أكد لـ«الراي» التزام وزارة المالية بمسار الإصلاح وتنويع الدخل

الصالح: «احتياطي الأجيال» التزام أخلاقي ولن نتنصّل منه لإخفاء العجز

u0646u0627u0626u0628 u0631u0626u064au0633 u0645u062cu0644u0633 u0627u0644u0648u0632u0631u0627u0621 u0648u0632u064au0631 u0627u0644u0645u0627u0644u064au0629 u0623u0646u0633 u0627u0644u0635u0627u0644u062d
نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية أنس الصالح
تصغير
تكبير
• حذار التقليل من أهمية العجز في الحساب الختامي عبر محاولة إضافة الأرباح الدفترية للاستثمارات الخارجية

• تقدير الايرادات والمصرفات ليس عشوائياً بل يتم بالتنسيق مع جهات الاختصاص وبالنظر الى متوسطات الحسابات الختامية السابقة

• رفعنا رؤية وزارة المالية لتنويع مصادر الدخل إلى مجلس الأمة لمناقشتها في دور الانعقاد المقبل

• التحوّط في تقدير الإيرادات العامة والتوسّع في تقدير المصروفات العامة يحسب للإدارة المالية لا عليها

• المركز المالي للدولة قوي ... ولا يجوز الخلط بينه وبين حساب المالية العامة

• أرباح الاستثمارات ليست جزءاً من الايرادات العامة ليس بسبب سريتها وإنما لأنها دخل احتمالي غير محقق
أكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية أنس الصالح الالتزام بمسار الإصلاح في الماليّة العامّة وتنويع مصادر الدخل لتحقيق الاستدامة على المدى الطويل.

وأشار الصالح في تصريح لـ«الراي» إلى أن «العجز في الميزانية العامّة بات أمراً واقعاً تُظهره الأرقام، ولا يمكننا التقليل منه من خلال تجميل الأرقام أو الالتفاف على حق الأجيال القادمة في الثروة النفطيّة الناضبة، أو من خلال إدخال العوائد الاستثمارية في الميزانيّة العامّة لتحويلها من العجز إلى الفائض».

وأضاف: «بدلاً من تجميل الأرقام، نحن ملتزمون بالإصلاح، وقد رفعنا رؤية وزارة المالية لتنويع مصادر الدخل إلى مجلس الأمة، لمناقشتها في دور الانعقاد المقبل».

وكانت وزارة المالية قد أعلنت أن الحساب الختامي لميزانية السنة المالية 2014/ 2015 أظهر عجزاً بنحو 2.3 مليار دينار بعد استقطاع حصّة صندوق الأجيال المقبلة.

وأوضح الصالح أن «ما يتم استقطاعه لصندوق احتياطي الأجيال القادمة يمثل نصيب الأجيال التي ستولد في زمن ما بعد النفط الذي ندرك جميعا أنه ثروة ناضبة سواء تحقق هذا النضوب فعليا بسبب نفاذ الاحتياطي النفطي، أو فقد النفط أهميته الاقتصادية بسبب توفر بدائل له كما حدث للفحم في القرن الماضي عندما أسقط النفط أهميته الاقتصادية». وأشار الصالح إلى أن «احتياطي الأجيال القادمة يمثل التزاما أخلاقيا وموضوعيا على الجيل الحاضر والأجيال المستفيدة من وجود الثروة النفطية، ولا ينبغي التنصل من هذا الالتزام سواء حقق الحساب الختامي للدولة فائضا أم عجزا. ولذا فان تفضيل الدولة للبحث عن وسائل مختلفة لتمويل العجز وعدم اللجوء الى صندوق احتياطي الأجيال القادمة الذي يحظر قانونه اللجوء اليه الا في حالات استثنائية، انما يشكل احتراما لهذا الالتزام الأخلاقي والضروري».

وأكد الصالح أن «حق الأجيال القادمة في الثروة النفطيّة الناضبة مكفول في القانون، ولا يمكن أن نتنكّر له لمجرّد أن أسعار النفط انخفضت بل يمكن تخفيض نسبة الاستقطاع إلى الحد الأدنى القانوني البالغ 10 في المئة».

أرباح الاستثمارات

ورداً على سؤال عن سبب إبقاء أرباح الاستثمارات الكويتية (التي تدير الهيئة العامة للاستثمار الجانب الأكبر منها) خارج الميزانية العامّة، أكد الصالح أن أرباح الاستثمارات الكويتية لا تدخل في الميزانية العامة ليس لأن سرية ولكن لأنها ليست ايرادات فعلية، وهي من البنود التي تصنف محاسبيا في مختلف أرجاء العالم كبنود خارج الميزانية، لأنها تتصل بأنشطة تتضمن عوائد احتمالية، أي قد تتحقق مستقبلا أو لا تتحقق، لأنها تكون في معظمها أرباحا غير محققة وهي ناتجة عن تحسن قيمة أصول الاستثمارات الخارجية، ولا تعتبر دخلا الا في حال بيع هذه الأصول أو التخارج منها، ومن ثم لا يمكن تصنيفها ضمن الايرادات، طبقا للمبادئ المحاسبية الدولية المتعارف عليها. وهي تدخل ضمن حساب آخر من حسابات ميزان المدفوعات هو حساب رأس المال وهو حساب مستقل عن الميزانية العامة التي تمثل ايرادات ومصروفات جارية.

وحذّر الصالح من التقليل من أهمية العجز المتحقق في الحساب الختامي للدولة عبر محاولة اضافة الأرباح الدفترية غير المحققة للاستثمارات الخارجية الى ايرادات الميزانية العامة، لما في ذلك من تعارض مع الأصول المحاسبية الدولية المعتمدة، باعتبار أن هذه الأرباح احتمالية وليست محققة.

وأشار الصالح إلى أن«احتياطي الأجيال القادمة مستثمر في استثمارات طويلة الأجل لا تحقق مكاسب رأسمالية في الأجل القصير الا في حال التخارج منها، أما أرباحها المحققة فعليا فيعاد استثمارها من أجل تنمية موجودات هذا الاحتياطي. وكل هذا جزء من الحساب الرأسمالي للدولة، ولا علاقة له بالميزانية العامة أو الحساب الختامي للدولة».

وأكد وزير المالية أن المركز المالي للدولة قوي، ولكن الحساب الختامي للدولة للعام 2014/ 2015 سجل عجزا فعليا. ومن ثم لا يجوز الخلط بين حساب المالية العامة واقحام بنود حساب رأس المال في هذه الميزانية، فهما حسابان مختلفان من حيث الموضوع والاختصاص.

التقديرات والحساب الختامي

وعن أسباب اختلاف أرقام الحساب الختامي عن أرقام الميزانية العامة التقديرية، بيّن الصالح أن«الميزانية العامة التقديرية التي تعد قبل بداية السنة المالية هي بيان تفصيلي يتضمن تقديرات إيرادات الدولة ومصروفاتها كما تحددها وحدات النشاط الحكومي المختلفة وجمعها في بيان واحد يعكس توقع الدولة لايراداتها ومصروفاتها لسنة مالية مقبلة، ويتم اعتماد مشروع الميزانية التقديرية من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية. وهذا اجراء متبع في كافة دول العالم وليس خاصا بدولة الكويت».

وأشار إلى أن«الهدف الرئيس من وجود ميزانية عامة تقديرية هو ضمان تخصيص اعتمادات الموازنة بما يتوافق مع الاحتياجات المتوقعة من الخدمات العامة خلال السنة المالية المقبلة وتمكين أجهزة الرقابة المالية على الايرادات والمصروفات من التأكد من أن الصرف يتم في حدود الاعتمادات المدرجة وللأغراض المخصصة لها، ومن ثم ضمان عدم التعرض الى نقص غير مخطط في الاعتمادات».

ولفت الصالح إلى أن«الميزانية التقديرية ليست فعلية، بل مبنية على التوقعات والتقديرات التي تأتي من نحو 52 جهة عامة، فليس هناك ما يضمن، لا في دولة الكويت ولا في أي دولة أخرى، أن تتطابق الايرادات والمصروفات التقديرية مع الايرادات والمصروفات الفعلية التي تتحقق بعد انتهاء السنة المالية والتي تتضمنها الحسابات الختامية للجهات الحكومية المختلفة والتي تعكس الايرادات العامة التي تم تحصيلها فعليا والمصروفات العامة التي تم صرفها فعليا خلال السنة المالية من قبل هذه الجهات. ولهذا السبب فان عدم التطابق بين العجز أو الفائض المحسوب في الميزانية التقديرية مع العجز أو الفائض المسجل فعليا في الحساب الختامي للدولة أمر طبيعي، ويحدث في كل الميزانيات العامة سواء في الدول المتقدمة أو النامية. ووجود الاختلاف بين العجز أو الفائض التقديري والعجز أو الفائض الفعلي لا يعني عدم أهمية أي منهما».

واعتبر الصالح أن«الاختلاف بين الميزانية التقديرية والحساب الختامي في الدول المتقدمة غالبا ما يكون كبيرا بسبب اعتماد حكومات هذه الدول في دخلها على الضرائب، والتي يعتمد جزءا لا بأس به منها على الأرباح التي تحققها الشركات، وهي عرضة للتقلب بسبب المتغيرات الكثيرة التي يتعرض لها قطاع الأعمال، ومن ثم يصعب تطابق الايرادات التقديرية مع الايرادات الفعلية المحققة، وكذلك هو حال المصروفات، اذ تتعرض أنظمة هذه الدول الى ضغوط تضطر معها الى مصروفات قد تتجاوز المخطط لها، مثل زيادة مخصصات اعانات البطالة نتيجة زيادة عدد المتعطلين عن العمل ولذا يصعب أن تتطابق المصروفات التقديرية مع المصروفات الفعلية».

وأضاف:«في ظل هذه الاختلافات فان من الحصافة، وهذا ما هو دارج في مختلف أنظمة المالية العامة في العالم التحوط في تقدير الايرادات العامة، والتوسع في تقدير المصروفات العامة. وفي دولة الكويت، المعتمدة بشكل رئيسي في دخلها على النفط، يوجد عامل اضافي يدفعها للتحوط بدرجة أكبر عند تقديرها للايرادات العامة، وهو هذا الاعتماد على مصدر شبه وحيد للدخل، باتت أسواقه وأسعاره عرضة لتقلبات شديدة منذ بداية عقد السبعينات، وهي تقلبات لا تملك دولة الكويت باقتصادها الصغير قدرة في السيطرة عليها أو توجيه حركتها، ومن ثم فانها ملزمة بالتحفظ والتحوط عند تقدير ايراداتها النفطية، وهذا ما تفعله الادارة المالية في دولة الكويت عند اختيارها لسعر النفط التقديري الذي يتم على أساسه حساب الايرادات العامة».

وأكد أن«وزارة المالية عند اعلانها عن مقدار العجز أو الفائض التقديري من واقع بيان الميزانية العامة لا تأتي بجديد، وهي تحذر بذلك من احتمال قابل للتحقق، عندما ينخفض سعر النفط الى سعر يقل عن السعر الذي يحقق التعادل بين الايرادات والمصروفات».

وأوضح وزير المالية أن«يد الحكومة مطلقة في حساب التقديرات من خلال اختيارها لما تشاء من أسعار تحوطية للنفط أو للمصروفات، اذ إن الادارة المالية في دولة الكويت لا تختار عند تقديرها لسعر النفط التحوطي هذا السعر بطريقة عشوائية بل تقوم بذلك بالتنسيق مع جهة الاختصاص وهي مؤسسة البترول الكويتية، وتأخذ في اعتبارها توقعات منظمة البلدان المصدرة للنفط أوبك بشأن العرض والطلب والأسعار المتوقعة في سوق النفط العالمي في السنة القادمة، وكذلك توقعات وتقارير المنظمات والهيئات الدولية المتخصصة. واختيار الادارة المالية لسعر متحفظ في ضوء الاعتبارات السابقة وبعد التشاور مع الجهة المختصة، وان كان أقل من متوسط السعر الذي يتحقق بعد ذلك خلال السنة المالية هو أمر يحسب لادارة المالية العامة لا عليها».

ولفت إلى أن«الادارة المالية لا تقدر حجم المصروفات العامة جزافا، بل تترك أمر هذا التقدير للجهات الحكومية المختلفة (الوزارات والجهات الملحقة والمستقلة)، وتوجهها في التعميم الذي تصدره قبل البدء باعداد تقديرات الميزانية الجديدة في كل عام بتحري الدقة وعدم المبالغة في تقدير المصروفات وطلب الاعتمادات، وتقوم بمراجعة وغربلة تقديرات الجهات الحكومية المختلفة بهدف ترشيدها ومطابقتها مع متوسط الاحتياجات الفعلية في السنوات الثلاث السابقة».

خلط بين مبادئ المالية العامة وحساب ميزانيات الشركات!

أشار الصالح إلى أن«البعض يخلط بين مفاهيم المالية العامة وميزانيات الشركات عند الحديث عن تقييم الاحتياطيات النفطية بقيمة رمزية لا تتعدى المليون دينار، أو طريقة احتساب إهلاك المباني والمنشآت في المؤسسات والهيئات الحكومية».

وأوضح أن البعض«لا يميز هنا بين طبيعة حساب الميزانية العامة وحساب ميزانية المؤسسة التجارية. ففي حساب موازنات المؤسسات التجارية ينبغي تقدير القيمة الصافية للأصول الرأسمالية التي تملكها المؤسسة وهذا التقدير ضروري لأغراض كثيرة من بينها بيان المركز المالي للمؤسسة. أما في حالة حسابات المالية العامة، فان الاهتمام الرئيسي ينصب على استخدام الميزانية العامة كاداة لتخطيط الانفاق من ايرادات جارية على مصروفات جارية. وفي هذا الاطار، يصبح تقدير المركز المالي للدولة بحساب قيمة أصولها وحساب قيمة تيار الدخل المستقبلي الذي يمكن أن تدره هذه الأصول أمرا لا معنى له». وتساءل:«هل يمكن تخيّل أرقام ميزانية الدولة إذا ما تم احتسابها من دون النفط؟»
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي