وصلت بعض الرسائل التي تنسب كل العلماء والفلاسفة إلى الفرس، حتى الأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل، قد تم وضعهم ضمن ذاك التصنيف، ولتوضيح المعلومات المغلوطة التي هدفها لا يخلو من غرض سياسي، ألا وهو تشويه الحضارة العربية والتقليل من شأنها، فمثلما لفق بعض رجال الدين الفرس القصص والأقاويل الكاذبة على الصحابة والخلفاء الراشدين، يأتي التعصب والتطرف ليشوه الحضارة العربية التي ساهمت في رفد الحضارة الإنسانية، حالها كحال الحضارات الأخرى، كاليونانية والفارسية والمصرية والآشورية وغيرها، وللتوضيح؛ فإن الأئمة الأربعة عرب أقحاح، فأبو حنيفة ولد في العراق وتوفي فيها، والإمام مالك ولد في المدينة المنورة وتوفي فيها، والشافعي ولد في غزة وتوفي في مصر، وابن حنبل ولد في بغداد وتوفي فيها.
وفي هذا المقال نأتي على ذكر بعض من علماء العرب ومجال علمهم وعصورهم وتواريخها بالسنة الهجرية، لعل الذكرى تنفع المؤمنين.
ففي الفلسفة غني عن الذكر ابن رشد 520-595، ولد في قرطبة وعاش وتوفي في الأندلس، وابن القف 630-685، ولد في الكرك بالأردن وتوفي في دمشق، وابن التلميذ البغدادي 466-560، ولد وتوفي في بغداد، وأبو محمد الكيلاني 470-561 ولد في بغداد، وأبو الفضل الحارثي 529-599 ولد في دمشق وتوفي فيها، ومحمد بن الخطيب 713-1313، ولد وتوفي في المغرب.
وكان أغلب الفلاسفة متمكنين من علوم الطب والفيزياء والرياضيات والفلك والهندسة إضافة للعلوم الدينية كالشريعة والفقه والكلام.
وفي اللغة والنحو، يعرف الجميع الخليل بن أحمد 100-170، ولد وتوفي في العراق، وأبو الأسود الدؤولي 16-69، ولد في تهامة وتوفي في البصرة، وابن دريد 223-321، ولد في البصرة وتوفي في بغداد، وأبو حسن الدوسي 316، ولد في مصر وتوفي فيها.
وفي الكيمياء برع خالد بن يزيد بن معاوية 13-95، ولد وتوفي في الجزيرة العربية، والإمام جعفر الصادق 80-148 ولد وتوفي في المدينة المنورة، وكان بارعاً في الفلسفة والطب والفيزياء والفلك، ورشيد الدين الصوري 573-639، ولد في صور لبنان وتوفي في دمشق.
وفي الموسيقى برع أبوبكر محمد بن باجه 487-533، وكان بارعاً في الفلسفة والطب والفيزياء والرياضيات والفلك، ولد وتوفي في المغرب. ويعقوب بن إسحاق الكندي 185-256، ولد وتوفي في العراق. وثابت بن قرة بن مروان 221-288، ولد في حران الشام وتوفي في بغداد، واشتهر في الهندسة والرياضيات والفلك أيضا.
وفي الجغرافيا برع ياقوت الحموي 574-622، ولد لأبوين سوريين وتوفي في بغداد، ومحمد جابر البتاني 854-929، ولد في الشام وتوفي في العراق، واشتهر أيضا في الرياضيات والفلك، والإدريسي وهو من أصل هاشمي قرشي ولد وتوفي في المغرب واشتهر أيضا في علم الفلك والهندسة.
أما في الهندسة فاشتهر أبو محمد الأزدي 654-721، ولد وتوفي في المغرب، وابن المجدي المحمدي 767-850، ولد وتوفى في مصر، ويشهد العالم في علم البصريات إلى الحسن ابن الهيثم 354-430، ولد في البصرة وتوفي في القاهرة.
وفي الرياضيات والطب وعلم الفلك بصمات العلماء العرب واضحة، وغيرهم مئات.
نحن نؤكد أن الحضارات تتلاقح وتأخذ من بعضها البعض، وكل حضارة تستفيد من التي سبقتها وتضيف عليها، وهناك من يقول إن الأممية تدعو إلى اعتبار كل البشر سواسية، لكن الأممية لا تتعارض أبداً مع الوطنية، فمن يحب شعبه ووطنه أولاً يحب بقية الشعوب، لا أن أستعر من عروبتي وأنسب جميع العلماء إلى الفرس، وأتفاخر بالحضارة الفارسية، وأتجاهل حضارتي العربية العريقة.
والآيات الكريمة تقول «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، لكن ما تفسير التقوى بدقة؟ لأن كل منهم يدلو بدلوه ويفسرها على مزاجه، فمن يحدد معيار التقوى؟، حيث نجد مع الأسف كل طائفة تعتبر نفسها هي الأتقى، وهنا مكمن الكارثة.
لذلك على من يدعي أن الفرس أصل العلم والعلماء فإنه يمكننا أن نقول العكس، فلولا الحضارة العربية الإسلامية لما ظهر العلماء الفرس، لأن الإسلام الذي جاء بقرآن عربي على رسول عربي هو من احتضنهم، كما احتضن النبي -صلى الله عليه وسلم-، سلمان الفارسي، فلولا النبي لما سمعنا عن ذاك الصحابي الجليل.
[email protected]