حوار «المستقبل» – «حزب الله» أمام اختبار صعب

لبنان يواجه أسوأ أزمة بـ«تعليق» مؤسسات الحكم

تصغير
تكبير
انزلق لبنان نحو واحدة من أسوأ مراحل «انعدام الجاذبية» مع تعليق عمل المؤسسات الثلاث في البلاد (رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان) وسط تعاظم المأزق السياسي - الدستوري من جهة وانعدام المبادرات التي من شأنها كسر حلقة التعطيل المتمادي، لأسباب يختلط فيها المحلي بالاقليمي في ظل لحظة انتقالية تعيشها المنطقة برمتها ولم تتضح معها اتجاهات الريح بعد الاتفاق النووي بين ايران ودول الغرب.

وبلغ المأزق اللبناني أوجه مع الاندفاعة المزدوجة لزعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، في الشارع وداخل الحكومة، بعدما مني بالفشل في فرض عملية تعيين صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش نتيجة رفض من غالبية مكونات الحكومة و«صمت» من حليفه «حزب الله»، وهو ما أفضى تالياً الى تأجيل تسريح قائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي في خطوة أبقته مرشحاً بحظوظ مرتفعة لرئاسة الجمهورية التي «يحتجزها» عون بدعم من «حزب الله» منذ عام وثلاثة أشهر.


ومع انضمام الحكومة التي رفعت الجلسة الاخيرة لها الخميس الماضي من دون موعد لاجتماعها، الى رئاسة الجمهورية المصابة بالشغور منذ نحو 450 يوماً، والبرلمان العاطل عن العمل منذ أمد بعيد، تطرح في بيروت أسئلة مقلقة ترتبط بمصير الحكومة التي ولدت من رحم قرار دولي - إقليمي كبير كان الهدف منه حفظ الاستقرار في البلاد وتجنبها شبح الحرائق الأمنية المشتعلة في المنطقة وتأمين ملاذ آمن لنحو مليون ونصف مليون لاجئ سوري.

وإذ تؤكد المصادر القريبة من رئيس الحكومة تمام سلام، الذي سبق أن لوح بالاستقالة، مضيه في تحمل المسؤولية استجابة لنداءات من الداخل والخارج، فإن اوساطاً واسعة الاطلاع في بيروت ترى أنه بات من الصعب الاستمرار في عقد جلسات للحكومة بلا جدوى وبلا قرارات، وتالياً فإن المخرج لإنقاذ الواقع الحكومي من الحلقة المقفلة صار في مرمى القوى السياسية عبر مبادرة مفترضة ترفع سيف التعطيل عن الحكومة والبرلمان في آن.

وثمة من يتحدث في هذا السياق عن محاولة يبذلها في هذا الاطار المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، الهدف منها التفاهم على «جائزة ترضية» ما للعماد عون تحفظ له ماء الوجه وتتفادى إظهاره مكسوراً بعد التمديد لقهوجي، كرفع سن التقاعد للعسكريين أو ترقية 10 عمداء في الجيش الى رتبة لواء، الأمر الذي يحفظ لصهر العماد عون العميد شامل روكز فرصة اضافية لبلوغ قيادة الجيش.

ورغم أن هذه الافكار ما زالت مدار أخذ ورد سياسي، فإن الانظار تتجه الى المفاعيل المحتملة للكلام العالي النبرة الذي سجل في الساعات الماضية من ثلاث مرجعيات في البلاد وجاء على النحو الاتي:

•اعلان الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله في الذكرى التاسعة لانتهاء حرب يوليو 2006، «أننا كلّنا شركاء في الخوف والغبن وهذه الدولة نعم هي الضمان وهي الحل لا التقسيم ولا الفيديرالية»، لافتاً الى «أن هناك شريحة كبرى من المسيحيين تشعر بالاستبعاد، ويتم الحديث عن محاولة لكسر العماد عون أو عزله». وقال: «لا نقبل أن يكسر أي من حلفائنا على الاطلاق... وأقول لهم أنتم مخطئون لن تستطيعوا أن تكسروا العماد عون أو تعزلوه»، ذلك أن عون «هو ممر الزامي لانتخابات الرئاسة وهو ممر الزامي لتعود الحكومة منتجة وفاعلة».

•الرد المباشر والسريع لزعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري على خطاب السيد نصرالله، فقال في سلسلة تغريدات له عبر موقع «تويتر»: «انهم يخترعون مقولة إن هناك جهة تريد عزل العماد عون وكسره. فبركوا الكذبة وصدقوها وجعلوا منها باباً مشرّعاً للتحريض على»المستقبل«. تيار»المستقبل«مؤتمن على الاستقرار وعلى الوحدة الوطنية، وهو لم يكن ولن يكون في أي يوم من الأيام أداة لكسر شركائه في الوطن»... تاريخنا يشهد لنا، والذين يريدون إلباسنا أثوابهم لن ينجحوا في هذه المهمة».

•الكلام الذي قاله العماد عون على شاشة«المنار»التابعة لـ«حزب الله»، مشيداً بالسيد نصرالله واصفاً اياه بأنه«قيادي استثنائي وعندما أتكلم عنه أقصّر ولا أحب أن أبالغ فهو سيد بكل ما للكلمة من معنى وعلاقتي به هي فوق السياسة»، مشيراً الى أنه«لا يمكن أن يأتي بعد اليوم رئيس للجمهورية لا يمثل المكون الذي ينتمي إليه». غير أنه أوضح«اننا نقبل بتسوية رئيس توافقي إذا شملت الرؤساء الثلاثة فيكونون كلهم توافقيين لا يمثلون الأكثرية في طوائفهم».. واتهم الحريري بأنه اول من استهدفه ومنذ عام 2005.

وفي«جوجلة»سياسية لهذه المواقف توقفت دوائر سياسية في بيروت أمام أمرين: الأول هو كلام السيد نصرالله عن ان العماد عون هو الممر الإلزامي لرئاسة الجمهورية بعدما كان"حزب الله"يقول عون أو الفراغ، في إشارة الى أن الحزب جعل عون، وفي موقف جديد ناخباً أكثر مما هو مرشح، الأمر الذي يوحي بعملية تكييف مع المرحلة الجديدة بعد الاتفاق النووي. والثاني هو عودة الحماوة الى العلاقة بين"حزب الله"و"تيار المستقبل" ما قد يعرض الحوار بينهما لاختبار صعب.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي