الأسئلة التي نهى عنها الشرع

تصغير
تكبير
في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم)) هذا الحديث يرسم منهجاً للمسلم الحازم، وهو أن ينظر في دين الله عز وجل، فما نهاه الله عنه تركه، وما أمر به فعله على قدر طاقته، وهذا المنهج يقتضي أمرين: الأول: العلم بدين الله من كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، لأن هذا هو السبيل لمعرفة الواجبات والمنهيات، الثاني: الالتزام بذلك في الواقع العملي، وبذلك تكون حياة المسلم تعليما وتطبيقا، وتزكو نفسه، ويصلح عمله، ويرضى عنه ربه، وهناك مواطن كره الشرع السؤال عنها، فمن تلك المواطن:

1 - الأسئلة التي يقصد بها التعنت والتعجيز، فقد سأل الكفار رسول الله صلى الله عليه وسلم أسئلة كثيرة من هذا النوع، قال تعالى (وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا * أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا * أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا * أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولا ).

2 - السؤال على وجه السخرية والاستهزاء: فقد روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن قوماً كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي ؟ أين ناقتي ؟ فأنزل الله فيهم هذه الآية ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم...).

3 - الأسئلة التي يريد صاحبها التدقيق في الأمور وتحديدها تحديداً مفصلاً قد يؤدي إلى زيادة التكاليف، كما في قصة بني اسرائيل عندما أمرهم الله تعالى أن يذبحوا بقرة قالوا ما شكلها وما حجمها، شددوا فشدد الله عليهم.

4 - السؤال عن الأمور المغيبة المخفية أو التي اختص الله تعالى بعلمه كالسؤال عن الساعة ووقت وقوعها، أو التي لا يدرك العقل الإنساني كنهها وحقيقتها كالسؤال عن الروح.

5 - الأسئلة التي يوسوس بها الشيطان، كما في الحديث الصحيح أنه يقول من خلق كذا ؟ من خلق كذا ؟ حتى يقول من خلق الله ؟ نعوذ بالله من ذلك.

6 - السؤال عما لا يقع تكلفاً وتنطعاً، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال.

وهناك مواضع يحمد السؤال عنها، فمن ذلك السؤال عن الأحكام التي أنزلها الله للتعلم والتفقه، وكذلك السؤال عما لا يفهمه المسلم من معاني كتاب الله جل وعلا، وكذلك السؤال عن النوازل التي وقعت ويحتاج العبد المسلم إلى أن يعرف حكمها ليتقي الله ربه ويعمل بشرعه، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم أشد الناس حرصاً على المواضع التي يحمد فيها السؤال، وكانوا أشد الناس بعداً عن المواطن التي يكره فيها السؤال.

*دكتوراه الفقه المقارن وأصول الفقه
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي