أحرف وكلمات

متى أصل... ومتى نصل؟!

تصغير
تكبير
في يوم كنت على استعجال للذهاب إلى إحدى المؤسسات لاستكمال بعض الأوراق، فما كان مني إلا الخروج في الصباح باكراً، فالمؤسسات والدوائر الحكومية عندنا- عادة- تبدأ العمل في الثامنة صباحا ومن ثم عليّ الخروج في السابعة صباحاً... وتماشياً مع مقولتنا الشهيرة: «الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك».

المهم أستقللت سيارتي وأدرت إحدى القنوات الفضائية لتكون لي خير أنيس، وإذا بي أسمع الضجيج الصادر من إحدى القنوات عن هذا وذاك، والتحدث عن بعض المشكلات التي نعاني منها وهكذا، فكان الموضوع أقصد المشكلة الحثيثة تدور حول نفسها، وكأنني أمام لعب العروسة الدوارة في ملاهي الأطفال مجرد أرجوحة تدور في أذهان المستمعين وفي النهاية لا شيء ولا جديد ولا حلول كانت للأسف الشديد مجرد تسالي وملء الفراغ.

فالموضوع مخنق حقاً لأتفاجأ- أيضا- بالاختناق المروري وشعور بخيبة أمل وبدأت أعقد التخمينات بناء علي واقع نعيشه، فالسيارات المخنوقة التي تحيطني من كل جانب لديها حتماً من المشاوير المهمة في صيفنا شديد الحرارة، على العموم... ليست هذه المشكلة الأساسية التي نعاني منها، فنحن أهل الكويت ترعرعنا على هذه الحرارة المرتفعة، والتي عشقناها منذ نعومة أظافرنا، ولكن السؤال متى أصل ومتى نصل ؟!

ومن هو المتسبب وما السبب؟!

لذا بدأت حالة من الاستنفار النفسي ليأخذني الخيال إلى الحال التي سنكون عليه في عام2030 ومع زيادة التعداد السكاني الحتمي في السنوات المقبلة؟! فالصين دولة عظيمة قامت بتحديد النسل لأسباب تصب في مصلحة المواطن الصيني، ونحن الكويتيين ماذا ننتظر بالضبط ؟! لا أدري ماذا أقول ولكنه سؤال في غايه الأهمية، خصوصا الأراضي السكنية المحدودة لدينا لذا نحن فعلاً بحاجة إلي إعادة الدراسة لخطط تنموية علاجية استثمارية فائقة من جميع النواحي يتقدمها السرعه في الإنجاز، وبعد كل هذا، السؤال هنا: أصبحنا نتنافس مع من؟!

فهل نحن شعب مستهلك أم منتج أم مبدد للثروة أم ماذا بالضبط؟!

فأوراقي التي أمامي أستطيع أن أنتهي من استكمال معاملتها بالهاتف فقط، ومع وجود تقنية المعلومات، وبالتالي لا حاجة مني للخروج ومزاحمتي انا وغيري من َمن لديهم بعض المعاملات لإنهائها، فنحن نحتاج فعلاً لحل تقنية المعلومات واختصار هذا الزحام المروري الخانق، كما نحتاج فعلاً إلي مد جسور وطرق سريعة وساعات عمل إضافية واختصار سنوات العمل في أقصى مدة ممكنة على أن تتوسع هذا الإنشاء لتصل إلى جميع محافظاتنا، وذلك من أجل الوصول إلي حل سريع لإنهاء هذا الشلل المروري، هذا فضلا عن الإسفلت الذي بحاجة إلي صيانة دورية مستمرة، للمساهمة في عدم إرهاق جيب المواطن ماديا بسبب «الانسلاخات»التي تحدث لإطارات سياراتهم وتشققها، خصوصا لمتوسطي الدخل، ومن ثم الدخول في دوامة الإرهاقات المادية وهكذا، فالمواطن لا يتحمل أكثر من هذا، خصوصاً فئة المتقاعدين... أسعار مرتفعة للمواد الغذائية والاستهلاكية والعلاجية والترفيهية وإجارات سكن ومدرسين خصوصيين... الخ

المهم وبعد مشقة الزحام المروري الخانق، وبعد عناء طويل تم الوصول إلي مكان «أصف» به سيارتي لأتفاجأ بعمال نظافة تحولوا إلي متسولين في لباس منظمي الطرق، فما كان مني إلا ملء جيوبهم المملوءة في الأساس من «أكراميات» المراجعين، وبيني وبين نفسي أقول أقدم له المال الآن حتى لا يقدم علي السرقة أو الجريمة من أجل لقمه العيش، وربما تكون ضحيته من الأبرياء، فرواتبهم الضئيلة لا تكفي البعض منهم، وفئة أخرى منهم تشيد القصور في بلادها إذا ما إستطاعت التصرف باحترافية والتأثير علي قلوب الكويتيين الرقيقة، فأعدادها الكبيرة لا نتحملها وكأنها دخلت عندنا وعلى ظهورها كلمة تصرفوا كيفما شئتم؟! إنني أدرك إنني أتحدث عن نقطه في بحر، ولكن ماذا وكيف حصل هذا

وأصبحنا نتسابق مع من؟!

حقيقة نحتاج إلي حل سريع، حتي لا نصل إلي ما لا نحمد عواقبه لا قدر الله!

المهم دخلت المؤسسة لأتفاجأ بطابور طويل، ثم وقفت لأصل إلى دوري وأنهي معاملتي، والتي كانت تحتاج مني الذهاب أيضاً إلي مبني آخر، ومن ثم العودة إلي المبني السابق، واستكمال أوراقي، ولكن تأخرت عني الموظفة المسؤولة عن إنهاء معاملتي، وانتظرت نصف ساعة إضافية، لأن موعد إفطارها قد حان، ولا وجود لرقيب أو موظف بديل، حتي تنتهي بالعافية من إفطارها وتقوم بإنجاز معاملتي، لأتنفس الصعداء في الثانية عشرة ظهراً، فعلاً جهاد مع النفس لمدة خمس ساعات، لإنجاز معاملة واحدة نستطيع أن ننجزها بهاتفنا النقال، كما في الدول المتقدمة، فنحن نحتاج فعلا إلى تنمية سريعة وفي مدة قياسية مراعين في ذلك جوانب الكفاءة التي نطمح لها ككويتيين، فنحن وصلنا- ولله الحمد- إلى مستوى من الفكر الذي لا يقبل إلا الجودة في كل شيء من غير استثناء وعدم الدخول في عرض لمجرد أحداث، فنحن لسنا مسيرين ولسنا كالسفن تحركنا الرياح بما تشتهي، فمقولة: «تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن» استنفدت صلاحيتها وأشهرت إفلاسها في زمن التكنولوجيا وفي نهاية مقالي مالنا إلا استعراض مقولتنا المعتادة ويارب لا يحرمنا منها، وطالما أننا نحب بعضنا نتمنى تفعيلها: «الكويت تستاهل».

* كاتبة واختصاصية نفسية كويتية
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي