«هوليوود حلم كل ممثّل... ولكن يجب ألا تكون الإطلالة فيها (دحش) بفيلم (مدري لمين)»
عمار شلق لـ «الراي»: قدراتي التمثيلية لا تقلّ عن أي ممثل أجنبي !
عمار شلق
في مشهد من مسلسل «المنتقم»
• لا أتابع أي عمل رمضاني... بل أشاهد الأفلام العالمية التي فاتتني
• رمضان لا يسيء للدراما... بل السلق والاستعجال هما اللذان يتسببان في الإساءة !
• رمضان لا يسيء للدراما... بل السلق والاستعجال هما اللذان يتسببان في الإساءة !
حينما يتجرأ فنان عربي على القول «إن قدراتي تضاهي قدرات أي ممثل عالمي من المشاهير»، يجب أن نأخذ عبارته هذه على محمل الجد، لا بوصفها «مبالغة عابرة»!
«الراي» تحدثت مع الفنان اللبناني عمار شلق، في هذا الحوار المطوَّل، فقال بثقةٍ تكاد تطاول السقف إنه يعتز بامتلاكه طاقة تمثيلية فائقة تجعله يقف - جنباً إلى جنب - مع أيٍّ من مشاهير هوليوود!
فهل هي ثقة حقيقية بالنفس، أم تراها نوعاً من المكابرة، خصوصاً أن البون لا يزال شاسعاً بين الدراما العربية بأنواعها ونظيرتها في أميركا وأوروبا!
هذا ما سيكشفه الحديث مع عمار شلق الذي أطل في رمضان الفائت على جمهوره من خلال مسلسل «عين الجوزة» الذي تناول مرحلة الانتداب الفرنسي، من إنتاج شركة «الفارس للإنتاج الفني»، بإدارة المخرج ناجي طعمي، وهو إنتاج عربي ضخم، وسيناريو للروائي إبراهيم فضل الله، مأخوذ عن روايته التي تحمل الاسم نفسه، وشارك فيه أيضاً ممثلون من لبنان وسورية وفلسطين، أبرزهم أسعد فضة، منير كسرواني، عبد المجيد مجذوب، محمد خير الجراح، كندة حنا، جورج شلهوب، باسم مغنيّة، وفاء شرارة، طوني عيسى، يوسف حداد، وآلان الزغبي وغيرهم.
شلق، الذي حقق نجاحاً لافتاً في الدراما المصرية من خلال مسلسليْ «لحظات حرجة» و«المنتقم»، أوجد لهجة خاصة به في الدراما تجمع بين المصرية واللبنانية، أحبها الجمهور المصري وطالبه بها، وهو يردّها إلى زياراته المتكررة لمصر التي جعلته يتكلم بهذه الطريقة.
عمار شلق إلى أنه لا يتابع الدراما التليفزيونية في رمضان، بل هو ينتهز الفرصة كي يشاهد الأفلام العالمية التي فاتته متابعتها بسبب انشغاله بالتصوير طوال العام، مشيراً إلى «أن رمضان لا يسيء إلى الدراما»، معبّراً عن أنه «ضدّ ظاهرة أن يكون رمضان للدراما، بل يجب تقديم أعمال طوال السنة، مشيراً إلى أنه عندما يباغتنا الوقت مع اقتراب موعد رمضان، ويبدأ (السلق) عندها تحصل الإساءة». في حديثه إلى «الراي»، أشار عمار شلق إلى «أن هوليوود هي حلم كل فنان عربي، ولكن يجب أن تكون التجربة على الأصول، أما أن يشارك الممثل بطريقة (الدحش) أو الإقحام في فيلم مغمور أو موجَّه‘ فهذا ليس أمراً مهماً، ولا يمثل شرفاً للفنان»!
شلق تحدث مع «الراي»عن الكثير من قضايا الفن على الساحة العربية، واستعرض آراءه في تجاربه الدرامية المتعددة والمختلفة، خصوصاً في مصر، وفي ما يأتي التفاصيل:
? تبدو الأصداء إيجابية جداً حول تجربتك الفنية في مصر، وهناك إجماع على محبتك، وعلى موهبتك في بلد الـ 90 مليوناً؟
- إنها شهادة كبيرة وجديدة من مصر، ولا يسعني سوى أن أشكر الله عليها.
? هل تشعر بأن العرب تأخروا في تقدير الممثل اللبناني؟
- هذا السؤال يُتداول دائماً. المسألة لا تتعلق بالتأخر في تقدير الفنان اللبناني، بل المشكلة تتعلق بالدراما اللبنانية نفسها، وهي ترتبط من جهة بعلاقة بعض محطات التلفزيون وبعض المنتجين اللبنانيين بالدراما اللبنانية، ومن جهة أخرى بتعاطي شركات الإعلان - التي هي ركن أساسي في محطات التلفزة - مع هذه الدراما. وبالنسبة إلى الممثل في الدراما اللبنانية، فهو عامل مثله مثل مهندس الصوت أو المصوّر، حيث يعمل الكل من أجل أن يكون المنتَج جيداً. كما تتعلق المشكلة، بالسقف الذي تحدده التلفزيونات للدراما اللبنانية.
? ولكننا نلاحظ أن مَن يعملون في الدراما المشتركة يبتعدون عن الدراما المحلية؟
- وهذا ما أحاول أن أقوله. الأجور التي تُدفع في الدراما المشتركة ووقت التصوير الذي يتطلبه العمل، هو أفضل بكثير من الأجور ووقت التصوير الطويل الذي تتطلبه الدراما المحلية، ولذلك يفضّل الممثل اللبناني الحضور في الدراما المشتركة، لأنه يتقاضى أجراً أكبر ويحقق انتشاراً عربياً أفضل.
? ولكن الدراما المحلية هي مسؤولية الممثل؟
- كلا، هي ليست مسؤوليتنا، بل مسؤولية الصحافة والتلفزيونات والمنتج والكاتب. مَن يتحمل المسؤولية هو المنتج والتلفزيون وشركات الإعلان في الدرجة الأولى، ثم الكاتب والمخرج والممثل. هم ظلوا يحمّلون المسؤولية للممثل فترة طويلة وكانت النتيجة أن الممثلين ماتوا على أبواب المستشفيات. المنتج «قبر الفقر»، وأغلى الإعلانات كانت تُعرض في غالبية الأعمال التي شاركتُ فيها، ولكن الذي قطف الثمرة هي التلفزيونات وشركات الإنتاج، وفي نهاية المطاف مات كمال الحلو على باب المستشفى. لم يعد مسموحاً بأن يتحمل الممثّل أي مسؤولية.
? يبدو أن هذا الموضوع استفزك؟
- جداً، فهم يحملوننا المسؤولية لأننا في الواجهة، بينما المسؤول هو التلفزيونات وشركات الإعلان، ثم المنتجون.
? وجّهتُ إليك هذا السؤال، لأن الممثلين اللبنانيين يقولون دائماً إنهم معنيون بتطور الدراما اللبنانية؟
- ونحن حاولنا، وأنا واحد من الممثلين الذين حاولوا ورفضتُ الكثير من العروض الخارجية، وعندما اشتغلت في الدراما المصرية أصررتُ على التحدث باللهجة اللبنانية، «وبعدين... مين اللي عم يقطف»! لا يجوز تحميل الممثل المسؤولية بعد اليوم، وأعتقد أن الناس واعون لهذه المسألة. فلنخرج من لعبة «الأنا» والنجومية، ولنقل إن الممثل هو كأي عامل في الدراما، ولكن الأضواء عليه، ومَن يقطف هم أرباب العمل، أي التلفزيونات والمنتجون، والمسؤولية تقع عليهم في تحسين وضع الدراما اللبنانية.
? هل تقصد أن هؤلاء يشتغلون من أجل جيوبهم وليس من أجل مصلحة الدراما؟
- أنا لم أقل هذا الكلام.
? بل أنا مَن طرح السؤال؟
- ولكن لا يحق لك أن تقولي هذا الكلام على لساني.
? وهل النجومية والانتشار هما ما كنتَ تبحث عنه في مصر؟
- كلا. الطموح يبقى موجوداً عند الممثل، وهو يسعى إلى تقديم أدوار ترضي غروره وقدراته أكثر. لكن التجربة في بلد صاحب تاريخ فني عريق في الدراما لها طعم خاص. أنا كنت أقول دائماً إن التمثيل عبارة عن مدارس، وإن الممثل اللبناني أو السوري أو المصري، ينتمي كل منهم إلى مدرسة معينة نتيجة البيئة التي تحيط به، واختلاط هذه المدارس يجعل كل ممثل منهم يستفيد من الآخر من أجل الوصول إلى تجارب تمثيلية جديدة و«السلطنة» معاً، كي يشاهد الجمهور أداء مختلفاً.
? تبدو لافتةً اللهجة التي تتحدث بها في الدراما المصرية والتي تجمع في وقت واحد بين المصرية واللبنانية؟
- في الجزء الأول من مسلسل «لحظات حرجة» تحدثتُ باللهجة اللبنانية الخالصة وتَكرر الأمر نفسه في الجزء الثاني منه، ولكن في الجزء الثالث جمعتُ بين اللهجتين المصرية واللبنانية، مع أنني عاهدتُ نفسي على أن أمثل باللهجة اللبنانية. لكن من خلال وجودي في مصر وإقامتي فيها، صرت كإنسان أخلط بين اللهجتين، تماماً كما يحصل مع المصري الذي يقيم في لبنان والذي يتكلم «لبناني مكسّر».
? هل تعتقد أنك ساهمتَ في إيجاد لهجة جديدة؟
- كلا، ولكنني حاولتُ أن أتكلم في الدراما باللهجة نفسها التي أتحدث فيها عندما أتواجد في مصر، لأنني أزورها منذ فترة طويلة، وهذا الأمر كان مناسباً للدور وخصوصاً في الجزء الثالث. كما أنني كررتُ التجربة في مسلسل «المنتقم»، لأنني لعبتُ دور رجل أعمال يتنقّل بين لبنان ومصر، ومن الطبيعي أن يحصل لديه هذا المزج بين اللهجتين.
? وهل اعترض الجمهور المصري على هذه اللهجة؟
- أبداً، بل هو أَحبها جداً، وهناك مَن أخبرني أن لهجتي اللبنانية جميلة وأَحب الخلطة التي أستخدمها في الكلام، لأنها تشير إلى أن لا فارق بين اللهجة اللبنانية واللهجة المصرية.
? غالبية الفنانين يعيشون عقدة النجومية وتطغى «الأنا» على شخصيتهم وتصرفاتهم عندما ينتشرون ويصبحون معروفين، وهذه الناحية لا نلاحظها عندك، ولا يبدو أنك تهتمّ لقشور النجومية؟
- لا يمكنني أن أجيب عن الآخرين، وأنا لا أعرف الفنانين الذين يعانون عقدة النجومية. لكن بالنسبة إليّ، أعتبر نفسي ممثلاً قبل أن أعتبر نفسي نجماً.
? إلى جانب النجاح والانتشار والشهرة التي حققتَها في التلفزيون، نلاحظ أنك لم تتخل عن المسرح، هل لأنك تبحث عن التوازن بين المجالات الفنية التي تظهر فيها؟
- أنا خريج الجامعة اللبنانية - قسم المسرح، وكل فنان يتخرّج من المسرح يبقى هاجساً عنده أن يعود إلى المسرح وأن يمثّل على خشبته.
? وهل تتحقق متعتك الشخصية من خلال المسرح؟
- طبعاً. ولو أن الحركة المسرحية ناشطة لما اشتغلتُ إلا في المسرح.
? هل يمكن أن تخوض تجربة العمل في المسرح خارج لبنان؟
- طبعاً. تجربة المدارس التمثيلية تنطبق على المسرح والتلفزيون والسينما. وسواء حصلت التجربة خارج لبنان أو داخله، فهي عبارة عن خلْطات بيئية ثقافية، وأنا أرحّب كثيراً بأي تجربة مسرحية خارج لبنان.
? وهل يمكن أن تعيش خارج لبنان؟
- الأمر وارد جداً. أكثر من مرة كدتُ أن أتخذ مثل هذه الخطوة، ولكنني لم أتمكن من التخلي عن لبنان. منذ العام 2006 بدأت الفكرة تراودني، حتى أنني عاينتُ عدداً من الشقق ثم ما لبثتُ أن بدّلتُ رأيي في اللحظة الأخيرة.
? ماذا تابعت في رمضان الفائت، خصوصاً أن الموسم كان حافلاً هذه السنة بوفرة مسلسلاته؟
- بصراحة لا أتابع أيّ عمل، وهذا ما أفعله في كل المواسم الرمضانية، حيث أنتهز الفرصة لمشاهدة الأفلام العالمية التي لم تتسنّ لي مشاهدتها عند عرضها. عادةً أنا أكون طوال العام مشغولاً بحيث لا أشاهد شيئاً ولا أقرأ كتاباً، ولذلك أستغلّ شهر رمضان لمشاهدة الأفلام، أما المسلسلات فيمكنني مشاهدتها عند الإعادات.
? هل ترى أن رمضان يسيء للدراما؟
- أنا لست مع ظاهرة أن يكون رمضان للدراما، بل يمكننا العمل وتقديم أعمال طوال السنة. رمضان لا يسيء للدراما، ولكن عندما يباغتنا الوقت مع اقتراب موعد رمضان ويبدأ «السلق»، عندها تحصل الإساءة، ولكن لا يخضع الكل لهذه اللعبة.
? ربما تستحقّ أكثر من غيرك أن يُطرح عليك هذا السؤال: هل تحلم بـ هوليوود؟
- لا يوجد ممثل عربي أو غير عربي لا يعيش هذا الحلم. ولكن حتى لو جاء العرض من هوليوود فيجب أن يكون مناسباً، وليس أن نطلّ بالإقحام أو «الدحش» في فيلم مغمور «مدري لمين»، أو يمضي في أي اتجاه. يجب أن تكون التجربة على الأصول أو من دونها أفضل. الممثل هو واجهة للعالم العربي كله، ومن خلال إطلالته في هوليوود، يجب أن يكون في المكان المناسب وأن يشرّف العالم العربي كله. أما في ما يتعلق بقدراتي كممثل، فإنها لا تقل عن قدرات أي ممثل أجنبي مرموق مهما كانت جنسيته. فيلم «الرسالة» أُعدت منه نسختان، الأولى بالعربية والثانية باللغة الإنكليزية. محمود العقاد يومها جمع الممثلين العرب وقال لهم: «انتو بيّضتو الوجه، أنتم كنتم في أماكنكم في هوليوود، وعندما تعودون إلى دولكم العربية، حاولوا أن تكونوا في مطارحكم كما في هوليوود، وفي الوقت نفسه لا تعتقدوا أن الدول العربية ستتعاطى إنتاجياً كما كان الإنتاج في هذا العمل». وهذا الكلام رواه أحدهم عن لسان الممثل الراحل عبد الله غيث.
«الراي» تحدثت مع الفنان اللبناني عمار شلق، في هذا الحوار المطوَّل، فقال بثقةٍ تكاد تطاول السقف إنه يعتز بامتلاكه طاقة تمثيلية فائقة تجعله يقف - جنباً إلى جنب - مع أيٍّ من مشاهير هوليوود!
فهل هي ثقة حقيقية بالنفس، أم تراها نوعاً من المكابرة، خصوصاً أن البون لا يزال شاسعاً بين الدراما العربية بأنواعها ونظيرتها في أميركا وأوروبا!
هذا ما سيكشفه الحديث مع عمار شلق الذي أطل في رمضان الفائت على جمهوره من خلال مسلسل «عين الجوزة» الذي تناول مرحلة الانتداب الفرنسي، من إنتاج شركة «الفارس للإنتاج الفني»، بإدارة المخرج ناجي طعمي، وهو إنتاج عربي ضخم، وسيناريو للروائي إبراهيم فضل الله، مأخوذ عن روايته التي تحمل الاسم نفسه، وشارك فيه أيضاً ممثلون من لبنان وسورية وفلسطين، أبرزهم أسعد فضة، منير كسرواني، عبد المجيد مجذوب، محمد خير الجراح، كندة حنا، جورج شلهوب، باسم مغنيّة، وفاء شرارة، طوني عيسى، يوسف حداد، وآلان الزغبي وغيرهم.
شلق، الذي حقق نجاحاً لافتاً في الدراما المصرية من خلال مسلسليْ «لحظات حرجة» و«المنتقم»، أوجد لهجة خاصة به في الدراما تجمع بين المصرية واللبنانية، أحبها الجمهور المصري وطالبه بها، وهو يردّها إلى زياراته المتكررة لمصر التي جعلته يتكلم بهذه الطريقة.
عمار شلق إلى أنه لا يتابع الدراما التليفزيونية في رمضان، بل هو ينتهز الفرصة كي يشاهد الأفلام العالمية التي فاتته متابعتها بسبب انشغاله بالتصوير طوال العام، مشيراً إلى «أن رمضان لا يسيء إلى الدراما»، معبّراً عن أنه «ضدّ ظاهرة أن يكون رمضان للدراما، بل يجب تقديم أعمال طوال السنة، مشيراً إلى أنه عندما يباغتنا الوقت مع اقتراب موعد رمضان، ويبدأ (السلق) عندها تحصل الإساءة». في حديثه إلى «الراي»، أشار عمار شلق إلى «أن هوليوود هي حلم كل فنان عربي، ولكن يجب أن تكون التجربة على الأصول، أما أن يشارك الممثل بطريقة (الدحش) أو الإقحام في فيلم مغمور أو موجَّه‘ فهذا ليس أمراً مهماً، ولا يمثل شرفاً للفنان»!
شلق تحدث مع «الراي»عن الكثير من قضايا الفن على الساحة العربية، واستعرض آراءه في تجاربه الدرامية المتعددة والمختلفة، خصوصاً في مصر، وفي ما يأتي التفاصيل:
? تبدو الأصداء إيجابية جداً حول تجربتك الفنية في مصر، وهناك إجماع على محبتك، وعلى موهبتك في بلد الـ 90 مليوناً؟
- إنها شهادة كبيرة وجديدة من مصر، ولا يسعني سوى أن أشكر الله عليها.
? هل تشعر بأن العرب تأخروا في تقدير الممثل اللبناني؟
- هذا السؤال يُتداول دائماً. المسألة لا تتعلق بالتأخر في تقدير الفنان اللبناني، بل المشكلة تتعلق بالدراما اللبنانية نفسها، وهي ترتبط من جهة بعلاقة بعض محطات التلفزيون وبعض المنتجين اللبنانيين بالدراما اللبنانية، ومن جهة أخرى بتعاطي شركات الإعلان - التي هي ركن أساسي في محطات التلفزة - مع هذه الدراما. وبالنسبة إلى الممثل في الدراما اللبنانية، فهو عامل مثله مثل مهندس الصوت أو المصوّر، حيث يعمل الكل من أجل أن يكون المنتَج جيداً. كما تتعلق المشكلة، بالسقف الذي تحدده التلفزيونات للدراما اللبنانية.
? ولكننا نلاحظ أن مَن يعملون في الدراما المشتركة يبتعدون عن الدراما المحلية؟
- وهذا ما أحاول أن أقوله. الأجور التي تُدفع في الدراما المشتركة ووقت التصوير الذي يتطلبه العمل، هو أفضل بكثير من الأجور ووقت التصوير الطويل الذي تتطلبه الدراما المحلية، ولذلك يفضّل الممثل اللبناني الحضور في الدراما المشتركة، لأنه يتقاضى أجراً أكبر ويحقق انتشاراً عربياً أفضل.
? ولكن الدراما المحلية هي مسؤولية الممثل؟
- كلا، هي ليست مسؤوليتنا، بل مسؤولية الصحافة والتلفزيونات والمنتج والكاتب. مَن يتحمل المسؤولية هو المنتج والتلفزيون وشركات الإعلان في الدرجة الأولى، ثم الكاتب والمخرج والممثل. هم ظلوا يحمّلون المسؤولية للممثل فترة طويلة وكانت النتيجة أن الممثلين ماتوا على أبواب المستشفيات. المنتج «قبر الفقر»، وأغلى الإعلانات كانت تُعرض في غالبية الأعمال التي شاركتُ فيها، ولكن الذي قطف الثمرة هي التلفزيونات وشركات الإنتاج، وفي نهاية المطاف مات كمال الحلو على باب المستشفى. لم يعد مسموحاً بأن يتحمل الممثّل أي مسؤولية.
? يبدو أن هذا الموضوع استفزك؟
- جداً، فهم يحملوننا المسؤولية لأننا في الواجهة، بينما المسؤول هو التلفزيونات وشركات الإعلان، ثم المنتجون.
? وجّهتُ إليك هذا السؤال، لأن الممثلين اللبنانيين يقولون دائماً إنهم معنيون بتطور الدراما اللبنانية؟
- ونحن حاولنا، وأنا واحد من الممثلين الذين حاولوا ورفضتُ الكثير من العروض الخارجية، وعندما اشتغلت في الدراما المصرية أصررتُ على التحدث باللهجة اللبنانية، «وبعدين... مين اللي عم يقطف»! لا يجوز تحميل الممثل المسؤولية بعد اليوم، وأعتقد أن الناس واعون لهذه المسألة. فلنخرج من لعبة «الأنا» والنجومية، ولنقل إن الممثل هو كأي عامل في الدراما، ولكن الأضواء عليه، ومَن يقطف هم أرباب العمل، أي التلفزيونات والمنتجون، والمسؤولية تقع عليهم في تحسين وضع الدراما اللبنانية.
? هل تقصد أن هؤلاء يشتغلون من أجل جيوبهم وليس من أجل مصلحة الدراما؟
- أنا لم أقل هذا الكلام.
? بل أنا مَن طرح السؤال؟
- ولكن لا يحق لك أن تقولي هذا الكلام على لساني.
? وهل النجومية والانتشار هما ما كنتَ تبحث عنه في مصر؟
- كلا. الطموح يبقى موجوداً عند الممثل، وهو يسعى إلى تقديم أدوار ترضي غروره وقدراته أكثر. لكن التجربة في بلد صاحب تاريخ فني عريق في الدراما لها طعم خاص. أنا كنت أقول دائماً إن التمثيل عبارة عن مدارس، وإن الممثل اللبناني أو السوري أو المصري، ينتمي كل منهم إلى مدرسة معينة نتيجة البيئة التي تحيط به، واختلاط هذه المدارس يجعل كل ممثل منهم يستفيد من الآخر من أجل الوصول إلى تجارب تمثيلية جديدة و«السلطنة» معاً، كي يشاهد الجمهور أداء مختلفاً.
? تبدو لافتةً اللهجة التي تتحدث بها في الدراما المصرية والتي تجمع في وقت واحد بين المصرية واللبنانية؟
- في الجزء الأول من مسلسل «لحظات حرجة» تحدثتُ باللهجة اللبنانية الخالصة وتَكرر الأمر نفسه في الجزء الثاني منه، ولكن في الجزء الثالث جمعتُ بين اللهجتين المصرية واللبنانية، مع أنني عاهدتُ نفسي على أن أمثل باللهجة اللبنانية. لكن من خلال وجودي في مصر وإقامتي فيها، صرت كإنسان أخلط بين اللهجتين، تماماً كما يحصل مع المصري الذي يقيم في لبنان والذي يتكلم «لبناني مكسّر».
? هل تعتقد أنك ساهمتَ في إيجاد لهجة جديدة؟
- كلا، ولكنني حاولتُ أن أتكلم في الدراما باللهجة نفسها التي أتحدث فيها عندما أتواجد في مصر، لأنني أزورها منذ فترة طويلة، وهذا الأمر كان مناسباً للدور وخصوصاً في الجزء الثالث. كما أنني كررتُ التجربة في مسلسل «المنتقم»، لأنني لعبتُ دور رجل أعمال يتنقّل بين لبنان ومصر، ومن الطبيعي أن يحصل لديه هذا المزج بين اللهجتين.
? وهل اعترض الجمهور المصري على هذه اللهجة؟
- أبداً، بل هو أَحبها جداً، وهناك مَن أخبرني أن لهجتي اللبنانية جميلة وأَحب الخلطة التي أستخدمها في الكلام، لأنها تشير إلى أن لا فارق بين اللهجة اللبنانية واللهجة المصرية.
? غالبية الفنانين يعيشون عقدة النجومية وتطغى «الأنا» على شخصيتهم وتصرفاتهم عندما ينتشرون ويصبحون معروفين، وهذه الناحية لا نلاحظها عندك، ولا يبدو أنك تهتمّ لقشور النجومية؟
- لا يمكنني أن أجيب عن الآخرين، وأنا لا أعرف الفنانين الذين يعانون عقدة النجومية. لكن بالنسبة إليّ، أعتبر نفسي ممثلاً قبل أن أعتبر نفسي نجماً.
? إلى جانب النجاح والانتشار والشهرة التي حققتَها في التلفزيون، نلاحظ أنك لم تتخل عن المسرح، هل لأنك تبحث عن التوازن بين المجالات الفنية التي تظهر فيها؟
- أنا خريج الجامعة اللبنانية - قسم المسرح، وكل فنان يتخرّج من المسرح يبقى هاجساً عنده أن يعود إلى المسرح وأن يمثّل على خشبته.
? وهل تتحقق متعتك الشخصية من خلال المسرح؟
- طبعاً. ولو أن الحركة المسرحية ناشطة لما اشتغلتُ إلا في المسرح.
? هل يمكن أن تخوض تجربة العمل في المسرح خارج لبنان؟
- طبعاً. تجربة المدارس التمثيلية تنطبق على المسرح والتلفزيون والسينما. وسواء حصلت التجربة خارج لبنان أو داخله، فهي عبارة عن خلْطات بيئية ثقافية، وأنا أرحّب كثيراً بأي تجربة مسرحية خارج لبنان.
? وهل يمكن أن تعيش خارج لبنان؟
- الأمر وارد جداً. أكثر من مرة كدتُ أن أتخذ مثل هذه الخطوة، ولكنني لم أتمكن من التخلي عن لبنان. منذ العام 2006 بدأت الفكرة تراودني، حتى أنني عاينتُ عدداً من الشقق ثم ما لبثتُ أن بدّلتُ رأيي في اللحظة الأخيرة.
? ماذا تابعت في رمضان الفائت، خصوصاً أن الموسم كان حافلاً هذه السنة بوفرة مسلسلاته؟
- بصراحة لا أتابع أيّ عمل، وهذا ما أفعله في كل المواسم الرمضانية، حيث أنتهز الفرصة لمشاهدة الأفلام العالمية التي لم تتسنّ لي مشاهدتها عند عرضها. عادةً أنا أكون طوال العام مشغولاً بحيث لا أشاهد شيئاً ولا أقرأ كتاباً، ولذلك أستغلّ شهر رمضان لمشاهدة الأفلام، أما المسلسلات فيمكنني مشاهدتها عند الإعادات.
? هل ترى أن رمضان يسيء للدراما؟
- أنا لست مع ظاهرة أن يكون رمضان للدراما، بل يمكننا العمل وتقديم أعمال طوال السنة. رمضان لا يسيء للدراما، ولكن عندما يباغتنا الوقت مع اقتراب موعد رمضان ويبدأ «السلق»، عندها تحصل الإساءة، ولكن لا يخضع الكل لهذه اللعبة.
? ربما تستحقّ أكثر من غيرك أن يُطرح عليك هذا السؤال: هل تحلم بـ هوليوود؟
- لا يوجد ممثل عربي أو غير عربي لا يعيش هذا الحلم. ولكن حتى لو جاء العرض من هوليوود فيجب أن يكون مناسباً، وليس أن نطلّ بالإقحام أو «الدحش» في فيلم مغمور «مدري لمين»، أو يمضي في أي اتجاه. يجب أن تكون التجربة على الأصول أو من دونها أفضل. الممثل هو واجهة للعالم العربي كله، ومن خلال إطلالته في هوليوود، يجب أن يكون في المكان المناسب وأن يشرّف العالم العربي كله. أما في ما يتعلق بقدراتي كممثل، فإنها لا تقل عن قدرات أي ممثل أجنبي مرموق مهما كانت جنسيته. فيلم «الرسالة» أُعدت منه نسختان، الأولى بالعربية والثانية باللغة الإنكليزية. محمود العقاد يومها جمع الممثلين العرب وقال لهم: «انتو بيّضتو الوجه، أنتم كنتم في أماكنكم في هوليوود، وعندما تعودون إلى دولكم العربية، حاولوا أن تكونوا في مطارحكم كما في هوليوود، وفي الوقت نفسه لا تعتقدوا أن الدول العربية ستتعاطى إنتاجياً كما كان الإنتاج في هذا العمل». وهذا الكلام رواه أحدهم عن لسان الممثل الراحل عبد الله غيث.