حساسيّة النجوم

تصغير
تكبير
في صيف العام 1997، قرر النجم الفرنسي الشهير إيريك كانتونا اعتزال كرة القدم وهو في سن الثلاثين.

لم تكن المرة الأولى التي يقدم فيها «الملك كانتونا» - كما كان يطلق عليه مشجعو مانشستر يونايتد الانكليزي - على اتخاذ مثل هذه الخطوة وهو المعروف بقراراته الإنفعالية، ولنا أن نتخيل لاعباً موهوباً مثله يعلن بأنه سيعتزل نهائياً في العام 1991 وهو لم يكمل الـ25 عاماً ومن دون إصابة بالغة أو سبب صحي.

كانتونا سريع الغضب وسهل الإستفزاز، قام بتوجيه ضربة «كونغ فو» الى أحد مشجعي كريستال بالاس في إحدى مباريات مان يونايتد لأنه بالغ في توجيه الشتائم اليه.

وبسرعة استفزازه نفسها، كان يتخذ القرارات الخاطفة.. يضرب مشجعاً.. يتصادم مع رئيس النادي.. ويعتزل.

في الكويت، من النادر أن يقوم لاعب بالتعدي على المشجعين، قد يشتبك معهم لفظياً لكن من دون أن تتطور الأمور الى اكثر من ذلك.

وفي الكويت أيضاً، يمكن للاعب أن يعلن - من دون مقدمات - اعتزاله دولياً أو نهائياً لأي سبب طالما أنه هاوٍ ولا يرتبط مع ناديه بعقد ملزم ولا يتقاضى أكثر من «فتات» راتب الإحتراف الجزئي.

تاريخياً، شهدت الكرة الكويتية العديد من حالات الإعتزال المفاجئ والتي لم تأت لأسباب صحية أو لتقدمٍ في العمر وحتى التشبع من كرة القدم بل لأن النجوم في ديرتنا أكثر «حساسية» مقارنةً بغيرهم من اللاعبين.

في أواخر ستينات ومطلع سبعينات القرن الماضي، كان نادي الكويت يفخر بوجود اللاعب إبراهيم الفهد الشهير ـ«الخشرم» في صفوفه.

كان الخشرم أحد «نجوم زمانه»، مهاجم خطير ومزعج وضابطاً في السلك العسكري ويمتلك موهبة الصوت الجميل.

اختلف الخشرم مع مدرب المنتخب اليوغسلافي تاديتش فتم استبعاده من القائمة المغادرة إلى البحرين لخوض النسخة الأولى من بطولة كأس الخليج وتوجت بلقبها.

والغريب ان تاديتش أيضاً استُبعد من قيادة «الأزرق» في الدورة وتم تكليف المصري طه الطوخي مدرب النصر بالمهمة.

ولسوء الحظ انتقل الخلاف بين الخشرم والمدرب الى النادي الذي تعاقد مع تاديتش بعد ذلك، وهنا تم ايقاف المهاجم المتألق لمدة عام فقرر الرد على القرار بقرار مضاد... الإعتزال نهائياً.

تغير المجلس في النادي وحاولت الإدارة الجديدة إعادة الخشرم الى الملاعب بعد 3 سنوات انقطع فيها عن التدريبات، الا ان عودته لم تكن بالمستوى المنتظر، فطوى صفحة كرة القدم من حياته بلا رجعة.

بعد حوالي 15 عاماً، اتخذ نجم آخر قراراً بالإعتزال وهو يغادر الملعب متأثراً بإصابة تعرض لها.

«الفارس الأسمر» فتحي كميل خاض آخر مبارياته في كأس سمو الأمير امام اليرموك في الموسم 1984-1985، ويومها تعرض لخشونة متعمدة من أحد لاعبي الفريق المنافس كان مولجاً بمراقبته.

ورغم ان النجم الموهوب اعتاد على هذه الخشونة طوال مسيرته، إلا أنه يبدو أن «الكيل قد طفح» بالنسبة له فقرر اعتزال اللعب نهائياً حتى قبل أن يجلس على دكة الاحتياطيين اثر خروجه من الملعب، في وقت كانت فيه الصحف والجماهير تطالب بعودته الى المنتخب الوطني.

محمد جراغ... بدر المطوع... ونواف الخالدي، ثلاثة من نجوم الزمن الحالي للكرة الكويتية اختاروا أن يسيروا على خطى الخشرم وكميل فاتخذ كل منهم قراراً بالإعتزال والابتعاد عن الملاعب لأسباب لا ترقى إلى أهميتهم بالنسبة لفرقهم ولا الشعبية التي يتغنّون بها.

جراغ قاطع التدريبات بسبب تجاهل المدرب البرازيلي لويس فيليبي له، والمطوع اتخذ موقفاً مضاداً لقرار لم يصدر بإيقافه قبل أن يعود عنه، فيما اختفى الخالدي عن الساحة بعد مباراة كأس السوبر الأخيرة أمام «الكويت» موجهاً رسالة بأنه قرر الإعتزال. وقبل كل هؤلاء الحارس خالد الرشيدي الذي قام بخطوة الإعتزال الدولي وهو لم يتجاوز الـ27 عاماً.

لا أسباب وجيهة تقف وراء هذه القرارات، ولا تفسير لها سوى أنها جاءت في لحظة انفعال ونتيجة ضغوط وقتية وقبل كل ذلك هي «حساسية النجوم» التي حرمت الكرة الكويتية من الخشرم وفتحي... مبكراً.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي