً رافضاً لمبدأ الصدام مع فلاتشر، إلى أن انفجر في وجهه كالقنبلة إثر النزيف في كفيه من شدة التركيز على الضرب، دونما انتباه إلى المخاطر التي تنتظره بعدها. وبالرغم من كل ما عاناه الشاب، فإن المايسترو ظل غير راض عن نتيجة الأداء الذي وصفه بالبطيء، فما كان من آندرو إلا أن هاجمه على المسرح لخنقه.

دعوى قانونية تبعد المايسترو عن المسارح ليلتقيا بعد أشهر ويقبل آندرو في العزف معه ويفاجأ على المسرح بأن المايسترو يعزف مقطوعة غير التي اتفقا على عزفها. فما كان من العازف إلا أن راح يعزف على هواه ومن دون تعليمات المايسترو. الفيلم أنتج بميزانية متواضعة بلغت 3 ملايين و300 ألف دولار، جنى ثلاثة أضعافها بعد ثلاثة أشهر.

أما شريط «TIMBUKTU»، فهو جميل ومعبّر ورائع، أخرجه الموريتاني العالمي عبدالرحمن سيساكو وكان مرشحاً قوياً للفوز بأوسكار أفضل فيلم أجنبي غير ناطق بالإنكليزية.

غاية إنجاز هذا الفيلم هي التأكيد على أن المسلمين أنفسهم هم أول من يعارض التكفيريين، وقد كتبه سيساكو بالتعاون مع الكاتبة كيسين تال، واختيرت مواقع في موريتانيا والأردن للتصوير حيث تعذر العمل في مالي لصعوبة الأوضاع الأمنية مع قيام عناصر من القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بتدمير كل معالم التاريخ والدين والحضارة في مدينة تمبكتو. أهمية الشريط في موضوعيته وإظهار جثث تحت لافتة «الأحكام الشرعية».

ومن خلال «Khalil Gibrans: The Prophet»، خاضت النجمة اللبنانية الأصل سلمى حايك مجال الإنتاج كرمى للأديب الكبير جبران خليل جبران الذي تعرفه أميركا أكثر من لبنان وقدمت كتابه «النبي»، في عمل كرتوني رائع اشتغل عليه عشرة مخرجين بينهم روجر آلرز الذي كتب النص استناداً إلى كتاب جبران وقد راجعته هانا ويغ، أما القصة والحوار فقد راجعهما دوغلاس وود. سلمى ذهبت إلى بيروت وشهدت العرض الأول للشريط وعقدت مؤتمراً صحافياً هناك، وكذلك فعلت عند حضورها عرضه في مهرجان أجيال السينمائي في الدوحة. أما الموسيقي اللبناني العالمي غبريال يارد، فصاغ الموسيقى للفيلم.

فيلم «The Age of Adaline» مختلف، جميل ومتدفق الأفكار. عن آدلن مومان (لافلي جونز) التي تعرضت لحادث قوي سقطت خلاله في المياه وماتت، لكن صاعقة قوية جداً ضربت المنطقة فأشعلت بقوتها كامل أعصاب أدلين وجعلتها تتنفس مجدداً وتعود إلى الحياة. ما حصل منحها خصوصية عدم التقدم في السن بعد ذلك، لتبدأ مشاكلها مع من تزوجت منهم ومن أنجبتهم. مع مايكل هوسمان، هاريسون فورد، إيلين بيرستين، كاثي بيكر، وليندا بويد. يديرهم المخرج لي تولاند كريغر عن سيناريو لجي مايلز غودلو، وسلفادور باسكويتز.

«Big Game» عمل مصاغ بطريقة لافتة، تكلف ثمانية ملايين ونصف المليون دولار، نص وإخراج جالماري هيلاندر، عن فتى فنلندي يدعى أوسكاري (أوني توميلا) يعثر في الغابة القريبة من منزله على رجل داخل مركبة صغيرة، خاصة بحماية الرئيس الأميركي من الأذى، وبالتالي فالمركبة بداخلها الرئيس نفسه (يؤدي دوره صموئيل. ل. جاكسون) الناجي من محاولتي اختطاف واغتيال، خطط لهما المسؤول عن أمنه الشخصي موريس (راي ستيفنسون)، ويدخل على الخط فريق مسلح بقيادة الخليجي هزار (أدريان كان). والنهاية طبعاً معرفة البنتاغون بمكان الرئيس ووصول قوة كبيرة لاستعادته.

ويعالج فيلم «The 33» الواقعة الحقيقية التي عاشتها تشيلي، عندما علق 33 عامل مناجم على عمق 700 متر تحت الأرض مدة 69 يوماً، ثم أخرجوا بواسطة مركبة صغيرة على شكل أنبوب رفيع اتسع لشخص واحد في كل شحنة، إلى أن تم إنقاذ الجميع. الفيلم صوّر في نيموكون (كولومبيا) في 120 دقيقة على الشاشة، بإدارة المخرجة باتريسيا ريغان عن نص تعاون عليه ميكو آلان، كريغ بورتن ومايكل توماس، عن قصة سينمائية لخوسيه ريفيرا عن كتاب «Deep Down Dark» لهكتور كوبار. وفي الدورين الرئيسيين أنطونيو بانديراس، وجولييت بينوش (بديلة لجنيفر لوبيز).

وعن مخترع الكومبيوتر المعروف، صوّر فيلم «Steve Jobs» في سان فرنسيسكو بميزانية 30 مليون دولار، الإخراج لداني بويل وهو كان معقوداً لديفيد فينشر الذي طلب عشرة ملايين دولار كأجر، واختار كريستيان بال للدور الرئيسي، أما بويل فاختار ليوناردو دي كابريو، ثم استقر الرأي على مايكل فاسبندر وكان رائعاً، مع كايت وينسليت، سيث روغن، وجف دانيالز. النص مباشر تضمن الكثير من السلبيات عن جوبس، منها عدم اعترافه بابنته، ورفضه تقديم بدل النفقة لزوجته وابنته.

ووقّع ستيفن سبيلبيرغ فيلم «Bridge of Spies» وصوّره في بوتسدام بألمانيا، بميزانية 40 مليون دولار وخلال شهر من عرضه الأميركي جنى حتى 20 نوفمبر الماضي أكثر بقليل من 65 مليون دولار، عن نص للأخوين إيتان و جويل كوين، ومات شارمان، وللمرة الأولى لا يكون معه المؤلف الموسيقي الراحل جون ويليامس. لذا استعان بتوماس نيومان، وتصدّر فريق الممثلين توم هانكس في شخصية جيمس بي دونوفان ومعه آلان آلدا، مارك ريلانس، ودومينيك لومباردوزي. عن محام استغلته «سي آي إي» إبان الحرب الباردة بين أميركا والاتحاد السوفياتي لمبادلة جاسوس، بطيار أميركي أسقطت طائرته.

أما شريط «In The Heart of The Sea»، فهو ضخم، مؤثر وعميق مع المخرج الرائع رون هاوارد في 121 دقيقة، باشرت أميركا عرضه في 11 ديسمبر 2015، تجري أحداثه العام 1820 مع بحارة يصارعون البحر وحيتانه طوال 3 أشهر، سعياً وراء الفوز بزيته المفيد جداً في الإضاءة. حوت عملاق يدمر السفينة الرئيسية وبعض ملحقاتها الصغيرة، ويترك مجموعة صغيرة تائهة في المحيط وعند الجوع القوي اضطر الرجال لأكل بعضهم البعض.

وأخيراً فيلم «Une Histoire De Fou» للأرمني روبرت غيديغيان صوّره بين مرسيليا، أرمينيا و لبنان، يشارك فيه اللبنانيان رزان جمال (دور رئيسي: أناهيت) وعمر ميقاتي (لقطة واحدة كسائق تاكسي – دور لا يليق)، بينما الدور الأول لسيروس شهيدي في دور آرام الذي يلتحق بالعمل العسكري ضد الأتراك ومصالحهم، ثم يتركه، لذا يقتله أحد رفاق السلاح. النص وضعه المخرج مع جيل توران، وكان جريئاً، متوازناً و صادقاً.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي