رثاء / أمي... قسماً لم ترحلي

تصغير
تكبير
منذ عام رحلت، وباتت كل فرحة من دونك مهما عظمت صغيرة، وبات كل حزن مهما صغر كبيراً، من دون أن تعلمي أنك رحلت ولكنك لم ترحلي.

منذ عام غادرت، من دون استئذان، من دون وداعٍ، من دون وجع، من دون آهات، من دون إزعاج، من دون إشارات، منذ عام غادرت ولكنك لم تغادري.

منذ عام ذهبت إلى عالم آخر، عالم آخر أتساءل في كل لحظة ما أحوالك فيه، هل أنت مرتاحة، هل تأكلين، هل تهتمين بنفسك، هل يزعجك أحدهم، هل تعتبين على أختي لينا لعدم زيارتك، هل مازلت على اهتمامك بدينا أحوالها وأولادها، هل تسألين عن سهيل وعائلته، هل تحرصين على عدم إزعاج أسامة؟ منذ عام ذهبت إلى عالم آخر ولكنك لم تذهبي.

منذ عام، انتقلت إلى مكان آخر برعاية الرحمن، من دون أن تعرفي أن كل لحظة تمر بغيابك باتت لحظات، وكل ساعة أصبحت ساعات، وكل يوم تحول إلى أيام، منذ عام انتقلت إلى مكان آخر ولكنك لم تنتقلي.

منذ عام، أصبحت كل شيء وأنت دائماً وأبداً كل شيء، ومحور كل شيء... أصبحت نقطة ضعفي ولم تكوني يوماً إلا نقطة ضعفي، وأمسيت فرحتي الناقصة وأنت بالأساس فرحتي إلى الأبد.

منذ عام وأنا أتظاهر أن كل شيء على ما يرام ولكن العكس هو كذلك، وأنا أنتظر حلول المساء لأسهر على صورك وأحدثك وأبكيك، وأنا أشغل نفسي لأتناسى، ولكن عبثاً وهل أنسى من تحت قدميها الجنة.

منذ عام لم يعد لأي شيء قيمة، لم يعد لأي أمر أهمية، لم يعد لأي نجاح بسمة، لم يعد لأي ابتسامة معنى، لم يعد لأي ضحكة ضرورة.

منذ عام رحلت والحزن مع مرور الأيام يكبر، والندم يزيد وعتاب النفس يتعاظم، كيف لا وأنا الذي أجّلت الاتصال الأخير معك إلى اليوم التالي، ذلك اليوم الذي منيت فيه النفس بسماع صوتك فصدمني خبر رحيلك.

منذ عام رحلت أمي ولكنك تعرفين أنك معي، أنك معنا، أنك محور تفكيري وأخي وأخواتي، منذ عام رحلت عنا جسداً، ولكنك قسماً لم ولن ترحلي.

أمي ستبقين نقطة ضعفي إلى الأبد.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي