صدى / تكنولوجيا «النانو» وعباءة الاختفاء

| u0633u0647u064au0644u0629 u063au0644u0648u0645 u062du0633u064au0646* |
| سهيلة غلوم حسين* |
تصغير
تكبير
عبر سنوات الحرب العالمية الثانية (1939- 1945م) تم الاعلان عن اختراع الرادار للتنصت والصواريخ الموجهة وطائرات الهليكوبتر والقنبلة الذرية لحسم المعارك الضارية، ما عدا اختراع واحد ظل طيّ الكتمان، ولم يتحدَّث عنه أحد، لما يقرب من نصف القرن وعقدين بعد نهاية الحرب.

لقد قام فريق من علماء الفيزياء عام 1943 تحت إشراف الأسطول الأميركي باستخدام مجالات كهرومغناطيسية فائقة لإخفاء مدمِّرة عن الأنظار، عبر استكمال نظرية منقوصة تركها ألبرت أينشتاين واختفت المدمرة تماماً عن الأنظار، ولم تترك خلفها سوى سحابة رمادية باهتة على مستوى سطح الماء فقط، وبذلك حققت التجربة نجاحاً باهراً أمام أعين الجميع، ولكن المشروع فشل، فالمجالات الكهرومغناطيسية القوية أوقفت عمل كل آليات المدمرة، وأصابت بحّارتها بجنون موقت، وبأعراض شتّى واضطراب خلايا في المخ.

ولأن النتائج كانت سيئة تمّ إدراج الأمر تحت بند السرية المطلقة، ولم يعلن عنه قَطّ، إلا بعد مرور نصف قرنٍ من الزمن، وفقاً لقوانين الوثائق الأميركية.

فكرة الاختفاء عن الأعين راودت الأغلبية، ومع تطور التكنولوجيا المتقدمة والإبداعات الحديثة، تمكن الباحثان جون هويل وجوزيف تشوي في جامعة روشستر من اختراع جهاز جديد وفريد من نوعه للتخفي وهو متعدد الاتجاهات وثلاثي الأبعاد في العالم، حيث يعمل الجهاز بتقنية انكسار الضوء وإرساله عبر أربع عدسات بأماكن محددة، والتي تقوم بدورها بإخفاء الأجسام من عدة زوايا وبتكلفة زهيدة.

جاء ابتكار الجهاز بعد فترة من اختراع العلماء لعباءة التخفي، القادرة على إخفاء أسطوانة بحجم كف اليد وتغطية جسم وحجبه عن الموجات الضوئية، بحيث لا تتمكن موجات الميكروويف من رصدها، فتجعل جسماً ما غير مرئي لكن ما زالت التجربة حتى هذه اللحظة محصورة على المعمل ولا تصلح إلا في ظروف معملية خاصة، إلا أن العلماء في جامعة دالاس يعملون على تطويرها بحيث تصبح صالحة للاستخدام خارج المعمل.

الأبحاث الجارية حالياً تصب حيال ما يعرف بتكنولوجيا «النانو» لصناعة عباءة الاختفاء، هذه التقنية لها جدوى في استخدامات متعددة، وتتوقع الأبحاث العلمية انتشارها في عالم الصناعة مستقبلاً.

فقد أثبتت الدراسات أن تطبيقها سيحقق تنمية شاملة في الصناعة بمختلف مجالاتها بسبب انخفاض تكلفتها وفعالية نتائجها، ويقول الخبراء إن من شأن تكنولوجيا النانو خلق ثورة صناعية جديدة.

يمكن استخدام تقنية الإخفاء في العديد من الصناعات الطبية والتكنولوجية، وأعمال التصميم، وستفيد بشكل كبير العاملين في المجال الطبي من الجراحين، حيث ستمكنهم من النظر من خلال أياديهم أثناء العملية. ويؤمن العلماء بأن هذه التقنيات يمكن أن تحمل فوائد عظيمة عند استخدامها في صناعة السيارات لتوفير أفضل رؤية للطريق للسائقين، كما يمكن لهم التغلب على الأماكن غير المرئية في المرايا ورؤية السيارات في النقاط غير واضحة الرؤية.

لا تنحصر هذه التنقية في ما سبق ذكره فقط، بل تستخدم لمعالجة المواد عبر جزيئاتها، وتحديد خصائصها في العديد من الصناعات كصناعة الطائرات والسيارات والنفط. وهي أيضاً لا تقدر بثمن للطيارين الذين اضطروا للدخول فى أراضي العدو، وللهروب من الاعتقال، وللقيام بهجمات وغارات في وضح النهار من دون أن يتم اكتشافهم، وأيضاً الدبابات الخفية التي لا يمكن رؤيتها، ولكن يمكن سماع صوت محركاتها وبنادقها، والتأثير المذهل على نفسية العدو، فكيف يمكنهم معرفة إذا تم الهجوم عليهم أم لا وكيف سيدافع عن نفسه أو يضرب هدفاً دون أن يراه، وأيضاً تستخدم في الطائرات الخفية لتفادي موجات الرادار والأعين المجردة، وفي تمكين الغواصات من الطفو فوق السطح بجانب اسطول العدو، والعديد من الاستخدامات الأخرى التي تجعلنا نقول... أيتها التكنولوجيا... ماذا بعد...؟

* كاتبه كويتية

suhaila.g.h@hotmail.com

@suhaila.g.h
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي