عون يخسر «النقاط الدولية» في السباق الرئاسي فكيف سيردّ داخلياً؟

«صراخ» الهيئات الاقتصادية «رافعة» سياسية لمساعي إحياء حكومة سلام

تصغير
تكبير
هل تشكّل الانتفاضة التي تطلقها الهيئات الاقتصادية في لبنان مع الاتحاد العمّالي العام تحت عنوان «من أجل قرار ضد الانتحار»، الرافعة السياسية التي تدفع نحو اختصار مسار شلّ عمل مجلس الوزراء وورقة الضغط التي يتّكئ عليها رئيس الحكومة تمام سلام للدعوة الى جلسة وزارية تكون بمثابة حشر في الزاوية للعماد ميشال عون فيتحمّل امام اللبنانيين مسؤولية تعطيل مصالحهم الحياتية والمعيشية بحجة تعيينات أمنية لا تستحق مواعيدها قبل ما لا يقل عن شهريْن، وبينها منصب قائد الجيش الذي يصرّ زعيم «التيار الوطني الحر» على ان يكون من نصيب صهره العميد شامل روكز؟

هذا السؤال قفز الى الواجهة في بيروت أمس، مع الاستعدادات ليوم 25 الجاري، حيث تنظّم الهيئات الاقتصادية والعمّالية والنقابية تحرّكاً هو الأكبر لها، تقرع فيه ناقوس الخطر حيال المخاطر المترتّبة على التمادي في المأزق السياسي، الذي شكّلت الازمة الحكومية آخر تجلّياته، ما ينذر بانهيارات اقتصادية واجتماعية، وسط تحذيرات دولية للبنان من خسارة عدد من القروض الميسّرة والمساعدات، وبعضها يعود لملف النازحين السوريين ما لم يتم إحياء عمل الحكومة وتلافي تكريسها خارج الخدمة. وستكون المهلة الفاصلة عن يوم «الصرخة ضدّ الانتحار» والدعوة الى إخراج لبنان من دوامة الفراغ بدءاً من موقع رئاسة الجمهورية وصولاً الى الحكومة والبرلمان المعطّليْن، فسحة لاتصالات ستتجدّد مع عودة سلام غداً من عطلة خاصة، على ان يقرر في ضوئها اذا كان سيسمح بأن تمتدّ فترة السماح للمشاورات حتى نهاية رمضان، وسْط مؤشرات الى ان رئيس الوزراء يتّجه على وهج الصوت العالي للهيئات الاقتصادية والمخاوف من غرق البلاد في النفايات بعد 17 يوليو المقبل، الى الدعوة لجلسة في الاسبوع الأول من يوليو على قاعدة إمكان الدعوة الى جلسة خاصة بالتعيينات الأمنية مرة ثالثة، فيما تتم في جلسة اخرى منفصلة مناقشة جدول أعمال عادي، وذلك في محاولة لتفكيك فتائل التعطيل، وهو ما من شأنه ان يُحرج العماد عون الذي سيكون في حال إصراره على رفْض مناقشة اي بند في جدول أعمال أيّ جلسة وزارية قبل بتّ التعيينات مسؤولاً أمام الناس عن المساس بمصالحهم.


وترقّبت دوائر مراقبة في بيروت المواقف التي سيطلقها عون في الساعات المقبلة، والتي لا يُتوقّع ان تحمل إشارات تراجُع، ولا سيما مع بروز تَداخُل قوي بين الصوت العالي لزعيم «التيار الحر» في الملف الحكومي والاستحقاق الرئاسي الذي برزت إشارات دولية غير مسبوقة تشكّل بمثابة رسم خط النهاية امام حظوظ عون، الذي ذهب في معرض رفع سقف تمسُّكه بالوصول الى الرئاسة واستعادة حقوق المسيحيين الى حد التلويح بالفيديرالية.

فغداة تولي احدى الصحف القريبة من «حزب الله» نشْر محضر التقرير عن لقاء السفير اللبناني في موسكو مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الذي تحدّث عن انتفاء حظوظ عون داعياً اياه لإفساح المجال لمرشّح توافقي (وهو ما لم يكن صدر حتى أمس اي نفي روسي له)، وهو ما اعتُبر اشارة بالغة الدلالات، توقفت دوائر مراقبة في بيروت عند التقرير السنوي لوزارة الخارجية الاميركية عن الارهاب في العالم العام الماضي، الذي صدر اول من امس، ولا سيما إشارته الى ان الحزب «الذي يحصل على دعم مهم من ايران، لا يزال التنظيم الارهابي الأبرز والأقوى في لبنان، حيث يحظى بدعم شعبي في اوساط اللبنانيين الشيعة، ومن بعض المسيحيين».

واذا كانت الاشارة الى «حزب الله» اعتُبرت بمثابة مؤشر الى ان مقاربة واشنطن لوضعيّته تنفصل عن مسار الاتفاق النووي مع ايران، فإن الكلام على دعم بعض المسيحيين للحزب تمت قراءته على انه غمز من قناة العماد عون، بدا من الصعب عدم إسقاطه على اللحظة الرئاسية في لبنان، باعتباره يحسم نقاطاً اضافية دولية من حظوظ عون لبلوغ الرئاسة.

ولفت التقرير، الذي تم تداوله في بيروت أمس، ايضاً الى ان «(حزب الله) يواصل نشاطاته كميليشيا مسلحة خارج سيطرة الدولة وكلاعب سياسي قوي قادر على عرقلة او إسقاط الحكومة اذا شاء»، لافتاً إلى انه رغم سياسة الحكومة اللبنانية النأي بالنفس عن الحرب في سورية فإن «(حزب الله) صعّد دوره العسكري في دعم النظام السوري في 2014 وأثبت انه قوة حاسمة في قدرة النظام على استعادة اراض واسعة من قوى المعارضة» وان نشاطاته في سورية «زادت تفاقم الوضع الامني المضطرب داخل لبنان».

وسجّل التقرير تدهور الوضع الامني في لبنان «نتيجة لانعكاسات العنف في سورية ولتورّط المقاتلين اللبنانيين في النزاع، بمن فيهم مقاتلو (حزب الله) الذي عبأ قواته بشكل شامل لدعم نظام الاسد»، لافتاً الى ان هذا التدهور يعود أيضاً، ولكن بشكل اقل، إلى دعم افراد لبنانيين لمختلف القوى السورية المناوئة للنظام، ومشيراً الى ان اختراق عناصر سنّية متطرفة الاراضي السورية الى لبنان «يبرز مركزية أمن الحدود لاستقرار لبنان واهمية ممارسة الحكومة اللبنانية سيادتها الكاملة» على حدودها وفق قرار مجلس الامن 1701.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي