سامي الجميّل تمنّى على بري القيام بمبادرة إنقاذية «قبل انهيار الهيكل على الجميع»

سلام يتهيّأ للخروج من حال «الانتظار» وسط تصاعُد الأزمات «الكارثية»

تصغير
تكبير
تقف الأوضاع الداخلية في لبنان أمام مرحلة محفوفة بكثير من التعقيدات التي بات يصعب معها عدم الخشية من انهيارات اجتماعية واقتصادية وكذلك أمنية ،على خلفية اشتداد الأزمات المتنوعة بدءاً بالأزمة السياسية الكبرى.

واتخذ هذا الواقع بُعده الخطير في الأيام الأخيرة في ظلّ تَصاعُد العجز عن اجتراح أي مخرج للأزمة الحكومية التي تتخبط فيها البلاد وسط السقوط المتتابع لكل محاولات التوصل الى مخرجٍ يعيد انتظام جلسات مجلس الوزراء، للبحث على الأقل في الاستحقاقات الداهمة، ومنها أزمة النفايات التي دخلت قبل يومين شهرها الثاني، واستحقاق توفير الباب القانوني لصرف رواتب الموظفين بدءا من شهر سبتمبر.


وأعربت أوساط وزارية وسياسية مواكبة للاتصالات الجارية من أجل حلحلة الأزمة الحكومية عن تشاؤم كبير من مسار الأمور. اذ لفتت عبر «الراي» الى أن مشروع مخرج جرى العمل عليه اخيراً لحلّ مأزق الخلاف بين زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون وأفرقاء كثر في الحكومة في شأن تأجيل تسريح بين 8 و12 عميداً في الجيش وترفيعهم الى رتبة لواء بما يكفل إبقاء صهر عون العميد شامل روكز في الخدمة، لم يُبتّ ايجاباً بعد بفعل تعقيدات مرتبطة بهذا المخرج قانونياً وعسكرياً من جهة وبفعل ربطه أيضاً بسلّة واسعة لا بد من بتّها كلها دفعة واحدة لتمريره من جهة أخرى.

وأشارت هذه الاوساط الى أن السلة تقوم على التوافق الحتمي على هذا الاقتراح وكذلك فتح الباب أمام عودة جلسات التشريع لمجلس النواب، وأيضاً بت الخلاف على آلية عمل مجلس الوزراء وهو الأمر الذي لا يشجع اطلاقاً على إمكان رؤية انفراج سياسي ولو نسبي قريباً، لتَعذُّر توفير التوافق على هذه السلة أقله في وقت قريب.

وأضافت الاوساط نفسها أنه مع ذلك فإن رئيس الحكومة تمام سلام بدأ الإعداد لدعوة مجلس الوزراء الى جلسة الخميس المقبل لإدراج الأزمات الملحة على جدول أعمالها، وهو ما يعني اختبار فريق العماد عون و«حزب الله» مجدداً حيال إحياء أعمال مجلس الوزراء أو المضي في سياسة التعطيل والتصعيد.

ولفتت الى أن واقع البلاد لم يعد يسمح لسلام بالانتظار أكثر مما فعل ،وأنه يكفي النظر الى خطورة ما بدأت تثيره أزمة النفايات من تداعيات واسعة صحياً وبيئياً وفي الشارع ،كي يُقْدِم على حشْر سائر القوى السياسية ودفْعها الى تحمل مسؤولياتها، وإلا سيكون عليه أن يتخذ خطوة حاسمة هذه المرة لقلب الطاولة.

وأشارت الى أن المواجهة التي حصلت بين القوى الأمنية ومجموعات متظاهرة في وسط بيروت مساء الأربعاء اعتراضاً على التعاطي الحكومي مع ملف النفايات، ستكون عيّنة مما قد يتكرر في مناطق عدة أخرى اذا لم يتم احتواء الأمر بأسرع وقت ،خصوصاً بعدما أحدث تأجيل المناقصات لحل أزمة النفايات صدمة شديدة السلبية.

واعترفت الاوساط بأن السباق الخفي بين أصحاب النفوذ السياسي أو بعضهم المرتبط بشركات معيّنة لعب دوراً أساسياً في تأخير فضّ عروض المناقصات الى الثلاثاء المقبل، وان هذا الواقع لم يعد ممكناً تجاهله في تمادي أزمة النفايات. وقالت ان الاسبوع المقبل سيكون محكوماً بالاتجاه نحو بت المناقصات نهائياً من جهة والسعي الى عقد جلسة لمجلس الوزراء تُتخذ فيها قرارات من جهة أخرى، وإلا فإن التداعيات التصاعدية لكل هذا المناخ ستضع الحكومة أمام مفترق مصيري يصعب إعادة احتوائه.

وعكس الرئيس سلام هذا المناخ إذ نقلت تقارير صحافية عنه قوله إنه «لا يجوز المضي هكذا في التعطيل وكأن البلد بألف خير»، كاشفاً أنه قال لوزير خارجية ايران محمد جواد ظريف خلال زيارته لبيروت «إن إشادتكم بالحكومة ورئيسها يجب أن تصرف في خانة الإتيان برئيس وفاقي وإلا فإن الانهيار والخراب واقع حتماً في لبنان». وأكد أنه لن يقبل «بتكرار سيناريو الجلسات الحكومية نفسها، بل سأستخدم حقي الدستوري بالدعوة الى جلسة حكومية تناقش الأولويات الضرورية مثل دفع رواتب شهر سبتمبر المستحقة في نهاية أغسطس الجاري، وهي قضية تحتاج الى تغطية حكومية وتشريعية، والأمر نفسه يسري على ملف النفايات».

وعوّل رئيس الحكومة على حكمة الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط من أجل صوغ مخارج تؤدي للخروج من الأزمة وإعادة تفعيل عمل الحكومة وفتح أبواب مجلس النواب، وإلا فإن الأمور ستتخذ منحى مختلفاً «فأنا عندما هددت بالاستقالة، لم أكن أناور، لكن ضغط الناس من جهة والصدمة السياسية الإيجابية التي أحدثها قراري من جهة ثانية، أديا الى تراجعي عن تلك الخطوة».

وفي سياق متصل، برز استمرار تشدُّد بري حيال العماد عون على خلفية اعتبار الاخير البرلمان «غير شرعي» ورفضه فتح دور استثنائية الا إذا أُدرج عليها بندا قانون الانتخاب واستعادة الجنسية. وقد أعلن رئيس البرلمان رداً على احتمال اضطلاعه بأي مبادرة داخلياً: «لن أعلّق إلى أن أسمع وأرى أنني لم أعد غير شرعي. ما دام البعض يعتبر مجلس النواب غير شرعي، فلست مستعداً لأسمع أياً يكن»، مؤكداً أن مفتاح الحل بفتح البرلمان أولا، «والباقي عليّ ثانيا»، رافضاً أن يعلمه أحد كيف يقوم بواجباته، ومعتبراً أن هيئة مكتب مجلس النواب هي الممر الإلزامي لجدول أعمال الجلسات العامة وليس أي اعتبار سياسي آخر.

وكانت لافتة امس الزيارة التي قام بها رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميّل للرئيس بري معلناً بعد اللقاء أن «معاناة الناس وصلت الى مكان لا يحتمل، وفي هذا الوقت المسؤولون كل واحد يتكلم مع الآخر بالواسطة».

وحذّر الجميّل من «انهيار الاقتصاد اللبناني لأنه لن يوفّر أحداً»، متمنياً أن «يقوم الرئيس بري بمبادرة إنقاذية، فلبنان والبنانيون بحاجة الى المبادرة»، لافتاً الى «أننا اليوم نقوم بآخر المبادرات قبل انهيار الهيكل على الجميع واللبنانيون اليوم في حالة طوارئ»، مضيفا: «أترك للرئيس بري الحرية بالتصرف بالأفكار ولا أريد التحدث بشيء كي لا أعطّل أي مسار قد يقوم به».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي