لقاء الحريري - فرنجية الباريسي «استطلاعيّ»

لبنان يحيي ذكرى استقلاله بقصر مهجور ومؤسسات عاطلة

تصغير
تكبير
لن تُفتح اليوم أبواب القصر الجمهوري في بعبدا... فلا استقبالات في الذكرى الـ 72 للاستقلال، الذي لم يعد له طعم العيد في لبنان، منذ أمد بعيد. وسارية العلم على مدخل القصر الذي يكاد ان ينبت عليه العشب، منكَّسة حزناً على المصير البائس للكرسي الأول، في جمهورية يحكمها «فخامة الفراغ» منذ نحو 18 شهراً.

ولم يساور اللبنانيين في ذكرى الاستقلال المنقوص أيّ أمل افتراضي بقرب الإفراج عن الرئاسة المخطوفة منذ مايو 2014، بعدما تحوّل لبنان ملحقا في الملف السوري، الذي يشهد الآن تَطاحُناً عسكرياً وديبلوماسياً لم يسبق له مثيل على مدى اربعة اعوام، ووسط «رقصة دولية» على ايقاع واحد لمعركة «لا صوت يعلو فوق صوت الحرب على الارهاب».


وهكذا تحوّلت ذكرى الاستقلال في بيروت الى مجرد «أكاليل زهر» بعضها لشخصيات كان لها الفضل في إرساء الاستقلال الاول، وبعضها الآخر على أضرحة شهداء الاستقلال الثاني، ولا سيما الذين اغتيلوا في رحاب ذكرى الاستقلال كالرئيس رينيه معوض (22 اكتوبر 1989) والوزير والنائب بيار امين الجميل (21 اكتوبر 2006).

والأكثر تعبيراً عن تقهقر الدولة التي استقلت قبل 72 عاماً، هو انها ما زالت عالقة الآن، ومنذ أشهر، في ملف النفايات الصلبة، الذي عجزت عن تحقيق «تفاهم وطني» على طمره في أمكنة سقطت الواحدة تلو الأخرى بفعل «فيتوات» مناطقية وفئوية ومذهبية، الامر الذي جعل البلاد التي تستورد كل أزمات المنطقة تبحث عن مكان ملائم لتصدير نفاياتها الى الخارج كـ «أهون الشرور».

غير انه ورغم هذا العجز الناجم عن إرادة أطراف محلية واقليمية بـ «تعليق» الدولة ومؤسساتها في انتظار المقايضات الكبرى في المنطقة، فان لبنان الذي كان يفاخر بقدرته على «شراء الوقت» لمنع انتقال النار السورية الى أرضه، دفع باهظاً قبل نحو اسبوع، ثمن لعنة الارهاب التي تضرب المنطقة والعالم، من خلال التفجير الانتحاري المزدوج في برج البراجنة في ضاحية بيروت الجنوبية.

وفي الوقت الذي تحقق الأجهزة الامنية اللبنانية إنجازات باهرة في حربها الاستباقية على المجموعات التكفيرية التي تتساقط كأحجار الدومينو بعد تفجير برج البراجنة، تراوح أجواء الاستقلال اليوم بين حدين: استكمال شروط ترحيل النفايات ايذاناً بعقد جلسة للحكومة «الممنوعة» من الاجتماع بقرار من تحالف «التيار الوطني الحر» بزعامة العماد ميشال عون و«حزب الله»، وتعاظم بالونات الاختبار حيال شروط كسر المأزق الدستوري - السياسي.

وفي هذا السياق ما زالت التحريات السياسية على أشدها في بيروت لاستكشاف دوافع ونتائج «اللقاء السرّي» الذي عقد قبل ايام في باريس، بين رئيس الحكومة السابق، زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري ورئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، خصوصاً في ضوء المعلومات التي تؤكد انعقاده رغم نفي الطرفين لحصوله.

وتقاطعت المعلومات في بيروت عند ان لقاء الحريري - فرنجية استغرق أكثر من ساعة، وأن التحضيرات له مرّت بمراحل وبدأت بتحرك من مستشار الحريري النائب السابق غطاس خوري في اتجاه رئيس «المردة» الذي التقاه في بنشعي (زغرتا) حيث كانت نقاش تناول المرحلة الماضية وتداعيات الأزمة السورية على لبنان، قبل ان تحصل ترتيبات الاجتماع الباريسي من خلال كلّ من المحامي جوزف عريجي، والد وزير الثقافة روني عريجي، الوثيق الصلة بفرنجية، ومدير مكتب الحريري نادر الحريري، وذلك في بيت الوسط.

وبحسب التقارير، فان رجل الاعمال غيلبير شاغوري، هو الذي تولّى نقل فرنجية بطائرته الخاصة الى باريس، حيث كان اللقاء مع الحريري على عشاء في منزل شاغوري تطرّق الى غالبية العناوين الداخلية والاقليمية، ولا سيما الانتخابات الرئاسية في لبنان، من دون ان ترشح معلومات عن حصيلة هذا اللقاء، وإن تحدثت مصادر عدة عن ان ما جرى هو في إطار «الاستطلاع المتبادل لموقف الطرفين».

وفي موازاة ذلك، أكد رئيس الحكومة تمام سلام أن «التحديات التي تواجهها البلاد بلغت مرحلة لم تعد تسمح بالتباطؤ في البحث عن مخارج من الاستعصاء الراهن»، داعيا إلى «انتخاب رئيس للجمهورية لتصحيح الخلل القائم في البنيان الدستوري، وبث الروح في الحياة السياسية»، ولافتاً إلى أن «تعطيل مفاصل الدولة وإضعاف هيبتها، باتت يشكل جريمة بحق لبنان».

وشدد في بيان أصدره لمناسبة ذكرى الاستقلال على أن «الحصانة الأمنية تحتاج، كي تكتمل، إلى مناخ سياسي وطني سليم، يسد أي ثغرة يسعى الارهابيون إلى النفاذ منها للتخريب وزرع الفتنة»، داعياً إلى «اتخاذ القرارات الوطنية الجريئة، وتقديم التنازلات لمصلحة لبنان»، وموضحاً انه يرى في الحوارات القائمة والأجواء الايجابية المحيطة بها «كوّة أمل في جدار الأزمة، يمكن أن تفتح باب الحلول التي تنقل البلاد الى حال أفضل، وتحصّنها إزاء تداعيات الأحداث الهائلة الدائرة في جوارنا».

بدوره، غرّد الرئيس سعد الحريري على «تويتر» لمناسبة الإستقلال قائلاً: «72 عاماً على استقلال لبنان: تحية لرجال الاستقلال الاول ولشهداء الاستقلال الثاني، الاستقلال حزين لغياب رئيس الجمهورية عن منصته للعام الثاني»، مضيفاً: «الشغور في موقع رئاسة الجمهورية اكبر اهانة توجه الى اللبنانيين في عيدهم الوطني». وتابع: «الجيش والشرعية ضمانة الاستقلال ورئاسة الجمهورية ضمانة الاستقرار للنظام السياسي. وتهنئة اللبنانيين بالعيد لا تكتمل في غياب رأس السلطة ورمز التوازن والعيش المشترك».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي