مشهد / هل من ربيعٍ عربيٍ آخر؟
| د. زياد الوهر |
إنها أمنية فعلا أن أرى ربيعا عربيا ثانيا بعد الخريف الطويل جدا للربيع العربي الأول الذي أشاع الخراب والموت في الكثير من بلدان العالم العربي، ما أتمناه ليس ربيعا كالذي شهدناه وعشناه بل ربيعا حقيقيا تينع فيه الزهور وتزقزق فيه العصافير ويغمرنا فيه نسيم الحرية العليل، فينعش أرواحا كادت أن تختنق وعيونا فارقتها الراحة وأفواها غادرتها البسمة. لقد كان طموح المواطن العربي من وراء ثورته أو انتفاضته؛ سمها ما شئت، ضد الظلم والطغيان والديكتاتورية أن يجد كرامته التي ضاعت وأمانه الذي فقده وأن يضمن حريته المسلوبة ويؤمن عيشا كريما له ولأسرته. كان هذا الأمل قريبا جدا وقاب قوسين أو أدنى من أن يتحقق لولا تكالب قوى الشر بمختلف أطيافها ومحاور الشيطان وأتباعه من أبناء جلدتنا على هذه الحركة الشعبية والجماهيرية فأجهضوا هذا الجنين قبل أوانه وقتلوه في مخدعه وانقلب الحق باطلا والباطل حقا ووجد الباطل من يسانده ويشد من أزره من أتباعه ومريديه وضاعت آمال المواطن العربي وذهبت مع الريح بلا رجعة. كان العام 2011 عام خير وبركة في أوله وانقلبت الأيام وتحولت إلى وبال علينا وعلى الدول العربية وضاعت الحقيقة بين الكم الكبير من الأكاذيب في الفضائيات، وتمزق الوطن العربي شر ممزق بسبب التجاذبات الخارجية للأطراف المتنازعة على بلادنا وثرواتها. كنت أظن أن الربيع أيضا سيكون بادرة خير للمواطن العربي سجين الرأي والمواقف السياسية ولكن الأمر سار بالاتجاه المخالف فزاد عدد سجناء الرأي وأمعنت بعض الأنظمة في إذلالهم وسحقهم تحت الأقدام وفي غياهب السجون والسراديب، وضعفت حتى تلاشت أي أصواتٍ للمعارضة حتى ولو بخجل واستسلم المواطن العربي لقدره ورضي أن يقبل بواقعه المرير انتظارا ليوم الفرج. هذه اللوحة البانورامية السوداء التي رسمتها الأحداث لنا جميعا ذكرتني بأحداث نهاية الحرب العالمية الكبرى في العام 1918 عندما انهارت الدولة العثمانية وتبعها ما تبعها من استعمار للوطن العربي بعد اتفاقية سايكس بيكو المشؤومة ومعاهدة الاستسلام لألمانيا في فرساي، وفي نفس الفترة السيئة الذكر تلك كان وعد بلفور وهو أكبر دليل على احتقار الغرب للعرب ومقدساتهم فمنحت ما لا تملك لمن لا يستحق.. أرض فلسطين. في ذلك الزمان سحقت القوى الاستعمارية الوطن العربي من شرقه وغربه وشماله وجنوبه وتقاسموا مناطق نفوذهم وفعلت بريطانيا وحليفتها في العالم العربي ما فعلته محاكم التفتيش الإسبانية في العرب المسلمين في الأندلس عقب انهيار الدولة الإسلامية هناك. لقد مارس الغرب عُقَده الاستعمارية بكل أصنافها على العرب حينها ولم يتركوا بلادنا إلا بعد حروب وثورات ونزاعات طالت عقودا وقدمت فيه الدول العربية أنهارا من دماء الشهداء.. وعند المقارنة بين ما حدث منذ 100 عام وما حدث في ربيعنا الأول نجد أن الفترتين كان الخراب فيهما عاما وشمل كل الوطن العربي ولكن بدرجات متفاوتة، وضاعت الحقوق وانتزع القرار العربي من أهله وصادره الغرب لصالحه.
لم يكن الغرض من هذا الطرح أن أزيد جرعة التشاؤم وفقدان الأمل لدى المواطن بقدر ما أؤكد أن الليل الطويل هذا لن يستمر وأن النهار لا محالة قادم وشتان ما بين البارحة واليوم، فالوعي السياسي والحس الأمني لدى المواطن العربي والمثقفين قد تطور وزاد وهو كالجمر يتقد تحت التراب ينتظر اللحظة المناسبة لينقض على من صادر حقه في الحياة وتقرير المصير ولن يجدي ساعتها نفعا محاولات البعض في وأد ذلك الربيع الذي سيُقبل بكل قوة ليرسم البسمة على الشفاه ويعيد الحقوق لأصحابها. إنه الأمل بغدٍ أفضل وجرعة نحتاجها جميعا من أجل الأوطان التي سنبنيها بسواعدنا ونقدم لها الغالي والنفيس من جهودنا وأموالنا وأولادنا.. إنها اللحظة التي ينتظرها كل مواطن حر غيور على وطنه وشعبه وكرامته. إنه حلم الربيع العربي الثاني الذي أنتظره مثلي مثل غيري وأتمنى أن يكون ربيعا ناعما فلا نريد أن يسيطر الحقد والغضب والانتقام على سلوكياتنا وردود أفعالنا فذلك سيجلب لنا الخراب مرة أخرى ويعيدنا للمربع الأول الذي زلزلنا وكلف أمتنا كثيرا.
ورب قائل ما الذي تقوله وقد أرهقتنا الفوضى وشاع الظلم والفساد بسبب الربيع الأول، فأقول لا بد من ربيع ثان وإلا فإن فقدان الأمل هو الهزيمة التي لا يرتجى بعدها صلاح، فالأمل موجود والمستقبل مشرق وصعود نجم أمتنا العربية والإسلامية لا بد أن يتحقق بمشيئة الله والأيام بيننا، وقوانين الفيزياء تؤكد كما قال المثل الشعبي «ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع». وليس هنالك مثال أفضل مما تربينا عليه في مدارسنا ونشأنا على الإيمان به من قصيدة «إرادة الحياة» لأبو القاسم الشابي والتي قال فيها:
إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي
ولابد للقيد أن ينكسر
خاطرة: الإرهاب الحقيقي هو أن تمنعني من الحياة وأنت تتمتع بخيرات بلادي.
لم يكن الغرض من هذا الطرح أن أزيد جرعة التشاؤم وفقدان الأمل لدى المواطن بقدر ما أؤكد أن الليل الطويل هذا لن يستمر وأن النهار لا محالة قادم وشتان ما بين البارحة واليوم، فالوعي السياسي والحس الأمني لدى المواطن العربي والمثقفين قد تطور وزاد وهو كالجمر يتقد تحت التراب ينتظر اللحظة المناسبة لينقض على من صادر حقه في الحياة وتقرير المصير ولن يجدي ساعتها نفعا محاولات البعض في وأد ذلك الربيع الذي سيُقبل بكل قوة ليرسم البسمة على الشفاه ويعيد الحقوق لأصحابها. إنه الأمل بغدٍ أفضل وجرعة نحتاجها جميعا من أجل الأوطان التي سنبنيها بسواعدنا ونقدم لها الغالي والنفيس من جهودنا وأموالنا وأولادنا.. إنها اللحظة التي ينتظرها كل مواطن حر غيور على وطنه وشعبه وكرامته. إنه حلم الربيع العربي الثاني الذي أنتظره مثلي مثل غيري وأتمنى أن يكون ربيعا ناعما فلا نريد أن يسيطر الحقد والغضب والانتقام على سلوكياتنا وردود أفعالنا فذلك سيجلب لنا الخراب مرة أخرى ويعيدنا للمربع الأول الذي زلزلنا وكلف أمتنا كثيرا.
ورب قائل ما الذي تقوله وقد أرهقتنا الفوضى وشاع الظلم والفساد بسبب الربيع الأول، فأقول لا بد من ربيع ثان وإلا فإن فقدان الأمل هو الهزيمة التي لا يرتجى بعدها صلاح، فالأمل موجود والمستقبل مشرق وصعود نجم أمتنا العربية والإسلامية لا بد أن يتحقق بمشيئة الله والأيام بيننا، وقوانين الفيزياء تؤكد كما قال المثل الشعبي «ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع». وليس هنالك مثال أفضل مما تربينا عليه في مدارسنا ونشأنا على الإيمان به من قصيدة «إرادة الحياة» لأبو القاسم الشابي والتي قال فيها:
إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي
ولابد للقيد أن ينكسر
خاطرة: الإرهاب الحقيقي هو أن تمنعني من الحياة وأنت تتمتع بخيرات بلادي.