ملفّان طغيا على جولة الحوار الوطني

«كرة الأزمات» تتدحرج في لبنان من النفايات إلى التشريع

تصغير
تكبير
على طريقة تفكيك «لغم» ليَظهر آخر، اتجهت التعقيدات اللبنانية نحو فصول إضافية على طريقة الأقنية المتصلة التي لا تنفصل معها حلقة تأزيم عن الأخرى، بما يوحي بان ملف تشريع الضرورة الذي يملي عقد جلسة تشريعية او أكثر لمجلس النواب، سيكون العنوان الطاغي على التطورات الداخلية في الأيام القليلة المقبلة، وسط مخاوف من ان يكون الملف المتأزّم الآخر المتصل بقضية النفايات عاد الى «نقطة الصفر».

ويأتي تركيز الاهتمامات على موضوع انعقاد مجلس النواب من منطلق الضغط الكبير الذي يمارسه رئيس البرلمان نبيه بري على الكتل النيابية والقوى السياسية للموافقة على عقد جلسات تشريعية تحت شعار منْع الانهيار الاقتصادي والذي يوافقه فيه أطراف أساسيون، ولو من خارج فريق 8 آذار، مثل تيار «المستقبل» (يقوده الرئيس سعد الحريري) الذي يبدو انه تَمايز عن حلفائه في قوى 14 آذار في اعتبار تشريع الضرورة أولوية يجب عدم إخضاعها للاشتراطات، على غرار ما يفعل حزب «القوات اللبنانية»، بالتوافق مع زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، بوضع شرط لا يتراجعان عنه وهو إدراج بنديْ مشروع قانون الانتخابات واستعادة الجنسية اللبنانية على جدول أعمال الجلسة التشريعية.


وقالت مصادر نيابية لـ «الراي» ان الوضع الداخلي بات ينذر حقاً ببلوغ حافة الانهيار. واذا لم تكن الجلسة التشريعية التي تدرج على جدول أعمالها قروض وهبات واتفاقات دولية ينبغي على لبنان إبرامها ستحمل الانفراج الكبير، فإنها على الاقل تغدو ضرورية جداً لجهة المساهمة في تقليل أخطار الانهيار من خلال فتح الباب أمام تلقي مساعدات وهبات وقروض تناهز مليار دولار، وتعيد الاعتبار قليلاً الى صورة الدولة الملتزمة حيال الخارج بدل الصورة الشديدة السلبية التي باتت تلصق بلبنان في ظل الفراغ الرئاسي المتمادي منذ 25 مايو 2014.

واشارت المصادر الى أنه ثمة تَقارُب حصل بين «تيار المستقبل» وكل من بري و«حزب الله» حول هذه النقطة يؤمل في ان يترجمه «المستقبل» في محاولة متقدمة لإقناع حلفائه في 14 آذار ولا سيما منهم «القوات اللبنانية»، بتسهيل شروطه لعقد الجلسة، كما ان يسعى «حزب الله» مع حليفه العماد عون للغاية نفسها.

ولمحت المصادر نفسها الى ان بري أظهر في الأيام الأخيرة اتجاهاً حازماً جديداً نحو إلزامية عقد جلسة تشريعية من خلال تلميحه للمرة الاولى، وعلى قاعدة «الضرورات تبيح المحظورات»، الى امكان تخليه عن الطابع الميثاقي للجلسة، اي الذي يفرض تمثيلاً مسيحياً واسعاً في اي جلسة نيابية، لمصلحة اعتماد مشاركة الأكثرية في الجلسة فقط بحال أصر عون و«القوات» على عدم الحضور الا اذا تم إدراج قانون الانتخاب (قانون استعادة الجنسية أُدرج) الذي يعتبر رئيس البرلمان ان ليس بالأمكان طرحه الآن نظراً لوجود نحو 17 اقتراحاً مقدّماً حوله. وهذا الأمر اثار حفيظة القوى المسيحية اي «القوات» و«التيار الحر» وحزب «الكتائب» (يرفض اي تشريع في البرلمان في ظل الفراغ الرئاسي)، والتي تجري المساعي الحثيثة معها كلٌّ بمفردها لحملها على ابداء المرونة الكافية لعقد الجلسة.

وعُقدت أمس الجولة التاسعة من جولات الحوار النيابي في مجلس النواب بمقاطعة حزب «الكتائب» الذي علّق مشاركته في الجولتين الاخيرتين، رابطاً عودته بإنهاء أزمة النفايات في البلاد.

وطغى ملف النفايات على الجولة الحوارية، التي غاب عنها ايضاً العماد عون الذي مثّله النائب ابرهيم كنعان، وسط ترقُّب للجواب الذي حمله النائب الدرزي طلال ارسلان على اقتراح «حزب الله» و«امل» بإقامة مطمر في منطقة الشويفات - محلة الكوستابرافا، بعدما عجز الثنائي الشيعي عن إقناع أهالي الجنوب والبقاع بإنشاء مطمر في اي منطقة فيهما لتلقي نفايات الضاحية والمتن الجنوبي. علماً انه على هذا الجواب توقّف انعقاد جلسة مجلس الوزراء المخصصة لإنهاء وضع المراسيم التطبيقية لخطة معالجة أزمة النفايات.

واللافت كان ما رشَح بعد الظهر عن عودة مناخ التعقيد الى قضية النفايات اذ اشار مشارِكون في الحوار الوطني بعد رفْع الجلسة الى 17 الجاري، الى ان خيار ترحيل النفايات الى المياه الإقليمية او الى احدى الدول طُرح على بساط البحث، وسط تشاؤم ساد حيال امكان موافقة اهالي الشويفات في اجتماعهم مع النائب ارسلان الذي عُقد عصراً على مطمر الكوستابرافا، الأمر الذي سيعني تعذُّر الدعوة الى جلسة حكومية ومعاودة البحث في خيارات أخرى لحل مشلة القمامة.

كما لم تغب عن الحوار، المخصص اساساً لاستكمال البحث في مواصفات رئيس الجمهورية، مسألة الجلسة التشريعية للمجلس النيابي وذلك قبيل اجتماع هيئة مكتب البرلمان الذي عُقد بعد الجولة الحوارية.

وقد أبدت أوساط مطلعة عبر «الراي» شكوكها حيال إمكان تبديد «الفيتوات» على انعقاد الجلسة التشريعية في وقت مبكّر، ما يعني ان واقع التشريع في مجلس النواب سيكون محفوفاً بالتعقيد أسوة بالواقع الحكومي بما يصعب معه على بري المضي في عقد جلسة من دون مشاركة اي من القوى المسيحية الرئيسية، علماً ان حالة التنافس المتفاقمة بين هذه القوى بلغت حدود عودة وزراء الكتائب والوزراء المستقلين المسيحيين الى حدّ التهديد بالاستقالة من الحكومة في حال لم يُتخذ القرار الحاسم بتنفيذ الخطة الحكومية لإنهاء أزمة النفايات وعقْد جلسة لمجلس الوزراء.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي