ترشيح فرنجية رئيساً ... الصواب والخطأ في الجدّي وغير الرسمي (1)
محمد عبدالحميد بيضون
سليمان فرنجية
إلياس أبو عاصي
أنطوان حداد
وضعت مبادرة الرئيس السابق للحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري «الجدية ولكن غير الرسمية» حتى الآن، عبر طرْح اسم زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، الملف الرئاسي على نار حامية بعدما كانت تقدّمت عليه في وقت سابق عناوين أخرى أبعدته عن واجهة الاهتمام. وجاءت مبادرة الحريري «المفاجئة» لتوحي بخلط أوراق يعصف بمعسكريْ 8 و14 مارس، ما طرح سؤالاً: هل نحن أمام «خلطة جديدة» في الاصطفافات الداخلية، لا سيما مع تصاعُد المواقف المناوئة لطرح اسم فرنجية، الذي يُعتبر وثيق الصلة بالرئيس السوري بشار الأسد وبـ «حزب الله»، وذلك من الأحزاب المسيحية الكبرى ومن بينها حلفاء للحريري في 14 مارس، حيث برزت ملامح حلف ثلاثي مسيحي معارِض يضمّ «القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» (من 14 مارس) و«التيار الوطني الحر» (من 8 مارس) وإن كان لكلّ منهم منطلقاته لرفض «خيار» زعيم «المردة»؟ وما سرّ صمت «حزب الله» حتى الساعة حيال المُعطى الجديد الذي شكّله تقدُّم مرشحه الفعلي في السباق الرئاسي؟
«الراي» تناولت هذا التطور
مع عدد من الشخصيات، وعرضت مصير التحالفات في ضوء المواقف والتباينات حيال الملف الرئاسي، متوقفةً عند ما بدا وكأنه «تريُّث» في إعلان مبادرة تأييد فرنجية.
«حزب الله مطالَب بالتنازل في العناصر الأخرى من التسوية»
بيضون: الحريري قدّم تنازلاً كبيراً جداً خوفاً على لبنان
رأى النائب والوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون، أن الأسباب الموجبة لمبادرة الحريري «هي الخوف من انهيار اقتصادي وأمني في البلد»، مشيراً إلى «خوف كبير ومتنامٍ في كل الأوساط سواء كانت اقتصادية أم أمنية، لا سيما في أعقاب تفجير برج البراجنة (12 نوفمبر الماضي)». وأكد أن «هذا الخوف بات عاماً في البلد، إذ من الممكن أن يتعرّض البلد لموجة تفجيرات الله يعلم إلى أين ستوصل لبنان»، مضيفاً:«من هذا المنطلق دعا الأمين العام لحزب الله (حسن نصر الله) إلى تسوية شاملة تشمل رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والحكومة وقانون الانتخاب»، معتبراً أن «الحريري وحرصاً على مبدأ التسوية، سار بتنازل كبير جداً، فالموافقة على ترشيح فرنجية تَنازُل كبير جداً». وتابع: «المطلوب اليوم تَنازُل من (حزب الله) أيضاً، وعلى هذا التنازل أن يكون في العناصر الأخرى، وسنرى إذا كانت هذه التسوية التي فيها تنازلات مؤلمة للطرفين ستتمّ أم لا». ولفت إلى أن «البعض يسأل لماذا فرنجية وليس عون؟»، مشيراً إلى أن«الفارق الأساسي هو أن عون كان دائماً يستخدم في مواقفه السياسية لغة تحريضية ضد طائفة معينة أو فئة معينة في البلد، فيما لم يستخدم فرنجية هذا التحريض. وفرنجية نفسه عدا عن ذلك لم يهاجم المملكة العربية السعودية وظلّ موقفه العربي إلى حد ما موزوناً، في حين كان عون يساهم مع (حزب الله) في عزلة لبنان العربية».
وإذ رأى أن «المرء عندما يصبح رئيساً للجمهورية فعليه توحيد اللبنانيين»، قال:«هذا هو الامتحان الكبير لفرنجية، حيث على مواقفه أن تكون توحيدية لا تحريضية وبعيدة عن أي عنتريات فارغة». وقال بيضون «أعتقد أولاً أن هناك عقبة اسمها ميشال عون، وكيف ستنتظم علاقاته مع الأطراف الآخرين لا سيما فرنجية»، موضحاً أن «فرنجية الرئيس غيره عضو تكتل (التغيير والإصلاح)، ووصول فرنجية إلى سدة الرئاسة يقتضي تنظيماً للعلاقات، الأمر الذي يتطلب وقتاً». وأضاف «كما قلنا، فإن التسوية ستشمل رئاسة الجمهورية، رئاسة الحكومة وشكلها وقانون الانتخاب. وفي موضوع قانون الانتخاب وشكل الحكومة لم تنضج الأمور بعد، وهي تتطلب وقتاً كي تنضج».
وشدد على أن «الحريري ورئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع لا ينفصلان عن بعضهما البعض»، موضحاً:«اليوم هناك أجواء مُلبّدة بين الفريقين، ولكن استراتيجياً، فإن حسابات الفريقين لا تنفصل»، مشيرا إلى أنه«في حال أصبح سليمان فرنجية رئيساً، فإن هذا الأمر سيكون مفيداً لجعجع لأنه يوحّد منطقة الشمال، إذ يصبح لها جو سياسي جديد وإنماء من نوع جديد». وعن تردُّد (حزب الله) في إعلان تأييده لترشيح فرنجية، أجاب:«قد يكون (حزب الله) يريد مزيداً من التنازلات من سعد الحريري، لا سيما في موضوع قانون الانتخاب والحكومة، لكن الحزب يعلم أن هذه التسوية إن لم تنجح، فقد يستمر الشغور الرئاسي في لبنان لأكثر من سنة وحتى نهاية المفاوضات حول مستقبل سورية، وهذا ليست فيه مصلحة للبلد». وإذ استبعد أن تتحالف (القوات) و(الكتائب) مع التيار (الوطني الحر)، أوضح أن «موقع الأوليْن وخطهما السياسي مختلف جذرياً عن عون، ولذا لن يتحالفا معه، فجعجع لا يفك تحالفه مع سعد الحريري، وهو سبق أن أكد أكثر من مرة أن هذا التحالف بيننا استراتيجي وليس تكتيكياً».
«الكلام عن حلف مسيحي مبالَغ فيه وغير مرحب به أساساً»
أبو عاصي: طرْح اسم فرنجية تمّ على شكل صفقة أكثر منه تسوية
اعتبر الأمين العام لحزب «الوطنيين الأحرار» الدكتور إلياس أبو عاصي «أن العناصر المتوافرة لدينا عن مبادرة ترشيح النائب سليمان فرنجية قليلة جداً بشكل لا يسمح لنا أن نُكّون فكرة عنها»، موضحاً أن «كل ما تناهى إلى أذهاننا هو بعض التسريبات من هنا أو هناك وما من سلة متكاملة من جهة، ولا مشروع متكاملاً للتسوية من جهة أخرى».
وأشار إلى أن «التسوية عندما تكون على رئاسة الجمهورية تكون شاملة لكل المواضيع، الأمر الذي لم نشهده، فكل ما عرفناه هو ترشيح الأستاذ سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية»، معتبراً أن «مئة سؤال تتبادر إلى الأذهان في هذا الموضوع، وما من عناصر إجابة تسمح لنا بتكوين رأي في هذا الشأن».
أضاف «مما لا شك فيه أن لفرنجية حسنات كثيرة، ولو لم يكن كذلك لما اعتُمد كواحد من المرشحين الأربعة، ومن جهة أخرى موقفنا منه يتعدى الشخص إلى المواقف السياسية»، مشيراً إلى «أننا على طرفيْ نقيض مع النائب فرنجية في الأفكار السياسية».
ورأى أن التمهل الذي أصاب الإعلان عن مبادرة الحريري يعود إلى «استعصاء داخلي ونقص في المظلة الإقليمية للتسوية المطروحة وهناك إعادة نظر، إذ لم يكونوا يتوقّعون هذه الدرجة من النقض للطريقة التي تم فيها الترشيح»، ولافتاً أن «ترشيح فرنجية أو طرح اسمه تم على شكل صفقة أكثر مما هي تسوية، فالتسوية يجب أن تشمل الكل».
وإذ أكد أن «14 مارس هي لخير الجميع، ولخير الوطن أن تبقى وتستمر»، قال: «ليست المرة الأولى التي تعترضنا صعوبات، فقد مررنا بأزمة داخلية في موضوع مشروع القانون الأرثوذكسي وتخطيناها». وأمل أن «تنتصر 14 مارس هذه المرة أيضاً»، مشدداً على أن «مبادئ 14 مارس ليست ملك مكوناتها، بل هي مبادئ الوطن كله ولهذا السبب أعوّل كثيراً على تخطي هذه المرحلة مهما كانت النتائج، وأن نعود إلى الأمور الإستراتيجية التي تجمعنا، والتي هي أهمّ بكثير من أي موضوع آخر».
أبو عاصي الذي رأى أن «حزب الله صادق في ترشيح العماد عون، وما دام الأخير مرشحاً لا يمكن للحزب أن (يطلع منه)، ذكّر بالخدمات الكبرى التي قدّمها الجنرال عون لحزب الله»، قائلاً:«من هنا لا أجد في الأمر مناورة، بل عملية جدية يأمل فيها حزب الله أن يتبنى عون ترشيح الوزير فرنجية، لكن ما دام الجنرال لم يُقدم على هذه الخطوة، فإن الحزب يشعر بأنه محرج بعدم تأييد العماد عون».
وعن (الحلف المسيحي الثلاثي)، أجاب:«قد يكون هناك تلاقٍ ظرفي، ولكن الكلام عن حلف مبالَغ فيه وغير مرحَّب فيه أساساً، فنحن في 14 مارس تخطينا كل الحساسيات الطائفية والمذهبية، ونحن غير مستعدين للعودة إليها تحت أي ظرف».
«حزب الله يرى بانتخاب فرنجية فرصة ذهبية ولا يريد المغامرة بخسارة عون»
حداد: الأجدى التمسّك بخيار المرشح الحيادي ولو تَطلّب الأمر وقتاً إضافياً
رأى أمين سرّ حركة «التجدد الديموقراطي» الدكتور أنطوان حداد «ان في طليعة الأسباب الموجبة لمبادرة الرئيس سعد الحريري يأتي الفراغ الرئاسي الذي طال أمده أكثر من أي مرة سابقة والذي بات يهدد الاقتصاد الوطني ومؤسسات الدولة وحتى قدرتها على تسيير الخدمات العامة الأساسية، بدليل استمرار أزمة النفايات من دون حلّ، وبالتالي الحاجة الماسة لإحداث اختراق ما في هذا الجمود القاتل».
وإذ أكد حداد «أن لا خلاف حول ضرورة ملء الفراغ الرئاسي»، تدارك: «لكن يبقى السؤال: ألم يكن ممكناً الوصول إلى ذلك إلا عبر تسمية الرئيس الحريري مرشحاً من صلب الفريق الآخر؟»، مضيفاً: «في اعتقادي أنه كان من الأجدى الإبقاء على خيار المرشح التوافقي أو الحيادي بين معسكريْ 8 و14 مارس، حتى لو تَطلّب الأمر وقتاً إضافياً. فهذا خيار منطقي ومنصف ويعبّر بأمانة أكبر عن موازين القوى الداخلية والخارجية».
واعتبر أن «الميزة الأساسية للنائب فرنجية أنه مباشر وصريح في طروحاته وخياراته، الأمر الذي يسهّل التعاطي معه»، لافتاً إلى أن «العائق الأكبر أمامه هو علاقته المميزة بالنظام السوري وبالرئيس بشار الأسد، والتي تتطلّب الكثير من الضمانات والتطمينات كي يصبح مرشحاً مقبولاً من الفريق الآخر».
وأشار إلى أن «ترشيح فرنجية اصطدم بحائط مسيحي عريض يشمل غالبية مكوّنات هذا الطيف، إنما ليس للأسباب نفسها»، موضحاً «أن معارضة رئيس حزب (القوات اللبنانية) الدكتور سمير جعجع وبعض النواب المستقلين في قوى 14 مارس مبدئية وسياسية، فيما العماد ميشال عون يرى أنه شخصياً أحقّ من فرنجية بهذا المنصب وهو مستاء كثيراً من تَجاوُزه، لا بل تَجاهُله قبل وضع هذه الطبخة على النار. أما حزب الكتائب فهو يسعى إلى ضمانات تتعلق بالحياد حيال الأزمة السورية وقانون الانتخاب ودوره في المرحلة المقبلة». وأضاف: «لكن ما من جهة حتى الآن أعلنت رسمياً رفضها القاطع لهذه المبادرة. ومردّ ذلك هو رغبة الأطراف بالتحقق من درجة الدعم الدولي الظاهر للمبادرة، وهل يقع هذا الدعم في دائرة عدم الممانعة أم في دائرة التشجيع أو في دائرة الحماس والتبني».
وعمّا إذا كان المشهد اللبناني أمام خلطة جديدة في الاصطفاف الداخلي بعدما أوحى خيار فرنجية كمرشح لم يُنتخب بعد بخلط أوراق داخل معسكريْ 8 و14 مارس، أجاب: «ليس تماماً، لأن مكوّنات كل من المعسكرين ما زالت بحاجة إلى بعضها البعض بانتظار جلاء غبار مساعي حل الأزمة السورية، وهذا الأمر قد يتطلب سنوات عدة، لكن لا شك أن العلاقات البينية داخل كل معسكر قد أصيبت بشرخ كبير وأزمة الثقة التي كانت في الأصل موجودة بين (القوات) و(المستقبل) مثلاً، أو بين عون وفرنجية، ستكون مرشحة للاتساع سواء نجحت مبادرة ترشيح فرنجية، أو أخفقت، أو راوحت مكانها كما يحصل الآن».
وعن تفسيره لتردد «حزب الله» في إعلان دعمه لفرنجية، وعمّا إذا كان هذا الأمر مردّه لأن الحزب لا يريد رئيساً إلا بتوقيته أم أنها مجرد مناورة سياسية، قال: «لا هذه ولا تلك. يفترض بحزب الله أن يرى في انتخاب فرنجية فرصة ذهبية، لكنه لا يريد المغامرة بخسارة عون. وأنا لا أتخيّل أن يكون فرنجية قد انطلق في هذا المشروع من دون الحصول على ضوء أخضر من حزب الله».
وحول ما برز من ملامح لـ (حلف ثلاثي) مسيحي يضم «التيار الوطني الحر»، و«القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب» والأفق المتوافر أمام محور من هذا النوع، أجاب: «لا أرى أساساً موضوعياً صلباً لمثل هذا الحلف، لأن أطرافه المفترَضين ليست لديهم رؤية استراتيجية واحدة أو نظرة متقاربة حول موقع لبنان الإقليمي وحول علاقته بصراعات المنطقة وأحلافها ومحاورها. والأهم من ذلك أن لا مصلحة أبداً للمسيحيين بتعميم منطق الأحلاف الطائفية أو المذهبية، إذ يكفي لبنان والمنطقة هذا الاستقطاب المذهبي السني - الشيعي المقلق، والذي يشكل الحاضنة الأيديولوجية الأساسية للإرهاب والعنف على ضفتي الصراع»، مؤكداً أن «مصلحة المسيحيين واللبنانيين هي تخفيف حدة التوتر الطائفي والمذهبي ومنع انتقال الحرب السورية إلى لبنان والحفاظ على اتفاق الطائف والانطلاق منه نحو آفاق الدولة المدنية».
«الراي» تناولت هذا التطور
مع عدد من الشخصيات، وعرضت مصير التحالفات في ضوء المواقف والتباينات حيال الملف الرئاسي، متوقفةً عند ما بدا وكأنه «تريُّث» في إعلان مبادرة تأييد فرنجية.
«حزب الله مطالَب بالتنازل في العناصر الأخرى من التسوية»
بيضون: الحريري قدّم تنازلاً كبيراً جداً خوفاً على لبنان
رأى النائب والوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون، أن الأسباب الموجبة لمبادرة الحريري «هي الخوف من انهيار اقتصادي وأمني في البلد»، مشيراً إلى «خوف كبير ومتنامٍ في كل الأوساط سواء كانت اقتصادية أم أمنية، لا سيما في أعقاب تفجير برج البراجنة (12 نوفمبر الماضي)». وأكد أن «هذا الخوف بات عاماً في البلد، إذ من الممكن أن يتعرّض البلد لموجة تفجيرات الله يعلم إلى أين ستوصل لبنان»، مضيفاً:«من هذا المنطلق دعا الأمين العام لحزب الله (حسن نصر الله) إلى تسوية شاملة تشمل رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والحكومة وقانون الانتخاب»، معتبراً أن «الحريري وحرصاً على مبدأ التسوية، سار بتنازل كبير جداً، فالموافقة على ترشيح فرنجية تَنازُل كبير جداً». وتابع: «المطلوب اليوم تَنازُل من (حزب الله) أيضاً، وعلى هذا التنازل أن يكون في العناصر الأخرى، وسنرى إذا كانت هذه التسوية التي فيها تنازلات مؤلمة للطرفين ستتمّ أم لا». ولفت إلى أن «البعض يسأل لماذا فرنجية وليس عون؟»، مشيراً إلى أن«الفارق الأساسي هو أن عون كان دائماً يستخدم في مواقفه السياسية لغة تحريضية ضد طائفة معينة أو فئة معينة في البلد، فيما لم يستخدم فرنجية هذا التحريض. وفرنجية نفسه عدا عن ذلك لم يهاجم المملكة العربية السعودية وظلّ موقفه العربي إلى حد ما موزوناً، في حين كان عون يساهم مع (حزب الله) في عزلة لبنان العربية».
وإذ رأى أن «المرء عندما يصبح رئيساً للجمهورية فعليه توحيد اللبنانيين»، قال:«هذا هو الامتحان الكبير لفرنجية، حيث على مواقفه أن تكون توحيدية لا تحريضية وبعيدة عن أي عنتريات فارغة». وقال بيضون «أعتقد أولاً أن هناك عقبة اسمها ميشال عون، وكيف ستنتظم علاقاته مع الأطراف الآخرين لا سيما فرنجية»، موضحاً أن «فرنجية الرئيس غيره عضو تكتل (التغيير والإصلاح)، ووصول فرنجية إلى سدة الرئاسة يقتضي تنظيماً للعلاقات، الأمر الذي يتطلب وقتاً». وأضاف «كما قلنا، فإن التسوية ستشمل رئاسة الجمهورية، رئاسة الحكومة وشكلها وقانون الانتخاب. وفي موضوع قانون الانتخاب وشكل الحكومة لم تنضج الأمور بعد، وهي تتطلب وقتاً كي تنضج».
وشدد على أن «الحريري ورئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع لا ينفصلان عن بعضهما البعض»، موضحاً:«اليوم هناك أجواء مُلبّدة بين الفريقين، ولكن استراتيجياً، فإن حسابات الفريقين لا تنفصل»، مشيرا إلى أنه«في حال أصبح سليمان فرنجية رئيساً، فإن هذا الأمر سيكون مفيداً لجعجع لأنه يوحّد منطقة الشمال، إذ يصبح لها جو سياسي جديد وإنماء من نوع جديد». وعن تردُّد (حزب الله) في إعلان تأييده لترشيح فرنجية، أجاب:«قد يكون (حزب الله) يريد مزيداً من التنازلات من سعد الحريري، لا سيما في موضوع قانون الانتخاب والحكومة، لكن الحزب يعلم أن هذه التسوية إن لم تنجح، فقد يستمر الشغور الرئاسي في لبنان لأكثر من سنة وحتى نهاية المفاوضات حول مستقبل سورية، وهذا ليست فيه مصلحة للبلد». وإذ استبعد أن تتحالف (القوات) و(الكتائب) مع التيار (الوطني الحر)، أوضح أن «موقع الأوليْن وخطهما السياسي مختلف جذرياً عن عون، ولذا لن يتحالفا معه، فجعجع لا يفك تحالفه مع سعد الحريري، وهو سبق أن أكد أكثر من مرة أن هذا التحالف بيننا استراتيجي وليس تكتيكياً».
«الكلام عن حلف مسيحي مبالَغ فيه وغير مرحب به أساساً»
أبو عاصي: طرْح اسم فرنجية تمّ على شكل صفقة أكثر منه تسوية
اعتبر الأمين العام لحزب «الوطنيين الأحرار» الدكتور إلياس أبو عاصي «أن العناصر المتوافرة لدينا عن مبادرة ترشيح النائب سليمان فرنجية قليلة جداً بشكل لا يسمح لنا أن نُكّون فكرة عنها»، موضحاً أن «كل ما تناهى إلى أذهاننا هو بعض التسريبات من هنا أو هناك وما من سلة متكاملة من جهة، ولا مشروع متكاملاً للتسوية من جهة أخرى».
وأشار إلى أن «التسوية عندما تكون على رئاسة الجمهورية تكون شاملة لكل المواضيع، الأمر الذي لم نشهده، فكل ما عرفناه هو ترشيح الأستاذ سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية»، معتبراً أن «مئة سؤال تتبادر إلى الأذهان في هذا الموضوع، وما من عناصر إجابة تسمح لنا بتكوين رأي في هذا الشأن».
أضاف «مما لا شك فيه أن لفرنجية حسنات كثيرة، ولو لم يكن كذلك لما اعتُمد كواحد من المرشحين الأربعة، ومن جهة أخرى موقفنا منه يتعدى الشخص إلى المواقف السياسية»، مشيراً إلى «أننا على طرفيْ نقيض مع النائب فرنجية في الأفكار السياسية».
ورأى أن التمهل الذي أصاب الإعلان عن مبادرة الحريري يعود إلى «استعصاء داخلي ونقص في المظلة الإقليمية للتسوية المطروحة وهناك إعادة نظر، إذ لم يكونوا يتوقّعون هذه الدرجة من النقض للطريقة التي تم فيها الترشيح»، ولافتاً أن «ترشيح فرنجية أو طرح اسمه تم على شكل صفقة أكثر مما هي تسوية، فالتسوية يجب أن تشمل الكل».
وإذ أكد أن «14 مارس هي لخير الجميع، ولخير الوطن أن تبقى وتستمر»، قال: «ليست المرة الأولى التي تعترضنا صعوبات، فقد مررنا بأزمة داخلية في موضوع مشروع القانون الأرثوذكسي وتخطيناها». وأمل أن «تنتصر 14 مارس هذه المرة أيضاً»، مشدداً على أن «مبادئ 14 مارس ليست ملك مكوناتها، بل هي مبادئ الوطن كله ولهذا السبب أعوّل كثيراً على تخطي هذه المرحلة مهما كانت النتائج، وأن نعود إلى الأمور الإستراتيجية التي تجمعنا، والتي هي أهمّ بكثير من أي موضوع آخر».
أبو عاصي الذي رأى أن «حزب الله صادق في ترشيح العماد عون، وما دام الأخير مرشحاً لا يمكن للحزب أن (يطلع منه)، ذكّر بالخدمات الكبرى التي قدّمها الجنرال عون لحزب الله»، قائلاً:«من هنا لا أجد في الأمر مناورة، بل عملية جدية يأمل فيها حزب الله أن يتبنى عون ترشيح الوزير فرنجية، لكن ما دام الجنرال لم يُقدم على هذه الخطوة، فإن الحزب يشعر بأنه محرج بعدم تأييد العماد عون».
وعن (الحلف المسيحي الثلاثي)، أجاب:«قد يكون هناك تلاقٍ ظرفي، ولكن الكلام عن حلف مبالَغ فيه وغير مرحَّب فيه أساساً، فنحن في 14 مارس تخطينا كل الحساسيات الطائفية والمذهبية، ونحن غير مستعدين للعودة إليها تحت أي ظرف».
«حزب الله يرى بانتخاب فرنجية فرصة ذهبية ولا يريد المغامرة بخسارة عون»
حداد: الأجدى التمسّك بخيار المرشح الحيادي ولو تَطلّب الأمر وقتاً إضافياً
رأى أمين سرّ حركة «التجدد الديموقراطي» الدكتور أنطوان حداد «ان في طليعة الأسباب الموجبة لمبادرة الرئيس سعد الحريري يأتي الفراغ الرئاسي الذي طال أمده أكثر من أي مرة سابقة والذي بات يهدد الاقتصاد الوطني ومؤسسات الدولة وحتى قدرتها على تسيير الخدمات العامة الأساسية، بدليل استمرار أزمة النفايات من دون حلّ، وبالتالي الحاجة الماسة لإحداث اختراق ما في هذا الجمود القاتل».
وإذ أكد حداد «أن لا خلاف حول ضرورة ملء الفراغ الرئاسي»، تدارك: «لكن يبقى السؤال: ألم يكن ممكناً الوصول إلى ذلك إلا عبر تسمية الرئيس الحريري مرشحاً من صلب الفريق الآخر؟»، مضيفاً: «في اعتقادي أنه كان من الأجدى الإبقاء على خيار المرشح التوافقي أو الحيادي بين معسكريْ 8 و14 مارس، حتى لو تَطلّب الأمر وقتاً إضافياً. فهذا خيار منطقي ومنصف ويعبّر بأمانة أكبر عن موازين القوى الداخلية والخارجية».
