مسرحية تجمع بين الخبرات الأكاديمية والمضامين السامية

«خميس كمش خشم حبش»... تندِّد بالعنصرية وخيانة الوطن

تصغير
تكبير
العمل المسرحي هو - دائماً - حصاد رؤية إخراجية تتجلى على الخشبة!

هذا ما بدا واضحاً في مسرحية الأطفال الاستعراضية «خميس كمش خشم حبش»، لمخرجها محمد صفر، خريج المعهد العالي للفنون المسرحية، الذي تفنن في الاستفادة من دراسته الأكاديمية، ليراها الجمهور تملأ فضاء المسرح، وتقف وراء حركة الممثلين، وجمال الديكور، وتصميم الإضاءة، لتحقق خير تجسيد لرؤية وهدف مؤلف النص عثمان الشطي!

تدور أحداث المسرحية، التي عُرضت في عيد الفطر على خشبة مسرح نادي كاظمة الرياضي، قبل أن يُسدَل عليها الستار على أمل العودة للعرض مجدداً خلال عيد الأضحى المقبل، في «غابة السعادة»،

إذ ترمز إلى الكثير من القضايا المهمة التي ينبغي أن تُغرَس في نفوس الأطفال منذ الصغر، باعتبارهم مواطني المستقبل، فتحض على حبّ الوطن وضرورة التمسك بترابه والدفاع عنه، كما تحث على نبذ العنصرية وخيانة الأرض، وضرورة اتحاد الشعب ووقوفه صفّاً واحداً في وجه العنصرية.

قصّة المسرحية تروي حكاية ملك «غابة السعادة» الذي يُدعى خميس، وهو يعيش مع أحفاده وأبناء شعبه في سلام وأمان ويحتفلون جميعاً بمناسبة قدوم المولود الجديد، وهذا الملك يحتفظ بقلادة ثمينة تُعتبر ثروة لا تُقدَّر بثمن، لأنها تمثل الماضي والحاضر والمستقبل، لذلك كان أحفاده وأبناء شعبه يلحون في السؤال عن المكان الذي خبّأها فيه، لكنه في المقابل كان يرفض إخبارهم، وظل الأمر على هذا المنوال إلى أن دخل الغابةَ مجموعة من الأشرار متنكرين في هيئة عابري سبيل في ليلة الاحتفال بقدوم المولود الجديد، في محاولة لسرقة القلادة بأي طريقة،

فعمدوا إلى زرع الفتنة بين الإخوة وأبناء العمومة، كما خطفوا ملك الغابة الذي يُعتبر رأس الهرم، ومن ثمّ تمكنوا من شقّ الصفوف والعثور على خائن من الداخل لمساعدتهم على تحقيق مآربهم، لكن الملك استطاع الإفلات من الأشرار، بفضل أعضاء فرقة مسرحية جوالة، كانوا التقوه مصادفةً، ووجدوه مكبلاً فساعدوه على فكّ قيوده، ليتغلب على هؤلاء الأشرار، ويعود إلى مملكته في الغابة، حيث يعترف أحد أحفاده بفعلته السيئة، مبرراً إياها بأنه لم يكن ينوي خيانة الغابة - الوطن - أو يضر بإخوانه.

وعلى رغم بساطة فكرة المسرحية واعتمادها المنهج المباشر في سرد الأحداث (من بداية ووسط ونهاية)، فإن المخرج صفر أطلق خياله بأقصى اتساعه، ليضفي على المسرحية حراكاً إضافياً،

إلى جانب الصراع الطبيعي، مستخدماً تقنيات وأساليب مسرحية متعددة، كالمسرح الأسود ومسرح العربة ومسرح الشارع، ما أكسب العرض زخْماً درامياً كبيراً. أما الديكور، الذي صممه ونفذه عبدالله غضنفري، فكان معبراً وموحياً أضفى إيحاءاتٍ متنوعة على فضاء المسرح، ونجح صفر بحرفية في استغلاله بالشكل الأمثل.

الممثلون بلا استثناء كانوا في كامل حيويتهم، وظهروا متعايشين مع الشخصيات المسندة إليهم، ما جعل الجمهور يتفاعل معهم لحظة بلحظة.

وجاءت الأزياء التي صممتها شيخة الحمر منسجمةً مع الحدث المسرحي، بعيداً عن التكلّف والمبالغة، في حين لعب المكياج دوراً كبيراً في تهيئة ملامح الشخصيات، بدعم من الإضاءة الناجحة التي صممها ونفذها بدر شاكر البلوشي.

أما الموسيقات فكانت من العناصر المهمة في المسرحية، واستطاع الفنان بدر الشعيبي - الذي تولّى كتابة وتلحين الأغاني،

بالتعاون مع صهيب العوضي الذي تولى عملية «المكس» - أن يدخل إلى أعماق القصة ويفهم رؤية المخرج صفر، فقدّما معاً عملاً موسيقياً يعج بالحيوية ويتماشى مع روح العمل.

يُذكر أن المسرحية من تأليف عثمان الشطي وإخراج محمد صفر، ومن بطولة محمد صفر، ليلى عبدالله،

يوسف البلوشي، نور الغندور، إلهام علي، شهد عبدالله، عقيل الرئيسي، عبدالله الباروني وليلى بوفتين، وعرضت على خشبة مسرح نادي كاظمة الرياضي، تحت مظلة مسرح الخليج العربي، وبإشراف عام من الفنان الراحل محمد الرشود الذي حرص حتى أيامه الأخيرة على متابعة «البروفات» اليومية، غير أن «ستار» الموت حال بينه وبين أن يشهد افتتاح المسرحية!
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي