حوار / النائب في «كتلة المستقبل» اللبنانية أكد أن «الجنرال يريد أن يصبح رئيساً للجمهورية ويهاجم جميع الناس صباح مساء»

الجراح لـ«الراي»: معركة عون عائلية ولا علاقة لها بحقوق المسيحيين

u062cu0645u0627u0644 u0627u0644u062cu0631u0627u062d
جمال الجراح
تصغير
تكبير
يتجه المأزق السياسي – الدستوري في لبنان نحو المزيد من التأزم على وقع تحرك احتجاجي بدأه انصار زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون ولم تتضح فصوله او اهدافه.

وتزامنت طلائع تحرك «العونيين» مع تعذر انعقاد جلسة جديدة للبرلمان لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وسط فراغ في «الكرسي الاول» منذ اكثر من عام نتيجة تعطيل عون المرشح للرئاسة وبالتكافل والتضامن مع حليفه «حزب الله» النصاب الدستوري.


وسط هذه التحديات المتعاظمة التي يواجهها لبنان التقت «الراي» النائب في «كتلة المستقبل» جمال الجراح في حوار فيما يلي نصه:

? ما آفاق تحرك العماد عون؟

ـ عون لم يعلن هدفاً محدداً من تحركه بعد بسبب الإرباك الكبير سواء على مستوى طريقة الأداء أو النتائج الممكنة. فالتحرك الماضي كان هزيلاً جداً وانعكس سلبياً على عون، وراح الشارع يقول له «أنت حجمك 171 شخصاً تظاهروا أمام السرايا الحكومية، وبالتالي أنت غير قادر على أن تحشد لقضية سياسية».

والشارع المسيحي المؤيد لعون بات يعرف أنه يخوض معركة شخصية لا علاقة لها بحقوق المسيحيين بل هي مطالب عائلية، وبالتالي ما من حماسة للتحرك لان الشارع لا يعتبرها قضية وطنية.

وثمة سؤال يُطرح: فإذا نزل عون إلى الشارع بجمهور كبير، ماذا سيفعل في اليوم التالي؟ هل سيبقى في الشارع؟ والسؤال الأهم هل سيصطدم بالجيش، المؤسسة التي باتت تحظى بإجماع لبناني منقطع النظير؟ وهل عون كقائد جيش سابق على استعداد للاصطدام بالمؤسسة التي بدأ حياته السياسية منها؟ والمسألة الاخرى، هل الجو الإقليمي الآن جاهز ليعطي مردوداً على أي حركة في الشارع سواء كانت سلمية أو أمنية أو حتى عسكرية؟ ولنفترض حصول عمل عسكري أو أمني، مَن مستعد أن يدفع ثمنه إقليمياً؟ ما من أحد، لأنه لم يتبلور شيء إقليمياً في المنطقة بما فيها سورية، وبالتالي لا شيء متبلوراً إقليمياً بالنسبة إلى لبنان. ومن هنا، فإن أي حركة من هذا النوع ليس لها أفق.

? إذا كان الهدف من التحرك بالشارع إسقاط الحكومة التي يعتبرها حلفاء العماد عون خطاً أحمر.. ما الجدوى منه إذاً؟

ـ هذا سبب إضافي لإرباك عون، فهو اليوم غير قادر على اتخاذ قرار ماذا يفعل وما الخطوات التي عليه اتخاذها في حال نزل إلى الشارع. فعون يعلم أن الحكومة خط أحمر عند حليفه «حزب الله» لحاجته لها في مرحلة إقليمية دقيقة جداً، ويعلم أيضاً أن المؤسسة العسكرية تجاوزت موضوع التمديد الذي أصبح واقعاً.

? هل في الأمر إذاً تحمية لكسر مأزق الاستحقاق الرئاسي؟

ـ اللبنانيون قرروا وضع رئاسة الجمهورية في يد الوضع الإقليمي، بدليل أنهم عاجزون عن النزول إلى مجلس النواب لانتخاب رئيس والالتزام بالدستور؛ فقد تم تجاوز الدستور ورئاسة الجمهورية من المعطلين، حيث جرى ربط هذا الملف بالوضع الإقليمي واعتبار أن مَن سينتصر في سورية سيفرض رأيه في لبنان، وذلك بعد أن راهنوا على انتصار بشار الأسد وفرض المحور الذي ينتمون إليه رئيساً للجمهورية في لبنان.

غير أن من الواضح أن الأمور تسير في الاتجاه المعاكس لما كانوا يتمنونه. وأذكّر بقول الجنرال عون «إما الثلاثاء أو الخميس» (في إشارة إلى قرب انتهاء الحرب في سورية)، وتهديد 8 آذار بأن بشار سيرجع قوياً ويعيّن رئيسا للجمهورية في لبنان، وان ما من رئيس للجمهورية سوى عون. وفيما تبين أن الأمور تسير عكس ما يحلم به، إلا أن رهانهم ما زال على حاله ولا سيما بعد علمهم أن علي مملوك زار المملكة العربية السعودية حيث فسروا الامر على أن الأسد ما زال قوياً جداً ويفرض شروطه على كل المنطقة وسيختار رئيساً للجمهورية في لبنان. غير أن كلّ هذه الرهانات سقطت، وبالتالي ما الذي يمكن أن يفعله رهان الشارع؟

? ثمة مَن يرى أنه لم يتمّ تقديم «سلّم» للعماد عون للنزول عن «الشجرة»؟

ـ لقد أُعطي الجنرال عون مئة فرصة لينزل. لكن، اليوم حين نرى أنه يطرح نفسه رئيساً للجمهورية، وفي الوقت نفسه يشتم «المستقبل» صباحاً ويشتم الرئيس نبيه بري عصراً ومساء ويشتم آخرين.. كيف يمكنه إذاً أن يصبح رئيساً للجمهورية؟ إذا كان كل هؤلاء الأفرقاء فاسدين وسيئين، كيف يقبل العماد عون أساساً أن ينتخبوه رئيساً؟ هذه ذهنية رهيبة لا أعتقد أننا شهدنا مثلها في لبنان قبل ذلك، حيث نجد أن هناك من يخاصم كل الناس ويهاجم كل الناس وليس له صاحب إلا حزب الله، ويريد أن يكون رئيساً.

? ثمة من يرى أنكم تريدون أن تحرجوا العماد عون لتخرجوه بهدف كسره.. إذ أنكم لا تؤمّنون له أي مخرج للخروج من هذا المأزق بدليل رفضكم لمشروع رفع سن التقاعد للضباط؟

ـ رفع سن التقاعد للضباط يجعل من هرمية الجيش «بالمقلوب»، حيث سيتسع مستوى القيادة ويضيق مستوى القاعدة. من هنا فإن رفع سن التقاعد دونه تأثير سلبي جداً على هرمية الجيش بالإضافة إلى أكلافه المالية التي لا تستطيع خزينة الدولة تحملها. وعون، بإصراره، هو من «حرق» العميد شامل روكز. كان بإمكانه طرح أسماء ثلاثة عمداء باعتبارهم أكفاء مُدْرِجاً صهره بينهم ويترك قرار الاختيار لمجلس الوزراء. وهناك من هو أكفأ من روكز في الجيش، وثمة عميد اسمه مارون حتي يُقال إنه من الأكفأ، وشامل روكز يُقال إنه ذو كفاءة، وهناك آخرون غيرهم طبعاً من ذوي الكفاءات.. وبالتالي لماذا حصر عون الموضوع بصهره؟

كيف يمكن لهذا التيار السياسي أن يقنعني أنه يدافع عن حقوق المسيحيين إذا كانت كل حقوق المسيحيين مُختصرة ببيته. وحتى في الانتخابات الداخلية للتيار الوطني الحر، فإن المنافسة محصورة بين ابن اخته وصهره، هو بالتالي يقول: «هذه مؤسسة عائلية، فيها أنا وصهري وصهري وابن أختي» هذه هي حقوق المسيحيين.

? كان من الواضح أن الرئيس بري تصدّر في الفترة الماضية المواجهة مع الجنرال عون، هل في رأيك اتخذ بري هذا الموقف بمعزل عن غطاء من «حزب الله»؟

ـ هناك مسألتان في هذا الإطار؛ أولاً ان عون تعرّض لكرامة مجلس النواب وشكّك بشرعيته، وهذا أمر خط أحمر عند الرئيس بري. والمسألة الثانية، نعم غطى حلفاء عون عملية التمديد وبالتالي تركوه وحيداً، وهذه الرسالة يفترض أن تكون وصلت إلى عون وأن يكون فهمها، اذ هل يعقل ان يكون التمديد مرّ من دون موافقة «حزب الله»؟

? هل لديكم انطباع بأن إيران قد تقدم على مبادرة حسن نية تجاه المتجمع الدولي والعربي بعد الاتفاق النووي فتفرج عن الاستحقاق الرئاسي اللبناني؟

ـ لا أعتقد أن الإيرانيين سيعطوننا استحقاق رئاسة الجمهورية مجاناً، أو قبل أن تنضج تسوية على مستوى المنطقة أو على الأقل أن تتضح الخطوط الرئيسية للتسوية، الأمر الذي ما زلنا بعيدين عنه. قد يحصل هذا الأمر غداً ولكنه غير موجود اليوم، وبالتالي هناك ورقة بيدهم اسمها رئاسة الجمهورية في لبنان ما زالوا ممسكين بها وهناك مَن يؤمن لهم استمرارية هذا التعطيل هو ميشال عون.

وفي رأيي ان «حزب الله» يقول «أنا مع حليفي في ما يقرره»، ويتركه يتمادى في هفواته السياسة وحرْق نفسه سياسياً، وبالتالي الحزب لا يدفع شيئاً من جيبه. وما من ثمن تدفعه إيران للتعطيل، فعون هو مَن يدفع ومن ورائه المسيحيون في لبنان، في حين أن الأولوية المطلقة للمسيحيين هي انتخاب رئيس للجمهورية يضمن استمرار هذه المؤسسة التي تمثل رمز الشراكة الإسلامية ـ المسيحية في البلاد.

المسألة الثانية، الرئيس بري ليس الأقوى في الطائفة الشيعية ولكن «حزب الله» يعلم أنه إذا أخذ رئاسة البرلمان سيفتعل مشكلاً في البلد. والرئيس سلام ليس الأقوى في الطائفة السنية بل الرئيس سعد الحريري هو الأقوى وقد دعم وصول الرئيس سلام لأن المرحلة لا تحتمل كثيراً من التصادم مخافة أن «يفرط» البلد. وبالتالي أنتَ يا ميشال عون الأقوى لماذا لم تفعل كبقية المكوّنات السياسية؟ ألم يبق بين الموارنة إلا عون؟

العماد عون يعرف أنه عاجز عن الوصول إلى رئاسة الجمهورية وسط هذا الانقسام، والدكتور سمير جعجع اكتشف مبكراً هذا الأمر وقال انه مستعد للتوصل إلى رئيس توافقي يحفظ ويضمن وجود واستمرارية رئاسة الجمهورية.

وبعد مرور أكثر من عام على شغور رئاسة الجمهورية، على ماذا يراهن عون بعد؟.أن يؤيد «المستقبل» انتخابه وهو يشتمه صباح مساء؟ ما هذا المنطق؟
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي