الانتخابات الرئاسية أسيرة العرض الإيراني: رئيس «بلا طعم» في لبنان وبقاء الأسد بسورية
لبنان يستعيد معادلة «لا انفجار ولا انفراج»
يمضي لبنان في تقهقر لا سابق له، فالدولة المنكوبة بصراعات تشلّ مؤسساتها الواحدة تلو الأخرى، تعجز منذ أكثر من ثلاثة أشهر عن إيجاد مطامر لدفن «الكارثة الوطنية» المتمثلة بأزمة النفايات المنزلية، في الوقت الذي تشتدّ من حول لبنان حروب العسكر والديبلوماسية في منطقةٍ تترنّح فوق فوهة مقايضات كبرى ترتسم حدودها وساحاتها وأثمانها بالحديد والنار.
وفيما انكفأت «هبّة» التصعيد بين «حزب الله» و?» ?تيار المستقبل» لمصلحة انتظام اللعبة السياسية الداخلية على كل المستويات تحت سقف «لا انفراج ولا انفجار»، وسط استعدادات لاستئناف الحوار الثنائي بين الجانبين الثلاثاء المقبل، غداة انعقاد جولة جديدة لطاولة الحوار التي دعا اليها رئيس البرلمان نبيه بري، مرّ الموعد رقم 30 لانتخاب رئيس للجمهورية الذي كان محدَّداً امس بأقلّ قدر من «الاهتمام» الإعلامي بعدما صار مشهد النصاب المفقود ملازِماً لجلسات الـ «لا انتخاب» نتيجة الموقف التعطيلي لكتلتيْ العماد ميشال عون و«حزب الله».
ولكن ما جعل جلسة الانتخاب التي تم إرجاؤها الى 11 نوفمبر المقبل محطّ معاينة سياسية تطوران: الاول انها جاءت وسط وضوح أكبر للأبعاد الإقليمية للملف الرئاسي واستخداماته في سياق «مقايضات» خارجية تتصل بمستقبل الرئيس السوري بشار الأسد، وداخلية يراد منها حسم «معركة النفوذ» الاقليمي لمصلحة فريق 8 آذار، ومن ورائه ايران. والثاني ان آفاق أزمة المنطقة تُظهِر منحى أشدّ تعقيداً ولا سيما في الملف السوري، حيث كان الحدَث أمس إعلان ان الرئيس بشار الأسد قام بزيارة لموسكو التقى خلالها «منقذه» الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وسط اقتناع متنامٍ بأن «الحرب في سورية بدأت الآن» وفق تعبير النائب وليد جنبلاط.
ولعلّ الأكثر تظهيراً لطبيعة المواجهة الاستراتيجية التي يشكّل الملف الرئاسي اللبناني جزءاً رئيسياً منها كان رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الذي رسم خلال جلسة مع حلقة ضيقة من الاعلاميين كانت «الراي» بينهم لوحة شاملة لموقع هذا الملف على «رقعة الشطرنج» الاقليمية، محدداً جوهر المعركة و«اللعبة» التي تنخرط فيها ايران و«حزب الله» وموقع 14 آذار بمواجهتها، وداعياً الى عدم التلهي بكل «الاستعراضات الجانبية» التي يجري التلطي وراءها او إلهاء اللبنانيين بها تحت عناوين هامشية عدة فيما «الهدف واحد».
وكان الأبرز في كلام جعجع كشْفه ان «ايران أبلغت الى مراجع دولية في الأسابيع الأخيرة انها مستعدة للإفراج عن الانتخابات الرئاسية في لبنان اذا وافق الغرب والدول العربية على بقاء الأسد رئيساً في سورية»، لافتاً الى ان طهران تطرح بهذا المعنى «رئيساً بلا لون ولا طعم في لبنان»، ومعتبراً «ان هذا الموقف الايراني يعبّر عن مدى مقاربتهم الملف الرئاسي اللبناني بعين استراتيجية كبيرة». وأشار انطلاقاً من ذلك الى ان «حزب الله هو المعطّل الفعلي للانتخابات الرئاسية، وهو يريد في البُعد الداخلي من هذه المعركة الاستراتيجية التي تخوضها ايران إقرار قانون انتخاب يضمن له أخذ كل السلطة في لبنان»، موضحاً «ان اي قانون على اساس النسبية، سواء كان ضمن 13 دائرة او 15 دائرة او لبنان دائرة واحدة يؤمن للحزب هذه الأكثرية»، وجازماً بأنّ قوى 14 آذار «ليست بوارد ان تعطي شيئاً على أيّ من هذين المستوييْن الخارجي او الداخلي».
وفيما كان جعجع يرسم صورة غير متفائلة حيال الواقع في المنطقة «التي تتجه الأزمة فيها الى مزيد من التصعيد والى مواجهة شاملة»، مؤكداً وجود «تصميم سعودي على التصدي لإيران في اليمن، فالحرب مفتوحة مع ايران في كل الساحات»، توالت على بيروت معلومات عن محاولات خارجية لتحريك الملف الرئاسي سواء من خلال مقترحات أشيع انها روسية عن انتخاب رئيس لبناني انتقالي لسنتين، او عبر الكلام عن مبادرة مصرية يجري العمل عليها وسيبحثها في بيروت خلال الايام المقبلة وزير الخارجية سامح شكري تتويجاً للمسعى الذي بدأه السفير محمّد بدر الدين زايد مع كبار القادة اللبنانيين في اليومين الماضييْن.
واذ نفى السفير الروسي في بيروت الكسندر زاسبيكين أمام «الراي» علمه بوجود طرح روسي حول رئيس انتقالي «وخصوصاً ان هذه المسألة تتطلّب تعديلاً دستورياً، وتالياً فان روسيا لا تتدخل في مثل هذه المسائل»، أبلغ مرجع سياسي لبناني كبير مطلع على التحركات في الشأن الرئاسي الى «الراي» ان طرح الرئيس الانتقالي غير جدي ولا أفق له، موضحاً في ما خص الكلام على مبادرة مصرية ان الأمر لا يعدو كونه حركة استطلاعية مشككاً في إمكان إحداثها اي اختراق في «الواقع المقفل».
وسط هذا المناخ، تردّدت في بيروت امس أصداء «صراخ» الرئيس نبيه بري و«توسُّله» النواب عقد جلسة تشريعية للبرلمان مع بدء دورته العادية، خشية ان يفقد لبنان بحلول نهاية السنة القروض المقررة له من البنك الدولي تحت طائلة عدم الاستفادة ايضاً من مثل هذه القروض في السنوات الأربع المقبلة.
وفيما واكب وزير المال علي حسن خليل (مستشار بري) الصوت العالي لرئيس البرلمان محذراً من انه سيكون مضطراً في لحظة ما الى قفل أبواب وزارته التي لن تستطيع تأمين رواتب ديسمبر المقبل لموظفي القطاع العام في حال لم يصدر عن مجلس النواب قانون يسمح للحكومة بفتح اعتمادات جديدة، انطلق سباق بين المساعي الضاغطة لعقد جلسة تشريعية وبين محاولات ايجاد مخارج لاعتراضات المكونات المسيحية الاساسية على اي جلسة من خارج منطق «تشريع الضرورة» واشتراط إدراج بنديْ قانون الانتخاب واستعادة الجنسية.
وفيما انكفأت «هبّة» التصعيد بين «حزب الله» و?» ?تيار المستقبل» لمصلحة انتظام اللعبة السياسية الداخلية على كل المستويات تحت سقف «لا انفراج ولا انفجار»، وسط استعدادات لاستئناف الحوار الثنائي بين الجانبين الثلاثاء المقبل، غداة انعقاد جولة جديدة لطاولة الحوار التي دعا اليها رئيس البرلمان نبيه بري، مرّ الموعد رقم 30 لانتخاب رئيس للجمهورية الذي كان محدَّداً امس بأقلّ قدر من «الاهتمام» الإعلامي بعدما صار مشهد النصاب المفقود ملازِماً لجلسات الـ «لا انتخاب» نتيجة الموقف التعطيلي لكتلتيْ العماد ميشال عون و«حزب الله».
ولكن ما جعل جلسة الانتخاب التي تم إرجاؤها الى 11 نوفمبر المقبل محطّ معاينة سياسية تطوران: الاول انها جاءت وسط وضوح أكبر للأبعاد الإقليمية للملف الرئاسي واستخداماته في سياق «مقايضات» خارجية تتصل بمستقبل الرئيس السوري بشار الأسد، وداخلية يراد منها حسم «معركة النفوذ» الاقليمي لمصلحة فريق 8 آذار، ومن ورائه ايران. والثاني ان آفاق أزمة المنطقة تُظهِر منحى أشدّ تعقيداً ولا سيما في الملف السوري، حيث كان الحدَث أمس إعلان ان الرئيس بشار الأسد قام بزيارة لموسكو التقى خلالها «منقذه» الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وسط اقتناع متنامٍ بأن «الحرب في سورية بدأت الآن» وفق تعبير النائب وليد جنبلاط.
ولعلّ الأكثر تظهيراً لطبيعة المواجهة الاستراتيجية التي يشكّل الملف الرئاسي اللبناني جزءاً رئيسياً منها كان رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الذي رسم خلال جلسة مع حلقة ضيقة من الاعلاميين كانت «الراي» بينهم لوحة شاملة لموقع هذا الملف على «رقعة الشطرنج» الاقليمية، محدداً جوهر المعركة و«اللعبة» التي تنخرط فيها ايران و«حزب الله» وموقع 14 آذار بمواجهتها، وداعياً الى عدم التلهي بكل «الاستعراضات الجانبية» التي يجري التلطي وراءها او إلهاء اللبنانيين بها تحت عناوين هامشية عدة فيما «الهدف واحد».
وكان الأبرز في كلام جعجع كشْفه ان «ايران أبلغت الى مراجع دولية في الأسابيع الأخيرة انها مستعدة للإفراج عن الانتخابات الرئاسية في لبنان اذا وافق الغرب والدول العربية على بقاء الأسد رئيساً في سورية»، لافتاً الى ان طهران تطرح بهذا المعنى «رئيساً بلا لون ولا طعم في لبنان»، ومعتبراً «ان هذا الموقف الايراني يعبّر عن مدى مقاربتهم الملف الرئاسي اللبناني بعين استراتيجية كبيرة». وأشار انطلاقاً من ذلك الى ان «حزب الله هو المعطّل الفعلي للانتخابات الرئاسية، وهو يريد في البُعد الداخلي من هذه المعركة الاستراتيجية التي تخوضها ايران إقرار قانون انتخاب يضمن له أخذ كل السلطة في لبنان»، موضحاً «ان اي قانون على اساس النسبية، سواء كان ضمن 13 دائرة او 15 دائرة او لبنان دائرة واحدة يؤمن للحزب هذه الأكثرية»، وجازماً بأنّ قوى 14 آذار «ليست بوارد ان تعطي شيئاً على أيّ من هذين المستوييْن الخارجي او الداخلي».
وفيما كان جعجع يرسم صورة غير متفائلة حيال الواقع في المنطقة «التي تتجه الأزمة فيها الى مزيد من التصعيد والى مواجهة شاملة»، مؤكداً وجود «تصميم سعودي على التصدي لإيران في اليمن، فالحرب مفتوحة مع ايران في كل الساحات»، توالت على بيروت معلومات عن محاولات خارجية لتحريك الملف الرئاسي سواء من خلال مقترحات أشيع انها روسية عن انتخاب رئيس لبناني انتقالي لسنتين، او عبر الكلام عن مبادرة مصرية يجري العمل عليها وسيبحثها في بيروت خلال الايام المقبلة وزير الخارجية سامح شكري تتويجاً للمسعى الذي بدأه السفير محمّد بدر الدين زايد مع كبار القادة اللبنانيين في اليومين الماضييْن.
واذ نفى السفير الروسي في بيروت الكسندر زاسبيكين أمام «الراي» علمه بوجود طرح روسي حول رئيس انتقالي «وخصوصاً ان هذه المسألة تتطلّب تعديلاً دستورياً، وتالياً فان روسيا لا تتدخل في مثل هذه المسائل»، أبلغ مرجع سياسي لبناني كبير مطلع على التحركات في الشأن الرئاسي الى «الراي» ان طرح الرئيس الانتقالي غير جدي ولا أفق له، موضحاً في ما خص الكلام على مبادرة مصرية ان الأمر لا يعدو كونه حركة استطلاعية مشككاً في إمكان إحداثها اي اختراق في «الواقع المقفل».
وسط هذا المناخ، تردّدت في بيروت امس أصداء «صراخ» الرئيس نبيه بري و«توسُّله» النواب عقد جلسة تشريعية للبرلمان مع بدء دورته العادية، خشية ان يفقد لبنان بحلول نهاية السنة القروض المقررة له من البنك الدولي تحت طائلة عدم الاستفادة ايضاً من مثل هذه القروض في السنوات الأربع المقبلة.
وفيما واكب وزير المال علي حسن خليل (مستشار بري) الصوت العالي لرئيس البرلمان محذراً من انه سيكون مضطراً في لحظة ما الى قفل أبواب وزارته التي لن تستطيع تأمين رواتب ديسمبر المقبل لموظفي القطاع العام في حال لم يصدر عن مجلس النواب قانون يسمح للحكومة بفتح اعتمادات جديدة، انطلق سباق بين المساعي الضاغطة لعقد جلسة تشريعية وبين محاولات ايجاد مخارج لاعتراضات المكونات المسيحية الاساسية على اي جلسة من خارج منطق «تشريع الضرورة» واشتراط إدراج بنديْ قانون الانتخاب واستعادة الجنسية.