حوار «المستقبل» - «حزب الله» كرّس حماية حكومة سلام

توقّعات متباينة لتداعيات «ما بعد النووي» على لبنان

تصغير
تكبير
مع التراجع النسبي في حدّة الأزمة الحكومية والسياسية التي تتصدّر المشهد اللبناني والتي أمْلتها هدنة الفطر في انتظار بلورة مخرجٍ يجري البحث عنه لإعادة انتظام العمل الحكومي بعد العيد، طغى في اليوميْن الأخيريْن الترقّب والانشداد الى ولادة الاتفاق النووي بين الدول الخمس الكبرى زائد ألمانيا وبين إيران والذي تسود في لبنان انطباعات سياسية شديدة الغموض والتناقض حول تداعياته المحتملة على أزمات المنطقة ومن بينها لبنان.

واذ يبدو واضحاً ان غالبية فريق 8 مارس يعلّق أهمية كبيرة جداً، بل يراهن، على النواحي التي ستشكل مكاسب استراتيجية لإيران بما يفيد بقوّة هذا الفريق ولا سيما منه «حزب الله»، فان ثمة قوى اخرى من بينها رئيس مجلس النواب نبيه بري وبعض أطراف 14 مارس ومستقلين يعلّقون آمالاً على اتجاهات اخرى تسْووية من شأنها ان تدفع بالأزمات الدستورية والسياسية اللبنانية نحو مخارج محتملة في أفق غير بعيد.


ولكن مجمل هذه الانطباعات او الرهانات التي يُنتظر ان تتظهّر تباعاً في المرحلة المقبلة، لا تحجب الأفق الملبّد للازمة الحكومية التي تخشى مصادر مطلعة من ان تذهب في اتجاهات المراوحة في الأسابيع القليلة المقبلة ولو ان تطورات الأسبوع الماضي أثبتت ان بقاء الحكومة هو خط أحمر ممنوع تَجاوُزه.

وتقول هذه المصادر لـ «الراي» ان ما ظهر من تباينات وتمايزات بين بعض أطراف 8 مارس وحليفهم زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون حيال تصعيد الأخير تَحرُّكه سياسياً وفي الشارع لا يبنى عليه وقائع ثابتة لتبديل مشهد الأزمة، بدليل ان مساعٍ حثيثة تجري خلف الكواليس ويقودها «حزب الله» بين كل من العماد عون والنائب سليمان فرنجية والرئيس نبيه بري يُتوقع ان تؤدي الى إعادة تأمين هذا الفريق غطاء الدعم السياسي لمطالب عون ولا سيما منها في ملفيْ البحث في آلية عمل مجلس الوزراء والتعيينات العسكرية.

واذ يتوقع هؤلاء ان تثمر هذه المساعي تمرير مرسوم فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب الذي يطلبه بري بقوّة، فإنهم يخشون في المقابل ان تدور جلسات مجلس الوزراء مجدداً في اطار المراوحة، نظراً الى عاملين: الاول ان الهوة اتسعت كثيراً بين رئيس الحكومة تمام سلام والفريق الوزاري العوني بما يبدو انه كسْر للجرة بينهما في ظل الحملة الكلامية والإعلامية للفريق العوني على سلام والتي لم تتوقف بعد. كما ان وزراء 14 مارس والمستقلين لا يبدون مستعدين لأي تراجعات امام شروط الفريق العوني بعدما مني الأخير بانتكاسات متعاقبة في تصعيده الأخير وظهور التمايزات بينه وبين بعض حلفائه الأساسيين. والعامل الثاني وهو الأهم ان المطلعين انفسهم يتوقعون ان ينبري عون الى تركيز تصعيده المقبل على ملف التعيينات العسكرية من خلال حملة تصاعدية على قائد الجيش العماد جان قهوجي بذريعة تحميله شخصياً مسؤولية الصدامات التي حصلت بين الجيش والمتظاهرين العونيين في وسط بيروت الاسبوع الماضي.

ويضيف المطلعون ان العماد عون الذي بات يدرك جيداً انه ليس هناك اي امكان لحصول توافق داخل مجلس الوزراء على تعيين صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش، سيصعّد حملته حتى الذروة على العماد قهوجي على أمل إفشال التمديد للاخير سنتين إضافيتين بما يجعل القوى السياسية الراغبة في التمديد تتخوف من الخطوة وتقبل بتسوية تطيح التمديد.

ولكن الحسابات العونية في هذا السياق لا تبدو مطابقة للمسار الواقعي الذي يسلكه ملف التعيينات، اذ يقول المطلعون ان ثمة انتفاء حقيقياً لأي توافق على تعيين اي بديل من العماد قهوجي وان ورقة التمديد تبدو كأنها محسومة سلفاً ولو نفى ذلك كل المعنيين بها. وفي ظل ذلك فان الجلسة الاولى لمجلس الوزراء بعد الفطر ستكون مخصصة على الأرجح للبحث في آلية عمل مجلس الوزراء والسعي الى معادلة جديدة - قديمة تقوم على التوافق في القضايا الرئيسية وتسهيل المراسيم الإدارية العادية. اما ملف التعيينات فسيكون رهن نتائج إثارة ملف الالية، وليس هناك آمال عريضة في التوصل الى نتائج ايجابية اقلّه وفق ما توحي كل المعطيات القائمة حالياً.

وحضر مجمل هذا المناخ في جولة الحوار رقم 15 التي انعقدت ليل اول من امس بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» في مقرّ الرئيس بري والتي امتدّت الى ما بعد منتصف الليل.

وفي موازاة البيان المقتضب الذي اعلن ان المجتمعين ناقشوا «التطورات السياسية والامنية وعمل المؤسسات الدستورية والخطوات الواجب اتخاذها بهذا الخصوص، وتعزيز الحوار بين مختلف الاطراف لمعالجة الملفات الراهنة»، كشفت تقارير ان البحث بين «المستقبل» و«حزب الله» تناول في جانب منها تهيئة المناخات لانتخاب رئيس جديد للجمهورية باعتباره المدخل المباشر لتجاوُز أي أزمة يمكن أن تؤثر على العمل الحكومي، وان الجانبين التقيا على أن الحكومة خط أحمر، وكذلك الاستقرار والأمن.

وفيما كان حوار «المستقبل» - «حزب الله» منعقداً في بيروت، كانت السعودية تشهد لقاءات على هامش توجُّه العديد من الشخصيات اليها لتقديم التعازي بوزير الخارجية السعودي السابق الراحل الامير سعود الفيصل. وقد جرى في هذا السياق اجتماع بين الرئيس تمام سلام والرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان وبين الرئيس سعد الحريري تناول آخر التطورات في لبنان وذلك غداة محض الحريري دعماً كبيراً لرئيس الحكومة إزاء الحملة عليه. علماً ان وفوداً كثيرة غادرت بيروت امس للتعزية بالفيصل.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي