بعد تفكيك «لغم» عرسال بتسوية أرْضت الجميع

مساعٍ حثيثة في لبنان لاحتواء الأزمة الحكومية

تصغير
تكبير
توحي الوقائع السياسية والأمنية في بيروت بأن لبنان المهدَّد بالمزيد من الشلل في آلة الحكم، في لحظة تَعاظُم الأخطار الأمنية على حدوده الشرقية مع سورية، لم يفقد القدرة على استعادة توازن الحد الأدنى، على النحو الذي يمكّنه من تجاوز الأزمة الكبرى الناشئة عن تلويح زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، مدعوماً من «حزب الله»، بشلّ عمل الحكومة ووضْع الجميع أمام معادلة صعبة، طرفاها: إما الانصياع لمطالبه (تعيين صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش) وإما الاحتكام الى لعبة الأقدام في الشارع.

ومن المرجّح ان تشهد الأيام الأربعة المقبلة قبيل جلسة مجلس الوزراء الخميس، حركة واسعة من المشاورات السياسية، للحدّ من جنوح عون نحو التصعيد، الذي من شأنه عرْقلة عمل الحكومة، عبر الامتناع عن مناقشة اي بنود على جدول الأعمال قبل إصدار قرار بتعيين العميد روكز قائداً للجيش خلفاً للعماد جان قهوجي، الذي تنتهي خدمته في سبتمبر المقبل.


واذْ لفت انتقال رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة ووزير الداخلية نهاد المشنوق الى المملكة العربية السعودية، حيث تَشاورا مع الرئيس سعد الحريري، ساد انطباع في بيروت أن «حزب الله» الذي أخذ من الحكومة ما أراده في ملف عرسال وجرودها، سيكون أقلّ حماسة في مشاطرة عون معركته لشلّ الحكومة، رغم موقفه المعلَن في التضامن مع «التيار الوطني الحر» وخياراته.

واستوقف الأوساط السياسية، كلام الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، أول من أمس، عن موضوع الحكومة، والذي عكس ما يشبه الحرص على استمرار عملها، اذ دعاها من جهة الى أن «تأخذ الأمور بالجدية المطلوبة»، لافتاً الى أن «هناك استحقاقات مطلوبة من الحكومة اللبنانية عليها ان تتحمّل مسؤولياتها القانونية والدستورية في معالجتها ومتابعتها» وأن «تؤخذ الأمور بالجدية اللازمة والاهتمام العالي وعدم المراهنة على سراب أو أوهام».

وثمة مَن يعتقد في بيروت أن عون، الذي لن يسلّم بالتمديد لقهوجي، على غرار التمديد الذي حصل للمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء إبرهيم بصبوص، لن يستطيع المضيّ قدماً في تعريض آخر معاقل السلطة في لبنان للتلاشي، اي الحكومة، التي تعمل في ظل فراغ في رئاسة الجمهورية، وتالياً فانه سيكون مضطراً لمجاراة الإرادة الداخلية والخارجية، بحفْظ الحدود الدنيا من الاستقرار في لبنان.

ولم تستبعد أوساط على صلة بالاتصالات الجارية، احتمال إرجاء الرئيس تمام سلام جلسة الحكومة المقررة الخميس المقبل، رغبة منه في سحْب فتيل المواجهة السياسية التي قد تشهدها الحكومة، التي تميل غالبية مكوّناتها الى ضرورة حماية قدرتها المتباطئة أساساً على إدارة شؤون البلاد، ثم الدعوة الى جلسة لاحقة بعد ان تنجح الاتصالات في تبريد المناخ السياسي.

وعكست هذه الأوساط، رغبة قوى وازنة في البلاد، في الحفاظ على الستاتيكو الحالي، في انتظار الحراك الخارجي في اتجاه أكثر من ملف في المنطقة، على غرار ما تشهده مسقط ونيويورك من مساع في شأن الملف اليمني ومعاودة الحوار الأميركي - الإيراني حيال الملف النووي، إضافة الى ديبلوماسية الاستطلاع الفرنسية - الفاتيكانية التي شهدتها بيروت، وتركّزت على سبل كسْر المأزق الرئاسي.

وشكّلت تسوية عرسال داخل الحكومة، واحدة من مظاهر تفادي «الألغام»، بعدما اعتبر الجميع انهم منتصرون، بالصيغة التي وضعت هذه البلدة في عهدة الجيش اللبناني، تاركة لقيادته تقييم الوضع في الجرود.

وفيما اعتبر «تيار المستقبل» أن «حزب الله» سجّل خطوة الى الوراء، بكلام السيد نصر الله عن عدم وجود اي رغبة لدى الحزب بدخول عرسال وعن عدم الحاجة حتى الآن الى «حشد شعبي»، بدا الحزب مرتاحاً الى فصل البلدة عن جرودها، حيث عمليته العسكرية التي أكد نصر الله استمرارها حتى تحقيق الاهداف.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي