في «الراي» وعلى صدر الصفحة الأولى من عدد السبت الماضي مانشيت أثارني نوعا ما نصه: «الشفافية الدولية:«خطورة حرجة»... شبهات الفساد في صفقات التسليح الكويتية».
هذا الخبر ليس بجديد بالنسبة لي فقد بينت خطورة تراجع الكويت في مؤشر الفساد الصادر من مؤسسة الشفافية العالمية من دون الإشارة إلى الصفقات ونوعها... والثابت حسب التقارير الدورية السنوية ان مؤشر الفساد للكويت منذ عام 2003 وهو في تراجع ولعل البعض يعلم و «ساكت» لكن مهمتنا تنحصر في التذكير هنا.
والدليل على ان الشفافية غير مرغوب بها محليا? نلاحظ تجنب الطرق المؤدية إلى رفع مستوى مؤشرها بين دول العالم ولا أعني دول الشرق الأوسط التي تتشابه معنا في التركيبة الثقافية بالنسبة للفساد والصلاح.
خذ عندك? الخبر الآخر من العدد نفسه: «مكافحة الفساد» تحيل 111 من المتأخرين عن تقديم إقرارات الذمة المالية إلى إدارة التحقيقات!
وعلى الرغم إنني مدرك لأهمية الشفافية والعمل بها لكن لأي درجة من صلة القرابة والصداقة... هنا تقع المشكلة!
رموز الفساد لديها طرق للالتفاف على القوانين... بمعنى انه قد يأتيك فرد معين بإقرار حول ملكياته وهو من جانب آخر قد «لهط لين قال بس» وبأسماء اخرى لا علاقة لها بشجرة العائلة.
لذلك? مكافحة الفساد تبدأ بعلاج لمسبباته مؤسساتيا عن طريق تقصي حقائق ومتابعة للمشاريع ليس على مستوى الكويت بل حتى خارجها ومتى ما وجد الخيط الدال على ان شخصا ما متورط أو له علاقات مشبوهة بالإمكان البحث فيه... هذا هو النهج المتبع ولكن الذي نريد توضيحه هنا يخص الانفتاح مع الجميع وبكل شفافية.
إن الذي يدفع الشخص المسؤول للبحث عن الثراء بــ «شيمة أو قيمة» هو ببساطة غياب منهجية شفافة في سلسلة اتخاذ القرار لأن سلطة اتخاذ القرار بحد ذاتها توحي لضعاف النفوس إنه يستطيع أن يجير القرار لصالحه بطريقة أو اخرى.
وبالتالي? تجد المؤسسات المحترمة تضع حوكمة صلبة لا يمكن اختراقها في ما يخص اتخاذ القرار من خلال إدارة مخاطر? إدارة تدقيق داخلي وخارجي? بيوت استشارية علمية تمنح استشارات محددة خاصة في المشاريع كبيرة وحتى المشاريع أيا كان نوعها وحجمها... وهلم جرا.
نحن وعلى المستوى البسيط... يعني «الفساد الهين» تكتب كتابا أو تبحث لك عن شخصية مؤثرة و«تشخط» لك لا مانع أو تتساهل معك نوعا ما لتصل إلى حاجتك!
هو طبعا ليس بــ «الفساد الهين» لأن الفساد يبقى فسادا صغر حجمه أم كبر والكيفية في معالجته لا يمكن بلوغها بالقوانين... إنها مسألة إدارية تنظيمية بحتة وهو حسب ما أرى نهج غير متبع.
تستطيع أن تتمنى أن تكون «غنيا»... أو «صاحب نفوذ» وتسعى لذلك وهو حق لا ينازعك عليه أحد ما دامت الطرق المتبعة سليمة وقانونية وأخلاقية.
الزبدة... معيار الأمانة والنزاهة من أهم المعايير التي يجب توافرها عند قياس كفاءة الفرد قبل اختياره لموقع يمنح صفة اتخاذ القرار وهذا بحد ذاته غير كاف، فنحن نحتاج إلى حوكمة إدارية ورقابة صارمة تقذف بكل فاسد خلف القضبان كي يكون عبرة لغيره... وهذا ما أراه لأن المغذي الرئيسي لتفشي ظاهرة الفساد هو غياب العقاب والله المستعان!
[email protected]Twitter: @Terki_ALazmi