نسمات

لنفترض بأن نفطنا قد تبخّر!

تصغير
تكبير
بصراحة، نحن كمواطنين عاديين نقبض رواتبنا من الحكومة لا نشعر بما يجري حولنا من اضطرابات مالية وصلت للعظم، فما دام الراتب لم يمس فماذا يضيرنا من هبوط أسعار النفط من أكثر من مئة دولار إلى أن وصلت للعشرينات، بل على العكس فقد انعكس ذلك الهبوط على كثير من السلع والخدمات وعلى أسعار الأراضي السكنية التي بدأت أسعارها بالتزحزح ببطء بعد أن وصلت إلى أسعار خيالية لا تحصل في أغنى البلدان، وانعكس ارتفاعها على ذلك المواطن البسيط الذي أصبح يقتطع من دمه لكي يوفر أرضاً بسيطة للسكن، وكذلك في ايجارات الشقق السكنية، وفي زحمة الشوارع داخل المناطق النموذجية والسبب هو حرص أعداد كبيرة من المواطنين على تحويل بيوتهم السكنية إلى شقق للايجار، حيث يربحون من ورائها أموالاً طائلة!!

فهل ذلك الوضع الذي استيقظنا عليه وضع طبيعي، وهل كان يمكن استمراره فيما لو بقيت أسعار النفط على ما هي عليه قبل عام ونصف العام؟! ولماذا يقتطع الكويتي من اللحم الحي لكي يسدد تلك المبالغ الباهظة لتوفير بيت السكن لأهله في ظل عجز الحكومة عن كسر شوكة ذلك الارتفاع المصطنع أو توفير المساكن الكافية للمواطنين؟!


أنا لست متخصصاً في الاقتصاد ولكني أعلم بأن هبوط أسعار النفط قد أنقذنا، وأن العجز المالي الذي تواجهه الحكومة في الميزانية والذي تم تقديره بأقل من تسعة مليارات دينار هو حجم الأموال التي أنفقها المواطنون لشراء جزء من العقارات وغيرها!!

لكن السؤال الـمُلح الذي لابد أن نفكر فيه إذا ما استمر ذلك الهبوط لأسعار النفط واضطرت الكويت لسحب الأموال من احتياطيها الذي قامت بجمعه عشرين سنة، ثم اضطرت لاتخاذ سياسة تقشفية صارمة لتوفير الأموال!! لا شك أن ذلك إذا ما حصل سيضطرنا إلى القبول بفرض ضرائب كبيرة على الدخل وعلى نشاطاتنا التجارية، وسيضطرنا إلى دفع مبالغ أكبر على الكهرباء والماء والوقود، ثم لابد أن يصل ذلك التقشف إلى تقليل قيمة صرف الدينار الكويتي ثم إلى تقليل الرواتب مثلما فعلت بقية الدول التي عانت عجزاً في ميزانياتها، فهل نحن مستعدون لتلك المرحلة وهل سيتحول صمتنا وبحثنا عن المغانم من خلال هبوط أسعار النفط إلى انتكاسة حقيقية ومأتم وعويل؟!

مع اننا لا نتمنى أن نصل إلى تلك المرحلة، ولكن لابد من الاستعداد النفسي لها ويجب ألا نمني أنفسنا بأن ترتفع أسعار النفط كما كانت سابقاً، وبسرعة تمنعنا من الاقتراض ومن تخفيض الرواتب!!

ولابد من أن تبدأ الحكومة بقيادييها وأن تتجنب الإسراف، فما رأيناه في افتتاح استاد جابر من إسراف لا مبرر له، حتى وإن كان هدفه إسكات من يطعنون في الرياضة الكويتية، لكنه يوحي إلى الشعب بأن الدنيا بخير وأن حكومتنا «ما يهزك ريح»، وما نراه من احتفاليات كثيرة لا مبرر لها، ولابد بعدها من حملة للتوعية بأهمية ترشيد الانفاق والتوقف عن شراء الولاءات عن طريق العلاج في الخارج ورحلات النواب السياحية والرشاوى!!

بعد أن نقوم بكل ذلك ونقتطع من الشحم الزائد، فلا ما نع من أن نبدأ باللحم الحي ونطالب الجميع بالتعاون مع الحكومة كما فعلت اليونان عندما حاصرتها سكاكين الدائنين!!

أما القضية الأهم والتي بحت حناجر المخلصين من كثرة تكرارها فهي إيجاد بدائل للنفط، فهذه السلعة الزائلة إن بقيت معنا سنوات فإنها لابد لها من زوال، وعيب أن نتنادى بإيجاد البدائل لها منذ عقود ثم نقف مكانك سر!!

د. وائل الحساوي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي