«8 آذار» تتّهم فيلتمان بإدارة التظاهرات الاحتجاجية

حوار صعب على وقع هدير الشارع في لبنان غداً

تصغير
تكبير
صراع أولويات على «الطاولة» المحروسة بالبنادق والبوابات الحديد، وقرْع طبول وطناجر في الساحات... هكذا سيكون غداً في لبنان الذي تلبي القوى السياسية فيه دعوة رئيس البرلمان نبيه بري لعقد طاولة حوار بمشاركة 17 ممثلاً من طرفيْش الصراع «8 و 14 آذار» وما بينهما من وسطيين، لمناقشة جدول أعمال يختزل القضايا الخلافية التي تسببت بمأزق دستوري - سياسي يشكل أبرز تجلياته الشغور في رئاسة الجمهورية منذ 15 شهراً وشلل الحكومة والبرلمان، في الوقت الذي دهمت البلاد حركة احتجاجية صاخبة طلائعها جمعيات من المجتمع المدني، تداعت لتحركات متدحرجة على وقع ملفٍ فضائحي - كارثي يرتبط بالعجز عن معالجة ملف النفايات، وها هي تستعد غداً لتظاهرات واعتصامات في محيط طاولة الحوار التي ستلتئم على وقع هدير الشارع.

ورغم ان الطاولة والشارع يوحيان بانتقال لبنان من ستاتيكو الانتظار الذي كانت اولويته الاستقرار، الى محاولات كسْر الجمود الناجم عن حدة الاستقطاب، فان الواقع الاقليمي الذاهب نحو المزيد من التطاحن، من اليمن الى سورية مروراً بحِراك عراقي لم تتضح مساراته، لا يشي بأي انفراج من النوع الذي يسهل إحداث اختراق في الأفق اللبناني المسدود، كانتخاب رئيس جديد للجمهورية لضمان عودة الروح الى آلة الحكم ومؤسساته التي تعاني موتاً سريرياً منذ اشهر.


غير انه بين طاولة الحوار التي تريدها «14 آذار» ممراً الى انتخاب رئيس للجمهورية كأولوية مطلقة، وتضغط «8 آذار» لجعلها مدخلاً لانتخابات نيابية تعيد رسم التوازنات داخل الحكم، أطلّ المجتمع المدني الذي «استوجب» عقد جلسة لمجلس الامن، استكملها تحرك للمجموعة الاوروبية، ويتوّجها اجتماع للمجموعات الدولية لدعم لبنان في نهاية الشهر الجاري.

ولعل الاكثر تعبيراً عن الصحوة الدولية تجاه لبنان كان الاعلان عن الزيارة التي يعتزم القيام بها لبيروت الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بعد انتهاء اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة التي سيتحدّث امامها رئيس الحكومة تمام سلام، طالباً المساعدة في تمكين لبنان من انتخاب رئيس للجمهورية ومواجهة اعباء استضافته نحو مليون و300 ألف نازح سوري.

وفي انتظار اتضاح الخيط الابيض من الاسود في المساعي الدولية المستجدة حول الوضع في لبنان، تتجه الأنظار الى الجلسة الاولى من الحوار غداً، والذي حُدد جدول أعماله بخمسة بنود هي: الملف الرئاسي، عمل الحكومة، عمل البرلمان، قانون الانتخاب، وقانون استعادة الجنسية.

ولم تبد اوساط سياسية واسعة الاطلاع، عبر «الراي»، تفاؤلاً بقدرة طاولة الحوار على إحداث كوة في المأزق المتعاظم في البلاد، خصوصاً ان القوى السياسية حددت شروطاً يصعب معها بلوغ تسويات من شأنها تحقيق انفراج فعلي في البلاد، ومن ابرز هذه الشروط:

• الاتجاه الاكثر ميلاً لـ «14 آذار» لحصْر الحوار بالبند رقم واحد المتمثل في الاتفاق على تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، وتالياً ربْط مواصلة الحوار حول المسائل «التفصيلية» الاخرى بالتفاهم حول الرئاسة.

• وقوف «8 آذار»، لا سيما «حزب الله» خلف اولوية زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، بإجراء تعديل دستوري يتيح انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب، او اجراء انتخابات نيابية قبل الرئاسية، او ابرام تفاهم سياسي يأتي به رئيساً للجمهورية.

واللافت ان الرئيس بري الذي يحمل العصا من الوسط لوّح رداً على المواقف التي اوحت بأن «14 آذار» ستربط استمرار مشاركتها في الحوار ببتّ بند الرئاسة، بالانتقال الى «الخطة ب» اي تجاهل اولوية الانتخابات الرئاسية والذهاب الى الانتخابات النيابية بعد الاتفاق على قانون انتخاب جديد. علماً ان ثمة مناخاً لا يستبعد امكان الا يصمد الحوار أكثر من جلستين ولا سيما بحال قرر احد الأطراف الانسحاب منه ليلاقي موقف «القوات اللبنانية» التي كانت أعلنت مقاطعة طاولة بري، الذي حذّر من انه «إذا أعلن أي طرف آخر من المدعوين مقاطعة الحوار، غير جعجع، فأنا شخصياً سأبادر الى تعليق المبادرة».

ومن المستبعد، في تقدير الاوساط السياسية في بيروت، تعديل أطراف الحوار من اجندتهم تحت وطأة المأزق السياسي - الدستوري وهدير الشارع، أقلّه في المدى المنظور، الامر الذي من شأنه ترك البلاد في اضطراب سياسي - اجتماعي من الصعب التكهن بما قد يؤول اليه، وخصوصاً مع تزايد شكوك قوى سياسية رئيسية حول هوية الحركة الاحتجاجية في الشارع ومراميها.

وعكست اوساط بارزة في «8 آذار» ريبة فعلية من تحركات جماعات المجتمع المدني، وقالت لـ «الراي» ان بصمات «جيف»، نسبة الى السفير الاميركي السابق في لبنان ومساعد الامين العام للامم المتحدة جيفري فيلتمان، واضحة في هذا الحراك الذي تداعى مجلس الامن الدولي وعلى نحو مثير لاحتضانه، راسمة شكوكاً حول اهدافه.

واذ بدت هذه الاوساط غير قلقة من حراك لمجموعات غير متجانسة ومرشّح تحركها للتلاشي تحت وطأة خلافاتها، قالت ان تحركاً من هذا النوع غير قادر على تغيير قواعد اللعبة.

وهّاب توجّه إليه بالقول: حبل الكذب قصير

موقع قريب من «حزب الله» اتّهم جنبلاط «برعاية مسلسل الفوضى» في السويداء

لم تنتهِ في بيروت تفاعلات التطورات المتسارعة في محافظة السويداء جنوب سورية التي تعيش توتراً كبيراً منذ وقوع التفجيرين اللذين أسفرا عن مقتل 38 شخصاً بينهم الشيخ وحيد البلعوس، أحد مشايخ طائفة الموحدين الدروز المعروف بمعارضته للنظام السوري وللإسلاميين.

وبعد إعلان السلطات السورية لقبض على عنصر من «جبهة النصرة» يدعى «الوافد ابو ترابة»، قالت انه اعترف بأنه يقف وراء التفجيرين اللذين وقعا يوم الجمعة الماضي.

وبعد مسارعة الزعيم الدرزي اللبناني النائب وليد جنبلاط، الذي كان اتّهم النظام السوري باغتيال البلعوس، الى الردّ عبر «تويتر» مؤكداً «ان حبل الكذب قصير، أبو ترابة هو أبو عدس الدرزي» - لم يتأخر ردّ الوزير اللبناني السابق وئام وهاب (الدرزي القريب من سورية) على جنبلاط، فتوجّه اليه بالقول: «حبل الكذب قصير»، متسائلاً «لماذا يتدخل في قصص لا دخل له فيها، فأهالي السويداء واهالي الشيخ وحيد البلعوس قبلوا بنتائج التحقيق».

وأوضح وهاب ان «المجرم وافد ابو ترابة اعترف امام الشيوخ وعائلة البلعوس بفعلته وكان هناك تعميم على الاجهزة لعدم القيام بأي شيء يؤدي الى الاشتباك».

يُذكر ان موقع «العهد» الإلكتروني القريب من «حزب الله» كان هاجم جنبلاط بعنف على خلفية موقفه من اغتيال البلعوس وإعلانه «لتكن هذه المناسبة مناسبة انتفاضة الجبل، جبل العرب، الجبل السوري الأشم في مواجهة النظام (...)».

واتّهم الموقع جنبلاط بالمشاركة بما أسماه الموقع «حملة تحريض واسعة، وحرب نفسية حقيقية من دوائر المخابرات بين دول ما تسمّى مجموعة أصدقاء سورية»، لافتاً الى ان «وافد ابو ترابة كان وصل الى منطقة اللجاة السورية قادماً من الاردن ومعه اكثر من 200 مسلح، بالتنسيق مع غرفة (الموك) التي سهّلت وصوله من خلال الضابط السوري الفار المدعو حافظ فرج، احد قياديي ما يسمى بالجيش الحر، وبالتنسيق التام مع جنبلاط وبعض الشخصيات داخل فلسطين المحتلة حسب ما أفادت به مصادر سورية، ليبدأ مسلسل الفوضى داخل المدينة».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي