بعيداً عن الضوضاء وازدحام الأماكن بالعيد، والاستراحة من قيادة السيارة، وبعيداً عن الخوض في الأمور المزعجة السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية، ومن كل ما يعكر صفوة البال. قمت بزيارة جزيرة فيلكا (فيلجا)، وأقمت فيها لمدة أربعة أيام داخل القرية التراثية، وكما هو معروف أن هذه الجزيرة تبعد عشرين كيلومتراً عن رأس الأرض بالسالمية بمساحة لا تتجاوز ثلاثة وأربعين كيلومتراً مربعاً، وأن عدد سكانها كان يقارب 6 آلاف نسمة، وتربطها بالكويت السفن والقوارب والعبارات وغيرها من وسائل النقل البحري.
وفي عام 1990 إبان الغزو العراقي الغاشم هجر أهل فيلكا الجزيرة وذلك بعد دخول القوات العراقية وقيامهم بتدمير البيوت وسلبها والعبث بآثارها الثمينة قبل أن يتركوها خراباً وأطلالاً خاوية بعد تحرير بلدنا الحبيب. وظلت هذه الجزيرة مهجورة حكومياً إلى يومنا هذا.
في الجزيرة الآن فندق صغير وقرية تراثية شعبية بها بيوت على النمط القديم والحارات القديمة (الفريج)، وبعض المطاعم والمقاهي المتنوعة وبحيرة للبط وحديقة حيوان بسيطة وألعاب للأطفال وساحل للسباحة، وأثناء وجودي شاهدت كثيراً من الجاليات التي تزورها صباحاً وتتركها مساءً مع آخر سفينة إلى المرسى في السالمية... مكان هادئ وجميل يعيدك إلى حلاوة الماضي وبراءة التعامل وحسن الجيرة والترابط والتكافل كترابط بيوتها ببعضها. كانت تجربة جميلة اقترحها علي ابني فهد بأن نقضي أيام العيد في هذه الجزيرة.
وفي يوم الجمعة الموافق الخامس والعشرين من سبتمبر الماضي وبينما كنت جالساً بالليوان (سقف بحوش البيت) طارت بي الذكريات والأماني والأحلام، وتذكزت عندما كنت عضواً في جهاز تطوير الجزر الكويتية والمشروعات الكبرى، والذي كان يترأسه الوزير جاسم العون وعضوية ممثلين عن وزارات الدولة وبعض من هيئاتها ومؤسساتها، وكان هذا عام 2002، وكانت هناك دراسات واستدعاء لبعض الشركات المحلية والأجنبية الكبرى بالاستثمار في بناء وتطوير جزيرة فيلكا بنظام التشغيل ونقل الملكية (بي أو تي) لمدة عشرين سنة، ثم تعود الملكية للحكومة، حيث تم استبعاد بناء بيوت السكن أو بناء جسر يربطها باليابسة حتى تكون بعيدة عن تلوث المركبات والازدحام، وأن تكون جزيرة سياحية ترفيهية جاذبة للسياحة. وبها حدائق ومتنزهات ودور سينما ومسارح ومكتبة ومطاعم ومجمعات تجارية وغيرها... حتى تستحق فعلاً الزيارة، وتكون ملاذاً للراحة والاستجمام بعيداً عن ضوضاء المدن وازعاجها، ولكن بعد هذا السراب والحلم الموجع للقلب والنفس التفت حولي فإذا أنا أجلس على كرسي الخشب في بيت قديم مستظلاً تحت الليوان وأمامي حوش صغير تدور به بعض من أوراق شجر السدر مع كل نسمة هواء.
طارت المشاريع وهاجرت طيور النورس بسبب حسد الحاقدين وسخافة الجهال من بعض المسؤولين.
اللهم احفظ الكويت وشعبها وأميرها وولي عهدها من كل شر ومكروه.
[email protected]7urAljumah@