يُحكى أن رجلاً وجد أعرابياً عند ماء النهر فلاحظ الرجل الحمل الذي على بعيره فسأله عن محتواه? فقال الأعرابي: كيس يحتوي على المؤنة، والكيس المقابل يحتوي على تراب ليستقيم الوزن في الجهتين.. فقال الرجل: لما لا تستغني عن كيس التراب وتنصف كيس المؤنة في الجهتين فتكون قد خففت الحمل عن البعير.. فقال الأعرابي: صدقت!!
ففعل ما أشار إليه ثم عاد الأعرابي يسأل الرجل: هل أنت شيخ قبيلة أم شيخ دين؟.. فقال الرجل: لا هذا ولا ذاك بل رجل من عامة الناس.
فقال الأعرابي: قبحك الله لا هذا ولا ذاك ثم تشير علي! فأعاد حمولة البعير كما كانت!
هذا ما تتناقله بعض المواقع ووجدت في هذه الرواية مدخلاً لهذا المقال المعنون بـ«الأخطاء المتكررة !»، فمشكلتنا اجتماعياً قريبة جداً من مضمون هذه الرواية? فنحن -في الغالب- نأخذ الحلول فقط من أناس معينين وكأن عليه وسم «الاستشارة من هنا فقط»، والإنسان العادي لا يُلتفت لرأيه مع أن الحكمة لا تصدر إلا من يعيش وسط «المعمعة» لا من يقف خلف المكتب الوثير مدعوماً باسمه أو مظهره.
لو تكرم بعض أحبتنا واسترجعوا شريط الذاكرة بحلوها ومرها لوجدوا أن البعض من وزراء وغيرهم عند وقوعهم في الخطأ تشتعل الساحة وتتساقط السهام عليهم في حين تجد البقية الآخرى تخطئ وتخطئ وتخطئ... ولا أحد يقترب منهم.
يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف «إنما أهلك الذين قبلكم? أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه? وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد».
حاول أن تربط بين مضمون الرواية والحديث الشريف الذي أشعر بأنه وأحاديث كثيرة قد تحققت في زمننا الحاضر، وما زلنا نكابر ونحاور ونستلقي مستذكرين ما مر بنا وتنتهي اللحظات بابتسامة العاجز!
والأخطاء المتكررة ليست محجوبة عن العامة... إنها منقولة وبعضها مصور والبعض الآخر منشور لكن نبقى نحن العامة لا نملك سوى توجيه النصيحة لعلنا نصحو من غفلتنا.
كل شيء بعمولة أو مصلحة متبادلة... حتى الأخطاء تفسر بطريقة مغايرة وكان آخرها تسرب غاز الأمونيا من محطة الشعيبة، وكنت أحد مستنشقي هذا الرائحة السامة في منطقة الفحيحيل بعد صلاة المغرب قبل أيام عدة!
الشاهد? كل شيء يقربك من الكبار يحيطك بغطاء حماية يقيك من الصدمات حتى وإن كانت أخطاؤك متكررة مكشوفة. فهل العيب فينا؟ أم العيب في ثقافتنا؟
نحن كسواد أعظم... عيبنا الوحيد أننا نلاحظ التغيرات في طريقة التعامل مع مجريات الساحة وأحداثها من دون تحرك يبحث عن الإصلاح وفق منهجية عاقلة فلربما استطعنا إيصال الفكرة عبر أحبتنا وحسب «الأصول» من دون ضرر ولا ضرار يعني «سدد وقارب» لأن المسائل الخلافية لا تحل بعلو الصوت ولا بالـ«المهاوش»!
فعندما تغيب الحكمة أثناء التعامل مع شؤوننا وطريقة إدارة مؤسساتنا فمن الطبيعي أن تستمر الأخطاء المتكررة دون علاج تصحيحي فوري!
والمحصلة? إننا نبقى بين حكاية الأعرابي والحديث الشريف لصفوة الخلق الذي لا ينطق عن الهوى متمسكين بالمظاهر ومنصتين لمن هم في محيطنا فقط ولم نجرؤ إلى أخذ الاستشارة ممن عانقته الحكمة في طرحه ووهبته دروس الحياة خبرة طيبة... ولا يستأنس برأيه... والله المستعان!
[email protected] Twitter: @Terki_ALazmi