بعدما قضت المحكمة بعدم دستورية بند «الحصول على الشهادة الثانوية لممارسة المهنة»

مكاتب الخدم تنتصر «دستورياً» على قانون العمالة المنزلية الجديد

تصغير
تكبير
انتصر أصحاب مكاتب استقدام العمالة المنزلية «دستورياً» على قانون العمالة المنزلية الجديد، بعدما قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية البند «3» من المادة «2» من القانون 68/‏ 2015 التي تشترط بصاحب المكتب أن يكون حاصلاً على شهادة الدراسة الثانوية.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها، إن الشروط التي يتطلبها المشرّع لمزاولة أي مهنة بذاتها لا يجوز تقريرها بعيداً عن متطلبات ممارستها، بل يتعين أن ترتبط بها عقلاً، وأن يكون فرضها لازماً لأداء المهام التي تقوم عليها ملتئماً مع طبيعتها.


وكان أصحاب 19 مكتباً من مكاتب استقدام الخدم قد أقامت طعناً مباشراً بعدم دستورية الفقرة الثالثة المذكورة سابقاً، وجاء في وقائع الحكم أن الطاعنين أقاموا طعناً بطريق الادعاء المباشر بموجب صحيفة أودعت إدارة كتاب هذه المحكمة بتاريخ 22 أكتوبر الماضي، طالبين في ختام تلك الصحيفة القضاء بعدم دستورية نص البند (3) من المادة (2) من القانون رقم (68) لسنة 2015 في شأن العمالة المنزلية، على سند من القول بأنهم قد باشروا نشاطهم في استقدام العمالة المنزلية منذ ما يزيد على (23) عاماً في ظل المرسوم بقانون رقم (40) لسنة 1992 بشأن تنظيم مكاتب تشغيل الخدم الخصوصيين ومن في حكمهم، وقد فوجئوا بصدور القانون رقم (68) لسنة 2015 في شأن العمالة المنزلية متضمناً شرطاً جديداً في البند (3) من المادة (2) منه مؤداه وجوب أن يكون طالب الترخيص لمزاولة مهنة استقدام العمالة المنزلية من الخارج حاصلاً على شهادة الثانوية العامة، وهو شرط يفتقد الموضوعية، وغير مبرر، ومنعدم الصلة بطبيعة النشاط، ويخل بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص المكفول دستورياً، بالإضافة إلى إهداره لحقوق المراكز القانونية المستقرة.

وفي حيثيات الحكم قالت المحكمة إن المادة (2) من القانون رقم (68) لسنة 2015 في شأن العمالة المنزلية تنص على أنه «يشترط لإصدار وتجديد ترخيص مزاولة مهنة استقدام العمالة المنزلية من الخارج الشروط التالية (.... 3 - أن يكون حاصلاً على شهادة الثانوية العامة، وأن يكون لائقاً صحياً بألا تكون لديه إعاقة تعجزه عن العمل .....)

وحيث إن مبنى النعي على نص البند (3) من المادة (2) من القانون رقم (68) لسنة 2015 - المطعون عليه حسبما ورد بصحيفة الطعن - أن هذا النص قد جاء متضمناً اشتراط الحصول على شهادة الثانوية العامة للحصول على ترخيص مزاولة مهنة استقدام العمالة المنزلية من الخارج، وهو شرط يمثل إخلالاً بمبدأ المساواة والعدل والحرية وتكافؤ الفرص للمواطنين المنصوص عليها في المواد (7) و(8) و(29) من الدستور، إذ أتاح لمن يحمل المؤهل المذكور ممارسة نشاط استقدام العمالة المنزلية من الخارج، وحظره على من لا يحمله، دون مبرر موضوعي، رغم أن طبيعة عمل هذه المكاتب لا تستلزم الحصول على مؤهل لممارستها، فهو مجرد نشاط تجاري يُمارس طبقاً لقواعد اقتصاد السوق الحر، مما يكون معه تقييد هذا النشاط باشتراط الحصول على شهادة الثانوية العامة أمراً ينافي قواعد العدالة والمساواة، خاصة لمن اكتسبوا مراكز قانونية مستقرة على مدى سنوات عديدة، وإن أعمال هذا الشرط سيفضي إلى اغلاق هذه المكاتب ويكبدها خسائر فادحة مع تشريد العاملين بها دون سند.

وحيث إن الشروط التي يتطلبها المشرع لمزاولة حرفة أو مهنة بذاتها، لا يجوز تقريرها بعيداً عن متطلبات ممارستها، بل يتعين أن ترتبط عقلاً بها، وأن يكون فرضها لازماً لأداء المهام التي تقوم عليها ملتئماً مع طبيعتها، مبنياً عن صدق اتصالها بأوضاعها، وإلا كان تقرير هذه الشروط انحرافاً عن مضمونها الحق، كما يجب ضمان الشروط التي يكون أداء العمل في نطاقها مُنصفاً، ولإقرار شرعية شرط المؤهل يتعين أن يقوم الدليل على اتصالها بطبيعة المهنة ذاتها وما يكون لازماً عقلاً ومنطقاً لممارستها مرتبطاً بجوهر خصائصها، وصور التمييز التي تناهض مبدأ المساواة أمام القانون المنصوص عليه في الدستور، وإن تعذر حصرها إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التي كفلها الدستور أو القانون وذلك سواء بإنكار أصل وجودها أو تعطيل أو انتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين للانتفاع بها، وحيث يرد النص الآمر مقيداً لحرية نشأت في أصلها طليقة، ومنتقصاً من مقومات الأصل فيها كمالها.

متى كان ذلك، وكان من المقرر أن حق العمل واختيار نوعه لا يجوز المساس به أو تقييده بأي قيد ما لم يستنهض لذلك توافر ضرورة اجتماعية ملحة تجيز ايراد التنظيم والترشيد لهذا الحق وفاء لأداء دوره الاجتماعي، وبما لا يؤدي إلى اهداره أو إفقاده جوهر مقوماته الأساسية، بما يعني أن ايراد المشرع لقاعدة آمرة قد تنال من حرية المواطن في العمل يصبح رهيناً في شرعيته الدستورية بحدود تلك القاعدة ومدى تعارضها مع الحقوق المقررة بالدستور ومدى الحاجة لها، فإن انتفت هذه الضرورة عُدت القاعدة الآمرة اعتداءً على إرادة المواطن وحقه في اختيار نوع العمل الذي يريد أن يمارسه.

ولما كان حق العمل في اختيار نوعه حقاً دستورياً ألا تصادر الدولة حرية الفرد في اختيار نوع العمل في ميدان النشاط الحر ابتداءً، ولا تفرض من القواعد ما يحد من هذا الحق، وألا يكون تدخلها في تقنينه إلا نزولاً عند حاجة ملحة يقتضيها النظام العام أو الحفاظ على الأمن الاجتماعي وحماية الحقوق الدستورية الأخرى.

وحيث إنه بتقصي التطور الذي طرأ على التنظيم القانوني للعمالة المنزلية، يبين أن القيد الذي استحدثه المشرع باشتراط الحصول على مؤهل الثانوية العامة لم يكن مقرراً من قبل في القانون السابق برقم (40) لسنة 1992، ولا يتصل بمتطلبات قيام نشاط استقدام العمالة المنزلية، وغير متفق مع طبيعتها، كما لا تظاهره ضرورة حقيقية تسوغه وتكون علّة لتقريره ومناطاً لشرعيته، ليغدو معه النص الطعين تدخلاً تشريعياً آمراً في إرادة أصحاب هذه المهنة ليمنعهم من مزاولة نشاطهم، لم تقضه أي مبررات، وبهذا يكون قد انطوى على مساس بالحق في العمل وتمييز تحكمي منهي عنه لا يستند إلى أسس موضوعية، وإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص بالمخالفة للمواد (7) و(8) و(29) و(41) من الدستور، ومن ثم فقد حق القضاء بعدم دستوريته.

حيثيات الحكم:

• طبيعة عمل مكاتب استقدام الخدم لا تستلزم مؤهلاً علمياً لممارستها

• اشتراط الشهادة في هذه المهنة ينافي قواعد العدالة والمساواة

• شروط مزاولة أي مهنة لا يجوز تقريرها بعيداً عن متطلبات ممارستها

• الشرط الحكومي مساس بالحق في العمل وتمييز منهي عنه
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي