يعقوب العوضي / الدفاع القبلي

تصغير
تكبير
انبرى البعض مدافعاً عن السيد وزير النفط والكهرباء محمد العليم مأخوذا بالاعتبار القبلي من دون النظر إلى المصلحة الوطنية والشعبية، وقال في معرض دفاعه عنه منتقداً أعضاء من قبيلته يمثلون الشعب في مجلس الأمة بأنها وقفت موقف المتخاذل في الدفاع عن «ابن عمهم». وكأن الزعيم في عرفه هو فزعة يجب أن تتكاتف القبيلة كلها في الدفاع عن أبنائها سواء كانوا ممثلين للشعب في مجلس الأمة أو ممثليه في المجلس البلدي أو في بقية مراكز الدولة، كما ثنى على هذا الموقف «السلبي» بموقفه الذي اعتبره ايجابياً فيما يتعلق بأحد المقاهي المعيق لاستمرار بناء الدائري الأول الذي يخدم الكويت بأسرها ولا يخدم المصلحة المادية لصاحب المقهى فقط، وانتقد أحد نواب مجلس الأمة الذين هاجموا بقاء المقهى من دون إزالته، باعتباره عائقاً لهذا الطريق الحيوي للجميع، وقال عن النائب الذي طلب إزالة المقهى بأنه ينظر إلى الناس بمنظور طبقي ونفسي.
وياليت يشرح لنا هذا البعض موقفه هذا من وزير الطاقة وصاحب المقهى المنتمين إلى قبيلته ويفسر منظوره من هذين الموقفين اللذين اتخذهما تجاههما؟
ما نعرفه عن المجتمعات أن الذين يتصدون للعمل العام يجب عليهم أن يتحملوا ما يواجههم من انتقادات وآراء وتصرفات ليس من المفترض أن ترضى عنها الشعوب ويستسيغها المواطنون كلهم، فالمقهى عائق في طريق انجاز الدائري الأول العام لخدمة البلاد كلها، وتصرفات السيد وزير الطاقة في شأن المصفاة الرابعة غير قائم على أساس قانوني سليم ولا يصب في المصلحة العامة، وهذان الأمران لا يستدعيان الفزعة القبلية التي يطالب بها البعض في أن تقوم بها قبيلته مستنفرة منتسبيها للدفاع عن بعض أفرادها، فالبعض يتضح من تصريحاته بأنه يعمل من هذا المنطلق القبلي الضيق الذي لا يمكن أن يرتضيه بقية أفراد الشعب الكويتي، كما اتضح ذلك جليا من أحاديثه للصحافة، ونفيه في دفاعه عن الوزير بأنه ليس لغرض مادي، فهذا التصريح لا يؤثر في عدم شفافية قوله، بل ينحى لتأكيد وكسب ود المترددين مثله في سعيهم لتحقيق مصالحهم الذاتية، فالأعمال العامة في الوطن ليست مقصورة على المصلحة الطائفية والقبلية والعائلية، بل هي شاملة للناس كلهم وللوطن في بداية كل انجاز وكل تصرف وقرار، والناس لم تعد في ظل العلم والثقافة والتطور والوعي السياسي، عدم الانصات إلى مثل هذه التصريحات والأحاديث المصلحية التي تعوزها الصدقية والمعايير والقيم التي ترفع من شأنها بين المواطنين، والكف عنها هو ما يخلق الحق لصاحبه ويجعله جديرا بالاحترام والتقدير من الجميع طالما انه يمثل الناس كلهم، وإذا لم يستطع الفرد القيام بالدور المطلوب منه شعبيا، فالتنحي هو أولى به من أن يشغل حيزه، والمخلصون لم تزل البلد تزخر بهم، وخدم المصالح العامة كثيرون للقيام بخدمة الشعب كله، وليس أفرادا قليلين ينتمي اليهم وينتسبون اليه، فالبلاد للكل والمواطنون يجب أن يخدمهم العاملون كلهم في الدولة، والمصلحة العامة فوق الاعتبارات كلها وليست خاصة بجزء منه.
يعقوب العوضي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي