حوار / التسخيري: «داعش» وأخواتها صناعة غربية أوجدتها أميركا لتمزيق العالم الإسلامي

مبعوث خامنئي لـ«الراي»: مظاهر العزاء الموحّد رسالة من الشعب الكويتي بأنه عصيّ على الفرقة

تصغير
تكبير
• نزول الأمير لمشاركة المصابين فاجعتهم كان له دور كبير في التفاف الشعب حول قيادته

• لا خلاف بين الشيعة والسنة في أصول الدين بل بفروع تجد تبايناً حولها في المذهب الواحد

• المشتركات بين الطرفين 90 في المئة... والعدو يلعب على الـ 10 الباقية لاستمرار نزاعنا

• الادعاء بتدخل إيران بدول المنطقة هدفه خلق صراع... فنحن ننأى بأنفسنا عن ذلك

• في بلادي أكثر من 17 ألف مسجد سني مع رفضي تصنيف المساجد طائفياً... فهي بيوت لله

• حصر صلاة الجمعة بمسجد واحد في طهران وإمام يعينه المرشد حالة توحيدية وليست مَرَضية

• أئمة المذهبين كانوا في وئام ومحبة وتتلمذ بعضهم على يد بعض

• إسرائيل الإرهابي الأول والغرب يغطي عليها بتسويق «الإرهاب الإسلامي»

• سورية قاعدة من قواعد المقاومة ولا يمكن أن تدعم «داعش»

• الحديث عن التمدد الشيعي يدخل في إطار «شيعة فوبيا» للتخويف من إيران
على الرغم من تأثره الشديد بما حصل من فاجعة لأهل الكويت بتفجير مسجد الامام الصادق، فإن المستشار الاعلى ومبعوث مرشد الجمهورية الاسلامية الايرانية علي خامنئي ورئيس المجلس الأعلى للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية الشيخ محمّد علي التسخيري، أعرب عن سعادته لما رأى من توحد للشعب الكويت خلال مراسم العزاء.

واعتبر التسخيري في حوار خص به «الراي» ان هذه رسالة وجهها الشعب الكويتي الى جميع المتآمرين على وحدته، بأنه صلب وملتف حول قيادته، لافتا إلى أن نزول سمو الأمير لمشاركة أبنائه وإخوته مصيبتهم كان لها وقع كبير دعت الجميع للالتفاف حول القيادة.


وعلى الرغم كذلك من وضعه الصحي ــ حيث يعاني من شلل كما صرح بذلك ــ فإن التسخيري شدد على أنه حرص على القدوم لمشاركة الكويتيين عزاءهم ولنقل تعازي القائد العام، حيث نقل إلى سمو الأمير تعازي بلاده وقادتها، وشكره على مواقفه بمشاركة أبناء شعبه مشاعرهم خلال هذه الفجيعة، واعتباره الجميع أبناءه.

وحول الخلاف بين الشيعة والسنة، كونه رئيس المجلس الأعلى للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية، رأى أن المشتركات بين المذهبين أكثر من 90 في المئة، وأن العدو يلعب على العشرة الباقية لزيادة الصراع والعداء بين الطرفين، مشددا في الوقت نفسه على أنه لا خلاف بين الطرفين في أصول الدين وإنما في الفروع التي تجد اختلافا فيها ضمن المذهب الواحد، لافتا إلى أن أئمة المذهبين قديما كانوا على وئام ومحبة وكثيرا ما تتلمذ علماء مذهب على يد علماء المذهب الآخر. وناقش التسخيري في الحوار عددا من النقاط نتابعها في السطور التالية:

• ما الهدف من زيارتكم للكويت؟ وماذا دار في لقائكم مع سمو الأمير ؟ كانت زيارتي للكويت مفاجئة، لأن الحدث كان مفاجئا، فبعد أن وصلتنا الأنباء عن الفاجعة الأليمة في مسجد الامام الصادق طلب مني السيد القائد الامام الخامنئي أن اذهب للكويت على رأس وفد من العلماء لتقديم التعازي للحكومة والشعب الكويتي بهذا المصاب الجلل، وشاركت في العزاء وفرحت كثيرا لأنه مجلس موحد، وعلى الرغم من الفاجعة الكبيرة، الا انني وجدت مظاهر الوحدة حتى في مجلس العزاء، فعرفت انها رسالة يرسلها الشعب الكويتي وعوائل الشهداء الى من تسبب في هذه الفاجعة مفادها«أنكم أردتم تفريقنا ولكننا وحدة واحدة رغم كل المصائب». ورأيت نوعا كبيرا من التلاحم في صفوف الكويتيين خلال مراسم العزاء، وبعدها زرت سمو أمير البلاد لأحمل له تعازي السيد القائد والمسؤولين الايرانيين، وشكرته على مواقفه وكان جميلا نزول سموه الى الشعب لمشاركتهم مشاعرهم خلال هذه الفجيعة، واعتباره الجميع أبناءه، مما جعل جميع أبناء الشعب يتوحد حول قيادته لإرسال رسالة الوحدة للمجرمين الذين كادوا وتآمروا على وحدة الشعب الكويتي وسلامته. وأيد سموه هذه الفكرة واعتبر أبناء الشعب الكويتي جميعا سنة وشيعة هم سواء لديه، وان جميع الشعب الكويتي هو ضد ما جرى وعصيّ على التفرق وهذه خلاصة ما حصل خلال لقائي بسمو الأمير.

• بما أنك الامين العام لمجمع التقريب بين المذاهب، ما رأيك بما يقال عن استحالة التقريب بين المذهبين السني والشيعي لان اختلافهم على أصول؟ انا اعتبر ان هذه المقولة خاطئة لان الشيعة والسنة يتفقون على الاصول التي يدخل بها الانسان الى الدين الاسلامي واذا انكرها يخرج عن الدين ولا خلاف بينهما في هذه الاصول ابدا، انما الخلاف في فروع، واحيانا يكون الخلاف بين السنة انفسهم أكثر من الخلاف في الفروع من المذهب الشيعي كما ان الخلاف بين اطياف الشيعة انفسهم احيانا هو اكثر من الخلاف في الفروع في المذهب السني، وانا اعتقد ان المشتركات بين السنة والشيعة تتجاوز 90 في المئة من المساحة الحياتية، لكن العدو هو من يحرك الخلاف والنزاع على هذه الاختلافات حتى لا نصل إلى الـ 10الباقية. والحقيقة يجب ان نقبل ان الاجتهادات مختلفة وزوايا النظر تختلف، وبالتالي تختلف النتائج وهذه حالات طبيعية حصلت منذ عصر الرسول الأكرم. وما زال الخلاف مستمرا ولا يضر بوحدة هذه الأمة. فالاسلام عين أصولا من قبلها دخل فيه ومن رفضها خرج من الأمة، ويؤمن بها الطرفان بشكل واضح. وعلينا ان نعلم ان الائمة كانوا جميعا في وئام ومحبة وكان يدرس بعضهم على يد الآخر فالامامان مالك وابو حنيفة درسا على يدين الامام الصادق والامام الشافعي درس على يدي الامام مالك، والامام احمد بن حنبل درس على يد الامام الشافعي، والحب متبادل في ما بينهم رغم اختلافهم في القضايا الاجتهادية، فالتقريب ممكن لا بل لازم ومن يدرس التعاليم الاسلامية يدرك بوضوح ان الاسلام يدعو الى التقريب والتركيز على النقاط المشتركة ليس بين المسلمين فحسب بل حتى مع اهل الكتاب أيضا.

• هل كانت لديكم محاولات للتقريب بين المذاهب لحل مشكلة الارهاب؟ نعم، وكثيرا. فقد عملنا على التعريف بجذور الارهاب، ونعتقد انه ينشأ من عوامل كثيرة منها ضعف المعنويات وضعف الفهم الديني الاخلاقي على الساحة الاسلامية. فالارهاب حالة لا انسانية لا دين لها فهناك ارهاب مسيحي ويهودي، فاسرائيل هي الدولة الارهابية الاولى في العالم، ولكن الغرب يحاول ان يغطي عليها بما يطلق عليه الارهاب الاسلامي، وعملنا كثيرا وحضرنا مؤتمرات دولية كثيرة ولكن للاسف فان الغرب ينافق كثيرا فهو يدعو لمحاربة الارهاب ويدعمه بطريقة اخرى.

• ألا تعتقد ان الدعم الايراني لسورية هو دعم لداعش في ما تقوم به؟ أبدا ومطلقا، لأن داعش واخواتها اوجدتها اميركا نفسها، وهي صناعة غربية لتمزيق العالم الاسلامي. وكانت التجربة الواضحة تتم في سورية، لان سورية من وجهة نظرنا قاعدة من قواعد المقاومة وهي الدولة التي قاومت العدو الصهيوني واحترمت المقاومة يستحيل ان تدعم داعش، وهذا امر تبطله الحقيقة ويرفضه اي تحقيق منصف ومازالت اميركا التي تدعي محاربة داعش هي الداعم الاكبر له عن طريق شراء النفط الذي يسرقه من سورية والعراق.

• كيف تقيم انتشار الطرح الطائفي الذي تمر به أمتنا اليوم؟ واضح جدا ان اعداء الامة منذ التجربة الاسلامية الاولى، وعلى مر العصور، كانوا يحركون هذه النزاعات بين ابناء الامة الاسلامية، وكانوا يستغلون اي اختلاف لتحريك النزاعات وكانت هناك حكومات تتحكم في الساحة الاسلامية على مر التاريخ تستفيد من هذه النزاعات لتركز اقدامها في الحكم، مثل حكومات الطوائف في العصور الوسطى التي كانت تتنقل وتتبادل السلطة في عصر ضعف الدولة الاسلامية المركزية، لكن العلماء الواعين والذين يدركون مقاصدهم كانوا لا يسمحون لهؤلاء السياسيين بالاستفادة من هذه الفروقات. وعلى مر العصور كانت المذاهب متعايشة الا في فترات تحركها من اعداء الامة او من التعصب المقيت الذي يتم على بعض من ينتسبون الى اهل العلم.

• ماذا عن التدخل الايراني في دول المنطقة؟ ارى ان مقولات التدخل الايراني هي مقولات تطرح على الساحة لتخلق هذا الصراع، فايران لم تتدخل في اي شأن من شؤون الآخرين، وانما قامت بكل ما عليها من واجب لدعم المقاومة ضد العدو الصهيوني الغاشم واينما تكون هناك مقاومة يكون هناك الدعم الايراني. ايران دعمت المقاومة الفلسطينية وهي سنية، ودعمت المقاومة في البوسنة والهرسك وهي سنية، وليس لديها معيار التفرقة الطائفية وانما معاييرها صيانة شخصية الامة الاسلامية جمعاء ومحاربة كل اعداء هذه الامة. إيران دائما مع الحق ومع دعم قدرة الامة على مقاومة العدوان الغربي، وهذه هي معايير ايران، وما يقال عن التمدد الشيعي هو نفس ما نسمعه عن الاسلامفوبيا والشيعة فوبيا او ايران فوبيا، اي التخويف من ايران ومن الاسلام وهذه كلها للاسف معادية للأمة الاسلامية ولا ارى ان هناك اي تدخل على اساس طائفي.

• هل يعيش العرب في جنوب ايران في حرية وسلام؟ هم اخوتنا وايرانيون يتمتعون بنفس الحقوق، وما نسمعه بان هناك تمييزا ضد العرب واهل الجنوب مقولات اجعلها في خانة الاتهامات التي يصوغها اعداء الامة في هذا المجال، فالعرب والاهوازيون اخوتنا، ومنهم مسؤولون كبار في الساحة الايرانية ويتعاونون تماما مع اخوتهم في صنع المستقبل الايراني؟

• ماذا عن الشكاوى بعدم وجود اي مسجد سني في طهران، وعدم السماح لهم بإقامة خطبة الجمعة؟ هل تعلم ان في ايران اكثر من 17 الف مسجد للسنة وليس هناك حساسية للسلطة. وان كنت انا شخصيا لا ارتضي ان يسمى المسجد سنيا او شيعيا، فالمساجد لله يتعبد فيها جميع المسلمين، لكن الحقيقة التي تراد ان هناك هالة في ايران تؤكد على وجوب ان تكون صلاة الجمعة موحدة وتعطى حدود لها بفرسخ او فرسخين، وصلاة الجمعة تقام في طهران بشكل واضح ويمكن ان يشترك فيها السنة والشيعة وبشكل موحد وهناك مساجد للسنة في اطراف طهران ولكن في المركز مسجد مركزي امامه معين من قبل القائد تقام فيه صلاة الجمعة، وهذه حالة توحيدية وليست مرضية ولكن للاسف هناك حالة لتحريك هذا الامر وتخطيط لاقامة بؤر لخلق هذا النزاع في العاصمة طهران. وأؤكد انه لا توجد اي حساسية لوجود مسجد سني في ايران الواقع يشهد بهذه الامور.

• سبق للرئيس السوري الاسد ان صرح عندما بدأت الثورة عليه ان استمرار الدعم العربي لهذه الثورة سيحرق الخليج فما رأيك؟ لم اسمع هذا التصريح للأسد ولا اعرف ما الذي قصده بذلك لكن دعمنا لسورية او فلسطين هو دعم للمقاومة فقط وأؤكد ان التخطيط لاضعاف النظام السوري يخدم قضية تفرد اسرائيل في المنطقة.

الثورة الإيرانية ملك لكل المسلمين في العالم

نفى التسخيري أن تكون ايران قد أخذت على عاتقها مهمة دعم الشيعة في اي مكان في العالم، ويقول: لا ارى ذلك ابدا، فأنا ارى ان الشيعة والسنة هم اتباع اجتهاديين اسلاميين طبيعيين وان على الامة الاسلامية العمل على التقارب بينهما وتوحيد الصفوف لتوحيد الامة.

ويضيف: ايران دولة كباقي الدول الاسلامية فيها شيعة وسنة وعليها ان تعمل على التقريب، وهذا ما يؤكده دستورها وهذا ما تؤكده تصريحات قادتها، وهي لا تفرق بين الشيعة والسنة ويوم ان تؤطر ايران ثورتها بنظام شيعي او طائفي او قومي فانها سوف تنحرف عن شعارات الثورة الاولى وقادتها. فالثورة أعلنت انها اسلامية وانها ملك المسلمين جميعا اينما كانوا وقوتها قوتهم وضعفها ضعفهم وهي مستعدة لان تساهم في تقدم هذه الامة في كل ما تملكه من عناصر التقدم.

السُنة في إيران كبقية أبناء الشعب

بسؤاله عن وضع السُنة في ايران، قال التسخيري إنهم كبقية ابناء الشعب الايراني يتمتعون بنفس الحقوق والواجبات، ويقومون بالاشتراك بصناعة مستقبل ايران الحديثة بشكل طبيعي جدا، واللقاءات بين العلماء مستمرة والجميع يشعرون انهم ينعمون بحالة جديدة في ظل الحكم الاسلامي الذي استطاع ان يقرب بين كل المذاهب في داخله ويدعو للتقريب بين المذاهب على مستوى العالم الاسلامي.

مؤامرات الغرب ... أهم تحديات الأمة

تحدث التسخيري عن التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية فقل إن أهمها التخطيط الغربي المعادي لامتنا. فالغرب عدو هذه الامة ويخطط لضربها من عدة جهات ويخطط لابقائها متخلفة. وحينما احتل الغرب العالم الاسلامي، ركزوا على عناصر ثلاثة هي التخلف علميا واقتصاديا واجتماعيا، وتمزيق العالم الاسلامي لقطعات صغيرة ومزقوا الممزق وجزأوا المجزأ على مدى قدرتهم واهم شيء ركزوا عليه هو ابعاد الامة عن الاسلام تحت عناوين متعددة منها العلمانية لفصل المسلمين عن الاسلام، حتى يفقد الاسلام دوره في صياغة الحياة الاجتماعية، وهناك تحديات اخرى منها الفقر والاختلاف الطبقي، ولا سبيل للعالم الاسلامي لتخطي هذه التحديات الا بالعودة للدين الاسلامي والقرآن الكريم حتى يتمكنوا من التوحد ومواجهة التآمر العالمي ضده.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي