قبلان اعتذر فتحوّلت «مسيحية»

أولوية الانتخابات الرئاسية أطاحت بالقمة الروحية المسيحية - الإسلامية

تصغير
تكبير
أطاحت «أولوية الانتخاب الفوري لرئيس الجمهورية» في لبنان بالقمة الروحية المسيحية - الاسلامية التي كانت مقررة امس في مقر البطريركية المارونية في بكركي والتي تحوّلت قمةً بين رؤساء الطوائف المسيحيةK حدّدت «خريطة طريقٍ» للخروج من الأزمة التي تعيشها البلادK ترتكز على اعتبار الفراغ المتمادي في سدة الرئاسة الاولى «القفل والمفتاح» في الوضع اللبناني.

فبينما شخصت الأنظار على بكركي لرصْد القمة التي كان سيتصدّر جدول أعمالها الملف الرئاسي وبيانها الختامي الذي كان سيشدد على ضرورة الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، وجعل هذا المطلب اولوية، واعتبار الحراك الشعبي في الشارع، نتيجة لعدم انتظام عمل المؤسسات في غياب رأس الدولة، كانت المفاجأة بعدم انعقاد القمة واقتصار الحضور على الجانب المسيحي، الأمر الذي أثار التباسات عدّة وعلامات استفهام.


وبعدما أكدت دار الفتوى انها تبلّغت تأجيل القمة الروحية نافية ان تكون اعتذرت عن عدم المشاركة، تقاطعت المعلومات عند ان «تطيير» القمة مردّه الى ان نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الامير قبلان فاجأ المنظّمين صباح امس باعتذاره عن عدم الحضور بالتوازي مع عدم تكليف نجله المفتي الجعفري الممتاز او اي شيخ آخر بتمثيله في الاجتماع، ما اعتُبر رغبة في عدم إكمال النصاب، وبالتالي في عدم انعقاد القمة، وهو ما أعقبه اتصال بكركي بسائر رؤساء الطوائف الاسلامية لإبلاغهم بالإرجاء مع تَوافُق على استمرار المشاورات، ثم تحويل اللقاء الى قمة مسيحية.

وتم التعاطي مع خطوة الشيخ قبلان على انها في إطار عدم الرغبة في صدور بيان مسيحي - اسلامي يحدّد الانتخابات الرئاسية اولوية الاولويات، وذلك لاعتبارين متداخليْن:

* الأول ان من شأن ذلك تحديد سقف للمبادرة التي أطلقها رئيس البرلمان نبيه بري للحوار الداخلي وإرباك جدول أعمالها انطلاقاً من خريطة الطريق التي حددها بيان القمة امس والتي «تبدأ بانتخاب فوري لرئيس للجمهورية وفقا للأصول الدستورية»، لافتاً الى «ان انتخاب الرئيس أمر أولوي وأساسي يعني كل لبنان وكل اللبنانيين بكل طوائفهم»، وداعياً «لوضع المجلس النيابي أمام مسؤوليته التاريخية والدستورية، اذ نطالب جميع أعضائه بالحضور إلى المجلس لانتخاب رئيس للبلاد، ومن ثم تأليف حكومة جديدة تتولى معالجة كافة القضايا السياسية والأجتماعية والمعيشية والاقتصادية، بدءا من قانون جديد للانتخاب».

وجرت مقاربة هذا الموقف باعتبار انه رسالة الى «طاولة بري» لحصر نقاشاتها بالملف الرئاسي وبلوغ حلّ فيه كمدخل لازم لولوج النقاط الاخرى، التي كان شمل رئيس البرلمان فيها قانون الانتخاب وعمل الحكومة والبرلمان، رغم اشارة القمة الى «وجوب استمرارية الحكومة الحالية في عملها فلا تسقط أو تستقيل طالما هناك فراغ في سدة الرئاسة الأولى»، مؤكدة ان «ما يقوم به رئيس الحكومة تمام سلام ومجلس الوزراء بالتعاون مع رئيس البرلمان نبيه بري ينبغي دعمه ومؤازرته، فيعجّل في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وهو المطلب الملح لجميع رؤساء الطوائف المجتمعين الذين يرون فيه موضوعاً وطنياً لبنانياً شاملاً يحفظ مبدأي العدالة والمساواة أساس الشراكة الوطنية».

* الثاني ان صدور مثل هذا البيان عن قمة مسيحية - اسلامية سيساهم في إحراج زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون المدعوم من «حزب الله» والذي كان حدّد قبل ايام مساراً للحل يقوم على انتخاب رئيس من الشعب او إجراء انتخابات نيابية جديدة وفق قانون جديد، وهو المسار الذي سيتظاهر مناصروه على اساسه يوم الجمعة المقبل. علماً ان عون والحزب هما الطرفان اللذان يمنعان انتخاب رئيس للجمهورية منذ 25 مايو 2014 من خلال تعطيلهما نصاب الجلسات في البرلمان.

واذ اعتُبر بيان بكركي امس اشارة سلبية الى طروحات العماد عون الذي لم يحظَ بغطاء مسيحي لخياراته، لفت اعلان منسق الامانة لقوى 14 آذار فارس سعيْد ان تأجيل القمة الروحية المسيحية - الاسلامية «مقلق»، فيما كان بارزاً اشارة رؤساء الطوائف المسيحية الى نقطتين رئيسيتيْن:

اولهما «أن ما يحدث في لبنان اليوم من أزمة سياسية غير مسبوقة ووضع إقتصادي مترد، نتيجة فراغ رئاسي متماد أدى الى شلل في كافة المؤسسات الدستورية العامة، وشكل انتهاكا للجمهورية وإنهاكا لها، هو أمر يجب معالجته فيما بعد وإيجاد ضوابط دستورية وآلية جديدة تحول دون تكرار تجربة الفراغ الرئاسي المؤسف الذي نمر به، من خلال التعاون بين كافة القيادات والقوى السياسية لتوحيد الكلمة، وإعادة الإعتبار الى النهج الوفاقي، لإيجاد حل لهذا المأزق الذي يعيشه اللبنانيون على أن تبقى خلافاتهم في الرأي ضمن الأطر الديموقراطية المعتادة».

والنقطة الثانية تأييد «المطالب المحقة للشعب والتعبير عنها»، واعتبار «الضغط على الحكومة أمرا مشروعا بالطرق الديموقراطية والحضارية، ولكن مع رفض ان يتم ذلك بالعنف وتعطيل الحياة العامة»، وشجب «ما حصل خلال التظاهر في وسط بيروت من أعمال تخريب وممارسات خارجة عن الأهداف، واعتداءات على الأملاك العامة والخاصة وتحطيم بعض واجهات المحال التجارية وسرقتها لخلق البلبلة وإثارة الفتنة والفوضى، والمطالبة بضرورة محاسبة المسؤولين عنها أياً كانوا».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي