ملثّمون يحطّمون السيارات وسياسيون يُغرِقون التحرك بـ «الدعم»
«طلعت ريحتكم» في بيروت تظاهرات أم ... «انقلاب»؟
متظاهرون يستريحون عند مدخل مكتب شركة «الخطوط الجوية الكويتية» في وسط بيروت («الراي»)
تعاظمت المخاوف في بيروت، أمس، من انزلاق الحركة الاحتجاجية التي انفجرت في الشارع على خلفية أزمة النفايات، إلى حال فوضى تطيح ما تبقى من «صمامات أمان» مؤسساتية تقي لبنان من التحوّل «دولة فاشلة».
فلليوم الثاني على التوالي، بقي وسط بيروت مسرحاً لتظاهرات دعت اليها حملة «طلعت ريحتكم» احتجاجاً على عجز الحكومة عن معالجة ملف النفايات منذ أكثر من شهر، وهو التحرك الذي سرعان ما انزلق مساء أول من أمس، الى مواجهات بين المتظاهرين وقوى الأمن أسفرت عن سقوط نحو 18 جريحاً من المحتجين وإصابة نحو 35 عنصراً من رجال الأمن.
وفيما ردّ منظّمو التحرك على ما اعتبروه «قمعاً وحشياً» لهم من القوى الأمنية، بتصعيد تحركّهم وصولاً الى المطالبة بإسقاط الحكومة وحلّ البرلمان، وسط مخاوف سادت من تجدُّد الصِدامات مع عناصر الأمن المولجين حماية مقر البرلمان والسرايا الحكومية، أبدت أوساط سياسية مطلعة في بيروت خشيتها من وجود «قطبة مخفية» وراء انفلاش التحرك، ورفع لافتات مسيئة فيه، وطغيان العناوين السياسية عليه، الى حدّ رفع شعارات وإطلاق هتافات تدعو لتغيير النظام، اضافة الى انضمام مجموعات من الملثّمين الى المحتجين، وقيامها عصراً باستفزاز القوى الأمنية وتحطيم سيارات عدد من المواطنين قرب مبنى جريدة «النهار» في ساحة الشهداء.
وارتسمت ملامح سباق بين المحاولات السياسية لاحتواء الموقف وبين الإمعان في التجييش السياسي للناس من أطراف في الحكومة، أبرزها «التيار الوطني الحر» بزعامة العماد ميشال عون، المنخرط في «معركة» تعطيل مجلس الوزراء للإبقاء على حظوظ صهره العميد شامل روكز بتولي قيادة الجيش، فيما أوحى تضخّم التظاهرات عصر أمس بشيء «مريب» يحصل من خلف كل الخطوط الحمر التي قيل عنها في الأسابيع الماضية، حول منْع هزّ الاستقرار في لبنان أو سقوط الحكومة.
فرئيس الحكومة تمام سلام انبرى إلى تحرك على خطين: الأول تقديم موعد فض عروض المناقصات المتعلقة بالنفايات المنزلية الصلبة من الثلاثاء إلى اليوم، وذلك في سياق محاولة سكب مياه باردة على مطالب المتظاهرين. والثاني المكاشفة التي قام بها أمام اللبنانيين في المؤتمر الصحافي الذي أعرب فيه عن تعاطفه الكامل مع المواطنين، متعهداً المحاسبة الحاسمة للذين استعملوا الافراط في القوة ضدهم، محوّلاً وجهة تداعيات الأحداث نحو القوى السياسية، وساعياً لاحتواء الأزمة على عتبة انعقاد جلسة مجلس الوزراء التي لمح الى امكان تقريب موعدها عن الخميس، بما يساعده على حشْر القوى السياسية لاقرار جدول أعمال الجلسة كما وضعه، أي متضمناً بنوداً حياتية ملحة مثل الرواتب للقطاع العام ونتائج مناقصات النفايات والقروض الميسرة والهبات.
واكتسب انتقاد سلام الشديد للتصريحات السياسية التي أُطلقت عقب تظاهرات وسط بيروت، وإعلانه أنه لن يكون شريكاً في الانهيار «ولتتحمل كل القوى السياسية مسؤولياتها» وأن الجلسة المقبلة للحكومة إما تكون منتجة «وإلا لا لزوم بعد ذلك لمجلس الوزراء»، أهمية بالغة باعتبار ان هذا الموقف عكس اشتداد التجاذب السياسي الذي كان قد قفز إلى الواجهة على خلفية ملف التعيينات العسكرية الذي حوّله العماد عون ورقة ضغط شلّ بها عمل الحكومة، من خلال اشتراطه التوافق الاجماعي في اتخاذ القرارات، ومشاركته رئيس الوزراء في وضع جدول أعمال جلسات الحكومة.
وما عزّز الانطباع بأن تحرك «طلعت ريحتكم» انحرف عن مساره المطلبي باتجاه أجندات سياسية لم تعد مخفية، هو مسارعة العماد عون إلى استثمار التظاهرات بوجه رئيس الحكومة، متوعداً اياه بعد مؤتمره الصحافي بردّ في مجلس الوزراء وفي الشارع، فيما كان صهره وزير الخارجية جبران باسيل يؤكد ان «أحسن ردّ على رئيس الحكومة هو النزول إلى الشارع من أجل النفايات والكهرباء والمياه والقانون والشراكة لأنه يبدو أن الكلام لم يعد ينفع».
ومع انكشاف محاولات استغلال تحرك المجتمع المدني لتصفية حسابات سياسية وربما دفع الأمور نحو منزلقات خطرة ترتبط بالتحولات في المنطقة، كان بارزاً إعلان قوى 14 آذار أن «الاعتصام السلمي لحل أزمة وطنية تتمثل اليوم بأزمة النفايات شيء، والانقلاب على النظام شيء آخر»، مؤكدة «وقوفها الواضح والصريح في وجه كل من يريد ادخال لبنان في مجهول دستوري وسياسي وأمني، من خلال اسقاط الحكومة التي تمثل آخر معلم للشرعية اللبنانية»، وداعية «الجميع إلى انتخاب رئيس للبلاد فورا»، ورافضة وكشفت «استغلال النيات الحسنة للبنانيين من قبل أحزاب أو تيارات أو شخصيات أو حشد شعبي».
وفي السياق نفسه، أكد الرئيس السابق للحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري دعمه لموقف سلام في مؤتمره الصحافي، ودعوته الصريحة لتفعيل عمل الحكومة، ومعالجة الاستحقاقات الداهمة وفي مقدمها مشكلة النفايات. وإذ دان «أي شكل من أشكال الإفراط الأمني في مواجهة التظاهرات السلمية»، نبّه «من محاولات استدراج البلاد إلى الفوضى والمجهول. فالاعتراض على مشكلة النفايات والمطالبة بحلها بسرعة شيء، والمطالبة بإسقاط الحكومة والنظام شيء آخر. لإسقاط الحكومة يعني إسقاط آخر معقل شرعي ودخول لبنان في المجهول. ولن نسمح بأن ينهار لبنان وتنهار شرعيته».
وكان الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط استشعر بدوره التداعيات المترتبة على وقوع الشارع في فخ الفوضى ووجود محاولات لاستثمار تحرك المجتمع المدني، إذ أعلن سحب مشاركة بعض مناصريه في هذا التحرك مؤكداً دعم حكومة سلام ومحذراً من «استغلال قوى التعطيل لهذا التحرك خصوصاً القوى التي عطلت انتخابات الرئاسة ثم مجلس النواب وصولاً إلى تعطيلها لمجلس الوزراء».
فلليوم الثاني على التوالي، بقي وسط بيروت مسرحاً لتظاهرات دعت اليها حملة «طلعت ريحتكم» احتجاجاً على عجز الحكومة عن معالجة ملف النفايات منذ أكثر من شهر، وهو التحرك الذي سرعان ما انزلق مساء أول من أمس، الى مواجهات بين المتظاهرين وقوى الأمن أسفرت عن سقوط نحو 18 جريحاً من المحتجين وإصابة نحو 35 عنصراً من رجال الأمن.
وفيما ردّ منظّمو التحرك على ما اعتبروه «قمعاً وحشياً» لهم من القوى الأمنية، بتصعيد تحركّهم وصولاً الى المطالبة بإسقاط الحكومة وحلّ البرلمان، وسط مخاوف سادت من تجدُّد الصِدامات مع عناصر الأمن المولجين حماية مقر البرلمان والسرايا الحكومية، أبدت أوساط سياسية مطلعة في بيروت خشيتها من وجود «قطبة مخفية» وراء انفلاش التحرك، ورفع لافتات مسيئة فيه، وطغيان العناوين السياسية عليه، الى حدّ رفع شعارات وإطلاق هتافات تدعو لتغيير النظام، اضافة الى انضمام مجموعات من الملثّمين الى المحتجين، وقيامها عصراً باستفزاز القوى الأمنية وتحطيم سيارات عدد من المواطنين قرب مبنى جريدة «النهار» في ساحة الشهداء.
وارتسمت ملامح سباق بين المحاولات السياسية لاحتواء الموقف وبين الإمعان في التجييش السياسي للناس من أطراف في الحكومة، أبرزها «التيار الوطني الحر» بزعامة العماد ميشال عون، المنخرط في «معركة» تعطيل مجلس الوزراء للإبقاء على حظوظ صهره العميد شامل روكز بتولي قيادة الجيش، فيما أوحى تضخّم التظاهرات عصر أمس بشيء «مريب» يحصل من خلف كل الخطوط الحمر التي قيل عنها في الأسابيع الماضية، حول منْع هزّ الاستقرار في لبنان أو سقوط الحكومة.
فرئيس الحكومة تمام سلام انبرى إلى تحرك على خطين: الأول تقديم موعد فض عروض المناقصات المتعلقة بالنفايات المنزلية الصلبة من الثلاثاء إلى اليوم، وذلك في سياق محاولة سكب مياه باردة على مطالب المتظاهرين. والثاني المكاشفة التي قام بها أمام اللبنانيين في المؤتمر الصحافي الذي أعرب فيه عن تعاطفه الكامل مع المواطنين، متعهداً المحاسبة الحاسمة للذين استعملوا الافراط في القوة ضدهم، محوّلاً وجهة تداعيات الأحداث نحو القوى السياسية، وساعياً لاحتواء الأزمة على عتبة انعقاد جلسة مجلس الوزراء التي لمح الى امكان تقريب موعدها عن الخميس، بما يساعده على حشْر القوى السياسية لاقرار جدول أعمال الجلسة كما وضعه، أي متضمناً بنوداً حياتية ملحة مثل الرواتب للقطاع العام ونتائج مناقصات النفايات والقروض الميسرة والهبات.
واكتسب انتقاد سلام الشديد للتصريحات السياسية التي أُطلقت عقب تظاهرات وسط بيروت، وإعلانه أنه لن يكون شريكاً في الانهيار «ولتتحمل كل القوى السياسية مسؤولياتها» وأن الجلسة المقبلة للحكومة إما تكون منتجة «وإلا لا لزوم بعد ذلك لمجلس الوزراء»، أهمية بالغة باعتبار ان هذا الموقف عكس اشتداد التجاذب السياسي الذي كان قد قفز إلى الواجهة على خلفية ملف التعيينات العسكرية الذي حوّله العماد عون ورقة ضغط شلّ بها عمل الحكومة، من خلال اشتراطه التوافق الاجماعي في اتخاذ القرارات، ومشاركته رئيس الوزراء في وضع جدول أعمال جلسات الحكومة.
وما عزّز الانطباع بأن تحرك «طلعت ريحتكم» انحرف عن مساره المطلبي باتجاه أجندات سياسية لم تعد مخفية، هو مسارعة العماد عون إلى استثمار التظاهرات بوجه رئيس الحكومة، متوعداً اياه بعد مؤتمره الصحافي بردّ في مجلس الوزراء وفي الشارع، فيما كان صهره وزير الخارجية جبران باسيل يؤكد ان «أحسن ردّ على رئيس الحكومة هو النزول إلى الشارع من أجل النفايات والكهرباء والمياه والقانون والشراكة لأنه يبدو أن الكلام لم يعد ينفع».
ومع انكشاف محاولات استغلال تحرك المجتمع المدني لتصفية حسابات سياسية وربما دفع الأمور نحو منزلقات خطرة ترتبط بالتحولات في المنطقة، كان بارزاً إعلان قوى 14 آذار أن «الاعتصام السلمي لحل أزمة وطنية تتمثل اليوم بأزمة النفايات شيء، والانقلاب على النظام شيء آخر»، مؤكدة «وقوفها الواضح والصريح في وجه كل من يريد ادخال لبنان في مجهول دستوري وسياسي وأمني، من خلال اسقاط الحكومة التي تمثل آخر معلم للشرعية اللبنانية»، وداعية «الجميع إلى انتخاب رئيس للبلاد فورا»، ورافضة وكشفت «استغلال النيات الحسنة للبنانيين من قبل أحزاب أو تيارات أو شخصيات أو حشد شعبي».
وفي السياق نفسه، أكد الرئيس السابق للحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري دعمه لموقف سلام في مؤتمره الصحافي، ودعوته الصريحة لتفعيل عمل الحكومة، ومعالجة الاستحقاقات الداهمة وفي مقدمها مشكلة النفايات. وإذ دان «أي شكل من أشكال الإفراط الأمني في مواجهة التظاهرات السلمية»، نبّه «من محاولات استدراج البلاد إلى الفوضى والمجهول. فالاعتراض على مشكلة النفايات والمطالبة بحلها بسرعة شيء، والمطالبة بإسقاط الحكومة والنظام شيء آخر. لإسقاط الحكومة يعني إسقاط آخر معقل شرعي ودخول لبنان في المجهول. ولن نسمح بأن ينهار لبنان وتنهار شرعيته».
وكان الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط استشعر بدوره التداعيات المترتبة على وقوع الشارع في فخ الفوضى ووجود محاولات لاستثمار تحرك المجتمع المدني، إذ أعلن سحب مشاركة بعض مناصريه في هذا التحرك مؤكداً دعم حكومة سلام ومحذراً من «استغلال قوى التعطيل لهذا التحرك خصوصاً القوى التي عطلت انتخابات الرئاسة ثم مجلس النواب وصولاً إلى تعطيلها لمجلس الوزراء».