المسلسل يعرض على شاشة «الراي» ويدور حول الحب والصداقة المزيفة

«قابل للكسر»... رياح الواقع تحطِّم الإنسان!

تصغير
تكبير
• المسلسل يرصد تناقضات العلاقات الإنسانية

• فهد العليوة جمع قضايا عدة في سياق عاطفي هزّ المشاعر

• منير الزعبي تمكّن من جذب المشاهدين بخيوط من حرير
ليس من السهل أن يقف الإنسان في مواجهة واقع شديد القسوة، فرياح التحديات دائماً أقوى، وهي تمتلك القدرة طوال الوقت على إخضاع الجميع... بل تحطيمهم - أحياناً - بطغيانها العنيد!

هكذا اختار مسلسل «قابل للكسر» الذي يُعرض حالياً -على شاشة «الراي»- فكرته العامة التي تدور في إطارها أحداثه ومشاهده، راصداً حركة مجموعة من الشخصيات في أثناء تفاعلهم مع الواقع، الذي يمضي في اتجاههم حيناً، بينما ينقلب عليهم أكثر الأحيان!


«قابل للكسر» يجمع مواضيع اجتماعية إنسانية عدة، وشبابية على وجه الخصوص، تتجسد في خطوط درامية متعددة متقاطعة ومتشابكة، تتواجه خلالها القوة مع قابلية الإنسان على التحطم على صخرة الواقع، كما يتصارع الحب الجارف مع لوعة الفراق، والصداقة مع الكراهية، وقد استطاع الكاتب الكويتي فهد العليوة - بذكاء شديد - أن يجمع شتات هذه القضايا والأحداث والأشخاص، من خلال خيوط إبداعية رقيقة تهز المشاعر وتحبس الأنفاس أحياناً بين التعاطف والشفقة مع بعض أبطال المسلسل، والنفور والاستياء من بعضهم الآخر، ما يدل على إتقان الممثلين في تجسيد أدوارهم إلى حد الإقناع الذي تحدث عنه كثير من جمهور المشاهدين.

الرؤية الإخراجية البارعة التي يحملها المخرج منير الزعبي كانت واضحة على الشاشة، لتدل على أنه بذل جهوداً كبيرة خلف الكاميرات - أثناء التصوير - كي يسيطر على أحداثه، ويقبض على خيوط العمل بقبضة من ذهب، ويصل بممثليه إلى ذروة الأداء. وقد أجاد فريق الممثلين والممثلات جميعاً بصورة متميزة، ومن بينهم باسمة حمادة وأحمد السلمان ومحمود بوشهري ومرام البلوشي ويعقوب عبدالله وفوز الشطي وميساء مغربي وياسة وعبدالله بوشهري، وشيماء علي، إلى جانب نخبة أخرى من المشاركين، والمسلسل من إنتاج شركة «صباح بيكتشرز» للإنتاج الفني.

تتناول أحداث المسلسل تأثر حياة الإنسان في الكبر بما يتعرض له في فترة الطفولة والشباب، وكيف يجتمع الماضي مع الحاضر في آن واحد، كما يرصد الخط الرومانسي مدى تأثير الحب على الإنسان وكيف يجعله تارة هشًا و«قابلاً للكسر»، وتارة قوياً صلباً كجذع النخلة لا يتأثر مهما عصفت به الرياح، إلى جانب مواضيع إنسانية منها موضوع اليتم، وتأثيره في شخصية الإنسان، وهل هناك ما يعوض الحرمان والنقص اللذين يشعر بهما اليتيم في صغره؟

وسلط المسلسل الضوء على الوفاء والأمانة، وغيرهما من القيم التي نحتاج إليها من أجل أن يصبح واقعنا أفضل، في حين طرح قضايا تنتمي إلى البيئة الخليجية، مثل الفوارق الطبقية، واختلاف مستوى التفكير بين الناس، والصعوبات التي تواجه سيدات الأعمال في مجتمع ذكوري، وغيرها من القضايا التي تشغل المجتمع في منطقتنا.

استطاع المخرج منير الزعبي كعادته أن يظهر الحبكة والأحداث بصورة سلسة غير متعبة للمتلقي، في إطار من الغموض والتشويق، مستخدماً «كادرات» وزوايا مميزة في التصوير، وهي من الأدوات التي يتقن استخدامها الزعبي الذي يعرف جيداً كيف يشد المشاهد إلى الشاشة بخيط من حرير، إلى جانب اختياره الدقيق للعناصر المكملة - وهي مهمة - مثل الموسيقى التصويرية والديكور والإضاءة ومواقع التصوير وغيرها.

الممثلون خاضوا معاً منافسةً نحو الأجود والأفضل، وقد نجحوا جميعاً وأنجحوا العمل، فالفنانة باسمة حمادة، التي عادت إلى أدوار الشر من جديد، أظهرت قوةً في أداء هذا اللون من الأدوار تتجاوز أعمالها السابقة، وهي تجسد شخصية الزوجة والأم المتسلطة والمستبدة، لديها جرأة في الكلام والتعابيرالجارحة، ولا تخفي شعورها السلبي تجاه أحد، حتى أمام زوجها الذي تتهاوى شخصيته أمامها.

ومن الفنانين المميزين يعقوب عبدالله، الذي قدم عملين هذا العام لكنه قدم في كل منهما دوراً مناقضاً للآخر، فبالرغم من أنه في مسلسل «أمنا رويحة الجنة» يعتبر من عناصر الخير، فإنه في «قابل للكسر» أظهر طاقاته التمثيلية الأخرى المغايرة، حيث يلعب دور الرجل الفاشل في قصة حبه، ومن ثم يحاول أن يفسد حياة ومزاج الجميع وينجح في ذلك، إلى درجة أن شره يدمر كل مكان يظهر فيه، بينما قد ينطوي قلبه على حنان من نوع ما، الأمر الذي يظهره متناقض الشخصية، وقد تمكن يعقوب عبدالله من إقناع الجميع بشخصيته، إذ من المعروف أنه يملك القدرة على تقمص الشخصية كما هي مكتوبة على الورق!

الفنانة مرام البلوشي تلعب دور «رجاء» صديقة «جنان» (ميساء مغربي)، ومرام في العمل بينت معنى الصداقة في مرحلتين: أولا الوفية وكاتمة الأسرار واليد اليمنى لصديقتها وقت شدتها ورخائها، لكنها بينت بدورها الجريء نوعاً ما أن هناك صداقة لا تدوم، وذلك عندما تنقلب على صديقتها وتسرق منها أعز ما تملك. وقد بينت مرام البلوشي أنها قادرة على التخلص والانتقال من حالة إلى حالة بكل اقتدار ومن دون أن تبالغ إطلاقا في توصيل أي من الحالتين، حتى عندما تحولت صداقتها إلى دمار للطرف الآخر!

والعمل يعتبر آخر الأعمال للفنانة المعتزلة شيماء علي، وقد جسدت دور المرأة التي لا تسير على وتيرة وخط واحد، بل هي متناقضة الصفات ومتقلبة المزاج نوعاً ما، ومعروف أن شيماء تتميز بهذه الأدوار التي لا تكون مكررة أو سطحية، فتارة تكون طيبة لدرجة السذاجة، وتارة أخرى تكون أنانية الطباع إلى حد الجشع وحب النفس بمعزل عن واجبها حيال الآخرين.

أما الفنانة ياسة التي تلعب دور المرأة الكبيرة والتي تضم العائلة والصغار، وتعتبر «بئر الأسرار» وملاذ خير للجميع، فقد أظهرت قدرة كبيرة على التلوين والمغايرة في كل دور تضطلع به، أو شخصية تمثلها!

وكذلك ترك الفنان محمود بوشهري بصمة بارزة في العمل من خلال أدائه المتميز لدور شاب رومانسي يضحي لأجل من يحب، عائداً إلى الأدوار الرومانسية، وقد ظهر من خلال أدائه أنه يحمل قدراً كبيراً من التوافق مع الكاتب فهد العليوة والمخرج منير الزعبي.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي