لقد استنكرنا جميعاً الجريمة البشعة التي حدثت في مسجد الإمام الصادق والتي قام بها وحش بشري، فاقد للحس والإحساس، لم يقدر حرمة شهر رمضان، ولا يوم الجمعة، ولا ساعة صلاتها، وفي بيت من بيوت الله، جريمة راح ضحيتها شهداء قتلوا سُجداً لربهم، وجرح آخرون بلا ذنب، وتسابق شبابنا للتبرع بالدم، لعلاج المصابين، مع الدعاء لهم بسرعة الشفاء، وشاركنا- يتقدمنا مشايخنا وعلماؤنا- في مراسيم دفن القتلى الأبرياء، وتقديم واجب العزاء لذويهم.
ولم نؤبّن السفاح أو نعزي ذويه به، أو نعلق صورة لقائد من قادة منظمته، أو نرفع لها علماً، ولم نتبرع بفلس واحد لدعمهم، ومع ذلك عاقبتنا حكومتنا، حكومة ردود الأفعال، عقاباً جماعياً بلا ذنب أو جريرة، فأمرت بأخذ بصمتنا الوراثية جميعاً، وفي ذلك كلفة عالية على ميزانية البلد الذي يشكو العجز، وتدخل في خصوصية الناس استنكرته جميع المنظمات الحقوقية، واقتلعت خيام صلاة التراويح، ومنعنا من شعيرة الاعتكاف في المساجد، وضيق على خطبائنا وأئمتنا، بل وصل الأمر بالسعي إلى تغيير مناهج اللغة العربية والتربية الإسلامية، بدعوى أنها تحث على الإرهاب، فهل درس في مدارسنا أعضاء المنظمات الإرهابية والميليشيات الطائفية التي تقتل المسلمين في العراق وسورية؟، أم تخرج أبو بكر البغدادي وسليمان قاسمي في المعهد الديني الكويتي؟!
سورية والعراق ولأكثر من أربعة عقود تحت حكم علماني قومي، هو حزب البعث، الذي يسفّه الأديان والمذاهب، ويدعو للاشتراكية والعلمانية، ومع ذلك نرى مدى حدة انتشار الإرهاب والطائفية بين مكونات هذين البلدين.
إن سكوتنا عن قرار غلق مساجدنا بعد الصلاة مباشرة، وألا تفتح إلا مع الأذان، جعلنا نخشى ألا تقام الصلاة فيها إلا لثلاثة فروض هي: الظهر والعصر والمغرب، بحجة حماية الأمن، وأن تكون خطبة صلاة الجمعة موحدة من وزارة الأوقاف ولا تزيد عن نصف ساعة، بدعوى محاربة الفكر الإرهابي، ويبعد من يخالف هذا القرار من الأئمة، أو يوقف.
وأختم بالقول لوزيري الداخلية والعدل والأوقاف والشؤون الإٍسلامية: من يرد حماية المصلين، فلا يضيق عليهم في مساجدهم، بل يبحث عن الإرهابيين في أوكارهم، ولو أن من قاموا بهذه الأعمال سابقاً نالوا عقوبة رادعة لما تكررت كل فترة وحين في بلد يعيش شعبه بالمساواة والعدالة وبين مكوناته وحدة وطنية قوية.