قضت بعدم دستورية المادة «9» التي تمنع التظلم أو الطعن في عدم منح الترخيص
«الدستورية» قضت بعدم دستورية المادة «200 - مكرر» التي تمنع المحكوم من ذلك
• المادة المبطلة تضمنت تحصيناً للقرارات الإدارية
من رقابة القضاء ومنعت الأفراد من اللجوء للتقاضي
• حرمان فئة معينة من حق التقاضي المتحقق مناطه إهدار لمبدأ المساواة الذي أقره الدستور
• القانون أتاح للوزارة التحرر من قيود القانون والتزام أحكامه وضوابطه في تعارض لمبدأ فصل السلطات
• حرمان فئة معينة من حق التقاضي المتحقق مناطه إهدار لمبدأ المساواة الذي أقره الدستور
• القانون أتاح للوزارة التحرر من قيود القانون والتزام أحكامه وضوابطه في تعارض لمبدأ فصل السلطات
قضت المحكمة الدستورية ببطلان حصانة قرارات وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الخاصة بانشاء الاندية وجمعيات النفع العام، عندما حكمت بعدم دستورية المادة التاسعة من القانون 24/ 1962 الخاص بانشاء الاندية والجمعيات.
وجاء حكم الدستورية في جلستها أمس برئاسة المستشار يوسف المطاوعة بعدم دستورية المادة المذكورة التي كانت تمنع من الطعن في القرار الصادر برفض تسجيل جمعية جديدة أو التظلم من القرار، ليؤكد أن حق التقاضي من الحقوق العامة التي كفلها الدستور، وان حرمان طائفة معينة من هذا الحق، مع تحقق مناطه ينطوي على اهدار لمبدأ المساواة.
وكانت الدائرة الادارية في محكمة التمييز قد احالت الطعن ضد قرار الامتناع عن اشهار الجمعية الكويتية لمتابعة وتقييم الاداء البرلماني.
وتتلخص الواقعة في أن المطعون ضده (ناصر رفاعي محمد الشليمي) اقام على الطاعنين الدعوى رقم (1950) لسنة 2010 اداري/ 2 بطلب الحكم - وفقا لتكييف محكمة اول درجة لطلباته - بالغاء القرار السلبي الصادر من (الطاعن الثاني) بالامتناع عن اشهار الجمعية الكويتية لمتابعة وتقييم الاداء البرلماني، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبيانا لذلك قال انه اسس وآخرون الجمعية الكويتية لمتابعة وتقييم الاداء البرلماني وفقا لاحكام القانون رقم (24) لسنة 1962 في شأن الاندية وجمعيات النفع العام، وتم انتخابه رئيسا لمجلس ادارتها، وقد تقدم إلى (الطاعن الثاني) بطلب اشهار الجمعية وفقا للقانون المشار إليه، فوافق على الطلب واحاله إلى مجلس الوزراء لاتخاذ اللازم واصدار موافقته على تأسيس الجمعية، واذ لم يتلق ردا على طلبه بالموافقة أو الرفض، وهو ما يشكل قرارا سلبيا بالامتناع، مما يجوز معه الطعن عليه بالالغاء، لذا فقد اقام دعواه بطلباته سالفة البيان.
وبتاريخ 11/ 5/ 2011 حكمت محكمة اول درجة بالغاء القرار السلبي الصادر من (الطاعن الثاني) بالامتناع عن اشهار الجمعية الكويتية لمتابعة وتقييم الاداء البرلماني، مع ما يترتب على ذلك من آثار، استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم (1593) لسنة 2011 اداري/ 3، وبتاريخ 26/ 11/ 2013 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن رقم (1720) لسنة 2013 اداري/ 1 واقاما طعنهما على سبب حاصله أن المشرع جعل لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل بموجب المادة (9) من القانون رقم (24) لسنة 1962 سالف الذكر الحق في رفض تسجيل الجمعية، على أن يخطر المؤسسين بهذا القرار خلال موعد لا يجاوز تسعين يوما، ويعتبر فوات هذا الميعاد دون رد بمثابة رفض للطلب، مما يؤكد انتفاء وجود القرار السلبي بالامتناع، وان قرار الرفض - وفقا لهذا المادة - لا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن امام القضاء، واذ ارتأت محكمة التمييز أن ما تضمنته المادة (9) المشار اليها من عدم جواز الطعن في القرار الصادر برفض التسجيل أو التظلم منه بأي طريق من طرق الطعن امام القضاء يثير شبهة عدم الدستورية لمخالفته نص المادة (166) من الدستور فقد قضت بجلسة 24/ 12/ 2014 بوقف نظر الطعن وباحالة الامر إلى المحكمة الدستورية للفصل في مدى دستورية ما ورد بنص هذه المادة متعلقا بهذا الشأن.
وقد نظرت هذه المحكمة الدعوى على الوجه المبين بمحاضر جلساتها، وقدم (المطعون ضده) مذكرة طلب في ختامها الحكم بعدم دستورية ما ورد بنص المادة المذكورة، وقدمت ادارة الفتوى والتشريع مذكرة صممت فيها على طلباتها، وقررت المحكمة اصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم.
المحكمة
وحيث ان المادة (9) من القانون رقم (24) لسنة 1962 في شأن الاندية وجمعيات النفع العام المستبدلة بموجب المرسوم بالقانون رقم (75) لسنة 1988 تنص على انه: «لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل رفض تسجيل الجمعية، وعليه اخطار المؤسسين برفض التسجيل خلال موعد لا يجاوز تسعين يوما من تاريخ تقديم الطلب، ويعتبر فوات هذا الميعاد دون رد من الوزير بمثابة رفض للطلب.
ويجوز التظلم من قرار الرفض امام مجلس الوزراء خلال ثلاثين يوما من تاريخ الاخطار بالرفض أو فوات الميعاد المنصوص عليه في الفقرة السابقة.
ولا يجوز الطعن في القرار الصادر برفض التسجيل أو التظلم منه وكذلك القرارات المنصوص عليها في المادتين 27، 27 مكرر 1 بأي طريق من طرق الطعن امام القضاء».
ويحث أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن نطاق الدعوى الدستورية يتحدد بنطاق النص الوارد بحكم الاحالة، وفي الحدود التي ارتأت فيها المحكمة المحيلة وجود شبهة بعدم دستوريته لمخالفته نصا في الدستور.
لما كان ذلك، وكان الواضح من حكم الاحالة - في الدعوى الماثلة - أنه قد انصب على قيام شبهة بعدم دستورية ما تضمنته الفقرة (الثالثة) من المادة (9) من القانون المشار إليه من النص على عدم جواز الطعن في القرار الصادر برفض التسجيل أو التظلم منه بأي طريق من طرق الطعن امام القضاء، وبالتالي فإن نطاق الدعوى الدستورية يكون مقتصرا على ما وجه من عيب في هذا الصدد، دون مجاوزة ذلك النطاق.
وحيث ان مبنى النعي على نص هذه المادة - حسبما يبين من حكم الاحالة - ان العبارة الواردة بالفقرة الثالثة منها قد جاءت قاطعة الدلالة على عدم جواز الطعن على القرار الصادر برفض تسجيل الجمعية او التظم منه بأي طريق من طرق الطعن امام القضاء، فإنها تكون بذلك قد عصمت هذه القرارات - وهي قرارات ادارية صادرة عن الجهة الادارية وهي بصدد مباشرة سلطتها العامة - من الطعن فيها بالالغاء، وحصنتها من رقابة القضاء الاداري عليها، ومنعت الافراد من طلب الانصاف باللجوء إلى قاضيهم الطبيعي وأسبغت الحماية عليها بقطع النظر عن مدى مشروعيتها، مما يثير شبهة عدم دستوريتها لمخالفتها نص المادة (116) من الدستور.
وحيث ان هذا النعي سديد، ذلك ان الدستور الكويتي حرص على النص في المادة (116) منه على كفالة حق التقاضي للناس كافة، كمبدأ دستوري أصيل، والمستفاد من هذا المبدأ هو حظر النص في القوانين على تحصين اي عمل او تصرف او قرار من الطعن عليه، وانه وان كان لا تناقض بين هذا الحق وبين جواز تنظيمه تشريعيا، الا ان ذلك مشروط بألا يتخذ المشرع من هذا التنظيم وسيلة إلى حظر هذا الحق او اهداره، كما تضمن الدستور النص في المادة (29) منه على ان الناس متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة.
لما كان ذلك، وكان حق التقاضي من الحقوق العامة التي كفل الدستور المساواة فيها، فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق مع تحقق مناطه وهو قيام المنازعة على حق من حقوق افرادها ينطوي على اهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من الافراد الذين لم يحرموا من هذا الحق، ولا ريب في ان الدستور اذا حدد وسيلة معينة هي المطالبة القضائية للوصول إلى الحق تعين التزام هذه الوسيلة، ولا يجوز للسلطة التشريعية ان تهدرها، فالدستور اذ انشأ السلطة القضائية وأسند اليها الفصل في الخصومات القضائية واقامة العدل بين الناس في حيدة وتجرد مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، فإنه لا يتأتى للسلطة القضائية ان تباشر هذه الوظيفة التي اسندها اليها الدستور، الا اذا تمكن الافراد من ممارسة وسيلة المطالبة القضائية، وبالتالي فإن كل تقييد لوسيلة المطالبة القضائية هو في حقيقته تقييد لوظيفة السلطة القضائية في مزاولة اختصاصها بما ينطوي ذلك على تعارض مع مبدأ فصل السلطات المنصوص عليها في المادة (50) من الدستور، وإهدار للحقوق ذاتها التي كفلها الدستور.
وحيث ان قيام قضاء اداري يختص بنظر الخصومات الادارية، له ولاية الغاء القرارات الادارية المخالفة للقانون، وولاية التعويض عنها، هو ركن اساسي في النظام الدستوري، وقد تضمنه نص صريح في المادة (169) من الدستور، محددا بذلك الوسيلة القانونية للمطالبة القضائية دعما للضمانة الاصيلة التي يحققها الافراد اذا حافت بهم تلك القرارات. وكان ما يصدر عن وزير الشؤون الاجتماعية والعمل من قرارات برفض تسجيل جمعيات النفع العام لا تعدو ان تكون قرارات ادارية، وقد عصم نص الفقرة الثالثة من المادة (9) من القانون رقم (24) لسنة 1962 المشار اليه القرار الصادر برفض التسجيل او التظلم منه من الطعن عليه، ومنع الافراد بذلك من ممارسة حقهم الدستوري بالتقاضي، وأسبغ الحماية عليه بقطع النظر عن مدى مشروعيته، وأغلق باب المنازعة القضائية في شأنه بما يتيح لجهة الادارة التحرر من قيود القانون والتزام أحكامه وضوابطه، وحصن هذا القرار من رقابة القضاء الاداري عليه. واذ حجب النص الطعين القضاء عن نظر الطعن على هذا القرار، مما يمثل اخلالا بحق التقاضي، وخروجها على مبدأ المساواة، وتعارضا مع مبدأ فصل السلطات، ومجافيا لصحيح احكام الدستور المنصوص عليها في المواد (29) و(50) و(166)، ومن ثم فقد حق القضاء بعدم دستوريته.
فلهذه الأسباب حكمت المحكمة: بعدم دستورية ما تضمنته الفقرة الثالثة من المادة (9) من القانون رقم (24) لسنة 1962 في شأن الاندية وجمعيات النفع العام المستبدلة بموجب المرسوم بالقانون رقم (75) لسنة 1988 من النص على انه «لا يجوز الطعن في القرار الصادر برفض التسجيل او التظلم منه... بأي طريق من طرق الطعن أمام القضاء».
وجاء حكم الدستورية في جلستها أمس برئاسة المستشار يوسف المطاوعة بعدم دستورية المادة المذكورة التي كانت تمنع من الطعن في القرار الصادر برفض تسجيل جمعية جديدة أو التظلم من القرار، ليؤكد أن حق التقاضي من الحقوق العامة التي كفلها الدستور، وان حرمان طائفة معينة من هذا الحق، مع تحقق مناطه ينطوي على اهدار لمبدأ المساواة.
وكانت الدائرة الادارية في محكمة التمييز قد احالت الطعن ضد قرار الامتناع عن اشهار الجمعية الكويتية لمتابعة وتقييم الاداء البرلماني.
وتتلخص الواقعة في أن المطعون ضده (ناصر رفاعي محمد الشليمي) اقام على الطاعنين الدعوى رقم (1950) لسنة 2010 اداري/ 2 بطلب الحكم - وفقا لتكييف محكمة اول درجة لطلباته - بالغاء القرار السلبي الصادر من (الطاعن الثاني) بالامتناع عن اشهار الجمعية الكويتية لمتابعة وتقييم الاداء البرلماني، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبيانا لذلك قال انه اسس وآخرون الجمعية الكويتية لمتابعة وتقييم الاداء البرلماني وفقا لاحكام القانون رقم (24) لسنة 1962 في شأن الاندية وجمعيات النفع العام، وتم انتخابه رئيسا لمجلس ادارتها، وقد تقدم إلى (الطاعن الثاني) بطلب اشهار الجمعية وفقا للقانون المشار إليه، فوافق على الطلب واحاله إلى مجلس الوزراء لاتخاذ اللازم واصدار موافقته على تأسيس الجمعية، واذ لم يتلق ردا على طلبه بالموافقة أو الرفض، وهو ما يشكل قرارا سلبيا بالامتناع، مما يجوز معه الطعن عليه بالالغاء، لذا فقد اقام دعواه بطلباته سالفة البيان.
وبتاريخ 11/ 5/ 2011 حكمت محكمة اول درجة بالغاء القرار السلبي الصادر من (الطاعن الثاني) بالامتناع عن اشهار الجمعية الكويتية لمتابعة وتقييم الاداء البرلماني، مع ما يترتب على ذلك من آثار، استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم (1593) لسنة 2011 اداري/ 3، وبتاريخ 26/ 11/ 2013 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن رقم (1720) لسنة 2013 اداري/ 1 واقاما طعنهما على سبب حاصله أن المشرع جعل لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل بموجب المادة (9) من القانون رقم (24) لسنة 1962 سالف الذكر الحق في رفض تسجيل الجمعية، على أن يخطر المؤسسين بهذا القرار خلال موعد لا يجاوز تسعين يوما، ويعتبر فوات هذا الميعاد دون رد بمثابة رفض للطلب، مما يؤكد انتفاء وجود القرار السلبي بالامتناع، وان قرار الرفض - وفقا لهذا المادة - لا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن امام القضاء، واذ ارتأت محكمة التمييز أن ما تضمنته المادة (9) المشار اليها من عدم جواز الطعن في القرار الصادر برفض التسجيل أو التظلم منه بأي طريق من طرق الطعن امام القضاء يثير شبهة عدم الدستورية لمخالفته نص المادة (166) من الدستور فقد قضت بجلسة 24/ 12/ 2014 بوقف نظر الطعن وباحالة الامر إلى المحكمة الدستورية للفصل في مدى دستورية ما ورد بنص هذه المادة متعلقا بهذا الشأن.
وقد نظرت هذه المحكمة الدعوى على الوجه المبين بمحاضر جلساتها، وقدم (المطعون ضده) مذكرة طلب في ختامها الحكم بعدم دستورية ما ورد بنص المادة المذكورة، وقدمت ادارة الفتوى والتشريع مذكرة صممت فيها على طلباتها، وقررت المحكمة اصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم.
المحكمة
وحيث ان المادة (9) من القانون رقم (24) لسنة 1962 في شأن الاندية وجمعيات النفع العام المستبدلة بموجب المرسوم بالقانون رقم (75) لسنة 1988 تنص على انه: «لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل رفض تسجيل الجمعية، وعليه اخطار المؤسسين برفض التسجيل خلال موعد لا يجاوز تسعين يوما من تاريخ تقديم الطلب، ويعتبر فوات هذا الميعاد دون رد من الوزير بمثابة رفض للطلب.
ويجوز التظلم من قرار الرفض امام مجلس الوزراء خلال ثلاثين يوما من تاريخ الاخطار بالرفض أو فوات الميعاد المنصوص عليه في الفقرة السابقة.
ولا يجوز الطعن في القرار الصادر برفض التسجيل أو التظلم منه وكذلك القرارات المنصوص عليها في المادتين 27، 27 مكرر 1 بأي طريق من طرق الطعن امام القضاء».
ويحث أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن نطاق الدعوى الدستورية يتحدد بنطاق النص الوارد بحكم الاحالة، وفي الحدود التي ارتأت فيها المحكمة المحيلة وجود شبهة بعدم دستوريته لمخالفته نصا في الدستور.
لما كان ذلك، وكان الواضح من حكم الاحالة - في الدعوى الماثلة - أنه قد انصب على قيام شبهة بعدم دستورية ما تضمنته الفقرة (الثالثة) من المادة (9) من القانون المشار إليه من النص على عدم جواز الطعن في القرار الصادر برفض التسجيل أو التظلم منه بأي طريق من طرق الطعن امام القضاء، وبالتالي فإن نطاق الدعوى الدستورية يكون مقتصرا على ما وجه من عيب في هذا الصدد، دون مجاوزة ذلك النطاق.
وحيث ان مبنى النعي على نص هذه المادة - حسبما يبين من حكم الاحالة - ان العبارة الواردة بالفقرة الثالثة منها قد جاءت قاطعة الدلالة على عدم جواز الطعن على القرار الصادر برفض تسجيل الجمعية او التظم منه بأي طريق من طرق الطعن امام القضاء، فإنها تكون بذلك قد عصمت هذه القرارات - وهي قرارات ادارية صادرة عن الجهة الادارية وهي بصدد مباشرة سلطتها العامة - من الطعن فيها بالالغاء، وحصنتها من رقابة القضاء الاداري عليها، ومنعت الافراد من طلب الانصاف باللجوء إلى قاضيهم الطبيعي وأسبغت الحماية عليها بقطع النظر عن مدى مشروعيتها، مما يثير شبهة عدم دستوريتها لمخالفتها نص المادة (116) من الدستور.
وحيث ان هذا النعي سديد، ذلك ان الدستور الكويتي حرص على النص في المادة (116) منه على كفالة حق التقاضي للناس كافة، كمبدأ دستوري أصيل، والمستفاد من هذا المبدأ هو حظر النص في القوانين على تحصين اي عمل او تصرف او قرار من الطعن عليه، وانه وان كان لا تناقض بين هذا الحق وبين جواز تنظيمه تشريعيا، الا ان ذلك مشروط بألا يتخذ المشرع من هذا التنظيم وسيلة إلى حظر هذا الحق او اهداره، كما تضمن الدستور النص في المادة (29) منه على ان الناس متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة.
لما كان ذلك، وكان حق التقاضي من الحقوق العامة التي كفل الدستور المساواة فيها، فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق مع تحقق مناطه وهو قيام المنازعة على حق من حقوق افرادها ينطوي على اهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من الافراد الذين لم يحرموا من هذا الحق، ولا ريب في ان الدستور اذا حدد وسيلة معينة هي المطالبة القضائية للوصول إلى الحق تعين التزام هذه الوسيلة، ولا يجوز للسلطة التشريعية ان تهدرها، فالدستور اذ انشأ السلطة القضائية وأسند اليها الفصل في الخصومات القضائية واقامة العدل بين الناس في حيدة وتجرد مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، فإنه لا يتأتى للسلطة القضائية ان تباشر هذه الوظيفة التي اسندها اليها الدستور، الا اذا تمكن الافراد من ممارسة وسيلة المطالبة القضائية، وبالتالي فإن كل تقييد لوسيلة المطالبة القضائية هو في حقيقته تقييد لوظيفة السلطة القضائية في مزاولة اختصاصها بما ينطوي ذلك على تعارض مع مبدأ فصل السلطات المنصوص عليها في المادة (50) من الدستور، وإهدار للحقوق ذاتها التي كفلها الدستور.
وحيث ان قيام قضاء اداري يختص بنظر الخصومات الادارية، له ولاية الغاء القرارات الادارية المخالفة للقانون، وولاية التعويض عنها، هو ركن اساسي في النظام الدستوري، وقد تضمنه نص صريح في المادة (169) من الدستور، محددا بذلك الوسيلة القانونية للمطالبة القضائية دعما للضمانة الاصيلة التي يحققها الافراد اذا حافت بهم تلك القرارات. وكان ما يصدر عن وزير الشؤون الاجتماعية والعمل من قرارات برفض تسجيل جمعيات النفع العام لا تعدو ان تكون قرارات ادارية، وقد عصم نص الفقرة الثالثة من المادة (9) من القانون رقم (24) لسنة 1962 المشار اليه القرار الصادر برفض التسجيل او التظلم منه من الطعن عليه، ومنع الافراد بذلك من ممارسة حقهم الدستوري بالتقاضي، وأسبغ الحماية عليه بقطع النظر عن مدى مشروعيته، وأغلق باب المنازعة القضائية في شأنه بما يتيح لجهة الادارة التحرر من قيود القانون والتزام أحكامه وضوابطه، وحصن هذا القرار من رقابة القضاء الاداري عليه. واذ حجب النص الطعين القضاء عن نظر الطعن على هذا القرار، مما يمثل اخلالا بحق التقاضي، وخروجها على مبدأ المساواة، وتعارضا مع مبدأ فصل السلطات، ومجافيا لصحيح احكام الدستور المنصوص عليها في المواد (29) و(50) و(166)، ومن ثم فقد حق القضاء بعدم دستوريته.
فلهذه الأسباب حكمت المحكمة: بعدم دستورية ما تضمنته الفقرة الثالثة من المادة (9) من القانون رقم (24) لسنة 1962 في شأن الاندية وجمعيات النفع العام المستبدلة بموجب المرسوم بالقانون رقم (75) لسنة 1988 من النص على انه «لا يجوز الطعن في القرار الصادر برفض التسجيل او التظلم منه... بأي طريق من طرق الطعن أمام القضاء».