واعتبر أن «الميزة الأساسية للنائب فرنجية أنه مباشر وصريح في طروحاته وخياراته، الأمر الذي يسهّل التعاطي معه»، لافتاً إلى أن «العائق الأكبر أمامه هو علاقته المميزة بالنظام السوري وبالرئيس بشار الأسد، والتي تتطلّب الكثير من الضمانات والتطمينات كي يصبح مرشحاً مقبولاً من الفريق الآخر».
وأشار إلى أن «ترشيح فرنجية اصطدم بحائط مسيحي عريض يشمل غالبية مكوّنات هذا الطيف، إنما ليس للأسباب نفسها»، موضحاً «أن معارضة رئيس حزب (القوات اللبنانية) الدكتور سمير جعجع وبعض النواب المستقلين في قوى 14 مارس مبدئية وسياسية، فيما العماد ميشال عون يرى أنه شخصياً أحقّ من فرنجية بهذا المنصب وهو مستاء كثيراً من تَجاوُزه، لا بل تَجاهُله قبل وضع هذه الطبخة على النار. أما حزب الكتائب فهو يسعى إلى ضمانات تتعلق بالحياد حيال الأزمة السورية وقانون الانتخاب ودوره في المرحلة المقبلة». وأضاف: «لكن ما من جهة حتى الآن أعلنت رسمياً رفضها القاطع لهذه المبادرة. ومردّ ذلك هو رغبة الأطراف بالتحقق من درجة الدعم الدولي الظاهر للمبادرة، وهل يقع هذا الدعم في دائرة عدم الممانعة أم في دائرة التشجيع أو في دائرة الحماس والتبني».
وعمّا إذا كان المشهد اللبناني أمام خلطة جديدة في الاصطفاف الداخلي بعدما أوحى خيار فرنجية كمرشح لم يُنتخب بعد بخلط أوراق داخل معسكريْ 8 و14 مارس، أجاب: «ليس تماماً، لأن مكوّنات كل من المعسكرين ما زالت بحاجة إلى بعضها البعض بانتظار جلاء غبار مساعي حل الأزمة السورية، وهذا الأمر قد يتطلب سنوات عدة، لكن لا شك أن العلاقات البينية داخل كل معسكر قد أصيبت بشرخ كبير وأزمة الثقة التي كانت في الأصل موجودة بين (القوات) و(المستقبل) مثلاً، أو بين عون وفرنجية، ستكون مرشحة للاتساع سواء نجحت مبادرة ترشيح فرنجية، أو أخفقت، أو راوحت مكانها كما يحصل الآن».
وعن تفسيره لتردد «حزب الله» في إعلان دعمه لفرنجية، وعمّا إذا كان هذا الأمر مردّه لأن الحزب لا يريد رئيساً إلا بتوقيته أم أنها مجرد مناورة سياسية، قال: «لا هذه ولا تلك. يفترض بحزب الله أن يرى في انتخاب فرنجية فرصة ذهبية، لكنه لا يريد المغامرة بخسارة عون. وأنا لا أتخيّل أن يكون فرنجية قد انطلق في هذا المشروع من دون الحصول على ضوء أخضر من حزب الله».
وحول ما برز من ملامح لـ (حلف ثلاثي) مسيحي يضم «التيار الوطني الحر»، و«القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب» والأفق المتوافر أمام محور من هذا النوع، أجاب: «لا أرى أساساً موضوعياً صلباً لمثل هذا الحلف، لأن أطرافه المفترَضين ليست لديهم رؤية استراتيجية واحدة أو نظرة متقاربة حول موقع لبنان الإقليمي وحول علاقته بصراعات المنطقة وأحلافها ومحاورها. والأهم من ذلك أن لا مصلحة أبداً للمسيحيين بتعميم منطق الأحلاف الطائفية أو المذهبية، إذ يكفي لبنان والمنطقة هذا الاستقطاب المذهبي السني - الشيعي المقلق، والذي يشكل الحاضنة الأيديولوجية الأساسية للإرهاب والعنف على ضفتي الصراع»، مؤكداً أن «مصلحة المسيحيين واللبنانيين هي تخفيف حدة التوتر الطائفي والمذهبي ومنع انتقال الحرب السورية إلى لبنان والحفاظ على اتفاق الطائف والانطلاق منه نحو آفاق الدولة المدنية».