جنبلاط يقود عملية استباقية سياسية - درزية لاحتواء تداعيات أحداث ريف إدلب

«قلب لوزة» السورية... «قلْب الحدث» في لبنان

تصغير
تكبير
تَراجَعت العناوين المتصلة بالأزمة السياسية التي يعيشها لبنان أمام «الرياح الساخنة» التي هبّت من سورية مع الحدَث الدموي الذي أصاب دروزها من خلال سقوط نحو 23 منهم على يد «جبهة النصرة» في بلدة قلب لوزة بريف ادلب.

وانعكست تفاعلات هذه الأحداث على مجمل الوضع اللبناني الذي بدا قلقاً حيال إمكان حصول تداعيات ميدانية لها وتَحوُّلها «صاعقاً» تفجيرياً ذا بُعد «انتقامي» يطول النازحين السوريين في شكل رئيسي، وسط سباقٍ «انقسامي» ارتسم على الساحة الدرزية في لبنان بين الزعيم الأبرز للطائفة النائب وليد جنبلاط الذي يقود عملية «استنفار» سياسي وحزبي وشعبي واسع لاحتواء ما جرى في «قلب لوزة» تحت عنوان رفض التحريض و«التصدي لمحاولات بعض الانتهازيين الساعين إلى حضّ الشارع الدرزي على التسلّح والثأر»، وبين اندفاع حلفاء النظام السوري الى دعوة دروز سورية لحمل السلاح «ومَن يقاتلنا سنقاتله اينما كان، ومَن يقتلنا في ادلب سنقتله في لبنان» على ما قال الوزير السابق وئام وهاب.


وبدا واضحاً ان جنبلاط يعمل على خطيْن: الاول قطع الطريق على اي ارتدادات لأحداث ريف إدلب على لبنان فلا تكون بمثابة «عود الثقاب» الذي يشعل وضعاً تتوافر فيه أصلاً كل «مكونات الانفجار»، والثاني السعي الى منْع تكرار ما جرى في قلب لوزة في أماكن أخرى في سورية لا سيما ان محافظة السويداء (ذات الغالبية الدرزية) صارت منذ تحرير اللواء 52 في درعا في قلب المعركة للمرة الاولى منذ بدء الثورة، وهو ما يجعل الزعيم الدرزي يسعى بكل ما أوتي من قوة لتشكيل «شبكة أمان» من قاعدتين متقاطعتيْن: واحدة تقع على عاتق المعارضة السورية للحؤول دون تكرار مثل هذه الأحداث الدموية، والثانية تقوم على حضّ دروز جبل العرب على المصالحة مع درعا وعدم الوقوف مع النظام «الذي انتهى».

وقد توّج جنبلاط اتصالاته الداخلية والخارجية والتي شملت قيادات المعارضة السورية ومسؤولين إقليميين بمؤتمر صحافي عقده عصر امس بعد الاجتماع الاستثنائي للمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز الذي بحث في العمق التطورات التي حصلت في الساعات الأخيرة وما يمكن ان تستتبعه من تداعيات على ابناء الطائفة في سورية، رافضاً كل مناخ التحريض والثأر الذي يمكن استثماره من أكثر من طرف في أكثر من اتجاه سواء في لبنان او سورية، وداعياً للاحتكام الى «العقل والحكمة».

وكانت الجولة الاولى من اتصالات جنبلاط الذي حذّر من محاولات «جرّ نيران الفتنة السورية إلى الداخل اللبناني من خلال تحريض الدروز على الانتقام من النازحين السوريين»، أفضت الى إصدار «الجيش السوري الحر» وقيادة الجبهة الجنوبية للثورة وفصائل المعارضة في الشمال بالإضافة إلى «الائتلاف الوطني السوري» بيانات اكدت التضامن مع أبناء طائفة الموحدين الدروز متمسكة «بوحدة الشعب السوري في مقابل كل محاولات بث الفرقة والاقتتال الطائفي والمذهبي بين السوريين».

وجاءت ملاقاة الداخل اللبناني لهذه الأحداث لتعكس المخاوف الفعلية من دلالاتها، وتعبّر عن تهيُّب فعلي مما يمكن ان تنزلق اليه البلاد مع إشادةٍ بدور «صمام الامان» الذي يلعبه النائب جنبلاط الذي تلقى سلسلة اتصالات مستنكرة ومتضامنة بينها من الرئيس سعد الحريري الذي اعتبر ان «أسوأ ما يمكن ان تنحدر اليه الثورة السورية هو التطوع في مهمات قتالية لا وظيفة لها سوى تقديم الخدمات المجانية الى نظام بشار الاسد»، وداعياً الى «الاقتداء بالموقف الوطني النبيل للاستاذ وليد جنبلاط الذي لم يتوقف منذ سنوات عن التحذير من محاولات النظام السوري، زجّ المجموعات الطائفية والمذهبية في حروبه العبثية».

على ان التضامن الأبرز جاء عبر الزيارة التي قام بها رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع وزوجته النائبة ستريدا جعجع لجنبلاط مساء اول من امس حيث كان هناك اجتماع ثم عشاء عائلي. وقد عرض المجتمعون الأوضاع السياسية العامة في لبنان والمنطقة لاسيما مجزرة «قلب لوزة» في ريف إدلب في سورية، مؤكدين «رفض هذه الأعمال الإرهابية والحرص على الاستقرار والعيش المشترك سواءٌ في سورية أو في لبنان».

ولم يغب عن اللقاء «إعلان النيّات» الذي تم التوصل اليه أخيراً بين جعجع والعماد ميشال عون والذي قوبل بـ «تهنئة سعودية» لافتة نقلها السفير السعودي علي عواض عسيري هاتفياً الى كل من رئيس «القوات» وزعيم «التيار الوطني الحر»، اضافة الى واقع الحكومة في ضوء استمرار رئيسها تمام سلام، الذي يزور القاهرة الاربعاء المقبل للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، في سياسة «التريث» في الدعوة لجلسة جديدة لمجلس الوزراء افساحاً في المجال امام الاتصالات لثني عون، مدعوماً من «حزب الله»، عن قرار رفض مناقشة اي بند في جدول أعمال اي جلسة وزارية قبل تعيين صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش خلفاً للعماد جان قهوجي الذي تنتهي خدمته في سبتمبر المقبل.

وتشير معلومات في هذا السياق الى ان سلام لن يقبل بـ «تريث مفتوح» وسيتصرف في النهاية وفق ما تقتضيه مصلحة البلد بعدم تعطيل آخر مؤسسة عاملة في النظام وذلك استناداً الى صلاحياته الدستورية سواء في الدعوة الى الجلسات او وضع جدول الاعمال، علماً ان قهوجي أطلق امام زواره ما يشبه «الصرخة» معتبراً «ان ما يحدث منذ فترة من تناول للمؤسسة العسكرية هو خارج المألوف وبات لا يُطاق وأقول للسياسيين بصوت مرتفع اختاروا من تشاؤون لقيادة الجيش، ولكن أوقفوا فورا هذه المهزلة المتمادية».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي