الرأي اليوم / اللهمّ احْمِ الكويت

تصغير
تكبير
بحرقة الدمع والأسى نبكي شهداء الكويت الذين سقطوا ضحية الإرهاب والهمجية والفتنة… وبحرقة الدمع والأسى نترحم على الضحايا ونعزي أنفسنا قبل ذويهم بالمصاب الجلل ونعرف أن كلام الكرة الأرضية كله لا يعوض شعرة من رأس مظلوم شهيد سقط في بيت الله وهو يصلي… وبحرقة الدمع والأسى نضع أيادينا على قلوبنا ونتمنى من الله العلي القدير أن يحمي هذا البلد من شر الأشرار ويحفظ أمنه واستقراره ووحدة أبنائه وتماسكهم في كل الأوقات.

قدر الكويت والكويتيين أن نشهد واحدة من أبشع جرائم العصر. جريمة تفجير في بيت الله وقت صلاة الجمعة، وإذا كان الإرهاب نجح في اختراق جانب أمني من باب فتحه الشيطان، وإذا كان هناك من فجر نفسه لتفجير مجتمعنا ومزق جسده لتمزيق وحدتنا، فإن اعتصامنا بحبل الله والوحدة والتماسك والتآزر والتضامن هو رد الكويت صوتاً واحداً وكلمة واحدة.


من هذا المنطلق كان صاحب السمو أمير البلاد المواسي الأول بزيارته السريعة إلى المسجد معبراً عن ألمه لما حصل وغضبه من هول الجريمة وحزنه على الضحايا وتعاطفه مع ذويهم. ذهب القائد متجاوزاً كل المحاذير الأمنية، خفف الدمع الذي ذرفه أمام الجرحى من مصابهم. ترحم على الشهداء مشدداً على ضرورة الوعي في مواجهة المخطط الأسود، وضرورة التمسك بالاعتدال في مواجهة التطرف، وضرورة ضبط النفس في مواجهة المأساة، وضرورة متابعة وملاحقة كل خيوط الجريمة وصولاً إلى جميع المتورطين والمحرضين والمخططين لينالوا العقاب الذي يستحقونه.

وضعت جريمة مسجد الإمام الصادق الكويتيين أمام امتحان حقيقي يتجاوز في أبعاده وتعقيداته امتحان الغزو عام 1990، وكلنا ثقة بأننا كما تجاوزنا محنة الغزو بتضامننا سنتجاوز مخططات الفتنة والإرهاب بتماسكنا وعدم وقوعنا في ردود فعل انقسامية، وبالتفافنا جميعاً حول وحدتنا الوطنية، ونبذ الخطاب الطائفي المقيت، وإدراكنا التام بأن من ارتكب الجريمة إنما استهدف الكويتيين جميعاً لا فئة معينة، وإن المصاب هو مصاب كل بيت كويتي، وإن الضحايا هم ضحايانا جميعاً.

الغزو كان خطراً من الخارج أراد احتلال أرض الكويت لكنه فشل لأن إرادة الكويتيين كانت عصية على الاحتلال، اليوم نعيش غزواً آخر يستهدف احتلال إرادة الكويتيين تمهيداً لاحتلال أرضهم من خلال الفتنة السوداء لخلق اضطرابات طائفية تمزق المجتمع وتدخله في صراعات تسمح بتدخلات إقليمية ودولية لاحقة مستغلة الانقسامات والفرقة… وهنا الامتحان الحقيقي للكويتيين، امتحان البقاء أو عدم البقاء، امتحان أراده المجرمون بالدم والإجرام وسنعبره بالمحبة والسلم والتضامن والالتفاف حول الدولة ومشروعها لأن لا مشروع لدينا غيره.

سينجح الكويتيون في الامتحان كما نجحوا دائماً، ستختلط دماء جميع الكويتيين المتبرعين بدماء المصابين والجرحى، ستحمل أكتاف جميع الكويتيين نعوش الضحايا إلى مثواهم الأخير، سيفتح جميع الكويتيين دواوينهم ومجالسهم للعزاء، والأهم من ذلك كله سيفتحون قلوبهم لبعضهم وعقولهم للاعتدال وعيونهم على المخطط الذي يستهدفهم جميعاً ويكونون حراساً لأمنهم ومجتمعهم ووحدتهم.

ويا يد الإجرام التي فجرت وقتلت من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله، وفي بيت الله، وخلال الصلاة إلى الله، فحسابك وحساب من وجّهك عسير جداً في الدنيا والآخرة، أما الشهداء فمثواهم الجنة بإذن الله، تغمدهم رب العالمين بواسع رحمته وألهم ذويهم وأهل الكويت جميعاً الصبر والسلوان والوعي لمواجهة ما خططه دعاة الفتنة والإرهاب.

اللهم احم الكويت… اللهم احم الكويت… اللهم احم الكويت.


جاسم مرزوق بودي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي