بري يقاوم «التعطيل المهزلة» وعون يحتفظ بـ «الورقة المستورة»

حكومة سلام اليوم... أمام «ساعة الامتحان»

تصغير
تكبير
يضرب لبنان اليوم موعداً مع محطة سياسية - دستورية بالغة الحساسية تشكّلها الجلسة التي يعقدها مجلس الوزراء بعد انقطاع 3 أسابيع نتيجة الخلاف المستحكم حول بند تعيين قائد جديد للجيش الذي يصرّ زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون فيه على إذعان الآخرين لمطلبه بتعيين صهره العميد شامل روكز قبل نحو شهريْن من انتهاء خدمة العماد جان قهوجي في سبتمبر المقبل.

فالجلسة التي أصرّ رئيس الحكومة تمام سلام على عقدها من خارج اي تفاهم سياسي مع عون المدعوم من «حزب الله» والنائب سليمان فرنجية وحزب «الطاشناق»، تبدو مفتوحة على احتمالات غامضة تترنّح بين حدّيْ تمديد الأزمة الحكومية أو بلوغها مستويات أكثر تعقيداً من شأنها ترك انعكاسات غير محسوبة على مجمل الواقع السياسي في لبنان.


وعشية الجلسة بدت لوحة السيناريوات المحتملة لها على الشكل الآتي:

* أن رئيس الحكومة ورغم عدم إدراج بند التعيينات على جدول الاعمال، فإنه سيفسح المجال في بداية الجلسة امام مناقشته فيدلي مختلف الأفرقاء بدلوهم من دون ان يتم التوصل الى تفاهم في ظلّ تمسك أكثرية مكونات الحكومة ووزير الدفاع سمير مقبل بعدم بحث ملف قائد الجيش قبل موعده، ليصار بعدها الى الانتقال لسائر بنود جدول الأعمال.

* أن رئيس الحكومة وبالتفاهم مع رئيس البرلمان نبيه بري، مصرّان على منْع تعطيل الجلسة في حال عدم التوافق على بند التعيينات، وذلك عبر السير بالبنود الاخرى من جدول الأعمال ولو بالتصويت بأكثرية النصف زائد واحد او الثلثيْن، ما يُعتبر تجاهلاً لاعتراض عون المدعوم من «حزب الله» على بت اي بند قبل حسْم ملف تعيين قائد الجيش، وتالياً خروجاً على آلية عمل «الحكومة الرئاسية» القائمة على التوافق. علماً ان بري ذهب في معرض رفضه استمرار ما أسماه «مهزلة التعطيل» في الحكومة والبرلمان الى اعتبار ان اي انسحاب لوزراء عون وحلفائه لن يُفقد الجلسة الحكومية ميثاقيتها اذا بقيت أكثرية الثلثيْن مؤمنة لانعقادها.

* أن عون، الذي جزم بأن وزراءه ووزراء حلفائه لن ينسحبوا من الجلسة اذا لم يُبتّ ملف التعيينات الأمنية، على قاعدة عدم الانجرار الى ما اعتبره رغبة خصومه في «إحراجنا لإخراجنا»، لم يحسم موقفه من الخطوة التالية التي سيتخذها بحال تمّ الانتقال الى مناقشة جدول الأعمال والتصويت على بنوده بمعزل عن موقفه المعترض على ذلك. علماً ان وزير التربية إلياس بو صعب (من فريق عون) كان قال: «نحن باقون وسنناقش. وما راح نوقِّف لييأسوا، منفلّ نحن ويّاهم»، مشيراً إلى أن «خروجنا من الجلسة يعطيهم نفس الفرصة التي أخذتها حكومة (الرئيس) فؤاد السنيورة البتراء. والوقت لا يزال مبكراً لتطيير الحكومة. وإذا حصل الأمر نكون قد دخلنا إلى المؤتمر التأسيسي، وهذا غير وارد الآن. نحن في مرحلة يجب أن يقتنع الجميع بضرورة الوصول إلى تسوية».

وفي موازاة هذه التعقيدات، لم تُسقط بعض الدوائر احتمالاً ولو ضئيلاً بأن يعمد سلام بعد عرض مناقشة جدول الأعمال وسماع اعتراض عون وحلفائه الى رفْع الجلسة عند هذا الحدّ من دون الذهاب الى التصويت تفادياً لتفجير المأزق الحكومي، فيكون رئيس الحكومة فاز بممارسة صلاحياته وكسَر منطق التعطيل ولو شكلاً، ويكون عون لم يخسر عبر مراعاة اعتراضه لجهة عدم اتخاذ اي قرارات خارج التوافق، او ان يتجرّع وزراء عون الحاجة الى إمرار بنود ملحّة ذات طبيعة معيشية تجنّباً لتحميلهم مسؤولية الإضرار بمصالح الناس ولإدراكهم ان «الخطوط الحمر» ما زالت قائمة امام اي مسّ بالحكومة او تفجير لها.

واللافت في ظل هذا المخاض هو اندفاعة الرئيس بري على خط الدفع لفتح دورة استثنائية للبرلمان تجري محاولة لصدور المرسوم الحكومي الخاص بها في جلسة اليوم عبر توقيع أكثرية النصف زائداً واحداً من الوزراء عليه (مكان رئيس الجمهورية)، وسْط تشديد رئيس مجلس النواب على انه لن يراعي في اي جلسة تشريعية يدعو لها غياب قوى مسيحية اساسية معترضة على التشريع في ظل الشغور في رئاسة الجمهورية ما دام أفرقاء مسيحيون آخرون سيحضرون، وهو ما عبّر عنه بقوله: «إذا تغيّبت مكوّنات عن الجلسة النيابيّة المفترضة وحضرت مكوّنات أخرى تنتمي الى اللون الطائفي ذاته، فإنني سأمضي في الجلسة ولن أتوقف عند مقاطعة هذا الفريق أو ذاك، كما كنت أفعل سابقاً، وأعتقد أنني راعيت بعض الخواطر والاعتبارات ما يكفي، وحان الوقت من أجل وضع حدّ لمهزلة التعطيل».

ورأت أوساط واسعة الاطلاع ان «بري يعبّر في اندفاعته لعقد جلسة للبرلمان كما الحكومة، عن ضيق صدر من تمادي عون في سياسة التعطيل وسط اعتبار آخرين من خصوم عون ان الاخير يتصرف وكأنه يعيش على كوكب آخر غير آبه ٍ بالحرائق المشتعلة من حول لبنان والتي طالت حدوده الشرقية»، وهو الانطباع عينه الذي ظهّره النائب وليد جنبلاط الذي اكد ان «المصلحة الوطنية تقضي بفتح دورة استثنائية في مجلس النواب لأننا ببساطة لا نستطيع أن نبقى نناقش جنس الملائكة بينما النار تحترق من حولنا».

واعتبرت الأوسط نفسها ان الإشكال الذي وقع ليل أول من أمس في منطقة السعديات (جنوب بيروت) بين عناصر من «سرايا المقاومة» التابعة لـ «حزب الله» وآخرين من أبناء المنطقة (ذات الغالبية السنّية) ما ادى الى وقوع 7 جرحى قبل ان يتدخل الجيش وتحصل اتصالات سياسية رفيعة لاحتواء الموقف، شكّل مؤشراً الى ارتفاع كبير في منسوب الاحتقان الداخلي على خلفية الأزمات المتوالدة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي